وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

قلقيلية- أكاديميون ومثقفون يناقشون ظاهرة الصمت في المجتمعات

نشر بتاريخ: 28/01/2012 ( آخر تحديث: 28/01/2012 الساعة: 17:51 )
قلقيلية- معا- بمشاركة شخصيات أكاديمية ومثقفين فلسطينيين وناشطين من المجتمع المدني، نظمت جمعية منتدى المثقفين وبالتعاون شبكة أمين الإعلامية، حلقة نقاش حول ظاهرة الصمت في المجتمعات، وذلك في مقر جمعية منتدى المثقفين في قلقيلية.

حلقة النقاش تضمنت في قسمها الأول تعريف بفكرة النشاط قدّمها خالد جبر رئيس جمعية منتدى المثقفين، حيث أشار إلى أن حلقة النقاش تهدف إلى المساهمة في وصف وتحليل ظاهرة الصمت في المجتمعات، وأبعاد ومكنونات هذه الظاهرة وارتباطها بما يحدث من وقائع على الأرض أن كان ذلك على المستوى المحلي او العالمي، مرحبا بمعدّي أوراق العمل الخاصة بالحلقة المفكر د. يحيى جبر أستاذ اللغة العربية في جامعة النجاح، والناشط المجتمعي مؤيد عفانة الكاتب المتخصص في قضايا حقوق الإنسان، مضيفا بان حلقة النقاش هذه تأتي تتويجا لسلسلة المقالات الفكرية والاجتماعية لضيوف حلقة النقاش د. يحيى جبر و أ. مؤيد عفانة.

وتحدث د. يحيى جبر بمقدمة عن تعريف مفهوم الصمت في اللغة وفي الاصطلاح، موضحا بأن الصمت حالة تصيب الشعوب والمجتمعات حين يتفسخ المجتمع وتذوب أحلامه وطموحاته، ويفقد المجتمع والمواطن على حد سواء ثقته بنفسه، بحيث تصبح اهتمامات المجتمع بسيطة ودونية ولا ترتقي إلى القيم العليا، موضحا بأن الصمت على الظلم والفساد وانتكاس القيم حالة من حالات انحطاط القيم والأخلاق والمثل في المجتمعات.

وأشار د. جبر إلى أن الصمت قد يكون أحيانا عندما لا يكون هناك صدى للكلام، وبالتالي يفقد المتحدث الدافعية للكلام او المبادرة لحالة المجتمع الساكنة المستسلمة للواقع المفروض، واستعرض جبر تاريخ الشعب الفلسطيني المعاصر وروح الحيوية والتمرد في المجتمع والتي ذوت في الفترة الأخيرة، بحيث أصبحت اهتمامات المجتمع الفلسطيني تتمحور حول لقمة العيش، واختتم د. جبر مداخلته بنداء إلى صناع القرار في فلسطين بضرورة اجتراح خطة إستراتيجية لإعادة ثقة المجتمع بنفسه، وإعادة الأمل للمجتمع الفلسطيني بحياة أفضل كما يستحقها متسائلا : لماذا يجب على الشعب الفلسطيني أن يخيّر دائما بين ألمين؟.

أما الكاتب مؤيد عفانة فقد استعرض من خلال ورقة عمل تاريخ الشعوب والأمم التي ارتقت بقيمها الإنسانية وحققت العدالة الاجتماعية لمواطنيها، حيث كسرت هذه الأمم حاجز الصمت وتمردت على خوفها، ورفضت كل حالات القمع الفكري والاستغلال بكل صوره وأشكاله، ورفضت الظلم المجتمعي الممارس على الشرائح والفئات الأكثر ضعفا في المجتمع، وكسرت أغلال الخوف من حرية الرأي والتعبير، وهدمت عادات المجتمع البالية ومسلماته الاعتباطية والتي حولت المجتمع إلى مجتمع مسخ مشوّه الملامح والقيم، بحيث انحدرت طموحات المجتمع وآماله إلى درجات لا ترقى حسب نظريات علم النفس الاجتماعي إلا إلى الدرجات الدنيا، وهي الحاجات الفسيولوجية والغريزية.

وحذر عفانة من حالات استلاب القيم في المجتمع الفلسطيني، حيث أن ظاهرة الاستلاب هي ظاهرة خطيرة تهدد ترابط المجتمع ومنظومته القيمية على حد سواء، مشيرا إلى أن مؤشرات حالات الاستلاب القيميّي بدأت تبرز في المجتمع الفلسطيني من خلال حالات اختراق وعي الإنسان الفلسطيني بمعلومات غريبة ودخيلة ليمارس سلوكيات خارجة عن القيم تستحوذ على تفكيره فتجرده من قيمه العليا. إضافة إلى تراجع منظومة القيم والمثل العليا التي كان يفاخر بها العالم اجمع وإحلالها بقيم غريبة استلبت روح المجتمع الفلسطيني.

ودعا عفانة إلى التحرر من حالة الاستلاب القيمي هذه من خلال ردم الفجوة بين الإطار النظري للمنظومة القيميّة والسلوك القائم على الأنا الدنيا، والتركيز على احترام الذات والكينونة.

بدوره تحدث أستاذ علم الاجتماع معتصم قشوع بمداخلة علمية عن أسباب تمزق النسيج الاجتماعي الفلسطيني من خلال النكبات والأزمات التي تعرض لها منذ العام 1948، ومدى قدرة الشعب الفلسطيني على ترميم نفسه، مشددا على عمق الحديث في موضوع استلاب القيم في المجتمع الفلسطيني، محذرا من حالة من "شيزوفرينيا مجتمعية" ما بين القيم الفلسطينية الأصيلة والسلوك الممارس على الأرض، ودعا قشوع إلى استنهاض مكونات المجتمع الفلسطيني للحفاظ على منظومته القيميّة.

أما خالد طه مدير مكتب المجلس التشريعي فقد أوضح في مداخلته بأن الصمت هو حالة من حالات الجهل، او الجبن وعدم الثقة الذاتية بالقدرة على التغيير، مشددا على خطورة التعامل مع القيم كموروث تراثي فقط دون أن تكون موروث معاش.

وتحدث الناشط النقابي فيصل هندي بكلمة أوضح فيها حالة الاغتراب التي يعيشها المجتمع الفلسطيني نظرا لتراجع ثقته بقياداته، مشيرا إلى أهمية تلبية احتياجات المجتمع الأساسية للارتقاء إلى القيم المجتمعية الأكثر رقيا، موضحا أن التراكم الكمي سيؤدي بالضرورة إلى تغيير كيفي، ودعا هندي إلى أهمية توفير وتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب الفلسطيني كمتطلب سابق للارتقاء بالواقع الاقتصادي والتعليمي والقيمي.