وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

قطر ،،،،،،،،وحلم العرب الأزلي

نشر بتاريخ: 27/12/2011 ( آخر تحديث: 27/12/2011 الساعة: 22:37 )
بقلم : فتحي براهمة

غادرت الوفود الدوحة حاملة معها ذكريات وانجازات و إخفاقات ،وتمتع الجمع بأجواء الدوحة وغاص كل من ذهب إلى عاصمة الرياضة العربية أن جاز لي ذلك في مخطط لرسم معالمه الرياضية المستقبلية فرديا وجماعيا ، بعد سلسلة انجازات رياضية عربية وأسيوية وأخيرا عالمية غير مسبوقة ، لدرجة ان الدوحة أضحت حلم لكل رياضي طموح يسعى للشهرة والانجاز معا .

لكن الأبرز في الدوحة ليس التسيد المصري لألقاب وميداليات الذهب والفضة منذ إطلاق الدورة العربية قبل قرابة نصف قرن ، بل إنما نشيد الدورة العربية الثانية عشرة وهي نشيده(بلاد العرب أوطاني ) والتي تأتي في خضم ربيع عربي يجتاح القديم وما بعدة من بقايا ثقافة قومية عربية ، تزامن تألقها وامتداد تأثيرها مع إطلاق الدورة العربية بقرار من جامعة الدول العربية قبل اكثر من أربعة عقود ونصف ، لتكتمل رؤية المفكرين والمثقفين العرب بان الدورة في أهدافها البعيدة ترجمة لأفكارهم والتي كان الوطن العربي بحاجتها بعد عمليات مد وجزر وإخفاق بسبب الاستعمار وما تلاها من سنين عجاف .

استضافة الدوحة للدورة العربية الثانية عشرة وسط اختلاف عربي لدور ومكانة قطر السياسية وجهودها في القضايا الإقليمية والعربية وتأثيرها الإعلامي بسبب الدور القوي والمؤثر لقناة الجزيرة ، كان لافتا لاسيما وان الدوحة التي تستعد لاستضافة مونديال 2022 والسعي لاستضافة الألعاب الاولمبية وبطولة العالم لألعاب القوى ، أزاح الجدال الدائر حيال الوجه السياسي لدولة قطر جانبا ومؤقتا ، وابقي وجهها الرياضي الشبابي المشرق محط الاحترام والتقدير من الجميع ،
بالرغم من أنني أؤمن بان الرياضة والاقتصاد وجهان آخران للسياسة .

إن ما شد انتباهي في قطر هو نشيد الدورة والذي أضحى العرب في خضم ربيعهم بحاجة ماسة لتردده أكثر فأكثر ، لان ريح الربيع العربي تبدو ثائرة وساخنة متضاربة الاتجاهات ، ما ينبغي ترويضها وفق بوصلة احترام الذات العربي وعدم المغالاة في طرح الأفكار التي ربما تأخذ الكل العربي إلى طريق سيقف الجمع وسطه للتساؤل أين نحن ذاهبون ، وما هي غايتنا وما هي حدود مستقبلنا ، علينا أن نقراء نشيد بلاد العرب أوطاني لنتغلب على مشاق السفر وطول الانتظار ومرارة الألم الذي عناينة كشباب عربي بسبب خلل في تحمل المسؤولية وحمل الأمانة من الساسة وأرباب الأحزاب التي رفعت شعار الوحدة العربية ولم تحقق منها سوى ما يمكنهم من الجلوس على مقاعدهم لأطول فترة ممكنة ، من الدوحة جاءت الرسالة ليس عبر فضائية الجزيرة بل من ارض يعبق رمل صحرائها بتألق عربي وحدوي مزقتة السياسة والاستعمار، وعاد عبر الرياضة ليتجلي في كل ركن عربي وبيت من المحيط للخليج .

أشياء كثيرة صاحبت الدورة العربية في قطر ، وان كان نشيد الدورة أبرزها لكن هناك الفصل مابين السياسة والرياضة فالقطريون يؤمنون بان النجاح لايتاتى مطلقا من خلط الأوراق الرياضية بالسياسية ، فعملوا وحرصوا على دعوة كل الدول العربية سواء من اختلفوا او اتفقوا معها حيال مختلف القضايا ، ثم الأجمل أن أهل السياسة حلوا على فعاليات الدورة ضيوف اعزاء مكرمين مرسلين بذلك رسالة للكل العربي يجب أن تعطى مسؤوليات الرياضة لأصحاب الاختصاص ، وان الرياضة لن تتفتح الزهور في بساتينها مع الكراهية والحقد والخلاف ، وان الاختلاف في عالم الرياضة المؤطر بالاجتهاد والخبرة لايعني التخاصم أو الدفع نحو الفشل .

في الدوحة كان الإعلام حرا في نقد ونقل أحداث الدورة العربية ، كخيل عربية أصيلة لها فرسانها ، فدفع الكل بأخير ما لدية من إعلاميون ولم يكن الخوف من نقد الأقلام وجرأة الإعلام في تحليل الدورة سببا في إقصاء أو فرملة مشاركة أي إعلامي من المشرق إلى المغرب ، فوجد الإعلام ضالته في ممارسة دورة بمهنية أحبها السياسيون العاشقين للإبداع الرياضي دون سواهم .

إذن هي الدوحة أسست لغد شبابي عربي يحتاج لحمل رسالته مخلصون مؤمنون بالشباب كقواعد للانطلاق نحو مستقبل مشرق وليس شباب يستخدمهم البعض محطات للعبور نحو شعارات عجاف ربما يلتهمها الربيع العربي إذا ما نما واخضوضر وأزهر على قاعدة من العدل والاحترام للرأي والرأي الأخر وتبادل الأدوار وهجر احتكارها ، فالأمل يحدونا بان تكون الدورة الثالثة عشرة في لبنان محكا للنوايا ، ووداعا للدوحة والتي استنهضت حلم الشباب العربي الأزلي.