|
لبنان على حافة الاستنقاع والحرب الأهلية/ بقلم: راسم عبيدات
نشر بتاريخ: 25/11/2006 ( آخر تحديث: 25/11/2006 الساعة: 11:29 )
معا- يبدو أن لبنان بعد اغتيال وزير التجارة والصناعة اللبناني بيير الجميل الابنه، قد تبعثرت واختلطت فيه الأوراق والأجندات على نحو دراماتيكي، وعملية الاغتيال تلك، ربما تشكل نقطة مفصلية وهامة على صعيد الساحة اللبنانية، وكل الدلائل والمؤشرات تشير إلى أن لبنان، كما هو الحال على الساحة الفلسطينية، على أبواب مرحلة من الاستنقاع والحرب الأهلية، وما يجري على الساحة اللبنانية له ارتباطات مباشرة، بما يجري من تغيرات وتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، وخصوصاً بعد خسارة الجمهوريين القاسية للانتخابات النصفية الأمريكية، وما سيرافق ذلك من تغيرات في السياسة الأمريكية الخارجية، حيث تعثر المشروع الأمريكي في العراق وأفغانستان، وعدم قدرة حكومتي المالكي وكرازي على ضبط الأوضاع الأمنية هناك، بل على العكس من ذلك تزداد الأوضاع تفاقماً، وتتصاعد قوى المقاومة، وأيضاً على الجبهة الفلسطينية، حيث أن الشعب الفلسطيني وحكومته المنتخبة- حماس- صمدوا أمام كل أنواع الحصار والتجويع التي مورست من أجل إسقاط الحكومة، وبالمقابل فإن دول ما يسمى بالاعتدال العربي مصر، الأردن، السعودية لم تحقق أية إنجازات جدية وحقيقية لمصلحة المشروع الأمريكي، ناهيك عن أن الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان، لم تتمكن من سحق وتدمير حزب الله وقوى المقاومة والممانعة، ولعل خسارة الجمهوريين القاسية للانتخابات الأمريكية، شكلت منعطفاً وإضاءاتٍ هامة أمام صناع القرار في البيت الأبيض لإعادة رسم السياسة الأمريكية الخارجية وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، وبما لا يستبعد إعطاء سوريا وإيران دوراً في المنطقة وفي إطار لعبة المصالح، وبما يساعد على احتوائهما بدلاً من عزلهما واستبعادهما، ويدخل في هذا السياق المباحثات والإتصالات واللقاءات البريطانية - السورية، والتطبيع السوري- العراقي للعلاقات بينهما، وكذلك امتناع أمريكيا ومندوبها في الأمم المتحدة " جون بولتون "، عن توجيه الاتهام لسوريا، باغتيال جميل الابن، وهذا بحد ذاته مؤشر قوي على ملامح تغير جدي في السياسة الأمريكية الخارجية.
وبالعودة للتطورات المتسارعة والمتلاحقة لبنانياً، نرى أن كل ما جرى وسيجري له ارتباطات مباشرة وغير مباشرة بما ذكرناه، وهذا بحد ذاته يمكننا أن نضع استنتاجات وتطورات حول من يقف خلف، ويستفيد من حادثة اغتيال جميل الابن، فالمعروف أن قوى الرابع عشر من آذار اللبنانية، بمختلف ألوان طيفها السياسي، رفضت بشكل مطلق كل الدعوات التي وجهتها قوى المعارضة ومؤسسة الرئاسة- حزب الله وأمل والتيار الوطني الحر ولحود من أجل إقامة حكومة وحدة وطنية، وهذا الرفض استتبعه حالة من التحشيد والتجيش المتبادل، لتتصاعد الأمور بشكل دراماتيكي بإعلان حزب الله وأمل عن استقالة وزرائهما من الحكومة، واستتبع تلك الخطوة، خطوة أخرى، هو خطاب السيد حسن نصر الله، وإعلانه بأن الحكومة اللبنانية الحالية غير شرعية وغير دستورية، وهي تتلقى تعليماتها من السفارة الأمريكية في لبنان، ودعوته لأكبر حشد جماهيري لبناني من أجل إسقاطها بالوسائل والأساليب والطرق الديمقراطية والشرعية، وفي المقابل فإن قوى الرابع عشر من آذار، استمرت في اللعب على وتر العواطف والمشاعر من أجل إرباك الجبهة المقاومة وشل فاعليتها، ولجمها عن القيام بتحركاتها وأنشطتها الجماهيرية من أجل إسقاط الحكومة من خلال استمرار تحميل سوريا لعملية اغتيال الحريري، والدعوة لإقامة المحكمة الدولية لقتلته، إذاً في خضم هذا التبعثر والخلط للأوراق، علينا أن ندقق ونفحص ونحدد من المستفيد من عملية اغتيال الجميل الابن، وما الهدف من وراء ذلك؟، حيث أن التطورات الدولية والإقليمية لا تخدم قوى الرابع عشر من آذار، وربما تفرض عليها تقديم تنازلات جوهرية فيما يخص استمرار تفردها بالسلطة واستمرار اتهامها لسوريا باغتيال رفيق الحريري، ولذا نرى ونرجح، أن الاغتيال نفذته قوه لبنانية محلية من تحالف قوى الرابع عشر من آذار، وذلك للمعطيات والفرضيات التالية: - قوى الرابع عشر من آذار بهذا الاغتيال تريد أن تحقق جملة من الأهداف أهمها:- *إحداث شرخ وانقسام في إطار قوى المعارضة اللبنانية من خلال فك العلاقة والتحالف بين التيار الحر - ميشيل عون- ومؤسسة الرئاسة من جهة، وحزب الله من جهة أخرى، وإظهار أن تحركات حزب الله الجماهيرية في إطار السعي لإسقاط الحكومة، تندرج في إطار خطة إيرانية سورية لإحكام سيطرتها على لبنان *-المتغيرات والتطورات الدولية، وخصوصاً مؤشرات التغير في السياسة الأمريكية الخارجية، وتحديداً بعد خسارة الجمهوريين القاسية للانتخابات ، تؤشر إلى أن الإدارة الأمريكية مستعدة للعبة مقايضه المصالح مع السوريين، أي التباطؤ أو التخلي عن ملف التحقيق الدولي في اغتيال الحريري مقابل لعب سوريا لدور " إيجابي" في العراق، أي التعاطي بإيجابية والمساعدة في ضبط الأوضاع الأمنية التي تقوم بها حكومة المالكي، ذات التوجهات الأمريكية على حساب دعم ومساندة قوى المقاومه، ولربما تصل الأمور لأبعد من ذلك، الإقرار بدور لسوريا في لبنان، وهذا بحد ذاته يعجل في إسقاط حكومة 14 آذار. *إن هذا الاغتيال يشرع لقوى الرابع عشر من آذار، طلب الحماية الدولية للمساعدة في ضبط الأوضاع الأمنية، ولربما يساعد في ذلك حجج وذرائع من طراز تنفيذ القرار الدولي 1701، وبما يعجل في نزع سلاح المقاومة، سلاح حزب الله. إذاً كل هذه المعطيات والفرضيات تجعلنا نرجح أن قوة محلية مرتبطة بقوى الرابع عشر من آذار، هي التي نفذت هذا الاغتيال، ولكن تبقى هناك احتمالية أخرى، أنه لربما هذه العملية تأتي في سياق ثأري وانتقامي وخصوصاً الخلاف التاريخي والثأري بين تيار المردة - آل فرنجية- والجبهة اللبنانية- آل جميل، المتهمون باغتيال سليمان فرنجية الأب. ومن هنا فإنه بعد حادثة الاغتيال تلك، فإن لبنان أصبح مفتوحاً على كل الاحتمالات ولربما تحمل التطورات المتسارعة محلياً وإقليمياً ودولياً، دفعاً تجاه تأزيم الوضع الداخلي اللبناني ودفعه للحرب الأهلية والاقتتال بغرض تحقيق أجندات وتصفيات لحسابات ليس بين القوى المحلية اللبنانية فحسب، بل بين قوى إقليمية ودولية. |