|
1.6مليون غزي محرومون من إمدادات الوقود والكهرباء والماء والنقل والغاز
نشر بتاريخ: 21/03/2012 ( آخر تحديث: 21/03/2012 الساعة: 17:24 )
غزة- معا- للشهر الثاني على التوالي يعيش سكان القطاع المدنيون أوضاعاً كارثية بسبب استمرار أزمة الوقود والكهرباء، وجراء ذلك تزداد الأوضاع الإنسانية تردياً وتفاقماً، وتتعاظم معاناة نحو 1.6 مليون فلسطيني يقطنون قطاع غزة. وتستمر معاناة هؤلاء السكان جراء حرمانهم من التمتع بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقد أصبح الهم الأساسي لكافة السكان البحث عن وسائل بدائية للحصول على احتياجاتهم الإنسانية الأساسية، بما فيها خدمات الصحة، خدمات صحة البيئة، خدمات مياه الشرب، خدمات الصرف الصحي، الحصول على غاز الطهي، الوصول إلى المرافق التعليمية، وخدمات النقل والمواصلات، حيث بات الحصول على مثل هذه الخدمات بالنسبة لهم يمثل مهمة صعبة ومعقدة، ويكبدهم أعباء مالية مضاعفة لا يستطيعون توفيرها. ووفقاً لمتابعة المركز الفلسطيني لحقوق الانسان ، فقد بدأت هذه الأزمات بالظهور، بعد أكثر من شهر على توقف إمدادات الوقود للقطاع، حيث أصبحت مدن القطاع أشبه بمدن أشباح بسبب انقطاع التيار الكهربائي معظم ساعات النهار والليل، والنفاد المتكرر لمياه الشرب عن منازل المواطنين بسبب عدم وجود تيار كهرباء لضخ المياه إلى الشقق السكنية المرتفعة، أو بسبب الصعوبات التي تواجهها مصلحة مياه بلديات الساحل في تشغيل آبار المياه وتوصيلها إلى المنازل، علاوة على المخاطر الناتجة عن عدم القدرة على التصرف بالمياه العادمة المتجمعة في أحواض المياه العادمة، أو عدم معالجتها قبل ضخها إلى البحر، بما يمثل ذلك من أخطار محدقة على الحياة البحرية وعلى حياة المصطافين من سكان القطاع. كما تشهد جميع محافظات قطاع غزة أزمة مواصلات خانقة، وخاصة في أوقات الصباح (بالتزامن مع موعد ذهاب الطلاب إلى المدارس والجامعات والموظفين إلى العمل) وبعد الظهر (موعد انصراف الفئات سابقة الذكر)، علاوة على التوقف شبه الكلي لحركة المواصلات في الليل. وتستمر الأوضاع في التدهور في ظل تقاعس الجهات ذات العلاقة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه سكان القطاع، والتي تتمثل في القيام بخطوات عملية، وبذل كافة الجهود التي تكفل التدفق الفوري للوقود والمحروقات إلى القطاع، واتخاذ كافة التدابير اللازمة، بما في ذلك الخطوات العملية لبدء التنسيق الجدي والفعال بين سلطتي الطاقة في كل من غزة ورام الله، بما يكفل التوريد العاجل للوقود إلى محطة توليد الكهرباء بغزة، وتجنيب السكان المزيد من المعاناة والتدهور، حيث أن استمرار معالجة أزمة الوقود والكهرباء بالطريقة الحالية يعبر عن فشل ذريع للأطراف المشرفة على قطاع الطاقة في قطاع غزة. و يرصد هذا التقرير الخاص الصادر عن المركز الفلسطيني تطورات الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة خلال الشهر الأخير، والناجمة عن استمرار النقص الشديد في إمدادات الوقود الضروري لاستمرار كافة مرافق الخدمات الأساسية لتسيير حياة السكان المدنيين في قطاع غزة (السولار اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء، السولار، البنزين والغاز الطبيعي). كما يرصد هذا التقرير أثر توقف امدادات الوقود والمحروقات على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للسكان المدنيين، بما في ذلك حقوق الفلسطينيين في التمتع بمستوى معيشي ملائم، حقهم في الحصول على خدمات الصحة، خدمات صحة البيئة، خدمات مياه الشرب، خدمات الصرف الصحي، الحصول على غاز الطهي، الوصول إلى المرافق التعليمية، وخدمات النقل والمواصلات. جذور الأزمة وتطورها قررت الحكومة المقالة في قطاع غزة منذ شهر يناير 2011، وقف استيراد الوقود الصناعي من إسرائيل، كما فضل أصحاب محطات الوقود كذلك التوقف عن استيراد السولار والبنزين من إسرائيل، وذلك نتيجة لعدم ثبات إمدادات الوقود جراء الإغلاق المتكرر لمعابر القطاع وارتفاع أسعاره. علاوة على ذلك استخدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الوقود كأداة للعقاب الجماعي الذي تمارسه ضد سكان قطاع غزة، عبر سياسة الحصار المفروض على حركة وتنقل سكانه، وعلى حركة التجارة، حيث قررت سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي تقنين كميات الوقود والمحروقات التي كانت تورد إلى القطاع في نوفمبر من العام 2007. ومنذ ذلك الحين يعتمد قطاع غزة بشكل أساسي على إمدادات الوقود التي تورد إليه عبر الأنفاق، الواقعة في مدينة رفح على الحدود المصرية الفلسطينية. ومنذ منتصف شهر فبراير الماضي بدأت أزمة تدفق الوقود إلى قطاع غزة، بسبب قرار السلطات المصرية بوقف تجارة الوقود عبر الانفاق، وإعلانها استعدادها لتزويد القطاع بالوقود عبر المعابر الرسمية، وبالأسعار العالمية. وقد أعلنت الحكومة المصرية في حينه أن الوقود الذي يهرب عبر الأنفاق الى قطاع غزة هو وقود مدعوم مالياً، ومخصص للمصريين فقط، وتسبب توريد كميات كبيره منه إلى القطاع في حدوث أزمة وقود في مصر. ومنذ ذلك الوقت أعلنت كل من سلطتي الطاقة في كل من رام الله وغزة، كل على حده، ومن دون تنسيق بينهما، ووسط مناكفات سياسية، بإجراء جولات من المفاوضات مع السلطات المصرية أفضت إلى اتفاق على حل مشكلة توريد الوقود المخصص لتشغيل محطة توليد الكهرباء بغزة، وحل أزمة الكهرباء على ثلاثة مراحل. وفي نفس السياق، أعلنت السلطات المصرية إلى توصلها إلى اتفاق مع السلطة الفلسطينية لحل تلك الأزمة تستند إلى توريد الوقود لمحطة كهرباء غزة عبر المعابر الرسمية، وبالأسعار الدولية. ولم يفض هذا الاتفاق حتى هذه اللحظة إلى أية نتائج ملموسة تسمح بإعادة توريد الوقود إلى القطاع، وتخفف المعاناة التي أثقلت كاهل المواطنين في القطاع. سلطتا طاقة دون تنسيق وفي تطور جديد أعلنت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة، على موقعها الالكتروني، عن دفعها مبلغ 2 مليون دولار أمريكي، كدفعة مقدمة عن ثمن الوقود المصري، إلى هيئة البترول المصرية. غير أنه لم يتم توريد أية كميات من الوقود إلى محطة توليد الكهرباء في غزة حتى لحظة كتابة هذا التقرير. وقد اتهم د. محمد عسقول، أمين عام مجلس الوزراء في حكومة غزة المقالة ، المخابرات المصرية بعرقلة التوصل إلى اتفاق لتوريد الوقود من مصر إلى القطاع عبر معبر رفح الحدودي. وقد كشف المهندس كنعان عبيد، رئيس سلطة الطاقة بغزة، اليوم في تصريحات نشرها الموقع الالكتروني لصحيفة الرسالة بغزة، أن المخابرات المصرية أحبطت الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع هيئة الطاقة والبترول في مصر لتزويد القطاع بالوقود. وأوضح عبيد أن هذه الخطوة غير المسؤولة تهدف إلى إرغام الفلسطينيين على إدخال الوقود عبر المعابر التي يديرها الاحتلال، وتحديداً معبر كرم أبو سالم. في المقابل، أوضح ياسر عثمان، السفير المصري لدى السلطة الفلسطينية، في تصريحات صحفية نقلتها جريدة الأهرام المصرية، بتاريخ 20/3/2012، أن أزمة المحروقات في قطاع غزة تنقسم إلي قسمين: الأول وهو الأمر المستعجل، وهو إدخال السولار اللازم لمحطة الكهرباء لتشغيلها، والثاني وهو مشاريع الكهرباء المشتركة بين مصر وقطاع غزة من خلال ما يعرف بالربط الثماني. ونوه السفير المصري لدى السلطة الفلسطينية إلي أن مصر تعاني أساساً من أزمة في السولار، وتواجه عجزاً بنسبة 30%، وأن هناك محافظات مصرية تعاني بشكل كبير من نقص المحروقات في الوقت الذي يتم فيه تهريب الكميات إلي قطاع غزة والعديد من الدول علي الحدود المصرية. وأضاف السفير المصري أن قطاع غزة يحتاج حسب إعلان الجهات المعنية بالمحروقات فيها من 35 إلى 40 مليون لتر شهرياً من المحروقات، من بينها 15 مليون لتر لمحطة الكهرباء، أي أكثر من إستهلاك خمس محافظات مصرية، مؤكدا أن مصر وضعت أكثر من مليار دولار لحل أزمة المحروقات للإحتياج الداخلي ولقطاع غزة، وشدد السفير المصري على أن مصر لن تقصر في حل أي مشكلة تواجه القطاع، وتضع في حسبانها عند توقيع أي اتفاقيات للمحروقات أن قطاع غزة يحتاج، وأن احتياجه هو ضمن الإحتياج المصري. وبتاريخ 16/3/2012 نفذت كافة كميات الوقود من جميع محطات التوزيع، والبالغ عددها 145 محطة في محافظات غزة، وذلك بعد التوقف النهائي عن توريد أية كميات من الوقود والمحروقات عبر الانفاق. وقد أفاد محمود الشوا، رئيس جمعية أصحاب محطات البترول والغاز في قطاع غزة، أن الكميات المحدودة التي كان يتم تهريبها عبر الانفاق خلال الفترات الاولى للازمة قد توقفت نهائياً، وان جميع المحطات العاملة في القطاع باتت شبه مغلقة. انقطاع التيار الكهربائي 16 ساعة يوميا. قطاع الكهرباء ما يزال سكان قطاع غزة يعانون منذ أكثر من شهر انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، تصل إلى 16 ساعة يومياً، وذلك منذ أن أعلنت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة بتاريخ 14/2/2012 عن توقف محطة توليد الكهرباء في غزة عن العمل كلياً. وعزت سلطة الطاقة في حينه توقف محطة التوليد إلى شح إمدادات الوقود الواردة إلى قطاع غزة، ونفاذ الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، بفعل ما أسمته بالإجراءات المتعمدة لمنع وصول الوقود إلى غزة. وتشير المعطيات الحالية إلى أن مصادر الطاقة الكهربائية المتوفرة حالياً لدى شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة هي كما يلي: 142 ميجا وات، من بينها 120 ميجا وات يتم استيرادها من إسرائيل، أي ما نسبته 84.5% من الكهرباء المتوفرة حالياً، و 22 ميجا وات يتم استيرادها من مصر. ويحتاج قطاع غزة إلى نحو 360 ميجا وات لتغطية كافة احتياجاته من الكهرباء. وفور توقف محطة التوليد عن العمل، أعلنت شركة توزيع الكهرباء في محافظات غزة ارتفاع نسبة العجز إلى نحو 70% من احتياجات الكهرباء اليومية للقطاع، وقالت أنها تواجه تحديات وصعوبات كبيرة وغير مسبوقة. وأضاف البيان الصادر عنها بتاريخ 14/2/2012، أن الشركة ستواجه تعقيدات فنية كبيرة في توزيع الطاقة على جمهور المستهلكين، مؤكدةً أن امدادت الكهرباء لكافة المناطق في ظل استمرار توقف المحطة عن العمل سيتمثل في ست ساعات يومياً فقط في مقابل قطع التيار الكهربائي لمدة 12 ساعة متواصلة. وقد مست أزمة الكهرباء كافة الخدمات الحيوية للسكان المدنيين في مدن قطاع غزة، وسط أجواء البرد القارس الذي اجتاح القطاع خلال الاسابيع الماضية، التي عادة ما تشهد زيادة في استخدام الكهرباء، وخاصة من أجل التدفئة في أوقات البرد. أثار بيئية وصحية خطيرة وبات معظم السكان المدنيون في قطاع غزة يعتمدون في تعويض النقص الخطير في إمدادات الكهرباء على شراء مولدات كهرباء، نهرب عبر الأنفاق مع جمهورية مصر العربية. وتفتقر تلك المولدات إلى أي شكل من أشكال الرقابة عليها من حيث جودتها وملائمتها معايير السلامة والوقاية، ما خلف آثاراً بيئية خطيرة على صحة السكان الذين يضطرون إلى استخدام تلك المولدات داخل منازلهم. وتسبب تلك المولدات ضوضاء كبيرة في الأحياء السكنية والشوارع التجارية في مدن القطاع المختلفة، وقد أدت إلى سقوط العديد من الضحايا بين صفوف السكان خلال السنوات الماضية، حيث توفي نحو 10 مواطنين خلال السنوات الماضية جراء اشتعال النيران الناجمة عن استخدامها في العديد من المنازل، أو جراء انبعاث الغازات العادمة منها، كما أصيب العشرات من المواطنين خلال تلك الحوادث. وخلال تلك الأزمة أضيفت معاناة جديدة للسكان، تحملوا خلالها عبء البحث عن مصادر الوقود لتشغيل تلك المولدات، والذي اختفى تماماً من محطات توزيع الوقود والمحروقات في كافة محافظات القطاع. وفي الحالات التي تمكن فيها المواطنون من الحصول على كميات من الوقود لتشغيل المولدات، وتعويض النقص الخطير في الكهرباء، اضطروا إلى دفع أسعار مضاعفة ثمناً. قطاع الصحة- 80% من المرضي مهددون أكدت وزارة الصحة في الحكومة المقالة غزة أنها تعاني أزمة حقيقية جراء توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل، خاصة أنها تعاني من نقص حاد في مخزونها من مادة السولار اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات والعيادات الصحية ومراكز الرعاية الأولية في ظل انقطاع الكهرباء. وأكد د. أشرف القدرة، الناطق باسم الوزارة، أن أكثر من 80% من مرضى قطاع غزة مهددون بتفاقم وضعهم الصحي جراء زيادة عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي وتدهور المخزون الاستراتيجي من السولار المخصص لتشغيل المولدات الكهربائية الموجودة في المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية. كما حذر د. القدرة من كارثة صحية ستطال كافة المرضى في الأقسام الحيوية في المستشفيات بشكل مباشر، والتي تعتمد برتوكولاتهم العلاجية على استمرار التيار الكهربائي المرتبط بالأجهزة الطبية، لاسيما الأطفال الخدج في أقسام الحضانة، حيث يرقد أكثر من 100 طفل، وأكثر من 400 مريض فشل كلوي، من بينهم 15 طفلاً يحتاجون جلسات غسيل الكلى مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، و 66 مريضاً يرقدون حالياً في غرف العناية الفائقة. وأضاف أن 39 غرفة عمليات في مشافي القطاع ستتوقف بالكامل عن العمل، عدا عن توقف أقسام الاستقبال، الطوارئ، النساء والتوليد والمختبرات والأشعة التشخيصية في كافة مستشفيات القطاع في حال استمرت الأزمة. وقد أفاد المهندس بسام علي الحمادين، مدير قسم الهندسة والصيانة في مستشفى الشفاء، أن أكثر المرضى المعرضين للخطر نتيجة أزمة الوقود والكهرباء هم أولئك الذين يخضعون للعلاج في وحدة العناية المركزة، الأطفال في الحضانات، مرضى الفشل الكلوي والمرضى الذين هم بحاجة إلى عمليات جراحية. وأضاف أن دائرته تواجه أشكالاً متعددة من الخسارة بسبب أزمة الكهرباء، حيث تعطلت خلال الأسبوعين الماضيين مولدات كهربائية تعتمد عليها ست عيادات صحية مركزية في قطاع غزة لأن المولدات غير مهيأة للعمل لفترات زمنية طويلة، وهي مصنعة لحالات الطوارئ فقط ولفترة زمنية محدودة. بدوره، أفاد الدكتور كمال أبو عيادة، نائب مدير وحدة العناية المركزة في مستشفى الشفاء، أن النقص الحاد في إمدادات الوقود والكهرباء، يجبر وزارة الصحة على إعلان حالة الطوارئ، مثلما حدث في شهر فبراير الماضي. وخلال حالة الطوارئ يتم تعليق كافة العمليات الجراحية باستثناء العمليات الطارئة. كما يتم وقف المكيفات (التبريد والتدفئة) وتقليص خدمات تنقية المياه والغسيل، ما يترتب عليه آثار واضحة على مستوى النظافة والصحة. وأضاف د. أبو عيادة أن أجهزة مراقبة القلب وضغط الدم تتوقف عن عملها عند انقطاع التيار الكهربائي، حيث تتعطل المجسات الداخلية في الأجهزة الطبية نتيجة انقطاع الكهرباء، الأمر الذي يؤدي إلى اضطراب عمل أجهزة الإنذار، وهو ما يؤدي إلى عدم القدرة على تشخيص حالة المريض بشكل صحيح. قطاع النقل المواصلات- نفاد الوقود من كافة محطات البترول تشهد جميع محافظات قطاع غزة أزمة مواصلات خانقة، جراء نفاذ جميع أنواع المحروقات من كافة شركات البترول ومحطات الوقود البالغ عددها 145 محطة. وانعكس ذلك على حركة النقل والمواصلات، بما فيها المركبات العامة والخاصة بين المحافظات والمواصلات الداخلية، وخاصة في أوقات الصباح (بالتزامن مع موعد ذهاب الطلاب إلى المدارس والجامعات والموظفين إلى العمل)، وبعد الظهر (موعد انصراف الفئات سابقة الذكر)، علاوة على التوقف شبه الكلي لحركة المواصلات في ساعات الليل. وبات السكان يتكبدون معاناة إضافية بسبب أوقات الانتظار الطويلة، الناجمة عن توقف مئات المركبات عن العمل. كما اضطر المئات من الأطفال طلبة المدارس إلى السير مسافات طويلة من أجل الوصول إلى مقاعدهم الدراسية. كما يتكبد السكان معاناة مماثلة في الوصول إلى المراكز الصحية والمستشفيات للحصول على الرعاية الطبية اللازمة لهم. ووفقاً للإفادات التي جمعها باحث المركز من العديد من سائقي المركبات العمومية، يعاني هؤلاء مصاعب كبيرة من أجل الحصول على كميات محدودة من الوقود اللازم لسير مركباتهم، فضلاً عن قضائهم أوقات طويلة في البحث عن الوقود. وقد اضطر هؤلاء السائقون إلى تقليص ساعات عملهم إلى أوقات الذروة فقط، والتوقف عن العمل في ساعات الليل بسبب النقص الخطير في الوقود والمحروقات. وأفاد سائقون آخرون أنهم توقفوا عن العمل كلياً بسبب عدم قدرتهم على الحصول على أية كميات تمكنهم من العمل، ولو لساعات محدودة. غاز الطهي شهد قطاع غزة خلال الشهر الماضي نقصاً كبيراً في غاز الطهي بسبب تقليص سلطات الاحتلال الإسرائيلي لكميات الغاز التي سمحت بدخولها إلى القطاع متذرعةً بأعمال الصيانة في الخطوط الناقلة للغاز في معبر كرم أبو سالم التجاري، وموجة البرد التي تمر بها البلاد، والتي أدت إلى تجمد الغاز في خطوط النقل، وصعوبة نقله. ووفقاً لما أفاد به محمود الشوا، رئيس جمعية أصحاب محطات البترول والغاز في قطاع غزة فإن الأزمة بدأت بالظهور عندما قلصت سلطات الاحتلال كمية الغاز التي سمحت بتوريدها إلى قطاع غزة خلال الشهر الماضي، بحيث كانت تسمح بدخول من 40-60 طن فقط يومياً، في حين تبلغ الاحتياجات اليومية لسكان القطاع 200 طن يومياً، وهو ما خلق عجز يفوق الـ 75% من احتياجات السكان الأساسية من الغاز. وعزا الشوا تأخر ظهور الأزمة رغم تقليص كمية الغاز منذ ما يزيد عن الشهر، إلى استخدام محطات التوزيع للمخزون الاحتياطي الموجود لديها، مشيراً إلى أن نفاذ المخزون هو الذي جعل المواطنون يشعرون بالأزمة في وقت متأخر. وقد نجم عن ذلك تكدس الآلاف من اسطوانات الغاز الفارغة في محطات التعبئة والتوزيع، والبالغ عددها 29 محطة في القطاع، والتي اضطرت إلى إغلاق أبوابها في وجه المواطنين. وأضاف الشوا أنه ونتيجة للاتصالات التي اجرتها جمعيته مع الاطراف ذات الصلة، فقد تم زيادة كمية الغاز المسموح بتوريدها للقطاع منذ مطلع الشهر الحالي إلى نحو 180 طن يومياً، غير أن الإغلاق المتكرر لمعبر كرم أبو سالم، بحجج أمنية وبسبب الأعياد اليهودية، قد حال دون توريد الكميات المطلوبة من الغاز، وبشكل منتظم، وهو ما أبقى على الأزمة حتى الآن. المياه والصرف الصحي تعاني مصلحة مياه بلديات الساحل من استمرار انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، ومن النقص المستمر في كمية الوقود المتوفر لديها، وقد أدى ذلك إلى فقدان المصلحة نحو 30 إلى 40% من قدرتها الإنتاجية من مياه الشرب، وقد انعكس ذلك سلباً على قدرتها على توصيل المياه للمواطنين بالكميات المناسبة. وأعلنت المصلحة أنه على الرغم من عملها الدائم على تشغيل الآبار خلال فترات انقطاع التيار الكهربائي إلا أن ذلك لا يحل المشكلة بشكل كامل بسبب عدم إمكانية التوافق ما بين جداول توزيع المياه وجداول توزيع الكهرباء في المناطق المختلفة بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة. وأفاد المهندس عمر شبات، المدير الفني للتشغيل في مصلحة مياه بلديات الساحل لباحث المركز، أن القدرة الانتاجية لمصلحة مياه بلديات الساحل انخفضت بشكل كبير نتيجة انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود، بحيث انخفضت القدرة الانتاجية من 220 ألف متر مكعب من المياه، وهي كمية تغطي احتياجات المواطنين، إلى 140 ألف متر مكعب، وقد أثر ذلك على احتياجات السكان الأساسية من المياه، وأدى إلى انخفاض حصة الفرد اليومية من المياه من 90 لتر يومياً إلى أقل من 60 لتر يومياً. وأفادت تحقيقات المركز أن العديد من الأحياء المختلفة في مدن القطاع، باتت تعاني من انقطاع المياه لايام عديدة، بسبب تضارب مواعيد ضخ المياه إلى القطاع وساعات قطع الكهرباء، وأفاد العديد من المواطنين أن المياه باتت تصلهم بكميات قليلة، ولمرة واحدة كل 5 أيام. كما تواجه مصلحة مياه بلديات الساحل مشاكل في التعامل مع مياه الصرف الصحي، حيث أعربت عن خشيتها من فيضان المياه المتجمعة في أحواض المياه العادمة، علاوة على عدم قدرتها على معالجة المياه العادمة، وضخها إلى البحر دون معالجة. وقد أضاف المهندس شبات، حول مشكلة مياه الصرف الصحي، أن المصلحة واجهت مشاكل في محطات الصرف الصحي، لا سيما خلال فترة هطول الأمطار، حيث يهدد انقطاع التيار الكهربائي، ونقص الوقود بفيضان المياه العادمة من أحواض الصرف الصحي جراء عدم القدرة على تشغيل مضخات دفع المياه. وأشار إلى أن المصلحة واجهت مشكلة حقيقية خلال الأسبوع الماضي، وأثناء فترة هطول الأمطار، تمثلت في عدم قدرة محطة الضخ، والموجودة في منطقة مشروع بيت لاهيا، على العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود، ما أدى إلى تكون بركة مجاورة. وحذر المهندس شبات من أن استمرار الأوضاع كما هي يهدد 42 محطة ضخ أخرى. وأضاف أن مشكلة أخرى خطيرة تواجهها مصلحة مياه بلديات الساحل، وهي عدم قدرة محطات المعالجة الأربعة الموجودة في القطاع (الشمال، غزة، خان يونس، رفح) من معالجة المياه العادمة أثناء انقطاع التيار الكهربائي، حيث يتم ضخها إلى البحر دون معالجة، وهو ما يؤدي إلى تلوث البحر ويهدد الحياة البحرية. التوصيات: في ضوء ما سبق من معطيات، وفي ظل استمرار أزمة الوقود التي تعصف بحياة السكان منذ أكثر من شهر، وفي ظل التقصير الواضح في التعامل مع هذه الأزمة، فإن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: 1. يدعو إلى وضع حد فوري لمعاناة سكان قطاع غزة، ويرى أن إخفاق الأطراف المسئولة عن حل أزمة الوقود المستمرة لا ينبغي أن يتحمل نتائجها المواطنون، ويتوجب بالتالي أن تلتزم هذه الأطراف بتزويدهم بجميع أنواع الوقود، وبخدمات الكهرباء في كل الظروف والأحوال. إن مسؤولية تلك الأطراف ينبغي أن تتركز على القيام الفوري بجهود عاجلة من أجل وضع حد للظلام الدامس الذي يخيم على مدن قطاع غزة، وحتى يتسنى للسكان التمتع بحقهم في الحياة الحرة والكريمة. 2. يحذر من العواقب الوخيمة المترتبة على توقف إمدادات الوقود على كافة القطاعات الحيوية، بما فيها الخدمات الأساسية لنحو 1.6 مليون فلسطيني من سكان القطاع، كإمدادات مياه الشرب، تعطل المرافق الصحية، بما فيها المستشفيات والمراكز الطبية وعمل محطات الصرف الصحي وقطاع التعليم وقطاع النقل والمواصلات. ويذكر بأن حياة السكان المدنيين ليست مجالاً للمناكفات السياسية أو رهناً بالمصالح السياسية أو المالية. 3. يؤكد على ضرورة البدء الفوري في صياغة الحلول الإستراتيجية للخروج النهائي من الأزمة المستمرة في وقف إمدادات الوقود، والأزمة المزمنة في قطاع الطاقة الكهربائية التي يعانيها قطاع غزة منذ نحو 6 سنوات، بما في ذلك البحث عن مصادر أخرى للوقود والمحروقات لرفع المعاناة عن كاهل السكان المدنيين في القطاع. 4. يدعو إلى توحيد سلطة الطاقة في كل من رام الله وغزة كمدخل أساسي لوضع حد لتفاقم أزمتي الوقود والكهرباء، وقيامها ببذل كافة الجهود الضرورية من أجل توفير الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء بغزة. 5. يدعو سلطة الطاقة في غزة بتحمل مسؤولياتها القانونية، بموجب قانون سلطة الطاقة، وخاصة في ميدان التنسيق مع كل من شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة ومحطة التوليد، وبما يساعد في توفير الوقود اللازم وتجاوز الأزمة الحالية. 6. يناشد الرئيس الفلسطيني بالتدخل الشخصي، الفوري والعاجل من أجل التوصل حل يفضي إلى توريد جميع أنواع المحروقات والوقود، بما في ذلك الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء بغزة. 7. يؤكد مجدداً على مسؤولية دولة إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة لقطاع غزة، وبالتزاماتها وفق قواعد القانون الإنساني الدولي، ويرى أنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن رفاه السكان المدنيين في الأرض المحتلة، وهي مطالبة بموجب ذلك بضمان السماح بمرور المواد الأساسية، بما في ذلك جميع أنواع الوقود، وخاصة اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء، ويحظر عليها فرض قيود على دخول المواد الأساسية إلى سكان المناطق المحتلة، واستخدام الحظر كأداة لتنفيذ العقوبات الجماعية على السكان المدنيين. إن خيار توفير الوقود والمحروقات من إسرائيل، كحل للأزمة الراهنة ينبغي أن يكون أحد الخيارات المطروحة، في ظل الحديث عن وقود مصري بأسعار عالمية، وفي وقت تعاني فيه مصر من أزمة وقود داخلية، خاصة وأن القطاع يعتمد في غالبية احتياجاته من الكهرباء والسلع الضرورية على إسرائيل. |