|
ندوة سياسية بعنوان" تداعيات الحراك العربي على القضية الفلسطينية"
نشر بتاريخ: 16/04/2012 ( آخر تحديث: 16/04/2012 الساعة: 14:24 )
رام الله- معا- أكد الدكتور احمد البرقاوي أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق، اليوم، أن "الثورات العربية الراهنة لا تطرح فلسطين كقضية، لكنها موجودة في وجدان كل عربي وهذا مؤشر على أن فلسطين واستجابة لحركة التاريخ لتعود القضية الفلسطينية مجددا على سلم أولويات العالم"، مشيرا إلى أن إسرائيل الخاسر الأكبر من الثورات العربية.
وصرح بذلك البرقاوي خلال ندوة سياسية فكرية بعنوان " تداعيات الحراك العربي على القضية الفلسطينية" نظمها مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان الذي يديره الدكتور إياد البرغوثي، وحضر الندوة مجموعة من السياسيين والمفكرين والأكاديميين والخبراء. وبدأ البرقاوي محاضرته بالحديث عن العلاقة التبادلية بين الحراك العربي وموضع القضية الفلسطينية بالنسبة للعرب بقوله " الآن فلسطين في ضوء الحلقة السياسية القديمة تحولت من قضية إلى مشكلة، وهناك فرق واسع بين القضية والمشكلة، فلسطين كـ"قضية" تعتبر وطن محتل من قبل احتلال عنصري إحلالي، والحل الوحيد في هذه الحالة هو زوال الاحتلال". وأضاف "الأنظمة السلطوية السائدة أو التي كانت سائدة حولت القضية الفلسطينية إلى مشكلة قابلة للحل، بالتالي فان احتمالات الحل ستصبح واردة ولكن المحتل قد يفرض تصوراته ورؤيته لهذا الحل وذلك يعني أن اتفاق أوسلو حول القضية الفلسطينية إلى مشكلة يجب حلها، وحتى حركة حماس اندرجت في إطار وصف فلسطين كمشكلة من خلال أطروحاتها وتصوراتها للحل". والسؤال الأكثر إلحاحية من وجهة نظر البرقاوي: "هل يمكن أن يعيد الحراك العربي فلسطين إلى قضية أم مشكلة قابلة للحل؟ وما هو الاحتمال الأرجح الذي يمكن أن تتمخض عنه الثورات إذا كان النظام السياسي الذي حول القضية إلى مشكلة؟. وفي إجابته عن هذا السؤال صرح البرقاوي بأنه "إذا كانت الحركة الشعبية هي النقيض الأساسي للنظام، فإن ذلك يعني أن تعيد هذه الحركة الشعبية فلسطين إلى قضية بوصفها قضية، علما بأن الثورات العربية الراهنة لا تطرح فلسطين كقضية، لكنها موجودة في وجدان كل عربي وهذا مؤشر على أن فلسطين واستجابة لحركة التاريخ ستعود كقضية مركزية للعرب. وفسر ذلك بقوله أن الأنظمة السياسية الحالية غير متفرغة لفلسطين الآن لأنها وجدت نفسها بعد زوال الأنظمة السابقة في حالة من العزلة وإذا ما استطاع الحراك العربي أن يعكس الوجدان العربي وهذا احتمال وارد بوصفه ممتلئ بفلسطين فإن فلسطين يمكن أن تستعاد كـ"قضية"، لأن فلسطين موجودة في الوجدان العربي وهذا ليس وهم أو تكهن، وإنما حقيقة دليلها أن بقائها كقضية هو الذي جعلها تحتفظ بوصفها معيارا يقيس عليه الجماهير سلوك النظام السياسي. وحول مصير إسرائيل في ظل الحراك العربي المنتصر لإرادة الشعوب، قال البرقاوي "انه لا يمكن التنبؤ بما سينتج عن هذه الثورات ولكنها لن تكون كسابقاتها بنتائجها على إسرائيل لتسطر بذلك أروع الانتصارات لإرادة الشعوب وحريتها بالتحرر ونيل الكرامة". وأشار إلى أن الخاسر الأكبر من هذه الثورات هي إسرائيل مفسرا ذلك بقوله" أن سلوك الأنظمة العربية السابقة كان معروفا ويمكن لإسرائيل البناء عليه ولكن الحاصل الآن أنه لا يمكن معرفة السلوك القادم وردت الفعل العربية إذا ما فكرت إسرائيل تهديد أي قطر عربي". وبين أنه سيمضي بعض وقت لمعرفة السلوك العربي تجاه القضية الفلسطينية إذا ما استعادت مصر مركزيتها في صناعة القرار العربي ووجهة البوصلة تجاه القضية الفلسطينية، لاسيما أن مشاكل مصر الداخلية والخارجية كبيرة وكثيرة وتحتاج إلى وقت طويل لحلها ريثما تتفرغ للقضية الفلسطينية". أما بالنسبة لسوريا" أوضح البرقاوي "أن وضع سوريا صعب جدا ولا أعلم ما هي الاحتمالات المستقبلية للوضع هناك ولكن الشيء الواضح والمعروف بأن حراكا جديدا بدأ بتشكل في سوريا ووجود الجولان المحتل سيقيم ارتباطا دائما مع القضية الفلسطينية". وأشار إلى أن الحراك الذي امتد في بلاد الشام سيغير من طبيعة الصراع مع إسرائيل وإدارته بسبب وجود ثلاثة مراكز قوى رئيسية ذات شأن وهي القاهرة التي ستستعيد وجودها ودورها، وسوريا التي فقدت حاليا دورها المهم ولكن ذلك مؤقتا، وبغداد التي دمرت ولا يراد لها أن تستعيد عافيتها من قبل الغرب. وتحدث البرقاوي بإسهاب عن السلطات والمجتمعات العربية بقوله "أن المجتمعات عموما تتطور بحكم قوانينها الموضوعية بمعزل عن الإرادة البشرية، والسلطة السائدة تتطور بحكم المجتمعات، لكن الذي حدث عربيا أن الجسد أخذ يكبر والوعي نضج والسلطة بقيت كما هي، مما أدى إلى انفجار المجتمعات في وجهة السلطات دون أية أيديولوجيات تعلل هذا الانفجار، بمعنى أن هذه المجتمعات كانت عفوية في فعلها وأعتقد أن هذه فقط البدايات". وقرأ البرقاوي المشهد السياسي من تطورات الأنظمة السياسية التي تكون عادة وفق تصورات المجتمع وما جرى عربيا ان الأنظمة لم يعد يتطابق دورها مع المجتمع وأولوياته وفي ضوء ذلك ستتحد ملامح النظام السياسي المقبل، بعد هذا الحراك. وأوضح ان الحراك المجتمعي القائم يسعى لبناء أنظمة تعددية ديمقراطية تحترم الكل، ولكن ما يقف أمامها تحديات كثيرة ومتشعبة وعديدة لذلك لا نستطيع أن نرسم له صورة تكاملية للمشهد لأن كل القوى الداخلية والخارجية تحاول أن تعمل على أن يكون لها تأثير في هذا التطور، فالقوى الداخلية على اختلافها وكذلك دول الإقليم، وأوروبا وأمريكا تبحث عن مكان وعلى ضوء حركتها ومدى تأثيرها قد تحدد ملامح النظام المقبل. ويتفق البرقاوي مع ما يعتقده البعض بقوله "إن هناك حركة مجتمعية نحو الإسلام، ربما هذا الآن يكون صحيحا، لكي نبقي القضية على احتمالاتها المتعددة، ولكن الأكيد أن البنية القادمة لن تكون على الشاكلة القديمة لأن فكرة الذات قد انتصرت". وختم البرقاوي محاضرته بقوله "أن الفلسطينيين لا يستطيعون وحدهم حل قضيتهم، وبالتالي لا بد من استعادة العلاقة العربية الفلسطينية وهذا ليس فقط نزعة قومية وإنما أيضا نزعة مصلحيه، فالشعب الفلسطيني الآن في حالة سكون ريثما يظهر ما هو موجود أو ما سيأتي في الدول العربية، وإسرائيل تريد أن تفرض الاعتراف بها وبشرعيتها، وفي ذات الوقت لا تريد أن تعترف بأحد، وفي ضوء ما تم سرده وفي ضوء الحركة التاريخية ما هو مصير إسرائيل؟". يتساءل البرقاوي ويقول هذا سؤال لا أريد أن اجيب عنه وسأبقيه مفتوحا حتى نفكر به جميعا. |