|
مركز ابو جهاد- صرح يجسد معالم وصور التحدي والعنفوان الثوري الوطني
نشر بتاريخ: 27/01/2012 ( آخر تحديث: 27/01/2012 الساعة: 08:10 )
القدس – يشمخ مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس وبنائه المتصالب في لوحة من التحدي الحضاري والعنفوان والكرامة الوطنية والكبرياء العالي التي يجسدها الاسرى الفلسطينيون عبر الحقب التاريخية منذ السيد المسيح الاسير الفادي والفدائي الفلسطيني الاول على درب الالام الطويل . وللولوج الى ردهات ولواوين المتحف لا بد من المرور في طريق الالام الحديث تلك، من حصار وطرق مغلقة وحواجز عسكرية وجدران اسمنتية واخرى عازلة ثم مشاهدة شجرة عسقلان في فناء المكان التي تضفي رمزية خاصة على تاريخ نضال الاسرى الذي لا بد وان يثمر في نهاية المسيرة ثمارا وازهارا خضراء يانعة .. ثمار الحرية والنصر والحياة الحرة الكريمة .. تلك الشحرة التي طالما تغزل بها الاسرى واغدقوا عليها صفات الجمال وشبهوها بالعروس ليلة زفافها .
رحلة اسطورية.. وباندفاعته المعهودة وحماسه المتوهج يصحب مدير عام المركز الاسير المحرر فهد ابو الحاج ، وفد نادي الصحافة المقدسي برئاسة الاعلامي محمد زحايكة ومقهى الكتاب الثقافي ومديره العام عماد منى في رحلة اسطورية .. تجسد اسطورة صمود وتحدي الاسرى الذي لن ينكسر امام جبروت وحقد السجان.. في متحف التضحية والفداء حيث تتراقص امامنا اطياف الاسرى الشهداء والاحياء في تحديهم لجبروت القهر والتعذيب والموت واصرارهم على الحياة الكريمة الحرة مهما كلف الثمن وبلغت التضحيات. وفي البهو الرئيسي يمكن مشاهدة شعار الحرية العالمي يزّين الحائط الرئيسي من الداخل فيما يرمز بلاط الارضية الى حجارة القدس العتيقة التي يروي كل حجر منها قصة فداء وتضحية خاصة ، فيما يتراءى سور القدس العظيم وارتباطه بالماضي والحاضر .. المشتعل والمسكون بهواجس القدس ونارها المقدسة. وفي احدى الزوايا تطل علينا حارطة فلسطين ، حيث زرعت في قلبها سجون ومعتقلات الاحتلال ولمحة تاريخية عن الحركة الاسيرة وصور عن باستيلات القهر والاذلال باللغتين العربية والانجليزية التي حّولها الاسرى الابطال الى اكاديميات وطنية ونضالية تصنع القيادات والكفاءات النضالية والعلمية لبناء الانسان الفلسطيني المعاصر القادر على بناء مستقبله المشرق وغده السعيد رغم جبال التحديات والمؤامرات المحلية والدولية . ثم نمر على اساليب الاعتقال وكيف تتم بحق الشباب والشيوخ والاطفال وطبيعة الاعتقال القاسية واللاانسانية حيث يخضع المعتقلون الفلسطينيون الى 76 اسلوبا تعذيبيا من قبل المخابرات الاسرائيلية المتمرسة في اساليب القهر والتعذيب لكسر ارادة الاسرى دون طائل. وتم عرض وتوثيق نماذج مصورة وحقيقية عن هذه الاساليب البشعة. شعب الانتفاضة والحرية .. وتزّين جناح اخر جدارية ضخمة ترمز الى شعب منتفض يسعى الى الحرية بكل امكاناته , مرصعة بأبيات شعرية متحدية ومتوثبة لشاعر فلسطين الاكبر محمود درويش. ويتخللها زاوية تمثل الحياة الاعتيادية اليومية للاسرى في داخل معتقلات الاسر.. تجاورها زاوية تستذكر عهد الانتداب البريطاني البغيض ممثلة بحبل المشنقة لاعدام احرار فلسطين واشهرهم ابطال الثلاثاء الحمراء محمد جمحوم وفؤاد حجازي وعطا الزير في سجن عكا بتاريخ 18-6-1930 . ونتوقف عند جناح شهداء الحركة الاسيرة الذين سقطوا نتيجة للتعذيب او التصفية الجسدية او الاضراب عن الطعام او الاهمال الطبي .. وعند زاوية المعتقلين الاطفال الذين بلغ عددهم حتى تاريخه 385 طفلا رغم تحريم القانون الدولي الانساني اعتقال الاطفال ..! ثم تطالعنا زاوية عمداء الاسرى والاسيرات التي يتم تحديثها حسب التطورات الميدانية لنشاهد حتى حينه صورة عميدة الاسيرات آمنة جواد منى وعميد الاسرى نائل البرغوثي والعديد من قصص الاسرى المحررين واسرى الاعتقال الاداري حيث انه من المحرم دوليا اعتقال اي انسان بدون توجيه اية تهمة له..! تبادل .. ورسائل ونستعرض زاوية اشهر عمليات تبادل الاسرى في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة والحركة الاسيرة ووسائل الاتصال بين الاسرى وذويهم او من هم في خارج السجون واشهرها الكبسولات وخاصة الى القيادة وعلى رأسها امير الشهداء خليل الوزير ابو جهاد الذي كان يتابع هموم الاسرى الفلسطينيين اولا بأول.. ولذلك سمي المركز باسمه ، حيث نرصد رسالة موجهة الى الحركة الاسيرة من القائد ابو جهاد صادرة من بغداد الرشيد بتاريخ 20-10-1986اي قبل استشهاده بفترة وجيزة. كما نلاحظ عملية رصد واحصاء ل 28 اضرابا عن الطعام في تاريخ الحركة الاسيرة حتى اليوم وما هي المنجزات التي تم تحقيقها .. الى جانب رصد الاضراب التضامني الاممي مع الاسرى الايرلنديين في يوم الاسير العربي الذين اضربوا حتى الموت عام 1981 ثم زاوية الاسرى الذين قضوا اكثر من 20 عاما في المعتقلات الاسرائيلية واخرى للاسرى الفلسطينيين في اراضي عام 1948. والمرأة الفلسطينية الاسيرة ونضالها وتضحياتها. وقبل ان نواصل صعود الدرج اللولبي – الدائري لمتابعة الجولة .. يقودنا ابو الحاج الى ركن سفلي منزوي ومنعزل يجسد زنزانة الاعتقال الموحشة التي تفتقر الى التهوئة وشروط الحياة الآدمية. التعميد بالدم .. وفجأة تتجسد امامنا معاني الصبر والصمود والتحدي من خلال شكل فني مؤسس على ستة اعمدة مطلي باللون الاحمر في اشارة الى ان مسيرة الشعب الفلسطيني نحو انتزاع الحرية معمدة بالدماء . وتبدو على الحائط المقابل عبارة فلسفية مشحونة بقوة الارادة - سأقبل ارض زنزانتي.. لانها جزء من الوطن – كتبت بست لغات عالمية.. ثم نلتفت الى منظر او شكل يمثل قباحة السجون التي شيدت على ارض طيبة تعمدت بالدم وهي جزء من معرض شموع الحرية المؤمل ان يجول في سفينة شموع الحرية على عدد من شواطئ دول حوض المتوسط لحشد التضامن مع قضايا الاسرى الفلسطينيين في 17-4- القادم.كما اشار لذلك ابو الحاج ثم " تكتحل" عيوننا بشاشة عرض عن تاريخ القضية الفلسطينية وفي القلب منها تاريخ الحركة الاسيرة منذ عام 1948 حتى اليوم.. التي تعرض امام زوار المركز والمتحف من طلابنا وفئات مجتمعنا الفلسطيني الاخرى. ونعبر بعد ذلك الى زاوية رسائل الاسرى الخاصة وطرق تطورها في حياة المعتقل الفلسطيني سواء عبر الصليب الاحمر او الرسائل داخل المعتقلات ومنها الكتابة على جيب البنطال من الداخل .. لنشاهد نص وثيقة الحوار الوطني – وثيقة الاسرى المشهورة .. الى كروت المعايدة التي تعتبر شكلا من اشكال الرسائل المتداولة في عالم الاسرى خاصة بعد اضراب عام 1984 الشهير.. وننظر بدهشة الى زاوية الاسير الامي .. الذي اعتقل اميا وتعلم واجتهد في السجن .. ليصبح اليوم على ابواب مناقشة شهادة الدكتوراة .. وبالصدفة.. والله بمحض الصدفة.. يكون هو فهد ابو الحاج مدير عام المركز.. ولكن هناك غيره ممن فعلوها بامتياز,! ثم نمتع انظارنا باللوحات الفنية التي رسمها الاسرى داخل السجون باشكال فنية مختلفة ومتنوعة وغنية ومدهشة في دقتها وابداعها في تحويل اشياء بسيطة وعادية الى مجسمات فنية رائعة.. فنلحظ مجسما للاسير مصطفى نصار منذ تاريخ 8-8-1975 يمثل آلة المهباش التراثية المعروفة. واول راديو ترانزستور دخل الى السجون الى جانب منحوتات تدخل في صلب الفن التشكيلي الرائع. حيث ينتصب مجسم قبة الصخرة الجميل الذي يشكل الاقصى والرموز الدينية الاسلامية والمسيحية هاجسا أعلى للاسرى .. وقد صنع من خرز وكرتون ودبق.. ووضعت هذه الاشكال الفنية على ارضية ملونة بالاحمر وكأنها موصولة بدرب من الدم المسفوح لتحقيق حرية شعب فلسطين.. وتحتل رسومات الكاريكاتير لدى الاسرى زاوية خاصة.. في يوم الاسير الفلسطيني الذي يصادف 17 نيسان من كل عام . ونثرت حجارة صلبة من حجارة شواطئء فلسطين البحرية والمائية التي مهما ضربت في الارض لا تنكسر في اشارة الى ارادة الاسرى الصلبة التي لن تنكسر تحت اي ظرف من الظروف ومهما اشتط السجانون في قمع وتعذيب الحركة الاسيرة الفلسطينية. كما نشاهد لوحات لفنانين فلسطينيين تستلهم عذابات الاسرى في داخل السجون حيث تشكل هذه الموضوعة جزء من المتحف مستوحى من الحياة الفنية في الاسر .. ونمعن النظر في لوحة فنية تجسد قبة الصخرة ، تم رسمها في سجن نابلس المركزي بتاريخ 3-1-1971 . ونشاهد نماذج من وحي الحركة الثقافية في السجون لدراسات وكتب بمثابة كنز حقيقي للشعب الفلسطيني لانها تشكل قاعدة بيانات للباحثين في موضوعة الحركة الاسيرة حيث انه كان شرف لجامعة القدس ان تكون سباقة في تبني مساق اكاديمي عن الحركة الاسيرة يدرس لطلبة الجامعة .. وستحذو حذوها الكلية العصرية في رام الله ثم جامعة النجاح الوطنية في نابلس وصولا الى كل الجامعات والمعاهد التعليمية في الوطن بعد ان قام المركز بالاتصال والتنسيق معهم وحثهم على ضرورة تدريس المساق الذي سيزودهم به المركز. كنز للشعب الفلسطيني ومن بين مشتقات هذه الثروة العلمية والبحثية التي هي كنز للشعب الفلسطيني .. المكتبة والارشيف حيث تمتلئ الصناديق ب 23 الف وثيقة مؤرشفة على شكل استمارة يدوية بحثية والكترونية.. تحوي كل المعلومات اللازمة.. اضافة الى ارشفة الصحف وكل ما يتعلق باخبار الاسرى وقضية ربط الاعمال الادبية بالفنية للاسرى ونبذة عن كل اسير على طريق توثيق ادب المعتقلين. وفي مكتب ابو الحاج.. امكننا مشاهدة جهاز الكمبيوتر الاول الذي تبرع به د. سري نسيبة عام 1985 للبدء في مشروعه الذي كان حلما وبات حقيقة ساطعة في سماء فلسطين يترصد كل سكنة من سكناته.. برج مراقبة وضعه المحتلون الاسرائيليون على تلة من تلال بلدة السواحرة المجاورة المصادرة تم اغتصابها بعد وضع الجدار العنصري العازل. كما شاهدنا ملفات محاكم وقرارات عسكرية خاصة بالحركة الاسيرة موضوعة في صناديق من الكرتون يجري ارشفتها اولا باول. وعلى وقع الحديث عن توأمة بين نادي الصحافة المقدسي ومقهى الكتاب الثقافي ومركز ابو جهاد .. انطلق صوت الفنانة نيفين الصاوي يصدح بالحرية لسجناء الحرية. |