وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بيكيه: جوارديولا هو مفتاح نجاحنا

نشر بتاريخ: 24/01/2012 ( آخر تحديث: 24/01/2012 الساعة: 22:41 )
بيت لحم - معا - موقع الفيفا - لو وُضعت قائمة بأسماء أفضل مدافعي كرة القدم في الوقت الحالي، لكان جيرار بيكيه ضمن هذه النخبة دون أدنى شك، حيث أصبح هذا الشاب الكاتالوني في ظرف وجيز صمام الأمان في خط برشلونة الخلفي، بفضل قدرته على المزج بين القوة البدنية والذكاء الذهني والمهارة الفنية.

فقد فاز ابن الرابعة والعشرين بكل الألقاب الممكنة منذ أن انضم إلى كتيبة بلاوجرانا، مما جعله ضمن قائمة اللاعبين الأحد العشر الفائزين بجائزة FIFA/FIFPro للمرة الثانية على التوالي.

وأجرى موقع "الاتحاد لدولي لكرة القدم " حواراً حصرياً مع صاحب القميص رقم 3 الذي أجاب عن الاسئلة بصدر رحب، متحدثاً عن فترة التألق التي يمر بها مع ناديه ومنتخب بلاده على حد سواء، مشيراً في الوقت ذاته إلى التحديات التي تنتظره في المستقبل فردياً وجماعياً.

س : بيكيه، ما هو إحساسك وأنت تنضم إلى قائمة الأحد عشر الأفضل في العالم للمرة الثانية على التوالي؟
جيرار بيكيه: إنه لفخر كبير أن أكون ضمن تشكيلة أفضل فريق في العالم. وما يزيد من قيمة هذا التتويج أن الإختيار يأتي بناءاً على تصويت اللاعبين أنفسهم، ذلك أنهم يفهمون خبايا اللعبة أفضل من غيرهم.
|162573|
س : لقد ودعنا للتو سنة حافلة أخرى في سجلك الشخصي وسجل ناديك برشلونة، حيث فزتم بكل شيء ممكن تقريباً. ما سر كل هذه النجاحات؟
جوسيب جوارديولا هو كلمة السر. فمنذ قدومه إلى النادي، تمكن من الحفاظ على مستوانا في أعلى درجة ممكنة من خلال الطريقة التي ينظر بها إلى كرة القدم والسبل التي يلجأ إليها لتحفيزنا. لقد فزنا بكل الألقاب الممكنة هذا العام، وهذا يملؤني فخراً واعتزازاً ويجعلني راضياً تمام الرضا. كيف لا وأنا أحقق كل ذلك بين أهلي وفي النادي الذي خرجت منه إلى الوجود وأمضيت طيلة حياتي مشجعاً له.

س : بالحديث عن جوارديولا، هل يمكنك أن تشرح لنا بالضبط ما يجعله مدرباً فريداً من نوعه؟
إنه لا يرى كرة القدم مثل كل الناس ولا يشرح لك طريقة اللعب مثل كل الناس. هناك مدربون يقولون لك ’يجب أن تنتقل إلى اليمين أو إلى اليسار‘، مثلاً، لكن جواريولا يشرح لك لماذا يطلب منك فعل هذا أو ذاك، وهكذا يُرسخ في ذهنك سبب القيام بأي حركة فوق الملعب. ودون أن يعي اللاعبون بذلك، فإنهم يتعلمون يوماً بعد يوم ويبدؤون في اتخاذ قرارات من تلقاء أنفسهم فوق أرضية الميدان. أضف إلى ذلك طريقته في تحفيزنا. صحيح أن أندية كثيرة استطاعت الفوز بالعديد من الألقاب لكنها بدأت مع مرور الوقت تفقد الشهية لحصد المزيد، أما نحن فإننا نزداد تعطشاً يوماً بعد يوم، إذ نريد دائماً أن نشعر بنشوة الفوز وأن نحس بأننا الأفضل. جوارديولا لا يدعنا نسترخي فهو دائماً يحثنا على تقديم أفضل ما لدينا.

س : عندما تحدثنا إلى جوارديولا شخصياً، شدد كثيراً على أهمية التعامل مع اللاعبين كأشخاص عاقلين ومسؤولين... ؟
جوارديولا يجعلك تحس أنك محترف. ربما يبدو للبعض أنه يمنحنا الحرية أكثر من اللازم، لكن ما يفعله في الواقع هو منحنا سلطة أكبر لاتخاذ القرارات. وكأنه يقول لكل لاعب من لاعبيه ’هل تريد فعلاً أن تبلغ القمة؟ هل تريد أن تكون ضمن النخبة وأن تفوز بألقاب عديدة؟ إذا كنت تتطلع إلى ذلك، فإن كل شيء يتوقف عليك. أنا أترك لك الحرية للذهاب إلى البيت عشية المباراة حيث يمكنك فعل كل ما يحلو لك، لكنك تعرف أنك إذا لم تفعل ما يجب فعله وعلى الوجه الأحسن خلال المباراة، فإنك لن تشارك في اللقاء التالي‘. إن هذه الطريقة في التعامل تساعد اللاعبين على النضج بشكل أكثر، كما أنهم يشعرون وكأنهم مدينون للمدرب بشيء، وبالتالي فإنهم يقدمون أفضل ما لديهم فوق أرضية الميدان.

أعتقد أن الأمور تصبح أكثر تعقيداً عندما يفوز فريق معين بما فاز به برشلونة، لأن الخصوم يصبحون أكثر إصراراً ويلعبون بنسبة 110% من طاقاتهم. فبالنسبة لهم، يصبح الفوز علينا إنجازاً في حد ذاته.جيرار بيكيه

س : من الأشياء التي أثارت الإنتباه أكثر هي قدرة برشلونة على الظهور بمستوى عال في المباريات الحاسمة، سواء أمام مانشستر يونايتد أو ضد ريال مدريد...ما السر وراء ذلك في نظرك؟
أعتقد أننا قدّمنا مباراة بمنتهى الروعة أمام مانشستر يونايتد. لم تكن فقط أفضل مباراة شاركت فيها منذ انطلاق مسيرتي، بل كانت أيضاً أفضل مباراة شاهدتها في حياتي. ولا تكمن أهميتها في النتيجة فحسب، بل كذلك في الطريقة التي لعبنا بها، فقد تحكمنا في زمام اللقاء من بدايته إلى نهايته، وهذا شيء لا نراه أبداً في المباريات النهائية، إذ غالباً ما يسود التوتر بين اللاعبين ويحاول الفريق المتقدم في النتيجة الحفاظ على تفوقه ولو بهدف يتيم. يحصل الشيء نفسه أمام ريال مدريد، فبما أننا تعودنا على خوض كل مباراة وكأنها نهائي حاسم، فإن الفريق بات قادراً على تقديم أفضل أداء حتى في اللحظات العصيبة، وهنا بالضبط تتجلى تلك الجزئيات البسيطة التي تصنع الفارق بين الفوز بالألقاب من عدمه.

س : منذ انطلاق الموسم الحالي، أصبح برشلونة يلعب بخط دفاع ثلاثي. متى خرجت هذه الفكرة إلى الوجود وكيف طورتموها؟
لقد اختبرنا هذا التكتيك في التحضيرات التي سبقت انطلاق الموسم، حيث خطرت هذه الفكرة على بال المدرب عندما أدرك أن طريقة لعبنا أضحت مكشوفة وأن الجميع بات يعرف أسلوبنا وأصبح الكل يملك المفاتيح لتحصين دفاعاته أمامنا. إن اللعب بخطة 3-4-3 يعني أننا نميل إلى الهجوم أكثر ونستحوذ على الكرة أكثر من خصمنا ونخلق فرص تهديف أكثر كذلك. بدأنا اللعب على هذا النحو خلال المعسكرات التحضيرية التي سبقت انطلاق الموسم، ثم بدأنا نكسب الثقة مع توالي المباريات الرسمية، علماً أن التعود على هذا النظام ليس بالأمر الهيِّن.

س: إنه ليس بالشيء السهل فعلاً، ولا سيما إذا كنت مدافعاً، أليس كذلك؟
عليك أن تركض أكثر من السابق. فعند انتهاء المباريات أصبحنا نشعر بتعب مضاعف لأن خصومنا باتوا يهاجمون أكثر من ذي قبل، مما يحتم علينا تغطية المساحات في الطرفين. إن اللعب بهذه الخطة يقتضي جهوداً مضاعفة من طرف لاعبي قلب الدفاع. بالنسبة لي أنا شخصياً، يمكنني القول إنني استفدت كثيراً من هذه التجربة لأنها جعلتني لاعباً متعدد الوظائف.

س:أنت حظيت بفرصة اللعب تحت إمرة اثنين من أعظم المدربين في سماء الساحرة المستديرة، ألا وهما جوارديولا وفيرجيسون. هل هناك فرق بين الإثنين في طريقة التعامل وكيفية التدريب؟
نعم. فيرجسون يعمل مديراً فنياً. فهو يمضي أياماً كثيرة دون أن ينزل إلى أرضية التدريب، حيث يبقى في مكتبه منهمكاً في قضايا تخص النادي. أعتقد أنه بمثابة الأب داخل الفريق. على الأقل هكذا كان شعوري تجاهه عندما وصلت إلى هناك في سن السابعة عشرة. كان يحفزنا بطريقة رائعة وكنا نمضي معه لحظات ممتعة لغاية قبل انطلاق المباريات. أما جوارديولا، فإنه يقضي اليوم كله مع اللاعبين ثم يمضي 10 ساعات وهو يشاهد أشرطة الفيديو لكي يعرض لنا صوراً تعكس أسلوب لعب الفريق الخصم ولكي نناقش سوية كيفية الهجوم في مباراتنا ضده. ربما يكمن الفرق بين الإثنين في المدة التي قضاها كل واحد منهما في عالم التدريب. فبينما بدأ جوارديولا للتو مسيرته في هذا المجال، يملك السير أليكس تجربة كبيرة تمتد لسنوات طويلة.

س : هناك أيضاً فرق شاسع بين وظائف المدرب في أسبانيا وخصائص المدير الفني في إنجلترا، أليس كذلك؟
بلى. الأمر يتعلق بثقافتين مختلفتين. فحتى دكة الإحتياط في إنجلترا توجد في موقع مرتفع دون حماية، بل وبين المتفرجين تقريباً. كما أن هناك فوارق أخرى على مستوى طريقة اللعب. في إنجلترا يسود شغف كبير وتعم احتفالات صاخبة. فعندما تصل إلى الملعب يكون مملوءاً على آخره وتكون الأجواء مذهلة، كما يستمر الجمهور في التشجيع حتى لو تأخرت في النتيجة. أما في أسبانيا، فالأمر مختلف من الناحية الثقافية، لأن الناس يفضلون البقاء في بيوتهم وبالتالي فإن الملاعب لا تمتلئ إلا في المباريات الهامة. ربما نكون أقل شغفاً منهم في هذا السياق، إذ نشجع أقل منهم، ولو أننا أكثر إلحاحاً منهم.

ختاماً، بعدما كانت 2011 سنة مثالية بحق، بدأ عام 2012 على إيقاع تحديات كبيرة، حيث تكتفون حتى الآن بدور المطاردة خلف ريال مدريد. ما تقييمك لهذا الوضع الحالي؟
أعتقد أن الأمور تصبح أكثر تعقيداً عندما يفوز فريق معين بما فاز به برشلونة، لأن الخصوم يصبحون أكثر إصراراً ويلعبون بنسبة 110% من طاقاتهم. فبالنسبة لهم، يصبح الفوز علينا إنجازاً في حد ذاته. وعلاوة على ذلك، يشاهد العالم بأسره مبارياتنا، حيث أصبح الجميع يتفنن في تحليل طريقة لعبنا. فمهما جرّبنا من أساليب جديدة ومهما غيرنا من جزئيات بسيطة فوق أرضية الملعب، أصبح الناس يعرفون كيف نلعب، حيث بات الخصوم يركنون إلى الدفاع ويحاولون إحباط هجماتنا بالإعتماد على ستة أو سبعة لاعبين في الخط الخلفي، ولا سيما عندما نلعب خارج قواعدنا. أما في كامب نو، فالملعب أكبر من الملاعب الأخرى طولاً وعرضاً، مما يتيح لنا مساحات كبيرة، أضف إلى ذلك أن مؤازرة جمهورنا تجعل مهمتنا أسهل. كما أن الحظ خاننا بعض الشيء في الآونة الأخيرة. ومهما يكن، فإن كل ما يمكننا فعله هو مواصلة العمل على هذا النحو، فلا شك لدي أن الإنتصارات ستأتي وأن الألقاب ستعود.