|
مركز ابو جهاد يواصل توثيق تجارب الاسرى النضالية
نشر بتاريخ: 23/01/2012 ( آخر تحديث: 23/01/2012 الساعة: 11:50 )
القدس- معا- طالب مدير عام مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس فهد ابو الحاج القيادة الفلسطينية باستمرار الضغط على الاحتلال من اجل الافراج عن كافة الاسرى المعتقلين.
ولفت ابو الحاج الى ان المرحلة القادمة تتطلب تكثيف الضغط الشعبي والسياسي في ظل الهجمة المسعورة التي يتعرض لها الاسرى ، وفي ظل تعنت الحكومة الاسرائيلية وتطرفها على كل الصعد. يأتي ذلك على هامش التقرير الاسبوعي لمركز ابو جهاد الذي خصصه المركز لاستعراض تجربة الاسير المحرر "خالد ابو كاملة"، وهنا النص الكامل لتقرير المركز حول الاسير ابو كاملة. واخرج من بيته ليعود اليه بعد تسع سنوات وكانه غريب لايعرف سوى البعض من كبار السن حيث ان من تركهم من الاطفال اصبحوا رجال ومن تركها عزباء وجدها هي واطفالها ومن كان من اصدقائه عازبا اصبح ورائه عائلة ووجد اطفالا لا يعرفهم وهذا لا ينطبق فقط على الجيران والاصدقاء بل ايضا على افراد العائلة ...وهذا الامر والتغير لايقتصر على البشر بل تعداه الى الحجر حيث البنايات الجديدة والشوارع التي لم يعرفها. الاسير المحرر خالد عبد الرحيم ابوكاملة من سكان مدينة نابلس المساكن الشعبية، مواليد مدينة نابلس حيث ولد في تاريخ 2751977 وتعود جذورالعائلة الى بلدة مجدل الصادق قضاء مدينة اللد المحتلة منذ عام 1948، وفي مقابلة اجريت مع الاسير المحرر خالد ابوكاملة بعد مرور عدة شهور على تحرره يروي لنا ما حصل معه من احداث منذ اللحظة الاولى لاعتقاله على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي. ظروف الاعتقال: يبدأ الاسير المحرر خالد بسرد ظروف وملابسات اعتقاله، فيقول : ليلة الخميس 3072002 كانت ليلة غريبة ,رغم انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة الا انني لم استطع النوم ، حيث ان اصوات طائرات الاستطلاع الاسرائيلية لم تهدأ وهي تحوم فوق المنطقة حتى اصبحت الساعة الثانية والنصف فجرا ، غلبني النعاس قليلا لكن لمجرد لحظات ، واستيقظت على صوت ضجيج في البيت والاضواء تملئ البيت ، حيث عاد التيار الكهربائي، في البداية لم اعرف ما يجري من حولي ، لكنني بدأت ادرك شيئا فشيئا ما يدور حولي ، وجدت جميع افراد العائلة مجتمعين في غرفتي وحينها التفت والدي الي وقال" الجنود الاسرائيليون يملؤون المكان ويحاصرون البيت من كل الاتجاهات ويسلطون كشافاتهم نحو المنزل " ، ومازالت طائرات الاستطلاع تثير ضجيجا واصواتا مرتفعة اكثر من السابق ,لم يك د والدي ان ينهي حديثه اليَ حتى بدء باب البناية بالطرق ، توجه والدي ليفتح الباب الباب فاذا برجل يحمل ضوءا فسفوري اللون واضواءً اخرى مسلطة من بعيد على باب البناية ، فقال الرجل لابي: ان الجنود يقولون لكم ان على جميع سكان البناية وتحديدا الرجال منهم الخروج من البناية ، وتبين لوالدي رغم عدم رؤيته لأي جندي اسرائيلي الى انه عرف الرجل الذي كان يقف امام باب البناية وهو احد سكان المنطقة جلبه الجنود رغما عنه ليدق الباب بدلا منهم ، طلب الجنود منا بالخروج من البناية واحدا تلو الاخر ، و طلب منا رفع الملابس والدوران حول انفسنا وهم يسلطون الاضواء علينا ، خرج الجميع وبقيت انا اخيرا ، طلب مني الجنود رفع ملابسي العلوية وان ادور حول نفسي والاضواء تسلط علي بشكل قوي جدا لدرجة انه كان من الصعب علي النظر باتجاه تلك الاضواء وبعد ذلك طلب مني الجنود التوجه نحوهم ولكن بشكل عكسي بمعنى ان ارجع الى الخلف ، بدات بالرجوع الى الخلف واذا بالجنود يدفعونني بقوة ، فوقعت على الارض وقاموا بتكبيل يداي ووضع عصبة على عيناي وجري الى الجهة الاخرى حيث اجلسوني على الارض ، وبدأ الجنود بالسؤال عني بصوت عالي بدأوا يقولون اين خالد اين خالد وخلال سؤالهم كان بعض الجنود يركلوننا بارجلهم على ظهورنا وفجأة جاء ثلاث جنود وقاموا بحملي واخذي الى منطقة السهل المقابلة للمنزل ، بعد ذالك انزلني الجنود وقاموا بازالة العصبة عن عيناي وتوجيه الكشافات نحو وجهي ، وجاء شخص وقف خلف تلك الاضواء لم استطع رؤية وجهه الا انني استطعت تمييز انه يرتدي قناعا ، تحدث احد الجنود مع ذلك المقنع فقال له "نعم هو" ، حيث كانت عملية تشخيص وتاكد من شخصيتي باستخدام العنصر البشري ، بعد ذلك جاء بعض الجنود وبدأوا باستجوابي ، وفي النهاية قال لي احدهم:": انت آتي معنا فطلبت منهم اعطائي مجال كي ارتدي ملابسي فرفضوا فقلت الحذاء على الاقل ، قوبل طلبي بالصراخ والشتائم وجري الى الخلف ، وبدأنا بالسير مشياً مسافة طويلة على الاقدام ، حتى وصلنا الى مكان تجمع الاليات العسكرية ، قام احدهم بازالت العصبة عن عيناي ,فوجدت نفسي اقف بين الاليات العسكرية الكثيرة والتي تحيط بي من كل جانب وجاء احد الجنود ووقف امامي وانزل الخوذة عن رأسه وقال لي: كيف حالك هل تعرفني؟؟ فقلت: لا، فقال: انا الكابتن نمرود مسؤول المنطقة ، واعرف انك تجيد اللغة العبرية ، وسوف اتحدث اليك باللغة العبرية ، وبدأ بتوجيه الاسئلة ، ماذا فعات في الفترة الاخيرة ومن هم اصدقاؤك ؟؟ اجبته : لم افعل شيئا . فصرخ بالجنود قائلا : انتم 200 جندي وعشرون الية عسكرية ، انتم لاتساون شيء لانكم جئتم لشخص لم يفعل شيئ ، وقالها باستهزاء من جوابي ، فبدا الجنود بالصراخ والتهجم علي وقبل ان يقتربوا مني قال لهم ابتعدوا عنه , واستمر بالاسئلة ، لكنني لم اعر انتباها لاسئلته ، فقال " انت مفكر بتقدر تلعب مع مع جهاز المخابرات الاسرائيلي ، تاكد انك انت الخاسر ، بعد ذلك قال لي " سوف تبقى عندنا في السجن سنوات طويلة واعدك بذالك" . التحقيق: بعد ساعات طويلة وصلنا الى معسكر عوفر ، شعرت حينها وكانني وصلت الى الافراج فنزلنا من الحافلات ونحن نحاول تحمل الالم الشديد في رقابنا التي لم نستطع تحريكها ، بعد ذلك تم وضعنا في قفص لا يكاد يتسع لخمسة اشخاص، فادخلونا بالقوة وعددنا يزيد عن 30 شخص ، بدأو باخراجنا واحدا تلو الاخر للتفتيش حيث كان التفتيش عملية اذلال اكثر منها تفتيش ، بعد ذلك ادخلونا الى احد الاقسام التي لايوجد بها شيء سوى بعض الاسرة الخالية من الفراش و بعد ذلك بعدة ساعات قاموا بنقلنا الى قسم اخر لا يوجد به سوى بعض الخيام المهدمة فبدأ الاخوة بنصب الخيام حيث كان الطقس بارد جدا, بدأ بعض الاخوة بجمع ما توفر من قطع الخشب والكرتون ليشعلوا النار لتحضير الطعام وبعد حوالي ساعتين وزع الاخوة الطعام على الجميع ليسدوا الجوع الذي اكل الاحشاء ، طلبنا بعض الاغطية من الجنود فقاموا باحضار اغطية (بطانيات بالية ) ومن شدة التعب خلدنا مبكرا الى النوم . في صباح اليوم التالي جاءت مركبة يسميها الاسرى (الضبعة ) لم اعلم ماهي، فوقف جميع الاسرى ينظرون لها من كل الاقسام ، وذهبت انا ايضا لاعرف ماهي الضبعة واذا بها مركبة تشبه الباص الصغير والمغلق لا نوافذ له ويتقدمها ثلاث جنود واضح انهم من اثيوبيا فقام احد جنود المعتقل باخذ ورقة من الجنود الاثيوبيون ، وبعد ذلك بداو بالنداء على رقم علما انهم قاموا باعطائنا ارقاما حال دخولنا الى المعتقل ، لكني لم احفظ الرقم ، لم يستجب اي من المعتقلين ، فقامو بجلب قائمة اسماء واذا به ينادي باسمي ، واتضح ان الرقم المفقود هو رقمي ، توجهت الى البوابة فقال لي الجندي ستذهب معنا ، سالت الى اين ؟قال لا اعرف وبداو بالصراخ كي اسرع بالخروج من القسم ، وكان جميع المعتقلين في جميع الاقسام يقفون وينظرون الي بعين العطف والشفقة فشعرت اني ذاهب الى الاعدم ، وبداو بالهتاف من اجل رفع معنوياتي فخرجت من القسم وانا مرفوع الرأس عالي المعنويات ، قام الجنود بوضع الكلبشات الحديدية باليدين والارجل. بعد حولي ثلاث ساعات سفر، انزلوني الى مكان بدى من الخارج كانه مركز شرطة وعرفت اني في منطقة تدعى (بتاح تكفا) فقاموا بادخالي الى الداخل وما اكثر البوابات التي مررنا بها حتى اوصلوني الى مايشبه العيادة ، فقام الممرض الموجود في العيادة بسؤالي ما اذا كنت اعاني من امراض فقلت لا ، وهكذا انتهى الفحص، فقام الجنود المرافقين لي بتوقيعي على بعض الاوراق وغادروا المكان واذا بشرطي يأخذني ويدخلني باب اخر اشبه بباب السرداب، حيث الظلام والازقة الضيقة وقام بتفتيشي مرة اخرى بعد ذالك ألبسني شيء يشبه نظارة الحدادين حيث اني لم أرى بعدها شيء. اصعدني الشرطي الى درج بعد ذالك سمعت اصواتا تقول من هذا، واخر يقول هذا خالد .. والاخر يقول ابوكاملة اهلا وسهلا .. من زمان واحنا بنستناك .. بعد ذلك ادخلوني الى غرفة واجلسوني على كرسي قصير ومثبت بالارض وقاموا بربطي في هذا الكرسي وأزال احدهم النظارة عن عيناي ، وإذا باربع اشخاص يتحدثون إلي ويرحبون وكانهم يعرفونني .. بعد ذلك قاموا بتعريفي على المحقق (موشون) والمحقق الاخر(آتاي) وبدأوا بالحديث عن نابلس .. وعن شبان من نابلس اللذين كانوا قد سجنوا من قبل ، وعرفت أنهم يحاولون القول لي انهم يعرفون كل شئ. بدأ بسؤالي عن اشخاص وعن احداث ، فقلت: لا اعرف؟ عما تتحدث واستمر بالحديث وتوجيه الاسئلة وانا صامت .. واقول سوف يمل بعد قليل ، إلا أنه استمر ساعات طويلة وهو يتحدث ولم يتعب ، وبعد حوالي خمس ساعات شعرت أنها خمسة أشهر. جاء الثلاثة الذين خرجوا في السابق وقال المدعو( نتسير) أنت تتعب نفسك وعليك اختصار الطريق على نفسك ، نحن موظفين ولايهمنا الوقت ، اما أنت المسكين سوف تبقى هنا الى أن تنهي ماعليك وتقول كل شئ ، فقلت لا اعلم عما يتحدث هذا الرجل ، فقال : أنت تعرف كل شئ وأنصحك بالتعاون مع المحقق كي لا تلقى مالا يعجبك .. لأنك في نهاية المطاف سوف تتحدث عن كل شيء ، وفي نفس الوقت كانوا يتحدثون مع بعضهم البعض عن نفس القضايا التي سألني عنها المحقق ، فشعرت اني في مسرحية ، وهؤلاء يمثلون ادوار مرتبة ويحاولون شد انتباهي الى القضايا التي يتحدثون عنها ، بدأت أحاول أن افكر بأمور اخرى مثلا شد انتباهي ضوء في الحائط المقابل لي وامعنت بالتفكير به ، هل هو ضوء ام زر تشغيل لجهاز انذار ؟ ام اطفائية ؟ ام ماذا ؟ وطوال ذلك الوقت وهم يتحدثون الي ومع انفسهم ، بعد ذلك خرج الثلاثة مرة اخرى واستمر المحقق بالحديث الي وتوجيه الأسئلة . التنقل بين السجون: في سجن يسمى هدريم ، وبعد عملية التفتيش التي مررت بها اكثر من عشرة مرات في هذه السفرة ، ادخلوني الى القسم وهو قسم رقم 3 وفيه 120 اسيرا ، اعرف بعضهم ، بدأت التعرف على الجميع الذين قاموا باعطائي كل مايلزمني ، علما انه لم يكن لدي شئ سوى ما ارتديه من ملابس ، وبعد ان تعرفت على الجميع وجدت ان معظمهم من الاسرى القدامى ، وكان هناك فقط ثلاثة اسى غيري من الجدد و منهم الاخ مروان البرغوثي ، في الحقيقة شعرت بالالم على هؤلاء الاخوة ، ولكن في نفس الوقت ارتفعت معنوياتي لدرجة كبيرة جدا ، حيث كنت اشعر بالخجل امام تضحيات هؤلاء الابطال ، الذين وجدت ان معنوياتهم عالية تعانق عنان السماء رغم مضي سنوات طويلة تفوق 15 عاما لبعضهم خلف القضبان . بعد مضي خمس اشهر على وجودي داخل سجن هدريم تم نقلي الى سجن الرملة او ما يسمى (نتسان) ، علما ان سياسة التنقلات ليست عبثية بل هي سياسة عدم استقرار للاسير للنيل من معنوياته ، دخلت الى هذا السجن الذي تم افتتاحه في تلك الفترة ، فوجدت ان جميع الاسرى الموجودين به هم قادمون من التحقيق وحديثي الاعتقال كان القسم خاليا من اي شئ ، حتي الصحون وما شابهها ، واستمرت المعاناة مدة 60 يوما الى ان ثار الاخوة على ادارة السجن ، التي رضخت لمطالبنا بعد معارك عدة .. في تلك الفترة كنا ممنوعون من زيارات الاهل .. بقيت في هذا السجن وعملت على مساعدة اخواني الاسرى وخدمتهم في جميع المجالات ، حيث اختارني الاسرى لكي امثلهم امام ادارة السجن كوني اجيد اللغة العبرية ، والتحقت في هذا السجن في الجامعة العبرية ، في تخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وفي احدى الايام استيقظنا والجنود يملؤن الغرفة وهم يشيرون لنا بعدم الحديث .. كانت الساعة لاتتعدى الخامسة فجرا .. فقام جنديان بانزالي من على سريري واخذي الى الحمام .. واجراء التفتيش بشكل دقيق دون ان اعي حقيقة ما يجري ، لانني مازلت نائما .. بعد ذلك قامو بانزالي الى الساحة مع باقي الاخوة في جميع الغرف ، و بعد عدة دقائق جاء ضابط القسم وطلب ان يصعد شخص من كل غرفة ، فصعدت انا عن غرفتي كي اكون داخل الغرفة اثناء التفتيش ، بدأ الجنود بالتخريب الذي يسمونه تفتيش .. فقلت : لماذا تخربون وتمزقون ملابسنا ؟؟ فتوجه اربع منهم الي وبدأو بتوجيه التهديدات ان قمت بالحديث ثانية .. و بعد خمس ساعات متواصلة من التفتيش خرج هؤلاء من الغرفة التي لم تعد غرفة .. وعاد الاخوة ووقفوا مذهولين من المنظر حيث قام الجنود بتخريبها .. فرقة التفتيش في السجون تسمى (فرقة النحشون درور) وتعمل ايضا على قمع وضرب الاسرى في حالات الاستنفار، بقيت في هذا السجن حتى شهر 82004م بعد ذلك تم نقلي لمعتقل (مجدو) .. وكانت اول زيارة للأهل في هذا المعتقل بعد عامين من الاعتقال .. حيث كانت فرحتي كبيرة عندما شاهدت والدتي التي اشتقت لها كثيرا .. كان لقاء لايوصف بالكلمات. بعد مضي اربعة شهور على وجودي في معتقل (مجدو) تم نقلي الى سجن (الدامون) المركزي وكأنه لي موعد مع السجون والمعتقلات الحديثة الافتتاح ، و كنا أول الاسرى الذين يدخلون هذا السجن الذي تم اغلاقه في عام 1996م ، لعدم صلاحيته ، وهذا السجن يمتاز ببرودته الشديدة كونة يقع على مرتفع قرب حيفا ، وهنا بدأ فصل اخر من المعاناه .. وتم اختياري ايضا ممثلا للاسرى امام ادارة السجن ، ورغم ان هذا الامر كان يعيق دراستي في الجامعة .. الا انني كنت استمتع وانا اقوم بخدمة اخواني ، كنت كثيرا اقوم برفع شكاوى ضد ادارة السجن على اوضاعه السيئة بسبب المماطلة في تحقيق المطالب ، وسياسة التنغيص على الاسرى .. زارنا هناك اعضاء كنيست عرب وايضا وزير الاسرى الاسبق هشام عبد الرازق وسفيان ابوزايد وقدورة فارس رئيس نادي الاسير ، بقيت في هذا السجن قرابة العام ونصف ، وبعد صدام مع ادارة السجن ومع مدير السجن تحديدا تم نقلي الى سجن هشارون المركزي . في " هشارون " كانت ظروف السجن افضل من تلك في الدامون .. هذا فقط من ناحية المبنى .. اما بنسبة للادارة فلم تكن افضل بل اسوأ ، وبعد مرور شهرين على دخولي الى سجن هشارون اجرى الاخوة انتخابات واختاروني كي امثلهم ، في بداية الامر رفضت ادارة السجن التعامل معي.. وحجتهم انني نقلت من سجن الدامون وانا ممثل للمعتقل ويوجد لي مشاكل مع مدير السجن .. وقاموا بالرد على هذا الامر بمحاولة نقلي من السجن .. الا ان الاخوة قاموا باتخاذ خطواط ضد الادارة فاجبرت ادارة السجن على الموافقة على ان اكون ممثلا للاسرى .. وهنا بدأت العمل على المطالبة بحقوقنا التي كانت مهملة من قبل الادارة ، وبعد صدامات كثيرة مع ادارة السجن ,وبصبر الاخوة ووقوفهم ورائي استطعنا انتزاع بعضا من مطالبنا الانسانية في الدرجة الاولى ، بعد مرور سنة ونصف قامت ادارة السجن باغلاق السجن ونقلت الى سجن رامون المركزي الذي يقع جنوب فلسطين المحتلة ، دخلت هذا السجن فوجدت ظروفا سيئة جدا ، وادارة اسوء ، وبعد مشادة حصلت بيني وبين احد الضباط اثناء تفتيشهم لاحدى الغرف وبعد مرور مالا يزيد عن اربعين يوم من تاريخ دخولي الى هذا السجن .. تم نقلي بشكل مفاجئ الى سجن نفحة الصحراوي ، وبمجرد دخولي الى هذا السجن جاء ضابط الاستخبارات وبدا بتهديدي وقال انت منقول من رمون لانك كنت تحرض على ضرب مدير السجن !! بعد ذلك ادخلوني الى قسم جميع المتواجدين به من قطاع غزة وفقط خمسة اسرى من الضفة الغربية ولم استطع معرفة سوى البعض منهم .. وكانت ظروف السجن سيئة جدا ومازاد صعوبة الوضع هو عدم وجود زيارات لاسرى قطاع غزة ، بقيت في هذا السجن قرابة ستة شهور بعد ذلك تم نقلي الى معتقل النقب الصحراوي ,ورغم بعده وسوء الظروف الحياتية به الى انه يمتاز بشيء مهم وهو عدم تدخل ادارة السجن في الشؤون الداخلية للاسرى . وهذا امر مهم جدا.. بقيت في سجن النقب وقبل انتهاء فترة محكوميتي بعشرة ايام قامو بانزالي الى مركز التوقيف في "سالم" وهناك جاء ضابط المخابرات المسؤل حسب قوله عن منطقة المساكن الشعبية التي اسكن بها ، وتخلل هذه المقابلة التهديد اذا ماعدت الى النشاطات العسكرية ضدهم ، وقال لي اننا لن نقوم باعتقالك مرة ثانية بل سوف نقوم بقتلك في حال قمت بعمل ضد الجيش الاسرائيلي..، بعد ذلك تم اعادتي الى معتقل النقب. ومن الجدير ذكره ان مثل هذه السفرية بين النقب وسالم تستغرق عشرة ايام وهي اصعب مايمر به الاسير وتسمى هذه السفرية "البوسطه" ويعرفها الماسرى برحلة العذاب والمعاناه ، بعد عودتي الى النقب لم يتبقى على انتهاء مدة محكوميتي سوى ايام قليلة شعرت وكانها سنوات طويلة لا تنقضي .. وبعد المعاناه والامل جاء يوم الافراج .. ورغم فرحتي التي لاتوصف .. الى انني شعرت بالالم على اخواني الاسرى الذين ساتركهم ورائي . خرجنا من القسم في يوم افراجي في تاريخ 2132011م يوم الاثنين في تمام الساعة الثامنة صباحا ، الى ان ادارة السجون تتلذذ في عذاباتنا حتى اللحظة الاخيرة . حيث بقيت في سيارة البوسطى حتى الساعة الرابعة عصرا ، وانا مكبل الايدي والارجل ولم اتناول اي طعام ولا ماء ، ورفض الجنود اخذي الى الحمام وفي تمام الساعة الخامسة مساءا انزلني الجنود على حاجز الظاهرية الواقع في جنوب الخليل.. والذي لايبعد سوى نصف ساعة عن سجن النقب .. وهناك وجدت الاهل الذين جاؤا منذ الصباح بانتظاري وكان لقاء مؤثرا جدا.. وصعدنا الى السيارات وتوجهنا مسرعين الى نابلس حيث الاهل والاصدقاء بانتظاري منذ الصباح الباكر، استمرينا في السير الا انني شعرت ان الطريق لاتنتهي.. اخيرا وصلنا الى مشارف مدينة نابلس وهنا كان لقائي الاول مع والدي وبعض الاصدقاء .. حيث وجدت الكثير من السيارات في انتظاري و سرنا باتجاه المساكن والاعلام تعلو السيارات . وصلنا الى البيت الى اننا لم نستطع الاستمرار في التقدم في السيارة من كثرة الناس الذين كانو بانتظاري واضطررت لنزول من السيارة كي اصل الى البيت للقاء والدتي واخواتي فوجدت احد الاصدقاء يحملني على اكتافه ليصلني الى والدتي، عندها كان لقائا مميزا ومؤثرا في نفس الوقت .. وبداء الاحتفال رغم ان الساعة كانت متاخرة حيث اننا وصلنا الى نابلس في تمام الساعة التاسعة مساءا ، بعد ذلك بدات بمصافحة الاهل والاصدقاء والجيران وانا اشعر بسعادة لاتوصف وتالمت كثيرا عندما تحدث احد الاخوة من داخل سجون الاحتلال عبر " الهاتف النقال " بقيت في المنزل سبعة ايام وفي اليوم الثامن ذهبت الى رام الله حيث قام الرئيس محمود عباس باستقبالنا في مقر الرئاسة برام الله وكم اسعدني ذلك القاء الحميم وشعرت بمدى تاثر السيد الرئيس بقضية الاسرى . بعد ذلك عدت الى نابلس واستمرت الوفود المهنئة بالقدوم الى المنزل حيث اجبرت على البقاء في المنزل لاكثر من عشرين يوما بعد ذلك استطعت الخروج من المنزل لاول مرة ,بعد ذلك تم تعيني في وزارة شؤون الاسرى بقرار من لرئيس محمود عباس ابومازن، وانا الان اعمل في وزارة الاسرى حسب رغبتي كي استمر في خدمة اخواني الاسرى وذويهم وانا مقبل على الزواج , و اكملت دراسة الماجستير في تخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية. |