وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

والدة الأسير نعيم الشوامرة: يا رب بدي ارتاح وأرى ابني قبل أن أموت

نشر بتاريخ: 28/01/2012 ( آخر تحديث: 28/01/2012 الساعة: 15:23 )
الخليل - معا - ظهر عليها الانهاك وكأنها قطعت رحلة طويلة جدا من عمرها ولم تصل الى هدفها، بكاؤها يوجع الجميع، وصوتها يزلزل القلوب والضمائر، ترفع صورة ولدها وتقول لك بدي ارتاح، بدي أشوف ابني قبل أن أموت.

هي وضحة محمود الشوامرة والدة الأسير نعيم يونس محمد الشوامرة والتي تبلغ من العمر الثمانين عاما، تجلس أمام الصليب الأحمر دائما وتراها في كل مظاهرة واعتصام، تحمل بين يديها صورة ابنها الأسير نعيم المحكوم بالسجن المؤبد تسعة عشر عاما .

الأم وضحة تعانق الأسرى الذين حرروا مؤخرا تحتضنهم بقوة كأنها تحتضن ابنها، تشم فيهم رائحة ولدها الغائب الذي لم تشمله صفقة التبادل، تسال عن ولدها الذي انتظرته طويلا، تبكي بحرقة وتسمعها تقول: والله حرام يصير فينا هيك، والله نفسي أشوف ابني قبل ما أموت، والله بقوم عن صلاة الفجر وبظل أدعي ربنا أن أشوف ابني خارج السجن، ودعيت ربنا يموتني عشان أتخلص من العذاب، انا بتعذب من 18 سنة، والله حرام هيك، يا رب بدي ارتاح.

كلمات الأم العجوز التي تسيل مع دموعها وصراخها تنهال الى عمق التراب وهي تزرع شجرة في حديقة الحرية للأسرى في مدينة دورا، تضع صورته على جذع الشجرة وتسقيها بدموعها، ترى فيه طفلا يانعا سيعود إليها، لا تستوعب أن يجف ابنها في ظلام السجون، لا تستوعب استمرار الحياة دون حريته وعودته إليها.

جميع من سمعها بكي بحرارة، تشد على يد كل مسؤول تقابله وتقول له: بدي أشوف الرئيس أبو مازن يروحلي ابني نعيم قبل ما أموت، بدي أقول له: هم أولادك لا تتركهم وحدهم في السجون، بدي أفرح زي كل الناس، بدي أزغرد وبكفي تعب وبهدلة على بوابات السجون، لم يبق من عمري شيء.

هي أم الأيتام، توفي والد نعيم وهو لازال طفلا مع خمسة أخوة صغار، كانت الأم والأب، القلقة والخائفة على أولادها، تبني لهم مستقبلهم وتحفر بأصابعها صخور الحياة حتى كبروا ، ليخطف الاحتلال ابنها نعيم فتنقلب حياتها رأسا على عقب، ويبدأ مشوار المعاناة الطويل الذي لم ينته منذ تسعة عشر عاما، وتسمعها تقول: أولادي أيتام... تركهم أبوهم قطع لحم، والله تعذبت كثيرا، وكنت أخاف عليهم، أمنيتي الوحيدة أن أشوف نعيم في بيته مع أولاده.

لم يفرج عن نعيم الشوامرة 43 عاما سكان دورا الخليل والمعتقل بتاريخ 14/3/1995 في صفقة تبادل الأسرى، وقد ترك وراءه طفله منجد بعمر 5 شهور عند اعتقاله، وكانت زوجته حامل منذ شهرين وأنجبت بنتا اسماها نداء وتبلغ من العمر الآن 18 سنة، وهي محرومة مع شقيقها من الزيارة.

أم نعيم مسكت وزير الأسرى عيسى قراقع خلال زيارته لمدينة دورا، وانهالت عليه بالأسئلة الساخنة والحارقة، أين ابني، أفرجوا عنه، انا لا أنام ولا أفكر بأي شيء سوى بعودته، لا تكسروني لقد أصبحت كبيرة في السن، ارحموني ، ارحموا أمكم ، فالأمهات هن السجينات ، ولا يوجد أعز من الأبناء ، كيف تناموا، كيف تعيشوا وأولادنا يتعذبون في سجون الاحتلال.

أسئلة كالمطر موجعة ومشبعة بالنار تهز طبقات السماء العليا، وتستدعي كل العالم على هذه الأرض ليسمعوا نداء أم الأسير الواقفة بين الحياة والممات لا تريد شيئا مستحيلا سوى أن نحق لها الرجاء والأمل بتحرير ولدها من غياهب سجون الاحتلال الظالمة.