|
الشتاء...والكستناء !!
نشر بتاريخ: 19/01/2012 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:27 )
كتب ابراهيم ملحم- وافرا مدرارا جاء الشتاء هذا العام، طافحا بالخير يمشي على الارض سيولا، وجداول تسقي العطاش ،وتبعث دفق الحياة في الارض اليباب .
في شقاوة الطفولة،وما ان تكمل وفود الغيم المدججة بالغيث حشودها فوق رؤوسنا ،حتى نذهب تحت وابله الجميل نستبق ونلعب وهو يلاحقنا في كل بيت وحارة وزنقة وشارع، يملا قلوبنا فرحا، ويغرق اجسادنا الغضة بالماء الزلال . في احضان طفولتنا الشقية،كان للشتاء رائحة مختلفة،وكان المطر اكثر غزارة، وبهجة ،حتى الرعد والبرق كانا اكثر حضورا ،ولمعانا في دجى الليل البهيم ،فما ان تعصر اخر غيمة ما تبقى بها من غيث مقيم فوق رؤوسنا،حتى تحملنا شقاوتنا المتمردة على الاحكام الابوية العرفية ،لنضع الرؤوس العنيدة المبتلة تحت المزاريب" تشكع" عليها ماء زلالا ..... مشهد يبهج نفوسنا بمقدار ما كان يغضب امهاتنا الجميلات الطيبات اللائي يسارعن لتدفئتنا بعلقة ساخنة ،قبل ان نأوي مكرهين الى حمى الكانون الذي ينشر دفأه في البيت الصغير المكتظ بسكانه المتسامرين على جمر الحطب الطالع من بين السنة الدخان ،نار هي فاكهة الشتاء التي ما ان نستشعر دفأها حتى يغالبنا النعاس قبل ان نغط في نوم عميق من شقاوة يوم طويل في احضان الدفء الجميل حتى مطلع الفجر. على اطراف الكانون المترامية بالجمر المنزلق من جبل النار المتوهج في حضرة المكان ،كنا نشوي كل ما تنبت الارض من فومها وقثائها وعدسها وبصلها ، وكستنائها، وبلوطها واشياء اخرى نشارك فيها المواشي طعامها،ولطالما تعرضنا لنيران صديقة من شرر يتطاير من النفخ على الجمر المتدثر بالرماد وهو يومض كبريق السيوف في دجى الليل البهيم، نيران سرعان ما نداويها بالتي كانت هي الداء ،بالرماد الذي هو مرهم جروحنا ودثار ما جادت به الارض من قثائها . كستناؤنا، هو بلوط اشجارنا ،كفاف شتائنا الذي نملأ به جيوبنا من ثمرها متعدد الانواع، والاشكال قبل ان نودعه جمر الكانون حتى يفرقع مثل البوشار ليثير البهجة في النفوس المتحلقة حول دفء النار فتنبسط له ايدى وافواه الاكلين . هو الشتاء ما اجمله، ما اروعه ،ما ادفأه في ليلة ذات برق، ورعد، هو الشتاء يمشي لايجاريه الربيع ليس في الغابات راع ولا فيها القطيع . |