وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لقاء مفتوح في الخليل عن المشهد السوري وتداعياته المختلفة

نشر بتاريخ: 21/01/2012 ( آخر تحديث: 21/01/2012 الساعة: 23:13 )
الخليل - معا - دعا مثقفون ونشطاء سياسيون فلسطينيون ، من مشارب فكرية عدّة، لوقفة فلسطينية مختلفة عما هو قائم بخصوص ما يجري في سوريا والتداعيات الجوهرية التي سوف تترتب عنه في راهن القضية الفلسطينية ومستقبلها.

ونادى تجمع المثقفين والنشطاء السياسيين في لقاء مفتوح إنعقد في نادي اسعاد الطفولة الجمعة الماضي ، بضروة تكوين ادراك عميق وشامل واصيل، عند كل القوى السياسية والشعبية الفلسطينية المعنية بشان المشهد السوري ومعطياته وتاثيراته ، يعبر عن رؤية واضحة ومنظمة . واكدوا على اهمية وجود تقويم فلسطيني استراتيجي يحدد خارطة المواقف والتوجهات بخصوص ما يجري في سوريا ، مشددين على الاهمية البالغة لمثل هذا التقويم.

وقد تحدث في الملتقى الدكتور صبري مسلم وهو اكاديمي فلسطيني معروف وعضو في المجلس الوطني الفلسطيني وقال بان الصراع على سوريا وعلى تغير موقفها وإدماجها في الاحلاف والترتيبات الغربية المعادية لمصالح المنطقة وشعوبها ومشاعر اهلها ، هو صراع قديم يمتد لاكثر من نصف قرن ونشهد احدث فصوله الان.

وأشار مسلم الى ان سوريا كأقليم وكشعب وكدولة، وقفت في وجه كل هذه المحاولات ، واتخذت تمشيا مقاوما للهيمنة الغربية والصهيونية وفاقمت هذاالتوجه صعدا عبر الزمن.

وربط مسلم بين ما يحدث في سوريا من جهة وما سماه بالتحولات البنيوية العميقة التي تجري في المنطقة والعالم ، الامر الذي يجعل مما يحدث فيها مسالة ذات ابعاد محلية واقليمية وكونية بالغة الاهمية .

ورأى مسلم بان نجاح سوريا في صد هذا الاستهداف لن يستقيم بدون ان يكون الاصلاح البنيوي الداخلي امرا مركزيا في سياق مواجهتها لهذه التحديات.
وحسب نصار ابراهيم الكاتب والناشط السياسي ومدير مركز المعلومات البديلة في بيت لحم،فإن مطالب السورين بالحرية والديمقراطية والمشاركة قد تحولت بحكم عوامل عدّة ، من مطالب محقة ومشروعة لغطاء يحاول تحطيم سوريا وكسر دورها وتغير موقفها ، وبالتالي اصبحت هذه المطالب ضحية لعمل التحالف المعادي الذي رماها عمليا وراء ظهره وقد اضر ذلك كثيرا بهذه المطالب .

ونوه نصار لاهمية ربط ما يجرى في سوريا بمحاولة غربية لها حلفاء اقليميون تسعى للتعويض عن الاخفاق الاستراتيجي في المنطقة، بسبب من صمود محور المقاومة والممانعة على مدار العقدين الاخيرين على نحو خاص. كما يحاول هذا الحلف البحث عن حلول لازماته البنيوية المتعددة عبر استمرار هيمنته في المنطقة.

واشار نصار الى ان العنوان الاساسي لما يجري في سوريا ،هو مواجهة تتخذ طابعا حاسما، بين استراتيجية الهيمنة والتبعية والاخضاع من جهة ،واستراتيجية المقاومة والممانعة والتغير الديمقراطي الاصيل من جهة اخرى. .

واضاف بان نجاح سوريا في دحر الهجمة عليها، لن يتوقف عند اسقاطها للاستهداف الخارجي فقط، بل لقد بات هذا النجاح مشروطا على نحو عميق، بتحقيق الاصلاح الداخلي الشامل بصورة تعبر عن طموحات الشعب السوري ومتطلبات دور سوري معا.

اما الكاتب والاستاذ الجامعي محمد نعيم فرحات فقد شدد بدوره، على اهمية اطلاق صوت فلسطيني بعيد الصدى، بخصوص ما يجرى في سوريا ، بإعتبار ذلك حاجة فلسطينية ماسة، موضحا بان هذا الصوت لن يعدل موازين القوى او يرجح كفة على اخرى ، ولكنه صوت مهم من حيث دلالاته للفلسطينين ولغيرهم.

واشار نعيم فرحات الى ان سوريا كما العراق ومصر، ليست اقاليم طارئة في تاريخ فلسطين وحياة الفلسطينيين ، وقال ان مصير فلسطين واقدارها قد ارتبطت تاريخيا بمواقف هذه الاقاليم وتوجهاتها ، كما أنه في هذا المثلث توجد قدرة العرب وطاقاتهم الاستراتيجية والحضارية ، وفيه تجرى حروب المصائر التي سيتقرر بنتيجتها وجه المنطقة واحتمالاتها ، وفي صميم هذه الاوضاع توجد فلسطين ، واستذكر فرحات في هذا الصدد قول الشهيد المرحوم عبد الوهاب الكيالي"إن مصير فلسطين قد ارتبط على نحو حاسم بمحيطها الحميم".

ولفت فرحات الى ان ما يجري في سوريا، هو حرب مفصلية تستخدم الصورة والرواية مع باقي الاشكال الاخرى ، تستهدف ضرب ميزة الاقليم السورى، المتمثلة في قدرته على الاعاقة لاي مشروع او ترتيبات للمنطقة مهما كان الحلف الذي يقف ورائها، وكذلك طاقته على ترجيح الخيارات الكبرى في المنطقة، التي تتجهه نحو التحرر والانعتاق من كل الهيمنات الخارجية.

وختم نعيم فرحات بالقول بان الحرب الجارية في سوريا وعليها، قد تجاوزت مسألة الاصطفاف مع النظام او المعارضة ، لقد سار الامر مرتبطا بسوريا ومكانتها ودورها وخياراتها واقدراها ، بل ان المجريات تجعل الموقف من النظام والمعارضة، هو سوريا ومعناها العميق وعقودها التي تقيمها مع نفسها ودورها.
هذا وقد توافق المجتمعون على اهمية الاصلاح الشامل في سوريا وفتح المجال السياسي على اساس تعددي وتشاركي، تساهم فيه كل القوى الحية والاصيلة في البلاد ، لان الاصلاح في سوريا لم يعد حاجة سورية داخلية بل اصبح ضرورة لها ولمحيطها المعني ولدورها أيضا .

وراى المشاركون بان الاصلاح يتطلب من النظام ان يستخرج من نفسه افضل ما فيه على قاعدة المعاني السابقة ، كما يتطلب وجود معارضة اصيلة ومتفوقة على النظام الذي تعارضه وتستاصل الالتباسات بقوة لانها تشوهها وتطيح بمشروعية مطالبها ، وان يلاقي الطرفين امال ورهانات الشعب السوري الاصيل في المكان المناسب من جهة اخرى.

كما دعى المشاركون لإدانة كل اشكال التدخل الخارجي في سوريا ايا كان ماتاه، مشيرين الى الخبرة المؤلمة لهذا التدخل في فلسطين والعراق وليبيا على الاقل ، وما ترتب عنه من ماس ونهب وقتل ودمار وإفساد للحياة. فيما حذر المجتمعون من حرب التضليل الاعلامي التي تمارس في سوريا وغيرها، وتجنب كل اشكال الاشتباه.