وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض: المقاومة الشعبية السلمية شكلت تعبيرا واضحا لرفض الاحتلال

نشر بتاريخ: 10/04/2012 ( آخر تحديث: 10/04/2012 الساعة: 20:54 )
رام الله - معا - أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن المقاومة الشعبية السلمية شكلت تعبيراً واضحاً عن رفض شعبنا للاحتلال وطغيانه واستيطانه وجدرانه وكل ممارساته القمعية ضد تطلعات شعبنا نحو الحرية والانعتاق.

وأشار إلى أن المقاومة السلمية عكست في نفس الوقت القدرة الكبيرة لشعبنا على الصمود، ووفرت الحاضنة لأوسع مشاركة شعبية في النضال ضد الاحتلال، وأعادت هذه المقاومة الاعتبار لنضالنا الوطني، كما أسقطت كل محاولات إلصاقه بالإرهاب، بهدف المس بعدالة قضيتنا.

وشدد فياض على أن القوة الأخلاقية الهائلة لبرنامج اللاعنف الذي تتبناه السلطة الوطنية الفلسطينية كفيلة باستنهاض عناصر قوتنا الذاتية، وبما يقربنا من لحظة الخلاص من الاحتلال. وقال "إن ما حققته المقاومة الشعبية السلمية من انجازات ونجاحات ملموسة لم يقتصر على جذب الاهتمام والتأييد الدوليين لها فقط، بل أصبحت حالة شعبية يتسع الاهتمام بها ونطاق المشاركة فيها من قبل أبناء شعبنا، وأضاف "المقاومة الشعبية قد تأتي بنتائج بطيئة، ولكنها أكيدة وحتمية، والعالم كله معنا. فحتى إسرائيل نفسها لم تعد قادرة على أن تدافع عن احتلالها، لا بل فإن الاحتلال الإسرائيلي أصبح عبئاً أخلاقياً عليها".

جاء ذلك خلال كلمة رئيس الوزراء في افتتاح المؤتمر الدولي السابع للمقاومة الشعبية السلمية في بلعين، وذلك بحضور المئات من نشطاء حركات التضامن الدولية، وقادة ونشطاء المقاومة الشعبية السلمية، وسفراء وقناصل الدول العربية والأجنبية، وقادة القوى السياسية الفلسطينية، ومؤسسات المجتمع المدني.

وتوقف رئيس الوزراء أمام دروس الانتفاضة الشعبية الأولى، واعتبر أنها مثلت ذروة الكفاح الشعبي السلمي ضد الاحتلال، حيث تميزت بطابعها الديمقراطي والمشاركة الشعبية الواسعة في مختلف فعالياتها، بما في ذلك تعزيز صموده، وتمكنت من فتح أبواب العالم والرأي العام الدولي على أوسع نطاق أمام حقوقنا الوطنية المشروعة وعززت التعاطف الدولي مع قضيتنا العادلة، وأوضح أن المقاومة الشعبية السلمية مثلت إلى جانب الجهد الوطني المبذول لإكمال الجاهزية الوطنية لإقامة دولة فلسطين والانخراط الشعبي الواسع في تحقيقها، مسارين متلازمين عضوياً يدعمان النضال السياسي الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية في كافة المحافل الدولية لحشد الدعم لعدالة قضيتنا وحقوق شعبنا الوطنية وفي مقدمتها حقه في الخلاص من نير الاحتلال وطغيانه، ونيل حريته واستقلاله، وقال "إن حلقتّي البناء والمقاومة السلمية يوفران إمكانية بناء وتطوير عناصر القوة الذاتية في مقاومة المشروع الاستيطاني الاحلالي، وتعزيز قدرة شعبنا على الصمود وحماية أرضه، وبناء الوقائع الايجابية على الأرض، وبهذا المعنى فإنهما يشكلان الرافعة الأساسية التي تكمل النضال السياسي الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية في كافة المحافل الدولية، والذي يشكل الحلقة الثالثة من حلقات النضال الفلسطيني، لا بل فإنهما يعززان القدرة على الصمود السياسي، وفتح الآفاق لتعزيز الحركة السياسية على الصعيد الدولي، باتجاه حشد المزيد من الدعم لعدالة قضيتنا وحقوق شعبنا وفي مقدمتها الوقف الفوري والتام والشامل لكافة الأنشطة الاستيطانية وخاصة في القدس الشرقية، كخطوة أساسية على طريق إنهاء الاحتلال، والتوصل إلى حل عادل ودائم يضمن لشعبنا حقوقه في الحرية والاستقلال والعودة".

واعتبر رئيس الوزراء أن هذه العناصر تحدد التوجهات الأساسية لاستراتيجيه الصمود والبناء والمقاومة، والتي في جوهرها تقوم على مبدأ " البقاء مقاومة" ويشمل التعبير عنها كل ما يُبذل من جهد للبناء في سبيل تعزيز القدرة على الصمود والبقاء، بالإضافة إلى المسيرات الشعبية في كافة المناطق.

وأكد فياض على أن تراجع الجدار في بلعين بداية أكيدة لتراجع الاحتلال وانهياره، وقال "لا يمكن للعالم أن يقبل بهذا الاحتلال وبالوضع القائم بكل ما ينطوي عليه من غياب للعدل، وهذه مجرد بداية، فما تزال هناك أرض مغتصبة لصالح الجدار في بلعين حتى بعد تراجع مقطع منه. كما في العديد من المناطق. فالجدار يأكل ما لا يقل عن حوالي 15% من أرضنا المحتلة منذ عام 1967"، وتابع قائلاً "مرة أخرى، هذه بداية، وعلينا أن نصبر ونصمد وأن نستمر فيما نقوم به هنا في بلعين كما في كافة أراضينا الفلسطينية المحتلة إلى أن ينجلي الاحتلال، نعم علينا تقع مسؤولية توفير مقومات الصمود لشعبنا وقدرته على حماية أرضه والعيش بحرية وكرامة في أرض وطنه".

وشدد فياض على أن الحملة الإسرائيلية التي تستهدف حركات المناهضة السلمية للاستيطان والجدار، وما رافقها من إجراءات قمعية تمثلت باعتقال النشطاء وإغلاق مناطق، بالإضافة إلى حملة التحريض الواسعة ضد السلطة الوطنية، إنما تعكس إلى حد بعيد نجاعة هذا الأسلوب الذي يعكس أرقى وأسمى وأنجع أشكال المقاومة وهو يعبر عن الحق الطبيعي لشعبنا في رفض الاحتلال والاستيطان. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه يبرز الإفلاس السياسي والأخلاقي لمنظومة الاحتلال ويؤكد حتمية انهياره.

وأشار رئيس الوزراء، خلال كلمته، إلى أن انعقاد مؤتمر بلعين السابع يأتي في لحظة تصعّد فيها الحكومة الإسرائيلية من ممارساتها القمعية، والتي تستهدف تعطيل قدرتنا على نيل حريتنا واستقلالنا، وذلك في محاولة منها لتقويض منجزات شعبنا وسلطته الوطنية، والاستمرار في السيطرة على ثرواته ومقدراته، ومنع إقامة دولتنا المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وقال " لا يخفى عليكم، ما يواجه شعبنا من ظروف بالغة الدقة والخطورة جراء إمعان إسرائيل في هذه الممارسات، وتنكرها ومخالفتها لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وفي إمعانها في سياسة التوسع الاستيطاني، واستمرار استخدام العنف ضد شعبنا والاحتجاجات السلمية التي يقوم بها، والتي أدت إلى الكثير من الإصابات والضحايا، وكان آخرها الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال، والتي أدت إلى استشهاد الشاب طلعت رامية من بلدة الرام شمال القدس المحتلة، وسبقها استشهاد الشاب مصطفى التميمي من قرية النبي صالح، هذا بالإضافة إلى شهداء بلعين باسم وجواهر أبو رحمة، والشاب محمود زقوت من غزة والذي استشهد في يوم الأرض".

وأضاف فياض "كما شهدت الأسابيع والأشهر القليلية الماضية تصعيداً خطيراً في وتيرة الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية ضد أبناء شعبنا ومصادر رزقهم، وتركزت هذه الاعتداءات على أهلنا في القدس ومحيطها، وفي المناطق المُسماة (ج) وتجمعاتهم السكنية فيها، خاصةً في الأغوار، وجنوب الخليل، وبيت لحم، وبيت جالا، ومناطق خلف الجدار، وذلك في انتهاكٍ صارخ لمبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي، بالإضافة إلى استمرار الاجتياحات العسكرية لمناطق السلطة الوطنية، والذي ليس له أي مبرر سوى المس بمنجزات السلطة الوطنية وخاصة في المجال الأمني، وكذلك إحكام قبضة نظام التحكم والسيطرة والحصار المفروض على شعبنا، وفرض المزيد من القيود على الجهود التنموية للسلطة الوطنية، وتضييق الخناق على أبناء شعبنا خاصة في القدس الشرقية، وفي الأغوار، ومناطق خلف الجدار، ومجمل المناطق المسماة (ج). والذي يتزامن مع تصاعد اعتداءات المستوطنين الإرهابية على حياة أبناء شعبنا وممتلكاتهم ومصادر رزقهم ومقدساتهم"، وتابع " في المقابل، سيظل شعبنا متمسكاً بحقوقه كافة، وبنهج المقاومة الشعبية السلمية ضد الاحتلال الإسرائيلي وإرهاب مستوطنيه، ومصمماً على الصمود والبقاء، والعيش بحرية وكرامة على أرض وطنه، واستكمال بناء ركائز ومؤسسات دولة فلسطين وتعميق الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة وصولاً إلى تحقيق أهداف مشروعنا الوطني، وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطين المستقلة، على كامل حدود عام 1967، في قطاع غزة والضفة الغربية، وفي القلب منها القدس الشريف" .

وجدد رئيس الوزراء إصرار السلطة الوطنية على مواصلة تعميق الجاهزية الوطنية، والتحول إلى مؤسسات دولة، وشدد على أن تنمية المنطقة المسماه (ج)، وبما يشمل القدس الشرقية والأغوار ومناطق خلف الجدار، تحتلان الأولوية في توجهات عمل السلطة الوطنية للمرحلة الراهنة، هذا بالإضافة إلى ضرورة تمكين السلطة الوطنية من إعادة إعمار قطاع غزة والقيام بالمشاريع التنموية فيها، وخاصة في مجال المياه والصحة والتعليم.

وأكد رئيس الوزراء على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي، وخاصة اللجنة الرباعية، والتي ستجتمع يوم غد في واشنطن، إلى تحمل مسؤولياتها بإلزام إسرائيل بوقف كافة انتهاكاتها ضد شعبنا، وقال "اجتماع اللجنة الرباعية الدولية المقرر يوم غد في واشنطن لن يأتي بجديد إلا إذا أشّرت الرباعية الدولية باتجاه واضح وصريح بضرورة إعمال ما ينص عليه قواعد القانون الدولي، وما تتطلبه الشرعية الدولية، وما يتطلبه مبدأ الحق والعدالة والسلم والاستقرار، وعلى ضرورة مساءلة إسرائيل على مخالفاتها اليومية وانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي، والتي تشمل استخدام العنف ضد الاحتجاجات السلمية من قبل أبناء شعبنا، والتي أدت إلى الكثير من الإصابات والضحايا، بالإضافة إلى الاستمرار في سياسة التوسع الاستيطاني، سيما في مدينة القدس الشرقية المحتلة ومحيطها، والاعتداءات المتكررة على حياة المواطنين، واستمرار هدم وإخلاء المنازل، والتي تتزامن مع اعتداءات المستوطنين الإرهابية ضد أبناء شعبنا وممتلكاته ومصادر رزقه ومقدساته، بالإضافة إلى الاجتياحات العسكرية لمناطق السلطة الوطنية والتي لا يمكن أن تفسر إلا إمعاناً وعن قصد في إضعاف مكانة السلطة الوطنية وتقويض منجزاتها"، وأضاف "أيضاً على ما هو مطلوب لتمكين السلطة الوطنية من الاستمرار في الوفاء بالاحتياجات والالتزامات تجاه أبناء شعبنا".

وجدد رئيس الوزراء دعوته للأشقاء العرب من أجل الإسراع في تقديم الدعم العاجل تنفيذاً لمقررات قمة بغداد الأخيرة، وذلك لتمكين السلطة الوطنية من الوفاء بالاستحقاقات والالتزامات المطلوبة منها، والتعامل مع كافة احتياجات أبناء شعبنا في مختلف المجالات، وفي مقدمتها تعزيز قدرته على الصمود، وبما يعزز من إمكانية تحول اقتصادنا الوطني إلى اقتصاد مقاوم. وقال "نحن بحاجة لهذا الدعم لحماية وتعزيز صمود المواطنين وثباتهم وبقائهم على أرضهم، بالإضافة إلى تمكين البرامج الاجتماعية المختلفة والتي تهتم بالفئات الضعيفة في مجتمعنا. فنحن مصممون على بذل كل جهد ممكن لتحقيق المزيد من المنعة الذاتية، وتحصين القرار السياسي".

وأشاد رئيس الوزراء بدور أبناء شعبنا، ومواقع المقاومة السلمية، وتضحيات أهلنا في كل مدينة وقرية ومخيم وخربة ومضرب بدو، وفي كل شبر من بلادنا، وقال "عندما نتحدث عن بلعين والمقاومة السلمية فيها، فنحن نتحدث عن التواني ، وسوسيا ، ويطا ، وام خير، والمفقرة ، وبيت امر ، وكل خرب الخليل، والولجة ، والمعصرة ، وام سلمونة، وبيت جالا ، وبيت ساحور، ، وشعفاط ، ومخيم عناتا ، وسلوان ، والشيخ جراح ، وقلنديا ، وبيت اكسا ، والعيسوية ، وبدو ، وبيت دقو ، وبيت سوريك ، وقطنة ، وصفا ، وبلعين ، ونعلين ، وبدرس ، والنبي صالح ، وبتين ، وكفر الديك ، ودير قديس ، وكفر قدوم ، وسردا ، وسلفيت ، وقريوت ، وبورين ، وعراق بورين ، والمغير ، وطولكرم ، ودير الغصون ، وبيت دجن ، وخربة طانا ، والاغوار، وعزون عتمة، وقلقيلية، ومسحة، ويانون، والذين يناضلون يومياً لإبراز إرادة الحياة في مواجهة الموت... إرادة البناء في مواجهة الهدم والتدمير،... إرادة الصمود في مواجهة مخططات الاقتلاع والتهجير،... إرادة البقاء والثبات على الأرض في مواجهة مخططات الاحتلال والمصادرة والاستيطان والجدران"، وأضاف "نقف اليوم، ومعنا كل أصدقائنا، في العالم لنضع المجتمع الدولي وكذلك المجتمع في إسرائيل أمام حقيقة ما يجري على الأرض من توسع غير مسبوق في المشروع الاستيطاني الاحتلالي، الأمر الذي يتناقض مع القانون الدولي، ومع مرجعيات عملية السلام كما حددتها قرارات الشرعية الدولية، وأمام ما يتعرض له مستقبل الحل السياسي القائم على أساس الدولتين على حدود عام 1967 من خطر حقيقي، جراء إصرار إسرائيل على الاستمرار في هذا المشروع الاستيطاني، الأمر الذي يضع المنطقة برمتها أمام مصير مجهول".

ورحب رئيس الوزراء، بضيوف فلسطين الذين قدموا من خارج فلسطين تأكيداً على تضامنهم مع شعبنا ومقاومته السلمية وحقوقه الوطنية العادلة، كما رحب بالمتضامنين من إسرائيل، وممثلي البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية والأمم المتحدة، وتوجه بالشكر للملايين من شعوب العالم الذين وقفوا مع شعبنا في مسيرته الطويلةح، وتقدم بتحيةِ إجلالٍ وإكبار إلى أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، وإلى حراس الأرض في كافة المدن، والقرى، والمخيمات، والخرب، ومضارب البدو، وهم يتحدون كل يوم جرافات الاحتلال التي تخرب أرضهم ومنازلهم وخيامهم وبركساتهم وأشجارهم، وقال "المجد لكم، والحق في سواعدكم وأنتم تتحدون جرافات الاحتلال التي تخرب أرضكم ومنازلكم وخيامكم وبركساتكم وأشجاركم، فأنتم ترسمون ملامح فلسطين"، وأضاف "حتما ستنتصر إرادة البناء على إرادة الهدم، وإرادة الحياة على ظلم الاحتلال وطغيانه وإرهاب مستوطنيه. فنحن هنا منذ البدايات وسنظل هنا حتى النهايات، وسنحقق معاً حلم أبو عمار وكل شهداء شعبنا بأن يرفع شبل من أشبالنا وزهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق أسوار القدس وكنائسها ومآذنها.