وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فحوصات الـ DNA على الأسرى... الأبعاد القانونية والطبية والاجتماعية

نشر بتاريخ: 18/03/2012 ( آخر تحديث: 18/03/2012 الساعة: 13:57 )
رام الله- معا- سلطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على قرار حكومة إسرائيل وسلطات السجون بالشروع في إجراءات فحص الـDNA على المعتقلين الفلسطينيين الرازحين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والذي بدا تنفيذه بالقوة على الأسرى بعد رفضهم له.

واشار التقرير إلى مخاوف كثيرة تقف وراء هذا الإجراء الإسرائيلي وما يتركه من انعكاسات قانونية وطبية وأخلاقية واجتماعية، حيث دعت وزارة الأسرى إلى رفض هذه الفحوصات واعتبارها مخالفة لكافة الشرائع الإنسانية والدولية، وأنها رفعت التماس عاجل الى محكمة العدل العليا الإسرائيلية لوقفه.

موقف القانون الدولي:
المبادئ الدولية القانونية نصت على ان إجراء فحوصات الـDNA على الأسرى لا يجوز إجراؤها دون موافقة الأسير نفسه وبمحض إرادته ولغايات معروفة لدى الأسرى ولأسباب صحية وعلاجية، وهو ما نصت عليه مبادئ آداب مهنة الطب التي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول عام 1982 في المادة الثالثة التي تنص على انه " يمثل مخالفة لآداب مهنة الطب ان يتورط الموظفون الصحيون لا سيما الأطباء في أية علاقة مهنية مع السجناء أو المحتجزين لا يكون القصد منها مجرد تقييم أو حماية أو تحسين الصحة البدنية أو العقلية للسجين المحتجز".

وأكدت اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب على ذلك في المادة 13 من الاتفاقية والتي تنص على " عدم جواز تعريض أي أسير حرب للتشويه البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان مما لا تبرره المعالجة الطبية للأسير المعني أو لا يكون في مصلحته".

وذكرت مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن المقرة من الأمم المتحدة في كانون الأول عام 1988 في مادتها الـ22 على ان " لا يكون أي شخص محتجز أو مسجون حتى برضاه، عرضة لان تجري عليه أية تجارب طبية او علمية قد تكون ضارة بصحته أيضا ما ذكره الميثاق الإسلامي العالمي للأخلاقيات الطبية والصحية المعتمد من الأمم المتحدة في المادة 14 منه.

تكريس التعامل مع الأسرى كمجرمين:
إجراء فحوصات الـDNA على الأسرى بدأ بشكل سري منذ بداية عام 2012 من قبل أطباء إدارة السجون بأخذ عينات منهم وبدون علمهم، كما ذكرت القناة الثانية الإسرائيلية يوم 13/3/2012 مما يعني معرفة وإدراك الإسرائيليون ان هذا الإجراء غير قانوني.

في السنوات الأخيرة ثار جدل داخل دولة إسرائيل حول إنشاء بنك وطني لـDNA لكافة سكان إسرائيل وكذلك بنك وطني للبصمات، وقدمت حكومة اولمرت عام 2008 مشروع قانون للكنيست الإسرائيلي حول ذلك، ورفض مشروع القانون بشكل قاطع، واعتبر اعتداء على الحرية الشخصية للفرد.
أعضاء الكنيست الذين رفضوا المشروع في حينها ابدوا مخاوفاً حول وضع معلومات في يد الدولة التي يمكن ان تستخدمها لأغراض سلطوية تنتهك حقوق الأفراد، أو ان تقع هذه المعلومات وتتسرب لأيدي عصابات أو جهات غير مسؤولة.

وقد استمر هذا الجدل حتى تم تعديل قانون أصول المحاكمات الجنائية في إسرائيل عام 2011، أعطى هذا التعديل إمكانية للشرطة ولمصلحة السجون لإجراء فحوصات الـ DND على السجناء الجنائيين ضمن عدة شروط ومعايير حسب الوضع القانوني للسجين ونص على ان يطبق على السجناء داخل دولة إسرائيل.

ووفق القانون الإسرائيلي نفسه يتضح انه ساوى بين الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وما بين المجرمين الجنائيين الإسرائيليين، وهو ما يعد مخالفة للقانون الدولي ولاتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة.

كذلك نص القانون الإسرائيلي على سريان أحكامه على السجناء داخل حدود دولة إسرائيل حتى لو كانوا محكومين بالخارج، وان وجود الأسرى الفلسطينيين داخل دولة إسرائيل هو مخالفة صريحة وواضحة لاتفاقية جنيف الرابعة التي لا تجيز لسلطات الاحتلال نقل الأسرى إلى داخل حدود دولة الاحتلال، وما يبنى على باطل فهو باطل.

القانون الإسرائيلي نص وبشكل واضح ان فحوصات الـ DNA على الأشخاص الذي هم على ذمة التحقيق في قضية جنائية والهدف هو كشف جريمة ارتكبت، والتحقيق في الجرائم، وتشخيص الجثث، والبحث عن المفقودين، ولأغراض البحث العلمي.

ووفق القانون ايضاً إلزام الشرطة بإبلاغ الأسرى عن الهدف من أخذ عينات من أجسامهم، وان من حق الأسرى رفض ذلك، وفي حالة الرفض تستطيع الشرطة التوجه للمحكمة لأخذ قرار بإجراء الفحص، ولا يجوز استخدام القوة لأخذ الفحوصات ويتضح مما ذكر ان فحوصات الـ DNA تجرى على المجرمين والجنائيين، وان شمل الأسرى الفلسطينيين ضمن ذلك هو تكريس للمفهوم الإسرائيلي بالتعامل معهم كمجرمين وليسوا أسرى حرب ومقاتلو حرية، إضافة ان إجبار الأسرى على إجراء الفحوصات بالقوة يعد مخالفة قانونية وجريمة من الشخص الذي ارتكبها.

اعتداء على الخصوصية الشخصية:
فحوصات الـ DNA هي الشيفرة الوراثية أي البصمة الجينية لكل خلية من خلايا الإنسان، وعندما تجرى هذه الفحوصات يتم معرفة جنيات الشخص، أي التاريخ، والماضي وبالتالي تمثل مستقبل ماكياج الفرد العنصري والأنساب والتأثير على ماكياج الفرد الطبية والنفسية.

ويمكن استخدام عينات من الحمض النووي لتحديد هوية الأفراد وايضاً لإنتاج المعلومات في ما يتعلق بالأبوة والمسائل الشخصية الأخرى.

وحسب الأطباء فان سلبيات الفحص اكبر من ايجابيته والأهداف المنشودة منه، وقد تساعد على نشر الفتنة بين أبناء السلالات المختلفة من أبناء الوطن الواحد، وتعتبر جمع المعلومات عن أو أدلة بيولوجية التي تستخدم لإنتاج الحمض النووي وتخزينها في قواعد بيانات هو احد الأسباب التي جعلت النقاد يقولون أنها قد تهدد حقوق الخصوصية الفردية.

ومن هنا تتضح ان لهذا القرار الإسرائيلي أبعاد اجتماعية لا يحق لدولة الاحتلال التدخل فيها واستغلال الأسرى لأهداف غير مشروعة.

وقد حذر العلماء من مخاطر كثيرة حول هذه الفحوصات أو جمع المعلومات عن الهندسة الوراثية ومن هذه المحاذير ان الهندسة الوراثية قد تسفر عن توليد سلالات جديدة من المخلوقات الحية، وهذه السلالات يمكن ان تشكل خطراً على التوازن الحيوي في الأرض أو ان تكون سبباً لانتقال بعض الأمراض الخطيرة إلي الإنسان إذا ما زرعت فيه أعضاء حيوانية معدلة وراثياً.

ومن هنا تأتي مخاطر إجراء تجارب طبية على الأسرى من خلال هذه الفحوصات، أو بسرقة وزرع جينات أخرى لأغراض سياسية تستهدف الأسير، وخاصة من خلال زرع فيروسات وجراثيم في أجسامهم، وذلك بالسيطرة على مورثات الإنسان والتحكم فيها مما يعني أنها ستسيطر على إرادته وقد تهدد وجوده الإنساني.