وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الأسير حطاب: حق الأسرى اكتساب مركز أسرى الحرب في ضوء القانون الدولي

نشر بتاريخ: 19/03/2012 ( آخر تحديث: 20/03/2012 الساعة: 10:10 )
رام الله- معا- سلطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على موقع الأسرى الفلسطينيين ومكانتهم القانونية والشرعية وفق القواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني والقرارات والاتفاقيات الدولية، ومطالبة الأسرى الاعتراف بهم كأسرى حرب ومقاتلين شرعيين رافضين استمرار التعامل معهم كمجرمين وإرهابيين وفق قوانين حربية وعسكرية إسرائيلية لا تلتزم بالقوانين والاتفاقيات الدولية.

الأسير كفاح حطاب يطلق صرخة:
على الرغم من المطالبات الكثيرة من قبل مؤسسات حقوق الإنسان بضرورة إلزام دولة الاحتلال بالاعتراف بانطباق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة على الأسرى والتعامل معهم كأسرى حرب والاعتراف بحقوقهم السياسية والإنسانية، إلا انه لم يحدث أي تحرك ملموس على هذا الصعيد لإجبار دولة الاحتلال على الالتزام بذلك.

وقد بدأ الأسير الفلسطيني كفاح محمد حطاب، سكان طولكرم 51 عام المحكوم بالسجن المؤبد، وهو مهندس طيران وعمل في الطيران الفلسطيني والمعتقل بتاريخ 4/6/2003 شرع في إضراب مفتوح عن الطعام منذ أكثر من عشرين يوماً مطالباً الاعتراف به كأسير حرب، ورافضاً ارتداء ملابس إدارة السجون، والوقوف على العدد، أو أي نوع من الزيارات سواء للأهل أو العيادة وهو في ملابس إدارة السجون.

الأسير كفاح يعتبر أول أسير فلسطيني منذ عام 1967 يطرح هذا المطلب القانوني، فهو لا يطالب بتحسين الأوضاع المعيشية داخل السجن، ولا بالإفراج، وإنما يطالب بالاعتراف به كأسير حرب له مكانة قانونية وشرعية وحقوق وفق القوانين الدولية.

إدارة سجون الاحتلال تعاملت مع هذا المطلب بقلق بالغ وشديد، وشعرت بخطورته إذا ما اتسع وأصبح مطلباً عاماً وجماعياً، لهذا قامت بفرض عقوبات صارمة على الأسير كفاح وزجه في الزنازين وفرضت عليه غرامات باهظة، حيث يغرم 250 شيكل كل مرة يرفض فيها الوقوف على العدد اليومي.

كفاح حطاب خاض هذه المعركة مرتين الأولى يوم 17/4/2011 واستمر إضرابه لمدة 15 يوم، والمرة الثانية بدأها منذ 1/3/2012 ولا زال مضرباً منذ شروعه في هذه الخطوة، وهو بهذه الخطوة الجريئة يفتح ملفاً هاماً له أبعاد إستراتيجية على مستقبل الأسرى وطريقة التعامل معهم، ويوجه رسالة إلى كافة مكونات المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان والدول الراعية لاتفاقيات جنيف بضرورة التحرك وإلزام دولة الاحتلال الاعتراف بالأسرى الفلسطينيين كأسرى حرب ووقف انتهاكاتها وممارساتها المتناقضة مع مبادئ حقوق الإنسان.

مشروعية مقاومة الاحتلال:
لا شك في كون الاحتلال الحربي، ومهما كانت طبيعته وأسبابه يتلازم مع ممارسات تنعكس سلبياً على جميع الخاضعين له بكافة جوانب ومجالات حياتهم، إضافة لكون الاحتلال وبغض النظر عن ممارساته يتعارض وتطلعات السكان وامانيهم الوطنية وعاطفة ولائهم لوطنهم، مما يؤدي ومهما طال أمده إلى قيام السكان واندفاعهم في مقاومة هذا الاحتلال لإزالته كحائل بينهم وبين ممارسة حقهم المشروع في تقرير المصير بمختلف جوانبه.

واستناداً على نصوص وأحكام اتفاقيات جنيف الأربع بوجه عام والاتفاقية الرابعة بوجه خاص وعلى أحكام ومبادئ القانون الدولي، فإنها جميعاً لا تلزم سكان الأراضي المحتلة بطاعة المحتل، كون الاحتلال الحربي غير مشروع ويعتبر مظهراً من مظاهر انتهاك الدول لالتزامها الدولي بحظر استخدام القوة والتهديد باستخدامها.

وقد أجازت نصوص اتفاقيات جنيف لسكان الأراضي المحتلة بحق المقاومة والثورة والبغت على القائمين بها الحماية القانونية.

ويرى الفقيه القانوني (وستليك) ان لسكان الأراضي المحتلة الحق في الثورة ولهم حال انتفاضتهم الحق في اكتساب مركز المحارب القانوني، مستنداً بذلك لمضمون اتفاقية لاهاي لعام 1907.

ويؤكد فقهاء قانونيون آخرون مشروعية ثورة سكان الأراضي المحتلة بالاستناد إلى حق الدفاع الشرعي عن النفس، وحقها مستمر طالما بقي الاحتلال، ويرى الفقيه القانوني (ترينين) على حق ومشروعية قيام السكان ومقاومتهم للمحتل مع رفضه لكافة الشروط القانونية التي تتعارض مع ممارسة السكان لحقهم المشروع في المقاومة، واكتسابهم لمركز المحارب القانوني، والتمتع بوضع أسرى الحرب حال الوقوع في قبضة المحتل، وهذا هو الاتجاه الغالب على صعيد الفقه الدولي.

ولا شك ان للفلسطينيين حقاً مشروعاً في مقاومة المحتل الإسرائيلي والنضال في سبيل تقرير المصير، ولهم حقاً مشروعاً في التمتع بحماية قواعد القانون الدولي، ومن ثم لهم حق اكتساب مركز أسرى الحرب حال وقوعهم في قبضة المحتل.

الأسرى الفلسطينيون ومركزهم القانوني كأسرى حرب:
تستمد أي مقاومة أو هبة فلسطينية ضد المحتل الإسرائيلي مشروعيتها القانونية من حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذا دون شك لكونها إحدى الوسائل والأساليب التي لجأ إليها الشعب الفلسطيني في مقاومة وإزالة الاحتلال الإسرائيلي كطرف حائل بينه وبين الممارسة الميدانية بارادة حرة لحقه المشروع بتقرير مصيره، وأيضا من حق الدفاع الشرعي عن النفس وذلك بوصفها إحدى مظاهر مقاومة السكان ومواجهتهم للعدوان المسلح والاستيطاني غير المشروع الذي شنته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 والمستمر حتى الآن.

ومن هذا المنطلق فان استخدام إسرائيل للقوة على وجه مغاير ومخالف لالتزاماتها الدولية وأيضا كأداة ووسيلة لإنكار وتغييب حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتكريس احتلالها لأراضيه، قد اوجد بلا شك الأساس والسند القانوني لإضفاء المشروعية على حق الفلسطينيين في المقاومة، وبما يتوافق مع قرارات الأمم المتحدة وخاصة قرار 2787 لعام 1971 الذي استند إلى شرعية نضال الشعوب في سبيل تقرير المصير والتحرر من الاستعمار والتسلط والاستعباد الأجنبي.

وفي ذات السياق جاء قرار الجمعية العام 3236 الذي ينص (ان الجمعية العامة تعترف بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.).

ومن أهم القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة في هذا الشأن القرار 3621 المؤرخ في 12 أكتوبر 1970 الذي أكد على حق الشعوب المستعمرة الأصيل في الكفاح بكل الطرق الضرورية في متناولها ضد الدول الاستعمارية التي تقمع تطلعاتها إلى الحرية والاستقلال.

وقد توالت قرارات أممية كثيرة تدعم هذا الحق وتؤكد دعم الجمعية العامة لحركات التحرر الوطني واستقلال وتحرر الشعوب من الاحتلال.
ان قرارات الأمم المتحدة سواء ما تعلق منها بحق الشعوب في تقرير مصيرها بوجه عام أو ما يتعلق منها بالشعب الفلسطيني، أجازت للشعب الفلسطيني بحق ومشروعية مقاومته ورفضه للاحتلال للوصول إلى حق تقرير مصيره.

ومن هنا فان الأسرى الفلسطينيين الذين قاوموا الاحتلال وتم اعتقالهم لهم حق مشروع في التمتع بحماية القانون الدولي واكتساب صفة أسرى الحرب.

التوجه لمحكمة لاهاي:
نظراً لأهمية هذا الموضوع، وان مقاومة الفلسطينيين قد تطول وتتواصل جراء التعنت الإسرائيلي على عدم الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وعدم الاعتراف بانطباق اتفاقيات جنيف على الأراضي المحتلة، وضرب بعرض الحائط لفتوى محكمة لاهاي الدولية حول الجدار التي أكدت على انطباق اتفاقيات جنيف على الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرار التعاطي مع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية كجنائيين ومجرمين وتطبيق إجراءات وقوانين عسكرية إسرائيلية عليهم وانتهاك حقوقهم السياسية وكرامتهم الإنسانية، تبلورت رؤية التوجه إلى محكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة لمطالبتها بإصدار فتوى قانونية حول الوضع القانوني للأسير الفلسطيني.

وزارة الأسرى أجرت مشاورات قانونية عديدة بهذا الصدد مع خبراء قانونيين ومختصين، وبلورة فريق من مؤسسات حقوق الإنسان للعمل المشترك من اجل ذلك، وطرح الموضوع أمام مؤتمرات ولقاءات إقليمية ودولية وصدرت قرارات من الجامعة العربية داعمة لهذا التوجه عام 2009 وعام 2010، وحددت بصدد ذلك مجموعة من الأهداف هي:

1-ستشكل الفتوى فرصة جيدة للضغط على المجتمع الدولي لعقد مؤتمر للدول الأطراف باتفاقيات جنيف الأربع لبحث موضوع المعتقلين الفلسطينيين وحقوقهم وطبيعة الالتزامات الناشئة على عاتق المحتل الإسرائيلي بشأنهم، ودور والتزامات الدول الأطراف بمواجهة الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية لحقوق المعتقلين.
2.تفعيل حضور موضوع المعتقلين على صعيد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
3.قد تشكل الفتوى فرصة لرفع دعاوى قانونية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية أمام المحاكم الداخلية للدول التي قبلت بفتح ولايتها القضائية أمام هذه القضايا.