وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحي الاستيطاني الجديد داخل اسوار المدينة المقدسة :بقلم محمد عبد ربه

نشر بتاريخ: 26/07/2005 ( آخر تحديث: 26/07/2005 الساعة: 20:01 )
الحي الاستيطاني الجديد داخل اسوار المدينة المقدسة :

شارون اوعز شخصياً بالشروع بإقامته ، بهدف تعزيز الوجود اليهودي
المفتي : تداعيات خطيرة على القدس ... وسكانها .. ومسجدها العظيم
تفكجي : الهدف التخلص من الكثافة السكانية داخل البلدة القديمة




لم يكن اختيار الحكومة الاسرائيلية لتوقيت بناء حي استيطاني يهودي جديد داخل اسوار البلدة القديمة من القدس في هذه المرحلة عشوائياً او عبثياً كما يرى كثيرون هنا ، سواء كانوا فلسطينيين واسرائيليين .

ويجمع الجانبان على ان طرح مشروع بناء هذا الحي والمصادقة عليه من قبل ما يسمى ب (( اللجنة المحلية للتخطيط والبناء)) في بلدية القدس الغربية ، كان قراراً حكومياً اتخذه رئيس الوزراء الاسرائيلي أرئيل شارون الذي كان صرح قبل نحو اسبوعين ان خروج قواته العسكرية ومستوطنيه من قطاع غزة ، سيمنح الدولة العبرية فرصة ذهبية للتفرغ للضفة الغربية ، والقدس المحتلة ، حيث تتسارع هناك وبوتيرة عالية جداً اعمال بناء الجدار ، وتوسيع المستوطنات اليهودية القائمة سواء في الضفة الغربية او على اراضي المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة ، وقد كان شارون أكثر وضوحاً قبل ايام فقط ، حين صرّح بأن الضفة الغربية هي مهد اليهودية ، وبأن التوراة هي أهم من اي وثيقة سياسية في اشارة الى ايديولوجيته الموغلة بالتطرف والتي تجمع بين القومية الوطنية ، والدوافع الدينية فيما يتعلق بالنظرة السائدة في اوساط اليمين عموماً ازاء ما يسمى (( ارض اسرائيل الكبرى )) ..... ويقول خليل تفكجي ، رئيس قسم الجغرافيا في جمعية الدراسات العربية في القدس ، ان مخطط بناء الحي الاستيطاني الجديد في باب الساهرة كان طرح في مستهل التسعينات ، وهو جزء مما يعرف ب (( مشروع شارون )) حين كان رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي يشغل منصب وزير الزراعة في عهد حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحق شامير ، وكان شارون ذاته هو من نقل السيطرة على هذه الارض التي سيبني عليها الحي الاستيطاني الجديد في باب الساهرة الى بلدية القدس الغربية قبل ان تقوم الاخيرة بنقلها لصالح جمعية (( عطيرات كهانيم )) الاستيطانية ، ويضيف تفكجي انه في العام 1998 ، جرت محاولات من قبل اوساط يهودية متطرفة للسيطرة ايضاً على ما مساحته عشرة دونمات من اراضي " برج اللقلق " المجاورة للارض التي سيبني عليها هذا الحي ، وحدث ان وقعت في حينه مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، تم حسمها في المحاكم الاسرائيلية لصالح الجانب الفلسطيني .
ووفقاً لرئيس قسم الجغرافيا والخرائط في جمعية الدراسات العربية ، فإن المشروع المذكور اشتمل في حينه ايضاً الى شق نفق اسفل سور مدينة القدس يربط الحي الاستيطاني المقترح في " باب الساهرة " بالمنطقة الواقعة خارج السور ، قرب مقر البريد المركزي في شارع صلاح الدين ... ويرى تفكجي ان اقامة هذا الحي الجديد في القدس القديمة ، سيفضي الى تعزيز وتكثيف التواجد اليهودي داخل منطقة السور ، مقابل التخلص من اعداد اضافية من المواطنين المقدسيين ، وهو ما يعتقده ايضاً هايل صندوق - مسؤول لجنة إعمار بيوت وعقارات البلدة القديمة ، مشيراً الى ان اكثر الاحياء الفلسطينية تضرراً داخل منطقة السور هي احياء " برج اللقلق " و" حارة السعدية " و" باب حطة " ، اضافة الى تداعياته الاخرى على الحرم القدسي الشريف حيث يطل عليه ويتاخمه ولا يبعد عنه سوى بضع عشرات من الامتار ، ويشير صندوقة الى ان الارض التي سيقام عليها هذا الحي الاسيطاني الجديد والمعروفة ب " ارض المسكوب " كانت وقفاً اسلامياً حتى العام 1885 ميلادية قبل ان تنتقل السيطرة عليها الى الكنيسة الروسية التي قامت بدورها ببيع هذه الارض في العام 1963 الى اوساط يهودية .
ويقدّر صندوقة عدد البؤر الاستيطانية التي تسيطر عليها جماعات يهودية متطرفة داخل اسوار المدينة المقدسة ، بستين بؤرة ، تضاف الى الحي (( الحي اليهودي )) الذي اقيم عقب سقوط القدس عام 1967 على انقاض " حارة الشرف " الفلسطينية ، حيث يقطن في هذا الحي الان نحو ثلاثة آلاف مستوطنة ... َبيد ان التهديد الاهم والاخطر لهذا الحي الاستيطاني الجديد ، مدا تداعياته الديمغرافية ، سيكون على المسجد الاقصى المبارك ، بالنظر الى الموقع الخطير لهذا الحي الى الشمال من الحرم القدسي الشريف حيث يطل عليه ، ويمكن الوصول اليه من ناحيتين هما : باب الساهرة وباب الاسباط ، وتتزامن المصادقة الاملية على قامة هذا الحي الاستيطاني الجديد مع اعلان جمعيات استيطانية يهودية ثلاث قبل يومين انها اتمت المراحل الاخيرة من صفقات شراء عشرات العقارات في البلدة القديمة ، وسلوان ، وان الدخول الى هذه العقارات ليس الا مسألة وقت فقط ، وتتخذ هذه الجمعيات من عقبة الخالدية ، وحي القرمي مراكز لها ، وهي " عطيرات كهانيم " ، " عطيرات ليوشناه " ، ثم " عيرعال هتال " والاخيرة لم تكن معروفة في السابق ، اضافة الى جمعية استيطانية رابعة تركز نشاطها في سلوان ، وتعرف بإسم " العاد " وهي تدير الان نحو 30 عقاراً في هذه البلدة الواقعة الى الجنوب من القدس القديمة - ويتهدد الهدم في احياءها : " البستان ، وادي حلوة ، وادي قدوم " وأكثر من 90 منزلاً ، وكانت هذه الجمعيات نجحت مؤخراً في استئجار وشراء عقارات مملوكة لكنيسة الروم الارثوذكس سواء في " باب الخليل " او في " باب حطة " ، عدا عن سيطرتها الفعلية على عقارات هامة في " سوق الدباغة " المعروف ب " سوق افتيموس " ، ويرى مسؤولون فلسطينيون من بينهم النائب المقدسي حاتم عبد القادر ان خارطة المستقبل للبلدة القديمة من ناحيتها الجغرافية والديمغرافية ، تظهر حارات واحياء فلسطينية صغيرة مفتته ، تحاصرها احياء استيطانية سواء " الحي اليهودي " المقام على انقاض " حارة الشرف " او الحي الاستيطاني الجديد المتاخم لمنطقة " برج اللقلق " ، اضافة الى عشرات البؤر الاستيطانية المزروعة في قلب التجمعات السكانية الفلسطينية داخل السور ، والمغطاة بشبكة حماية متطورة تتألف من مئات آلات التصوير والمراقبة الالكترونية ذات التكنولوجيا العالية في الرصد والمتابعة ، في مقابل ذلك ترى خارطة اكثر تماسكاً وقوة تظهر وجوداً يهودياً متصلاً مع بعضه البعض ، ويحظى بكل اشكال الحماية والرعاية والدعم ..... ولم يخف النائب عبد القادر خشيته من ان يكون الهدف التالي لهذا النشاط الاستيطاني المحموم ، هو المسجد الاقصى مشيراً الى ان دائرة هذا النشاط تطبق بصورة كلية على هذا المكان المقدس ، وبالتالي لن نستغرب اذا يتحكم هؤلاء قريباً في حركة تنقل المواطنين الى منازلهم ، والى المسجد الاقصى .... من ناحيته وصف مفتي القدس والديار الفلسطينية سماحة د. عكرمة صبري ، بناء الحي الاستيطاني في منطقة باب الساهرة داخل اسوار البلدة القديمة بأن يمثل حصاراً على المسجد الاقصى الهدف منه منع وصول المصلين المسلمين اليه ، وقال : (( هذه المخططات تستهدف المواطنين كما تستهدف المقدسات )) واضاف (( هذا المشروع هو جزء من مخطط تهويد مدينة القدس ، ويشكل خطورة بالغة على المدينة المقدسة وعلى سكانها وعلى مسجدها العظيم )) متهماً الحكومة الاسرائيلية بأنها لا تريد سلاماً ولا استقراراً في المنطقة ، انما تريد استسلاماً وقال ايضاً (( كما هو معلوم ، فإن بلدية الاحتلال في القدس لا تعطي المواطنين رخص بناء في البلدة القديمة ، فكيف تسمح بإقامة مبان واحياء لليهود محاذية لسور المدينة ، في حين ان المواطنين العرب محرومون من رخص البناء )) وحول قرار الشرطة الاسرائيلية الشروع قريباً بإقامة جدار الكتروني حول المسجد الاقصى قال سماحته : (( هذه محاولة اخرى لبسط سيطرة الشرطة على المسجد الاقصى ، والتضييق على المصلين المسلمين لمتابعتهم ومراقبتهم في الدخول والخروج )) مؤكداً ان موضوع اليهود المتطرفين هو ذريعة تتخذها السلطات الاسرائيلية بهدف بسط السيادة اليهودية على الاقصى .