وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

طلبة غزيون يبتكرون مولداً كهربائياً يعمل باستخدام "جفت" الزيتون

نشر بتاريخ: 20/04/2012 ( آخر تحديث: 20/04/2012 الساعة: 15:43 )
غزة- معا- لا شك ان الحاجة امّ الاختراع، لكنها عند الغزيين المحاصرين منذ ما يقارب خمسة أعوام أكثر من ذلك.. إنها مسألة حياة، حيث أصبح ذلك الشعار يلاقي صدى واهتماماً كبيراً بين طلاب الجامعات في محاولة منهم للتغلب على أزمة الكهرباء التي تعصف بهم.

طلبة في كلية الهندسة بجامعة الازهر تخصص "ميكاترونكس" وضعوا اليوم هدفا وحيداً لهم هو في توليد الطاقة الكهربائية باستخدام "جفت الزيتون".

كل من حسن إفرينة، وعلي الحايك، وباشراف دكتورهما مازن أبو عمرو الحاصل على جائزة Weinblum – preis الالمانية عن أفضل رسالة دكتوراة منحت في العام 2007 في هندسة المحيطات، وجدا في مخلفات معاصر الزيتون وسيلة جديدة يمكن فيها انتاج طاقة كهربائية ببدائل نظيفة واقتصادية تساهم في حل أزمة الوقود وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.

ويعاني سكان قطاع غزة البالغ عددهم قرابة المليون ونصف مليون مواطن، من أزمة كهرباء خانقة جراء عدم توفر كميات كافية لتشغيل محطة الطاقة الرئيسة في القطاع، الامر الذي أثر على جميع مناحي الحياة، ودفعهم للبحث عن بدائل أخرى لحل المشكلة.

وبحسب الطالب حسن إفرينة في حديثه لـ "مضمون جديد"، فإن المشروع يهدف بشكل أساسي إلى توليد الطاقة الكهربائية باستخدام المخلفات الحيوية الصلبة(Biomass) الموجودة بكثرة في قطاع غزة التي من أهمها جفت الزيتون، إضافة الى تقليل مشاكل التلوث البيئي الناتجة عن استخدام المولدات الكهربائية التقليدية التي تصدر غازات سامة تؤثر على الأفراد المحيطين بشكل خاص وعلى البيئة بشكل عام.

وتستند فكرة المشروع وفق الطالب على الحايك على تسخين ماء داخل وعاء مغلق (Boiler System) من خلال إحراق مخلفات حيوية صلبة (جفت الزيتون) تحت هذا الوعاء وبالتالي توصيله لمرحلة الغليان.

وبعد وصول الماء لمرحلة الغليان، يتحول من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية، وبالتالي يمكن الاستفادة من البخار الصادر عن هذا الوعاء في إنتاج طاقة ميكانيكية من خلال وصل البخار الصادر بتوربين بخاري(Steam Turbine) ، ثم بعد ذلك وصل العمود المتحرك من التوربين إلى مولد كهربائي(Electrical Generator) لإنتاج الطاقة الكهربائية.

وأشار إلى أنه يمكن أيضاً استخدام الماء الساخن الصادر عن هذا النظام في أغراض أخرى كالتدفئة في البيوت و المسابح و في كثير من الأغراض الصناعية، إضافة إلى إمكانية استخدامه لتحلية وتقطير مياه الشرب.

وأضاف الحايك أن أهمية هذا المشروع تزداد في قطاع غزة عن غيره من المناطق ، بفعل الحصار الاسرائيلي وأزمة الكهرباء المتفاقمة، اضافة الى انتاج القطاع آلاف الأطنان من المخلفات الحيوية الصلبة، خصوصا مخلفات معاصر الزيتون التي تحتاج مساحات واسعة لإتلافها.

وتبلغ مساحات الاراضي المزروعة بالزيتون في فلسطين حوالي 45% من المساحة الكلية للقطاع، في حين تقدر كمية جفت الزيتون ب 60 ألف طن في قطاع غزة وحده.

ويتم تجفيف مستخلص "جفت الزيتون" من بقايا الزيتون، بعد عصره واستخراج الزيت منه ويستخدم كبديلاً عن الفحم أو الحطب في عمليات التدفئة.

ويعتبر الزيتون الأسرع انتشارا من حيث المساحة المزروعة في العالم، فقد تضاعفت المساحة المزروعة بأشجار الزيتون ثلاث مرات في السنوات الأربع والأربعين الأخيرة. من 2.6 إلى 5.5 مليون هكتار.

ويتركز إنتاج الزيتون في منطقة حوض البحر الابيض المتوسط ، حيث تقع أكبر عشر بلدان منتجة للزيتون على سواحل البحر الأبيض المتوسط ويشكل انتاجها مجتمعة 95% من الإنتاج العالمي للزيتون.

وبسبب الطلب المتزايد على جفت الزيتون في بعض الدول العربية والشرق أوسطية، نظراً لاستخداماته العديدة لاغراض التدفئة وتوليد الطاقة، توجهت بعض الدول من بينها الاردن نحو وقف تصدير مادة الجفت وتوفيره للمصانع المحلية التي تستخدمه كبديل لانتاج الطاقة للمصانع، حيث ينتج 30 ألف طن من عصر الزيتون ما بين 120 – 150 ألف طن من الجفت وهو ما يعادل نحو 55 الف طن ديزل حسب خبراء ومختصون.

ويقول المشرف على المشروع الدكتور مازن أبو عمرو "مضمون جديد": لم يسبق في بلدان شرق أوسطية ابتكار مولد كهربائي يعمل باستخدام جفت الزيتون، مشيراً إلى أنه تم انجاز نسبة 80 % من المشروع، وذلك رغم الصعوبات الكبيرة التي واجهها الطلبة خلال المراحل المختلفة للمشروع، من بينها عدم توفر بعض الاجهزة والقطع اللازمة، ومشكلة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.

واضاف أن المشروع ليس سهلاً فهو عبارة عن نظام معقد يحتاج الى دراسة وقياسات مستمرة، موضحاً أن النظام الداخلي للمشروع صمم على مستوى ضغط يصل الى 6 بار، ودرجة حرارة تقدر ب 15 درجة مئوية ، وقد تم فحص الجهاز حتى مستوى 12 "بار"، وأثبت فاعليته ونجاحه، وهو ما يؤكد تحقيق عنصري السلامة والامن للمستخدمين.

ووصلت تكلفة انجاز المشروع حتى المرحلة الحالية الى قرابة 1500 شيقل، وتبلغ القيمة الاجمالية للتكلفة بعد انجاز المشروع بشكل كامل الى 3500 شيقل، حيث يتحمل الطلبة وحدهم قيمة التكلفة كاملة ، ويتوقع أن يعطي المولد الجديد ما يعادل "ا" كيلو وات من الكهرباء في الساعة، التي تبلغ تكلفتها من جفت الزيتون أقل من "نصف شيقل".

ونفى أبو عمرو أن تكون أي جهة قامت بتمويل المشروع الطلابي، منبهاً في هذا الصدد الى انعدام الانفاق الحكومي الهادف لتعزيز البحث العلمي وتشجيعه وذلك على عكس الكثير من دول العالم والتي فتحت المجال واسعاً أمام المبدعين من جيل الشباب لتشجيعهم على الاختراع والابتكار بما يعود بالنفع على مجتمعاتهم ، موضحاً أن المنحة اليابانية الهادفة لتشجيع البحث العلمي والتي تمت خلال العام الماضي 2011 ، انتهت ولم تعد قائمة.

ودعا الى اهتمام حكومي أكبر بهدف تشجيع البحث العلمي، ودعم المبدعين والمبتكرين وتخصيص جوائز خاصة بهم .

وأشار أبو عمرو الى أن المشروع الجديد بعد انتهاء المرحلة الاخيرة من العمل لانجازه التي ستتم في أقرب وقت، يمكنه أن يحل كبديل عن "المولد الكهربائي المنزلي"، كما يمكن تصميم نماذج أكبر تكفي لتغطية مدن كبيرة، وهو ما سيسهم في تعزيز وترسيخ استخدام الطاقة المتجددة، وتوفير مصدر طاقة منخفض السعر ومتوفر بشكل دائم.

واكد أن العقول العربية قادرة على الانجاز والابتكار لكنها تحتاج الى الدعم والتشجيع، مضيفاً أن مشروعهم الجديد تم الاعتماد فيه على "توربين تسلا" الذي تم اختراعه في العام 1905 على يد العالم الفرنسي "نيكولا تسلا"، وهو يستخدم الآن في مشروعهم لاول مرة من قبل مبتكرين عرب.

وتفيد الإحصائيات العالمية أن 19 % بالمائة فقط من الإنتاج العالمي للطاقة، يأتي من مصادر متجددة، اضافة الى 16% باستخدام طاقة المياه، و3 % من مصادر متجددة أخرى.