وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ندوة- مشاركة المرأة في إدارة الشؤون العامة إحدى ركائز حقوق الإنسان

نشر بتاريخ: 27/03/2012 ( آخر تحديث: 27/03/2012 الساعة: 15:14 )
رام الله - معا - عقد مركز حقوق الإنسان والديمقراطية " شمس" ورشة عمل في كلية الدعوة الإسلامية في قلقيلية حول الحق في تولي المرأة مناصب سياسية ، وذلك ضمن أنشطة مشروع تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان والحكم الصالح لطلبة كليات الشريعة في الجامعات الفلسطينية بدعم من مؤسسة المستقبل ،حضر الورشة عدد من أعضاء الهيئة التدريسية للكلية ،والعديد من طلاب الكلية.

افتتح الورشة الدكتور سعد رستم، موضحاً إن المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية في الحياة السياسية، يتجسد في الترشح والانتخاب للتمكن من الوصول إلى المناصب السياسية العليا الصانعة للقرار والمؤثرة في صنعه والانتماء للأحزاب السياسية، والمشاركة في قيادة العمل الاجتماعي، وبهذا المفهوم فإننا نتحدث عن ظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، تؤثر على المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية في الحياة العامة. ومع أن هناك مجموعة من المؤشرات الإيجابية التي قد تؤدي إلى تعزيز مكانة المرأة في الحياة السياسية وضرورة مشاركتها في العمل العام، مثل التشريعات الدستورية والقانونية، بالإضافة إلى مشاركتها في مؤسسات المجتمع المدني، والتنمية بشكل عام.

من جانبه أوضح الدكتور إسحاق البرقاوي أستاذ القانون في جامعة النجاح الوطنية إن حقوق المرأة لا يمكن فصلها بأي شكل من الأشكال عن مفهوم حقوق الإنسان، من خلال ترجمة تلك الحقوق في قوانين وسياسات وطنية تضمن حصول المرأة على حقوقها. وبالرغم من صدور عدد من القوانين المختلفة ، إلا أن الاعتراف بالدور الأساسي الذي تقوم به النساء لم يتجاوز لغاية الآن دورهن التقليدي والنمطي، مما أعاق التنمية الاجتماعية وأضعف مقومات ومبادئ الحكم الصالح.

وقال إن تعزيز حقوق المرأة كحقوق إنسان والحريات الأساسية لها وحمايتها هدف ذو أولوية، والمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق لا يمكن تجاوزه إلا بالعمل المستمر، حيث إن الفجوة بين الحقوق والتمتع بها ناتجة عن عدم التزام جميع الأطراف( الحكومة ،الأحزاب) بتعزيز تلك الحقوق وحمايتها، ولا يكفي أن تحرص الحكومة على عدم انتهاك حقوق الإنسان للمرأة فحسب، بل يجب عليها أيضاً أن تعزز تلك الحقوق وتحميها.

وشدد البرقاوي على أن تعتبر مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون العامة لبلدانهم إحدى الركائز الأساسية لحقوق الإنسان التي أكد عليها المواثيق الدولية والإقليمية بشروط تساوي بين النساء والرجال دون أي تمييز وكذلك ضرورة تقلد المناصب العامة بدون أي تمييز ضد النساء.إن حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة يستند إلى المواثيق الدولية ذات الصلة وفي مقدمتها، المادة 8 من إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان.المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.المادة 7 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. أما حقها في المشاركة استناداً إلى المواثيق الإقليمية ذات الصلة وفي مقدمتها المادة 13 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب المادة 23 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان المادة 24 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان(2004) .

وقال أن المشاركة السياسية تلعب دوراً مهماً، في تطوير آليات وقواعد الحكم الديمقراطي، والمشاركة السياسية كمفهوم باتت في الوقت الحالي قيد التداول المجتمعي على مختلف الصعد وفي اطار مختلف فئات المجتمع ، وفي إطار ما يعرف "بالتنمية المستدامة"(Sustainable Development )، للمجتمعات، خاصة مجتمعات العالم الثالث التي توصف أنظمتها بالشمولية أو بسيادة المفاهيم المتوارثة على مفاهيم المواطنة والمشاركة في صنع القرار وتحديد النخبة الحاكمة. وهي في هذا الإطار ركيزة أساسية من ركائز النظام السياسي لجهة شرعيته الدستورية والشعبية.

وقال أن المشاركة السياسية للمرأة تعتبر أمراً هاماً، باعتبارها تشكل نصف المجتمع، فعند الحديث عن المشاركة السياسية في بلدان العالم الثالث، نجد أن التركيز هو على مشاركة المرأة في الحياة السياسية، باعتبارها أكثر أعضاء المجتمعات تعرضا للإقصاء والتهميش ً. وبالتالي فإن هناك ضرورة قصوى لإطلاق طاقتها، وتحقيق مكانتها، بل إن عملية تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية أصبحت ضرورة لتحقيق أهداف النظام السياسي في كافة المجتمعات، بحيث لا يقتصر حق المشاركة على الرجال، وإنما تشمل المشاركة النساء والرجال على حدٍ سواء، فالمشاركة المتساوية بين فئات المجتمع في الشأن العام أسلوب حضاري للحد من الصراعات السياسية، وطريقة مثلى لإحداث عمليات تغيير جديدة وجوهرية على شكل النظام السياسي.

وبين أن توسيع قاعدة المشاركة لتشمل في نهاية الأمر شرائح المجتمع كله بما فيه المرأة يساعد في كل الأحوال على توسيع قاعدة الشرعية للمؤسسات التمثيلية والتنفيذية للنظام السياسي، مما يعطيها قوة تمثيلية مستندة إلى الخيار الديمقراطي، لذا فإن من أولى مؤشرات مشاركة المرأة، الإقرار بأنها تتمتع بالمواطنة التامة بكل مظاهرها، وبالمساواة التامة أمام القانون بدون أي تمييز، باعتبار أن المشاركة مكوّن أساسي من مكونات التنمية البشرية باعتبار ذلك ضرورة للدفاع عن مصالحها، وذلك يتطلب قبل كل شيء إجراء تغييرات جوهرية على مجمل التشريعات والقوانين التي تحد من تطور مشاركة المرأة، خصوصاً المرجعية الدستورية والقانونية لذلك.

وقال إن ضعف المشاركة السياسية وتعثر عملية التحول الديمقراطي، نابعة في الأساس من الاعتقاد السائد في المجتمع بأن المشاركة السياسية تتمثل وتنحصر في عملية الانتخاب والترشيح، بعبارة أخرى يتم النظر إلى عملية المشاركة بأنها عملية موسمية تنتهي بانتهاء الانتخابات، مما يزيد من العقبات التي تحول دون إتمام عملية التحول الديمقراطي، فالتغيير الديمقراطي وإمكانية التبدل تمثل مصلحة ليس فقط لفئة بعينها وإنما لجميع الفئات المهمشة.

وبين أن المشاركة السياسية بشكل عام هي أكثر انخفاضاً بين الفئات النسائية عنها في الفئات الأخرى، فالمجتمع السياسي الفلسطيني بتركيبته القائمة يتحيز نحو الرجال، الأمر الذي يؤدي لدى قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني ومن ضمنها المرأة ليس إلى عدم المبالاة فقط، بل إلى الإحساس بالاغتراب المجتمعي، والذي يؤدي إلى بروز ظواهر غريبة عن المجتمع الفلسطيني، مثل العزوف وعدم الاهتمام بالأوضاع السياسية، والإحجام عن الانضواء في الأحزاب السياسية، والشعور بعدم الانتماء وبروز ظاهرة العنف السياسي. إن درجة المشاركة ونطاقها تحدد إلى درجة كبيرة توزيع القوة في المجتمع، أي القدرة على إحداث التغيير والتأثير في الآخر.

وفي النهاية الندوة أوصى المشاركون بضرورة إشراك طلبة كليات الشريعة في مؤتمرات حقوق الإنسان ضرورة أن تعلب النساء دوراً في الحياة العامة، تعزيز دور النساء القياديات في المجتمع المحلي ، ورفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية مشاركة المرأة في صناعة القرار، وضرورة منح الفرص المناسبة للمرأة للمشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتها وإعطائها دوراً في صياغة القوانين والأنظمة المرتبطة بحياتها والعمل على تغيير مفاهيم وأفكار سائدة في مجتمعنا حول حقوق النساء ومكانتهن في الحيز العام، وتقليل الفجوات بين المواقف المعلنة والمواقف المُمَارسة حول حقوق النساء في المجتمع، وترسيخ خطاب النوع الاجتماعي لدى مراكز القوى السياسية.