|
تفاصيل مثيرة حول عملية الفردان يرويها ياسر النجار ابن الشهيد ابو يوسف
نشر بتاريخ: 10/04/2012 ( آخر تحديث: 10/04/2012 الساعة: 18:43 )
رام الله -معا- يروي ياسر النجار سفير دولة فلسطين في النرويح ابن الشهيد ابو يوسف النجار حقائق وتفاصيل حول عملية الفردان في الذكرى الـ 39 للعملية وذلك على صفحة حركة فتح على الفيس بوك .
ليلة الاغتيال في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل من فجر العاشر من نيسان عام 1973 استيقظ يوسف أكبر أبناء الشهيد أبو يوسف على صوت إطلاق نار خفيف في الشارع الذي يقطنون فيه. هرع يوسف (16 عاما) إلى غرفة والديه ليوقظ والده الذي قال له أن إطلاق النار ربما كان من أحد الأعراس في الجوار. وقبل أن يعود يوسف إلى غرفته دوى إنفجار شديد اثر عبوة ناسفة لباب شقة أبو يوسف واقتحم 8 إلى 10 من رجال الكوماندوز الإسرائيلي الشقة. كان بعضهم ملثم وبعضهم بدون غطاء للوجه يتحدثون بالعبرية والإنجليزية والعربية. وأسرع أبو يوسف واغلق الباب الفاصل بين غرف النوم وغرفة الجلوس في الشقة وقال ليوسف احضر مسدسي بسرعة. إلا أن رجال الموساد كانوا خلف ذلك الباب وقد بدأوا بإطلاق النار من اسلحتهم الرشاشة على الباب. وأصيب أبو يوسف بعدة رصاصات في أنحاء مختلفة في جسده ولكنه لم يسقط . اقتحم القتلة المكان بوابل من الرصاص على أبو يوسف الذي ظل واقفاً يتلقى الرصاص في جسده بينما كان يتفقد بعينيه ابناءه وبناته من حوله وصرخ في وجه ابنه البكر يوسف قائلاً له "أهرب" . كانت شقتنا في الطابق السادس ولم يدري يوسف أين يذهب فاتجه صوب غرف نوم والديه والرصاص يلاحقه فأصابت إحدى الرصاصات كتفه الأيسر . إستخدم يوسف سلك الهاتف فربطه في درابزين الشرفة وحاول النزول إلى الشارع ولكنه فوجئ برجل وامرأة في الشارع يطلقون النار عليه فدخل إلى شقة في الطابق الخامس حيث استقبله بعض القساوسة الايطاليين الذين سقوه بعض العصير الذي إتضح فيما بعد أن به مخدراً وتم اكتشاف أنهم من عملاء الموساد المزروعين في لبنان منذ عام تقريباً للمشاركة في العمليه. في هذه الأثناء خرجت أم يوسف خلف زوجها وابن خالتها لتصد عنه بعض الرصاص بيديها. فكانت تدفع بهم للخلف بينما أبو يوسف ظل واقفاً وقد امتلأ صدره وجسمه بالرصاص. حاول القتلة ابعادها بضربها بكعب البندقية على وجنتها لكنها استماتت في محاولاتها اليائسة للدفاع عن زوجها وأبنائها. وأصبحت أم يوسف عائقاً في وجه فريق الإغتيال- هذا ما قاله إيهود باراك في مذكراته- فأطلق عليها ثلاث رصاصات استقرت احداها في وجنتها والثانية في رقبتها والثالثة في صدرها فسقطت. وصرخ أبو يوسف فيهم " قتلتوها يا كلاب " ثم سقط إلى جوارها مضرجاً بالدماء أمام غرفة نومي أنا واخواني يوسف وخالد. بعد دقائق قليلة انتهى كل شيء غادر القتلة بيتنا بعد أن اطلقوا مئات الرصاصات في كل اتجاه. على الجدران والأثاث والنوافذ فكانت الأرض مليئة بشظايا الخشب والاسمنت والزجاج . كنت أنظر إلى باب غرفتي لأرى ساقي والدي الممدة على الأرض حين امسكت أختي ختام كفي أنا وأخي خالد لتخرجنا من الغرفة. فخرجنا مسرعين إلى المطبخ إلا أني تزحلقت في دماء ابي واختلست نظرة سريعة على وجه ابي كانت الأخيرة.وكانت كبرى اخوتي حكمت (20 عاما ) تحضن أمي بين ذراعيها ولم تكن فارقت الحياة بعد ولكنها كانت تنزف بشدة من رأسها ثم توفيت بعد ذلك بساعتين أو ثلاثة على الأكثر . قرار الاغتيال كانت حركة فتح في تلك الفترة قد وصلت الى ذروة الصراع مع إسرائيل من خلال العمليات النوعية التي كان يخطط لها الشهيد كمال عدوان في الداخل المحتل وفي الخارج من خلال عمليات أيلول الأسود التي كان يقودها أبو يوسف . كما أصبحت القضية الفلسطينية تكتسب تعاطف العديد من الدول في كافة أنحاء العالم من خلال التحرك الدبلوماسي الذي لازم الكفاح المسلح. وفي خريف 1972 ظهرت جولدا مائير رئيسة الوزراء آنذاك في الكنيست بخطابها المشهور تتوعد بالقصاص ممن خططوا لعملية ميونيخ. وأخذ القرار باغتيال أبو يوسف ، كمال عدوان وابو إياد ثم أضيف كمال ناصر إلى القائمة كونه أصبح يحرج إسرائيل في زيارته إلى دول أوروبا من خلال تعرية دولة إسرائيل بالحقائق بلغات يتقن منها الفرنسية والإنجليزية. وسميت هذه العملية من قبل الموساد " غضب الرب " أحيانا وأحيانا سميت "ربيع الشباب" تمت العملية بنجاح بالنسبة لإسرائيل ليس لأنهم أكثر قدرة من أجهزة الثورة الفلسطينينه وكادرها ولكن لأن هؤلاء القادة رفضوا مبدأ الاختباء من العدو بل آثروا مواجهته كبقية الشعب الفلسطيني ومقاتليه. أذكر أن جدتي أم محمد والدة ابي وقبل أشهر قليلة من اغتياله كانت تجلس إلى جوار ابي وتقول له يا محمد احرص على نفسك فالناس تقول أنك مطلوب لإسرائيل. فأجابها أبو يوسف وهو يمسك بكفها " يمة أنا طول عمري حامل روحي على كفي ، بدك ابنك يتخبى خلف حراسه. أنا زي باقي الناس " هذا جزء من هذه الملحمة العظيمة التي عاش شعبنا الفلسطيني فصولاً منها لتبقى لنا وللاجيال القادمة درساً في الكفاح والصمود من أجل ارضنا حق شعبنا وكرامته. نبذة عن الشهداء الشهيد القائد محمد يوسف النجار 'أبو يوسف' من مواليد العام 1930، ولد في قرية يبنا قضاء الرملة، وفيها أتم دراسته الابتدائية، انتقل بعد ذلك إلى القدس لإكمال دراسته الثانوية في الكلية الإبراهيمية، عمل معلما في قريته لمدة عام واحد قبل أن تحل النكبة عام 1948، هُجّر من 'يبنا' إلى رفح، حيث عمل مدرسا حتى عام 1956، غادر قطاع غزة عام 1957 إلى سورية، ومن بعدها إلى الأردن فقطر، حيث عمل موظفا بوزارة المعارف. كان من مؤسسي حركة 'فتح'، وتفرغ لها منذ عام 1967، وانتخب عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ممثلا عن حركة فتح عام 1969، كما عُيّن رئيسا للجنة السياسية العليا للفلسطينيين في لبنان، فتميز بحرصه الشديد على تمتين العلاقات الفلسطينية اللبنانية. وتخليدا لذكرى أبو يوسف أطلقت السلطة الوطنية اسمه على مفترق طرق رئيسي في مدينة غزة وعلى أحد المشافي في مدينة رفح. الشهيد القائد كمال عدوان (1935 – 1973) عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ولد في قرية بربرة قرب عسقلان، لجأ مع عائلته إلى قطاع غزة بعد نكبة عام 1948، وقاوم الاحتلال الإسرائيلي لمدينة غزة عام 1956، فجرى اعتقاله حتى نهاية الاحتلال والعدوان الثلاثي على مصر وعودة غزة للإدارة المصرية. عمل في السعودية وقطر واختير عضوا في أول مجلس وطني فلسطيني عام 1964. كان من أوائل المؤسسين لحركة فتح، وتفرغ للعمل النضالي في الحركة عام 1968 وتولى مسؤولية جهاز الإعلام، واستطاع بجهده أن يقيم جهازا إعلاميا له صحيفته وعلاقاته العربية والدولية. تركت جهوده بصمات واضحة في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، حيث اشترك في معارك أيلول عام 1970، وانتقل إلى جرش ودبين، وثم إلى دمشق وبيروت لمواصلة نضاله. بتاريخ 1/1/1971 انعقد المؤتمر الثالث لحركة فتح، وجرى خلاله انتخابه عضوا للجنة المركزية للحركة، وجرى تكليفه بالإشراف على القطاع الغربي، (المسؤول عن المهمات والأنشطة السياسية والعسكرية في الأرض المحتلة) إلى جانب مهمته الإعلامية، واستمر في قيادة تلك المهمة حتى لحظة استشهاده. الشهيد القائد كمال ناصر كمال بطرس إبراهيم يعقوب ناصر، مناضل وشاعر، ولد في مدينة غزة عام 1924، وتربى في بيرزيت شمال رام الله، ودرس في القدس، أنهى دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1945 بتخصص العلوم السياسية، وعمل في التدريس فترة من الزمن، أصدر جريدة 'البعث' اليومية في رام الله على إثر النكبة، ثم أسس مجلة 'الجيل الجديد'. خاض انتخابات عام 1956 عن حزب البعث العربي الاشتراكي ونجح نائبا عن قضاء رام الله. أبعدته سلطات الاحتلال من فلسطين بعد حزيران 1967 بسبب مواقفه النضالية. وانتخب عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عام 1969، وتولى رئاسة دائرة الإعلام والتوجيه القومي ومجلة فلسطين الثورة، وكان المتحدث الرسمي باسم المنظمة. أطلق عليه صلاح خلف 'أبو إياد' لقب 'ضمير' الثورة الفلسطينية، لما كان يتمتع به من مصداقية وسمات أخلاقية عالية، كما أصبح رئيسا للجنة الإعلام العربي الدائمة، المنبثقة عن جامعة الدول العربية. عام 1972 تبنى المجلس الوطني الفلسطيني قرار إنشاء مؤسسة إعلامية فلسطينية موحدة، وأنيطت به مهمة الإشراف على الهيكل الجديد الذي سمي 'الإعلام الموحد'، وترأس تحرير مجلة المنظمة 'فلسطين الثورة' حتى تاريخ استشهاده. كتب كمال ناصر مقالات سياسية وتأملية كثيرة، وكتب القصة القصيرة، كما صدرت له مجموعة شعرية، هي 'جراح تغني' عن دار الطليعة في بيروت عام 1960. |