وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"الحديقة القومية" خطوة للقضاء على ما تبقى من مناطق فلسطينية بالقدس

نشر بتاريخ: 12/01/2012 ( آخر تحديث: 12/01/2012 الساعة: 14:10 )
القدس- معا- نظم مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ورابطة الباحثين الميدانيين بالتعاون مع أهالي العيسوية والطور اليوم الأربعاء، جولة ميدانية إلى القريتين للإطلاع على المخطط الإسرائيلي المُسمى "الحديقة القومية 11092 أ:" والذي يُصادر 740 دونما من أراضي المواطنين ويحرمهم من التوسع العمراني، وإضافة الى تقييد حركتهم.

وانطلق المشاركون في الجولة، والتي ضمّت ممثلين عن هيئات دبلوماسيّة، ومؤسسات حقوقية دولية ومقدسية وقوى وطنية وباحثيين ومهتمين بشؤون الاستيطان وصحفيين، من باب العامود الى مَطلة بريّة القُدس (والتي باتت تعرف بمِطلّة الجامعة العبرية)، ثم انطلقوا الى شجرة الخروبة المنوي اقتلاعها من أجل تنفيذ المخطط الإسرائيلي، الى مشارف قرية العيسوية، وصولا الى القرية والأراضي التي جُرفت يوم الثلاثاء كمقدمة لاقامة "الحديقة الوطينة"، أما المحطة الأخيرة فكانت الى خلة العين-الطور.

وقُدمت في المحطات التي تم زيارتها شُروحات مُفصلة عن مخطط "الحديقة القومية" وأثره على سكان الطور والعيسوية، وعن الواقع المعيشي والعمراني لأهالي القريتين، حيث المنازل المهددة بالهدم وأخرى التي هدمت وشُرد أهلها.

رامي صالح.. تقديم الاعتراضات الفردية لعرقلة المصادرة

ورحب في بداية الجولة رامي صالح، نائب مدير مركز القدس للمساعدة القانونيّة بالمشاركين، موضحا أنه تم تنظيم الجولة للإطلاع على خطورة وأبعاد مصادرة الأراضي من أجل إقامة ما يسمى"الحديقة القومية" على حياة الأهالي اليومية، مشددا على أهمية تقديم الاعتراضات فردية من قبل المقدسيين على مخطط الحديقة، لعرقلة المصادرة قدر الإمكان.

هاني العيساوي.. مخطط "الحديقة القومية" هو بداية لربط جغرافي للقدس ومعليه أدوميم

بدوره تَحدث هاني العيساوي عضو لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات العيسوية عن أثر المخطط على القرية، حيثُ أن مصادرة الأراضي واقامة "الحديقة القومية" يعني منع التواصل والتمدد العمراني بين القريتين، إضافة الى مخطط استيطاني بعيد المدى وهو ربط المستوطنات الواقعة شرقي القدس"معالي أدوميم" وما حولها بالمدينة.

وأكد العيساوي أن الدونمات التي ستصادر سواء العيسوية (500 دونما) أو في الطور (250 دونما) لها أصحابها الذين يملكون كافة الأوراق والوثائق التي تثبت حقهم فيها، إلا أن ما يسمى "سلطة الطبيعة" تريد الحفاظ عليها فارغة للمحافظة على طبيعة وجمال الأراضي-كما تدعي-.

وقال العيساوي:" تدعي السلطات الإسرائيلية أن "الحديقة القومية" ستكون مفتوحة أمام الجميع، لكن عملية التجريف واغلاق الأراضي بالأتربة التي تمت الثلاثاء تثبت وبشكل قطعي انه سيتم اغلاق هذه الأراضي بوجه أصحابها الأصليين.

شجرة الخروبة.. ارث حضاري ورمز مُقدس:

وفي المحطة الثانية"شجرة الخروبة" تحدث الباحث عبدالله حمدان عن الإرث الثقافي للشجرة والتي تُحاول إسرائيل اقتلاعها من أجل مخطط الحديقة، مُوضحا ان هذه الشجرة ارتبطت بسيدنا عيسى عليه السلام، ونُسبت لأنصاره العشرة، حيث كانوا يجلسون ويختبئون قربها، كما كان أهالي القرية يضيئون الخروبة بإستمرار ويضعون عليها الأقمشة من ثيابهم ويدعون الله.

وقال حمدان:" تحاول اسرائيل اليوم اقتلاع هذا الأرث الثقافي والرمز المقدس من قرية العيسوية، ونحن نؤكد أهمية الحفاظ عليه ومنع المساس به."

أحمد صب لبن.. معاناة متواصلة لأهالي الطور والعيسوية من المشاريع الاستيطانية

وعلى مشارف قرية العيسوية تحدث أحمد صب لبن عضو رابطة الباحثين الميدانيين عن معاناة سكان العيسوية من الاستيطان على مدار أعوام الاحتلال الماضية سواء بإقامة مستوطنة التلة الفرنسية على أراضيها او شق شارع رقم واحد وشارع الانفاق منها، إضافة الى بناء مستشفى هداسا والجامعة العبرية وموقف للسيارات ، وقال:" بالتالي لم يتبقى للأهالي سوى الجهة الجنوبية للبناء والتوسع وبعد الاعلان عن "مخطط الحديقة القومية" فإن ذلك سيحول دون التوسع العمراني، رغم وعودات البلدية من أجل التوسع الطبيعي في مساحات الأراضي هذه المهددة اليوم بالمصادرة.

وأضاف صب لبن: ان قرية الطور تعاني كذلك من الجدار في جنولها، ومن شارع رقم واحد شرقها والحدائق العامة غربها."

وأوضح صب لبن ان عدد سكان قريتي العيسوية والطور يبلغ حوالي 45 ألف نسمة، وهم بحاجة لإقامة 2000 وحدة سكنية لاستيعاب الضائقة السكنية التي يعيشون بها.
|161205|
وأوضح صب لبن أن هذا المخطط يتناقض مع التخطيط الهيكلي الذي أجرته البلدية عبر مخطط 2020 والذي أشار إلى أن مناطق واسعة من هذه الأراضي التي يراد مصادرتها حاليا من اجل أنشاء الحديقة كانت معدة من اجل التوسع العمراني الطبيعي لكل من بلدتي العيساوية والطور اللتان تعانيان أصلا من ضائقة كبيرة في السكن.

وأوضح صب لبن أن مصادرة الأراضي ستعمل على ربط مستوطنات معاليه أدوميم بالقدس، عبر إضافة 3900 وحدة جديدة بين معلي ادوميم والقدس في مخطط E1، اضافة الى ربط شمال الضفة "عناتوت" "جيفع بن يمين ادم" بزاغوت وكوخاف يعقوب وغيرها بشكل مباشر في القدس ضمن مخطط يراد من خلاله الحفاظ على هذه الكتل الاستيطانية تحت السيطرة الإسرائيلية والتمهيد لذلك عبر إنشاء شبكة طرق آمنة للمستوطنين وحدهم، وأخرى للفلسطينيين.

درويش درويش.. العيسوية جزيرة معزولة بالاستيطان!!

وفي قرية العيسوية تحدث درويش درويش عن الواقع المعيشي والعمراني في القرية، واهمال البلدية لاحتياجات السكان الضرورية منذ عام 1968 حتى اليوم.

وأوضح درويش في بداية حديثه عن مصادرة الشارع الرئيسي للقرية عام 1987 لاقامة موقف سيارات خاص لمستشفى هداسا وللتلة الفرنسية وبالتالي قامت البلدية بافتتاح شارع بديل للأهالي يفتقد الخدمات الأساسية، ولذلك اضطر الأهالي لعمل مشروع مشترك مع البلدية هو "شق مجاري" في القرية بعد اصابة العديد من السكان بأمراض مختلفة.

أما التعليم في القرية فأوضح درويش الى حاجة السكان لبناء 25 غرفة صفية، إضافة الى بناء مدرسة ثانونية للبنين وثانية للبنات، مضيفا ان الطلبة يعانون من الاكتظاظ الشديد في الصفوف ويواجهون مشكلة عدم استيعاب المقررات الدراسية.

ووصف درويش قرية العيسوية"بالجزيرة" المحاصرة بالمستوطنات والمخططات الإسرائيلية من كافة الجهات.

مفيد أبو غنام... هل الزواحف أحق من الإنسان بالعيش على هذه الأرض؟؟؟

وأوضح مفيد أبو غنام أثر مخطط"الحديقة الوطنية" على قرية الطور ، حيث قال:" ان قرارات مصادرة أراضي الطور هي قضية قديمة جديدة، بدأت عام 1974، حيث تسعى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مصادرة أراضي القرية، مشيرا ان المجلس الاستيطاني في "معالي أدوميم" أوصى بعدم وجود أي مواطن فلسطيني على هذه الأرض لربط المستوطنات الإسرائيلية بأحياء القدس وبالبلدة القديمة.
|161203|
وأوضح أن منطقة خلة العين- المنوي مصادرتها- هي المتنفس الوحيد المتبقى لأهالي الطور للبناء والتوسع العمراني، وقال:" ان اسرائيل تدعي بأنها ستقيم"حديقة قومية" في المنطقة وذلك ما اعلن عنه لدى مصادرة الأراضي المبني عليها اليوم مستوطنة"جبل أبو غنيم، وبسغات زئيف".

وتسأل ابو غنام :" هل الزواحف أحق من الإنسان بالعيش على هذه الأرض."

كما تحدث عدد من أهالي قرية الطور الذين هدمت منازلهم وأصبحوا اليوم دون مأوى على أراضيهم.

مناشدات ومطالبات...

وفي ختام الجولة أكد مركز القدس ورابطة الباحثين الميدانيين على أن مصادرة الأراضي هو شكل آخر لسياسات الاحتلال في عمليّة التطهير العرقي في المدينة المحتلة، حيث أن هذه الخطوة سوف تساهم بشكل غير مباشر إلى ترحيل الفلسطينيين من القدس، والحد من التوسع البيع والعمراني للأحياء الفلسطينيّة في المدينة.
|161201|
وشددا على أهميّة إقامة خيمة اعتصام في المنطقة المراد مصادرتها، وضرورة التواجد الدائم فيها من قبل الأهالي والمؤسسات الدولية رفضنا لسياسة التطهير العرقي، إضافة إلى أهميّة أن تقدّم الاعتراضات الفرديّة من قبل الأهالي في الحيين، وأهالي القدس عامةً.

ودعا المركز والرابطة كافة الدول العربية والإسلامية لتحمّل مسؤوليتها تجاه حماية الشعب العربي الفلسطيني وتحديداً في مدينة القدس وتقديم كافة أشكال الدعم له من أجل تعزيز الصمود، وحماية ما تبقى من مناطق مهددة بالتهويد.

وناشدا المجتمع الدولي بضرورة وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، والضغط على الحكومة الإسرائيلية كي توقف مشاريعها الاستيطانيّة في المناطق المٌحتلة عامة، والقدس خاصة.

وناشد المركز والرابطة مؤسسات المجتمع المدني والأشخاص ذوي الضمائر الحيّة والحرّة في العالم للمساعدة في فرض مقاطعة شاملة على إسرائيل، كتلك التي طُبّقت على حكومة جنوب إفريقيا خلال فترة الفصل العنصري.

لمحة عن المخطط الاستيطاني...

في تاريخ 18 تشرين ثاني 2011، أعلنت سلطات الاحتلال متمثلة في البلديّة عن إيداع مخطط لإنشاء حديقة قوميّة على أراضي العيسويّة والطور، والمصادقة عليه يعني مُصادرة 740 دونم من أراضي القريتي ، وهما واجهتا موجات مختلف من المصادرات منذ 1967 لما يزيد عن 12 ألف دونم، بما في ذلك أجزاء من مستوطنة معاليه أدوميم، والجامعة العبرية ومستشفى هداسا، وأراضي كل من المعسكرين في جبل المشارف وغربي بلدة العيسوية، ومساحات من الأراضي من الجهة الشرقيّة التي فصلت عن القدس بسبب جدار الفصل العنصري.
|161200|
علما ان المشروع تم تقديمه في تموز 2009، باسم البلدية وسلطة الطبيعة وسلطة تطوير القدس، وفي كانون أول عام 2009 تم الحصول على المصادقة لاستيفاء الشروط الأولية، وفي كانون الثاني 2010 قررت اللجنة المحلية توسيع المشروع الى الشمال والشمال الغربي بحجة ضم منطقة فيها مقابر، وفي نيسان 2010، قامت اللجنة اللوائيّة للتنظيم والبناء بالمصادقة على إيداع المشروع للاعتراضات بمساحة 740 دونم.
|161199|