وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

طفلة ناجية من الحرب: أشعر بالشظايا تتحرك داخل دماغي

نشر بتاريخ: 05/01/2012 ( آخر تحديث: 05/01/2012 الساعة: 20:25 )
غزة- معا- "أعاني من ألم مستمر في رأسي وعيني وأذنيّ، كما أعاني من نزيف في الأنف على مر السنوات الثلاث الماضية، ولا أزال أشعر بالشظايا تتحرك داخل دماغي" هذه كلمات الطفلة امل السموني "11 عاما" وهي احدى الناجيات من الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة.

في حوالي الساعة 06:00 صباحاً بتاريخ 4 يناير 2009، حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنزل الذي كانت تحتمي به أمل السموني 11 عاماً، بالإضافة إلى 18 فرداً من أفراد عائلتها الممتدة، في حي الزيتون شرق مدينة غزة.

جنود الاحتلال طلبوا من والد الطفلة عطية السموني "37 عاما" أن يخرج من المنزل رافعاً يديه، وما أن فتح باب المنزل حتى أصابه رصاص جنود الاحتلال في منطقتي الرأس والصدر فقتل على الفور، ثم قام الجنود بإطلاق النار باتجاه المنزل، ما أدى إلى مقتل شقيق أمل، أحمد السموني، 4 أعوام، وإصابة أربعة أشخاص آخرين على الأقل، من بينهم طفلان.

وبعد مرور عدة ساعات، أمر جنود الاحتلال ما يزيد عن 100 من أفراد عائلة السموني الآخرين بالانتقال إلى منزل وائل فارس حمدي السموني، وهو عم أمل، وفي الخامس من يناير 2009، استهدفت قوات الاحتلال المنزل ومحيطه بشكل مباشر، ما أدى إلى مقتل 21 شخصاً وإصابة العديد.

أما أمل، التي كانت داخل المنزل، فقد أصيبت بشظايا في رأسها واختفت تحت الأنقاض بين المصابين والقتلى من أقربائها، وفي السابع من يناير، قامت طواقم الإسعاف، والتي منعت حتى تلك اللحظة من الدخول إلى المنطقة، بنقلها إلى المستشفى.

بين الرابع والسابع من يناير 2009، استشهد 27 شخصاً من عائلة السموني، من بينهم 11 طفلاً و6 نساء، بينما أصيب 35 آخرين من بينهم شقيق أمل التوأم ويدعى عبد الله.

نجت أمل من تلك الأيام الأربعة المروعة ولكنها لا تزال تعاني من إصابات وصدمة كبيرة مما حدث وتقول "أتذكر أخي وأبي وكيفية تعرضهم للقتل في كل لحظة،" وتقول أمل وهي تصف ما حدث أثناء الهجوم والأيام الثلاثة التي قضتها تحت أنقاض منزل عمها دون طعام أو ماء، لا تحتاج أمل إلى الكثير من الكلمات كي تصف ما تشعر به، فهي تكتفي بالقول: "لقد كنا عائلة سعيدة معاً أما الآن فلا أجد للسعادة سبيلاً".

لم تفقد أمل أباها فقط، بل تعرض منزل العائلة للتدمير من قبل قوات الاحتلال، وتقول "عشنا مدة عام كامل في منزل جدي والد أمي في حي الشجاعية بغزة، ثم انتقلنا للسكن في مخزن لعام ونصف، وقد كانت أرضية المخزن من الرمل، ومنذ ستة أشهر انتقلنا إلى المكان الذي كنا نسكن فيه سابقاً، ولكن مساحته لا تصل إلى نصف مساحة منزلنا القديم".

وتتابع: "لم أرغب في العودة إلى الحي الذي كنا نسكن فيه بسبب ما حدث، كما أن عائلتي لم تكن ترغب في العودة أيضاً ولكن ليس لدينا خيار آخر".

وكغيرهم العديد من أفراد عائلة السموني، تحصل عائلة أمل على المساعدة من الأقرباء الذين يسكنون في نفس الحي، ولكن العائلة لا تزال تكافح من أجل تدبر أمورها مادياً، ولقد تحسنت الظروف المعيشية الخاصة بأمل وعائلتها بطريقة أو بأخرى على الرغم من أن المنزل لا يزال يفتقر إلى بعض التجهيزات كالثلاجة والغسالة وخزانة ملابس للأطفال، ولقد كان عطية والد أمل يعمل مزارعاً، وكان يزرع الخضروات في قطعة أرض مستأجرة، حيث كانت توفر دخلاً للعائلة.

ومع استعادة الحياة وسبل العيش في الحي الذي كانت تسكنه عائلة السموني، لا تزال أمل تصارع مع إصابتها، فالشظايا التي لا تزال داخل رأسها تسبب لها ألماً شديداً، وتقول "أعاني من ألم مستمر في رأسي وعيني وأذني، كما أعاني من نزيف في الأنف على مر السنوات الثلاث الماضية، ولا أزال أشعر بالشظايا تتحرك داخل رأسي،"، و يقول الأطباء في غزة بأن من الخطورة بمكان إزالة الشظايا من رأس أمل، ولكنها لا تتقبل هذه الفكرة، وتود أمل أن تسافر كي يراها طبيب آخر في الخارج.

واردفت: "أريد أن أتأكد من وضعي وأن يطلع طبيب آخر على حالتي، سأحاول القيام بكل ما هو ممكن للتخلص من هذا الألم، ويسافر أطفال آخرون إلى الخارج بهدف التسلية، أما أمنيتي فهي جدية، فأنا لن أسافر من أجل التسلية، بل لتلقي العلاج،"، تقول أمل.

يؤثر هذا الألم المستمر على حالة أمل المزاجية بشكل كبير، كما يؤثر على علاقتها بإخوتها وأخواتها وعلى تحصيلها في المدرسة، "عندما أشعر بألم شديد، أصبح متوترة وعصبية،" تقول أمل.

وتضيف زينات والدة أمل، "38 عاما" "سرعان ما تصبح أمل عصبية تجاه إخوانها الأصغر سناً وتقوم بضربهم، و لقد زرنا مؤخراً المستشفى لمعرفة إن كان بالإمكان مساعدتها أم لا، فقام الطبيب بوصف الترامال لها كعقار مسكن ولكن لن أسمح لها بأن تأخذ دواءً كهذا."

وتقول امل"عندما أشعر بالحزن، أذهب إلى منزل خالتي لرؤية أبنائها، أو أقوم بتحضير كتبي لليوم الدراسي التالي، وقبل الحرب كنت طالبة مجتهدة في المدرسة، أما الآن فلم تعد درجاتي جيدة كما كانت."

تأثرت أمل أثناء حديثها عن تدني مستواها الدراسي، فقد رسبت في مادتين في الفصل الدراسي الحالي، تقول أمل وهي منزعجة: "أشعر بألم في عيني عندما أنظر إلى السبورة" ولكن، على الرغم من الصعوبات التي تواجه أمل في المدرسة، إلا أنها تعرف ماذا ستكون في المستقبل: "عندما أكبر أريد أن أكون طبيبة أطفال وأن أساعد المصابين".

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تقدم بشكوى جنائية للسلطات الإسرائيلية بالنيابة عن عائلة السموني في الثامن من مايو 2009، ولكنه لم يتلقَ سوى رداً أولياً يفيد باستلام الشكوى، وعلى الرغم من الطلبات المتكررة التي تقدم بها المركز، إلا أنه لم يتلق أية معلومات جديدة حتى الآن.