|
"الغربان السود" اذ تُحلّق على ارتفاع منخفض!!
نشر بتاريخ: 09/02/2012 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:26 )
كتب ابراهيم ملحم-رغم انها ليست المرة الاولى التي يواجه فيها اي تقدم مهما كان طفيفا في ملف المصالحة ،بحملة انتقادات واسعة من قوى الشد العكسي المتمترسة في معسكراتها على جانبي الانقسام المعيب ،بهدف التقليل من شان الانجاز، وتبهيته، والتشكيك بماٌلاته،وتعكير الاجواء لابقاء الحال على ما هو عليه من تشظ ،وانقسام ، بما يعنيه ذلك من ثراء لقطاع الطرق، الذين يرون في المصالحة بيئة طاردة لاستثماراتهم وسطوتهم على سطح الانقسام وتحته.
الا انها المرة الاولى التي تُحلّق فيها "الغربان السود" على ارتفاع منخفض،لتنعق بالشؤم ،متطيرة من طي صفحة الانقسام، في انعطافة بدت مفاجئة لتلك القوى التي بلغت بها الجرأة حد الجهر بالقول رفضا لتلك الخطوة التي جاءت بتوافق بين اعلى مستوى قيادي في الفصيلين الكبيرين. وما يضاعف من غرابة الاعتراض استناد تلك القوى في حربها على " انعطافة الدوحة" الى" الانظمة" و"القوانين" و"التشريعات" التي تشكل بالنسبة لها "خطا احمر" لايجوز تجاوزه، وكأن القوانين والتشريعات تسوّغ انقسام الوطن شمالا وجنوبا ،دون ان يفطن "اصحاب الفطن" الى القاعدة الشرعية التي تقول بان "الضرورات تبيح المحظورات"على فرض ان جمع الرئيس -الزاهد والعازف عن تجديد ولايته- بين الرئاسة ورئاسة الوزراء محظور قانونيا .ذلك ان تجاوزا كهذا مطلوب ومبرور، طالما انه مرتبط بسقف زمني ،وبانجاز محدد لما فيه خير الوطن وتحرره، فايهما اكثر خرقا للقوانين والانظمة تولي مهمة هدفها جسر الفجوات ودرء المفاسد وجلب المنافع.. ام تكريس الانقسام واضاعة الاوطان في متاهة السجال على دستورية التصالح من عدمه ؟ !! لقد ازالت "انعطافة الدوحة" عقبة ظلت سببا في تاخير الاتفاق، واذكاء سجالات طالما سممت الاجواء ، لشهور طويلة خلت ،وهي عقبة تسمية رئيس الوزراء التي كان اجتيازها على النحو الذي تم التوافق عليه ،حلا ابداعيا نسلك به طريقا الى صناديق الاقتراع ،التي تقول كلمتها فيمن سيقع على كاهله حمل اثقال المرحلة المقبلة، من التحديات الجسام التي تتطلب الوقوف صفا واحدا حتى لو تطلب بلوغ هذا الهدف اجتياز الاشارة الحمراء، والانعطاف الحاد . من الان وحتى الثامن عشر من هذا الشهر وهو الموعد المضروب لتشكيل الحكومة الموحدة للوطن ستظهر الكثير من العقبات وتوضع المزيد من الالغام في طريق المصالحة بعضها شخصي بحت، والاخر يرتدي الثوب الدستوري وهو يستبطن الهوى الشخصي والانزعاج الفئوي . ونسي شيوخ" النصوص الدستورية المخترقة "ان الانقسام غير دستوري، وان رئيسي الحكومتين في الضفة والقطاع اللذين لم يحصلا على ثقة النواب غير دستوريين ،وان كل التشريعات والقوانين التي يعمل بها تحت وطاة الانقسام في الضفة والقطاع هي ايضا غير دستورية . ليس الدستور هو الذي يحكم حركات التحرر والشعوب الثائرة تحت الاحتلال، بل التوافق الوطني الذي يتشكل الدستور على اساسه، وفي فضائه وتحت املاءات تفاهماته،وتوافقاته..فلا المحاصصة الفصائلية دستورية، ولا الكوتة النسائية كذلك، بل هي توافقات املتها بيئة تحررية متقلبة، يتخلق في ثنايا ارباكاتها ،وتشعباتها،وحواف نتوءاتها الحادة نصوصا تدعى دستورية. فالديموقراطية هي حكم القيم ،والتفاهمات، والتوافقات لا حكم اغلبية تستبد بها لحظة عصبية طافحة بالشعارات والمصالح الفئوية ....الا تلاحظون ان دول الربيع تستعد لاعادة كتابة دساتيرها بتوافقات ثوارها بعد ان ظلت محكومة لعقود خلت باملاءات مستبديها !! |