وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لندن- مهرجان بريستول فلسطين السينمائي يجمع بين ثقافات حضارتين

نشر بتاريخ: 28/12/2011 ( آخر تحديث: 28/12/2011 الساعة: 07:38 )
لندن -معا- شهدت بريطانيا يوم الأول من ديسمبر افتتاح مهرجان “بريستول فلسطين” للسينما والذي سيستمر لمدة عشرة أيام. وبدأ اليوم الأول بمعرض للفنون والصور الفوتوغرافية في مبنى “هاملتون هاوس” الذي يقع في “ستوكس كروفت” في مدينة بريستول.

وعرض المعرض رسومات للفنان البريطاني “كليف هانلي” الذي زار فلسطين أكثر من مرّه ونشر كتاباً جمع فيه لوحاته التي رسمها في فلسطين. كانت آخر رحلاته إلى غزة على متن سفينة الحرية التي هاجمتها القوات العسكرية الإسرائيلية واغتالت تسعة من المتطوعين الأتراك الذين كانوا على متنها. حمل هؤلاء المتطوعون الأدوية والطعام لأطفال غزة المحاصرين لكن هانلي نجى من الموت بأعجوبة هو ومتطوع آخر من مدينة بريستول يدعى “شاكر يلدريم”.

وشهد المعرض أيضا مجموعة صور من أعمال الفنان البريطاني “جيس أورليك” وصور فوتوغرافية من انتاج المصور البريطاني “دانييل بوزورث” الذي ركز على تصوير المهاجرين في بريطانيا، ورسومات لفنان الكاريكاتير الفلسطيني “ماجد بدرة” من غزة، وأعمال للفنان الفلسطيني “عيد سليمان” وهو من بدو قرية “أم الخير”، التي أجبر أهلها على الترحال مرات عديدة عندما هدمت القوات الإسرائيلية أماكن سكناهم.

كما عرضت صور فوتوغرافية لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين داخل وطنهم، مثل مخيم “سوسيا” و”مخيم العَرّوب” وصور من مهرجان الطائرات الورقية الذي أقيم في غزة وشارك فيه 6000 طفل. وبهذا قدم المعرض أعمالاً لمبدعين وفنانين من حضارتين، البريطانية والفلسطينية، لكن ثيمة المعرض كانت موحدّة، ركزت على التهجير القسري والإقصاء. عرض المعرض أيضاً صوراً لفريق كرة القدم المحلي “إيستون كاوبويز” وهم من المساندين للشعب الفلسطيني، والذين عادوا للتو من رحلة إلى الضفة الغربية.

وقام على تنظيم هذا المعرض الفنان التشكيلي “مارك ساندز” المتخصص في الرسومات الجدارية.

في اليوم الثاني من المهرجان افتتح المنتج السينمائي الشهير”كين لوتش” المشهور بدعمه للفلسطينيين مجموعة من عروض للأفلام السينمائية الفلسطينية في مؤسسة “ووتر شيد” وتحدث عن أهمية الفلم السينمائي لعرض القضية الفلسطينية، رافقه “أندرو كافاناه”، منتج فلم “حسن في كل مكان”، و”فانيسا راوزالوت”، منتجة فلم “أمر غير مضحك”.

وفي اليوم الثالث من المهرجان عقدت ندوة تحدثت فيها “ليلى صنصور”، مؤسسة مشروع يطالب بإبقاء مدينة بيت لحم مفتوحه. وتحدثت حول فلم أنتجته مؤخراً بعنوان “الطريق إلى بيت لحم”. بينما “كاثي بوسون”، وهي شريك في مشروع شركة التجارة النزيهة، “زيتون”، حول التحديات التي تواجه تطوير سوق لبيع المنتجات الفلسطينية الزراعية. بينما “هني ثلجيّة”، كابتن فريق كرة القدم الدولي للنساء الفلسطينيات تحدثت عن مشروع تكوينها لفريق كرة قدم نسائي أنشأته منذ عام 2003 وما زالت تحاول إدخال فريقها للعب على مستوى دولي للاعتراف به عالمياً.

وعرض في اليوم الثالث من ديسمبر كذلك فلم “يافا: البرتقال” من إنتاج “إيل سيفان” في “مركز الأرنولفيني للفنون”، وهو فلم وثائقي حول تاريخ يافا السياسي فيه مقابلات متعلقة بتاريخ مزارع البرتقال اليافاوي.

فوي اليوم الرابع من المهرجان عقدت ندوة السينما الهزلية في “مركز الووتر شيد”، تحدثت فيها المنتج السينمائي الفلسطيني “ايليا سليمان” عن القصص الساخرة التي تواجه الفلسطيني يومياً. ثم عرض فلم وثائقي مترجم من العربية بعنوان “النساء في الملعب”، ومدته 52 دقيقة قدمته كل من “هوني ثلجيّه” و”سوسن القاعود”.

كذلك عرض فلم “أمريكا” ثم فلم “عيد” الذي يتحدث عن شخص اسمه عيد، وهو من بدو فلسطين ويعيش تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي. لكنه منذ طفولته اعتاد أن يجمع مواد تم التخلص منها في مكب نفايات إسرائيلي ليصنع منها أعمالاً فنية مميزة.

اليوم الخامس من المهرجان شهد أمسية شعرية تحمل ثيمة “الترحال”. قدمه مدير الفعالية، ”ديفيد أوين” بالقول: “عندما يخطر ببال المرء أمر الترحال المتعلق بفلسطين، أول ما يتبادر إلى الذهن الحواجز العسكرية على الطرقات، وتأخير الناس بشكل لا مبرر له، وفرض حظر على تحركات الناس، والحنين إلى العودة إلى الوطن من أجل حقهم بالعودة، لذلك دعونا إحدى أفضل شاعرات فلسطين الحائزة على جوائز تقديرية الصحفية والكاتبة الفلسطينية “إقبال التميمي”، والروائية والشاعرة الشهيرة “جولي- آن رويل”، والشاعرة “سو بويل” التي تنظم فعاليات مقهى الكتّاب في مدينة باث، والشاعر “جون تيري” الذي نشر مجموعته الشعرية بعنوان بناء الأجنحة عام 2009 والذي وصفها “فيليب روث” بأنها استكشاف حرفي”. قدمت الشعراء ونظمت الأمسية الشاعرة “كاثرين فانيسا وايتلي” التي قالت في تقديم التميمي “إنها محررة شعر النكبة في مجلة الشعر العالمي “ذي هايبرتيكستس” والتي أعجبني وصفها لشكل قبضة يد الفلسطينيين في المهجر على هيئة مقبض حقيبة السفر لكثرة اضطرارهم للترحال كلاجئين”.

في المهرجان تعاقب الشعراء في قراءة قصائدهم. لكن فوجيءالحضور بأن جميع القصائد التي قرأتها سو بويل كانت حول شتات اليهود وما تعرضوا له من اضطهاد في أوروبا، دون قراءة قصيدة واحدة عن اللاجئين الفلسطينيين أو الإشارة إلى مأساتهم في أي من قصائدها، رغم أن الفعالية كانت بعنوان مهرجان الفلم والشعر الفلسطيني. أبدى بعض الحضور ملاحظات أشعرت الشاعرة بالحرج، خصوصاً بعد أن جاء دور الشاعرة الفلسطينية إقبال التميمي والقت ستة قصائد أبكت الحضور. وصفت قصيدتها الأولى رحلة عبورها الحدود لزيارة الوطن، وكانت بعنوان “إذلال” تحدثت فيها عن القهر والإذلال الذي تعرضت له هي وغيرها من فلسطينيين أثناء عملية التفتيش على جسر الملك حسين من قبل المجندين الإسرائيليين. القصيدة الثانية بعنوان “افتراق” أضاءت على رحلات فرضت على 650.000 فلسطيني تم سجنهم من قبل قوات الإحتلال منذ عام 1967، مما يعني سجن 20% من أهالي فلسطين وكسر قلوب كثيرة أرغمت على الافتراق، وتحدثت عن افتعال الاحتلال الإسرائيلي لقوانين، لمنع انضمام الأزواج الفلسطينيين لبعضهم على أسس عنصرية. بينما قصيدة “العودة الى الوطن” تحدثت عن حرمانها من حق الإقامة في وطنها وهي على قيد الحياة، والمطالبة بنقل جثمانها إلى فلسطين في حالة وفاتها في المهجر. القصيدة الرابعة بعنوان “يأس” وصفت هلع الأمهات الفلسطينيات على أولادهن خشية تعرضهم للمجازر، وبالذات عن رحلة محاولة الشباب الهرب عبر الحدود ورغم ذلك إطلاق النار عليهم ليسقطوا على السياج الحدودي. أهدت القصيدة الخامسة للصحفيات اللواتي يعملن مراسلات في مناطق الصراعات وهن يعلمن بأنهن قد يذهبن وقد لا يعدن، وخصّت بالإهداء الزميلة العراقية الراحلة أطوار بهجت التي قتلت في العراق أثناء تغطيتها للأحداث عقب الاحتلال الأمريكي لوطنها. وختمت بقصيدة “احتلال” والتي أهدتها للأمهات في غزة، اللواتي فرض عليهن التهجير مراراً، إلى أن وصلن إلى حصار لا منفذ منه، ووجدن أنفسهن بعد عملية الرصاص المسكوب بلا أولاد وبلا منازل وبلا منفذ إلى الحرية.