وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تشريعي غزة يقدم مذكرة "قانونية" حول الجمع بين الرئاسة ورئاسة الحكومة

نشر بتاريخ: 08/02/2012 ( آخر تحديث: 08/02/2012 الساعة: 15:58 )
تشريعي غزة يقدم مذكرة "قانونية" حول الجمع بين الرئاسة ورئاسة الحكومة
غزة- معا- قدمت اللجنة القانونية للمجلس التشريعي في قطاع غزة مذكرة "قانونية" حول الجمع بين رئاسة السلطة الوطنية ورئاسة مجلس الوزراء.

وجاء نص المذكرة على النحو التالي:

بعد الإطلاع على القانون الأساسي لسنة 2002 وتعديلاته،
وعلى القانون الدستوري المقارن،

فقد خلصنا إلى التالي:
أولاً: خصوصية النظام السياسي الفلسطيني
يعتبر القانون الأساسي لسنة 2002 وما طرأ عليه من تعديلات المرجع الرئيس لتحديد هوية النظام السياسي الفلسطيني، وبتتبع التعديلات التي طرأت على القانون الأساسي نلاحظ أن القانون الأساسي لسنة 2002 نص على اختزال السلطة التنفيذية في شخص رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية استنادا إلى المادة (50) التي نصت على أن: "السلطة التنفيذية هي الأداة التنفيذية والإدارية العليا التي تضطلع بمسؤولية وضع البرنامج الذي تقره السلطة التشريعية موضع التنفيذ، ويتولاها رئيس السلطة الوطنية ومجلس الوزراء على النحو المبين في هذا القانون الأساسي".

إلا أن المشرع الدستوري سنة 2003 واستناداً للمادة (111) من القانون الأساسي التي تعطي المجلس التشريعي صلاحية تعديل القانون الأساسي بموافقة أغلبية ثلثي أعضائه، فقد رأى المجلس ضرورة تعديل القانون الأساسي وذلك باستحداث منصب رئيس الوزراء في السلطة الوطنية الفلسطينية وتحويل صلاحياته وكافة الضوابط القانونية والسياسية الناظمة لعمله، وتوضيح شكل العلاقة التي تربطه برئيس السلطة الوطنية الفلسطينية والسلطة التشريعية.

أما الباب الخامس بموجب التعديل والمتعلق بمجلس الوزراء فقد تضمن كيفية تشكيل الحكومة من قبل رئيس الوزراء وكيفية نيلها ثقة المجلس والصلاحيات الممنوحة لمجلس الوزراء ورئيسه، وشكل العلاقة ما بين رئيس الوزراء ورئيس السلطة الفلسطينية.

وبالتالي فإن تعديل القانون الأساسي لسنة 2003 أعاد صياغة النظام السياسي الفلسطيني من النظام الرئاسي المطلق إلى شبه نظام برلماني بحيث يأتي رئيس الوزراء من الأغلبية البرلمانية ويمتلك صلاحيات تنفيذية ممتازة.

ثانياً: استقلالية منصب رئيس السلطة عن منصب رئيس الوزراء هيكلياً ووظيفياً:
- يؤكد القانون الأساسي لسنة 2002 وتعديلاته على الفصل المطلق بين سلطة رئيس الوزراء ومنصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ، وقد تجلى ذلك في تخصيص القانون الأساسي الباب الثالث لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بينما تعلّق الباب الخامس بالسلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء وهو ما يعكس استقلالية المركزين على المستويين الهيكلي والوظيفي.

- أيضا من مظاهر استقلالية منصب رئيس السلطة الفلسطينية عن منصب رئاسة الوزراء ما نص عليه القانون الأساسي صراحة في المادة (63) بأن مجلس الوزراء (الحكومة) هو الأداة التنفيذية والإدارية العليا التي تضطلع بمسؤولية وضع البرنامج الذي تقره السلطة التشريعية موضع التنفيذ، وفيما عدا ما لرئيس السلطة الوطنية من اختصاصات تنفيذية يحددها القانون الأساسي، تكون الصلاحيات التنفيذية والإدارية من اختصاص مجلس الوزراء.
أي أن مجلس الوزراء هو الجهة المنوط بها ممارسة السلطة التنفيذية ولرئيس السلطة مهام تنفيذية محددة.

ثالثاً: إشكاليات دستورية في الجمع بين منصب رئيس الوزراء ومنصب رئيس السلطة:
1- التكليف:
استنادا إلى المادة (65) من القانون الأساسي يتولى رئيس السلطة تكليف رئيس الوزراء تشكيل الحكومة ومتابعة هذا التكليف.
" فور تكليفه من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يتولى رئيس الوزراء تشكيل حكومته خلال ثلاثة أسابيع من تاريخ اختياره" وبالتالي يثار التساؤل:(فهل سيكلف الرئيس نفسه برئاسة الحكومة ؟)

2- أداء اليمين:
نصت المادة (67) من القانون الأساسي على أداء رئيس الوزراء والوزراء اليمين الدستورية أمام رئيس السلطة الوطنية، وهذا يدفعنا إلى التساؤل (هل سيؤدي الرئيس اليمين أمام نفسه؟)

3- مسؤولية رئيس الوزراء:
إضافة إلى مسؤوليته أمام المجلس التشريعي، فقد نصت المادة (74) من القانون الأساسي على مسؤولية رئيس الوزراء والوزراء أمام رئيس السلطة الوطنية عن أعماله وعن أعمال حكومته فمن سيتولى محاسبة رئيس الوزراء عن أعمال حكومته في ظل الجمع بين الموقعين؟
4- الإحالة للتحقيق:
منحت المادة (75) من القانون الأساسي الحق لرئيس السلطة الوطنية في إحالة رئيس الوزراء إلى التحقيق فيما قد ينسب إليه من جرائم أثناء تأديته أعمال وظيفته أو بسببها وذلك وفقا لأحكام القانون، وفي هذه الحالة كيف سيكون الرئيس هو الخصم والحكم في هذه الحالة؟

5- حجب الثقة عن رئيس الوزراء :
نصت المادة (79) من القانون الأساسي أنه عند قيام المجلس التشريعي بالأغلبية المطلقة لأعضائه بحجب الثقة عن رئيس الوزراء، أو عنه وعن أعضاء حكومته مجتمعين يقدم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بديلاً خلال مهلة أقصاها أسبوعان تبدأ من تاريخ حجب الثقة وبالتالي سيكون المطلوب من الرئيس تقديم بديلاً عن نفسه في هذه الحالة؟

الخلاصة:

يُستخلص مما تقدم أعلاه ما يلي:
1- إن الجمع بين منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ومنصب رئيس الوزراء ينطوي على مخالفة دستورية، ويعتبر إنتهاكاً للتعديلات الدستورية لسنة 2003م.

2- إن الهدف الرئيس من تعديل القانون الأساسي لسنة 2003 هو استحداث منصب رئيس الوزراء لوقف احتكار رئيس السلطة للصلاحيات التنفيذية وبالتالي إقامة توازن في النظام السياسي الفلسطيني، وبالتالي فإن الجمع سيترتب عنه الخلط في السلطات.

3- إن العودة مجدداً إلى مسألة الجمع بين رئاسة السلطة ورئاسة مجلس الوزراء "تنسف" التعديلات التي جرت على القانون الأساسي في العام 2003 برمتها، وتفرغها من مضمونها، وتمس جوهر النظام السياسي الفلسطيني وتشوهه وتغير مساره من نظام مختلط مائل بقوة إلى النظام البرلماني إلى نظام مختلط مائل بقوة إلى النظام الرئاسي، وتضعف الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية (الحكومة) إلى حد كبير وخطير بناتج هذا الجمع بين المنصبين، بل إن هذا الجمع إذا ما تحقق فإنه يجعل التعديلات الدستورية التي جرت على القانون الأساسي عام 2003 فارغة من أي محتوى أو مضمون عندما يجري قراءتها في ظل هذا الجمع بين المنصبين.

4- إن عملية الجمع بين منصب رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس مجلس الوزراء تنسف التعديلات الدستورية التي جرت على القانون الأساسي الفلسطيني عام 2003 برمتها، وتجعلها أقرب إلى الأضحوكة في قراءتها، وتُسقط الهدف من وراء استحداث منصب رئيس الوزراء وتوضيح شكل العلاقة الدستورية بينه وبين رئيس السلطة الفلسطينية ورسم حدود الصلاحيات بينهما، وتشوه النظام السياسي الفلسطيني وتعيده إلى مرحلة ما قبل نقطة الصفر، وتُضعف إن لم تشل أدوات الرقابة البرلمانية على الحكومة في ظل الجمع بين منصب الرئيس غير المساءل والحكومة المساءلة على الأداء أمام البرلمان، وتؤدي إلى انعكاسات خطيرة على الحقوق والحريات التي تُعاني أساساً، وعلى احترام مبدأ سيادة القانون كأساس للحكم الصالح. باختصار شديد، إنها ستجعل النظام السياسي برمته، الذي تلقى أساساً ضربات موجعة خلال مرحلة الانقسام، في مهب الريح.

5- إن الجمع بين صلاحيات رئيس السلطة ومنصب رئيس الوزراء سيتمخض عنه العديد من الإشكاليات الدستورية والعملية باعتبار أن القانون الأساسي أرسى أحكاماً تبادلية بين الطرفين، سيتعذر القيام بها عند الجمع بين الموقعين.

6- أين دور المجلس التشريعي؟ ومن يملك إلغاء أو تعطيل أو تجاوز المجلس التشريعي الذي يمثل إرادة الشعب الفلسطيني.