ابداع لن يسقط ثانية

بقلم : عمر الجعفري
بعد توقيع اتفاقية أوسلو وما تلاها من إفرازات وعشية دخول السلطة الوطنية الفلسطينية محافظة بيت لحم وانسحاب جيش الاحتلال منها استقبلت جماهير المحافظة الأبية القائد ابو عمار في ساحة كنيسة المهد حيث احتشد عشرات الآلاف من أبنائها تحية للفدائيين الفلسطينيين ، وفي مخيم الدهيشة الذي عانى أكثر من غيره من قمع الاحتلال وبطشه كان الاستقبال مختلفا فكتبت الشعارات وعلقت اليافطات ومن بين العبارات التي كتبت على إحدى اليافطات التي علقت عند باب المخيم " الدهيشة لن تسقط ثانية " .

يوم الخميس الماضي وأمام إصرار فريق ابداع على ان يلعب مباراته الاخيرة في دوري ممتازة السلة امام شقيقه فريق عيبال في الفارعة رحل الفريق الابداعي الى هناك في خطوة وصفها الجميع انها تضامنية مع اندية نابلس من اجل بناء صالة رياضية في نابلس جبل النار نابلس الابية نابلس المقاومة نابلس الاصرار نابلس التحدي نابلس الصمود .

كنت واحدا من الذين ركبوا في حافلة ابداع من امام المقر الرئيس لوكالة " معا " في بيت لحم حيث يقع مخيم اللاجئين الدهيشة الى الجنوب من مدينة الميلاد توجهنا جميعا الى الفارعة ، جلست بجانب اياد عبد الله واطمأنيت على أوضاعه وما تردد في وسائل الاعلام حول اعتزاله ، تحدثنا طويلا عن بطولة الدوري الممتاز وما قدمه ابداع ومستوى الفرق والاعلام الرياضي وغيرها من المواضيع ،وكان يحيى الخطيب حاضرا بنكاته وقفشاته فيما جلس مدرب فريق ابداع الاستاذ محمد عدوي الذي ينحدر من عائلة رياضية عريقة يرقب ما يدور ويشاركنا احيانا .

غادرت الحافلة المخيم الساعة الثالثة ، وكنا نخشى التأخير خاصة ان ساعات بعد الظهر تشهد حركة كبيرة للمستوطنين العائدين الى المستوطنات الغير شرعية التي زرعها الاحتلال على ارضنا ، سألت عن صديق الطفولة "خالد الصيفي " فقالوا انه توجه الى الفارعة في سيارته منذ ساعات الظهيرة .

وعندما وصلنا الى حزما قال الشباب " هنا تم رشق حافلة ابداع بالحجارة ونحن عائدين من احدى المباريات في الدوري ، ومن هنا هرب العصفور " اصطلاح يطلق على المتعاونين مع الاحتلال داخل السجون الاسرائيلية " الى الحاجز حيث احتمى بجنود حرس الحدود المتواجدين فيه " وأضافوا كنا عائدين من رام الله وعندما وصلنا الى الدوار قرب حاجز حزما القيت الحجارة علينا وشاهدنا شخصا ركب بسرعة احدى السيارات وتوجه مسرعا الى الحاجز القريب .

كان ذلك ويحيى الخطيب منهمكا بالاتصال مع احمد قنديل الذي يسكن القدس والذي تأخر وصوله ، انتظرت الحافلة عند دوار جبع في منطقة يمنع الوقوف فيها ، ونحن بانتظار " أحمد " اشاد الشباب به وبانتمائه للفريق وفدائيته ومواظبته وقالوا انه اصبح واحدا منا وهذا بالمناسبة ما يميز فريق ابداع حيث العلاقة وطيدة بين افراد الفريق .

سارت الحافلة التي تتسع ل20 راكبا وعنما مررنا بالقرب من مدخل بلدة مخماس حيث في الجهة المقابلة شق الاحتلال طريقا يوصل الى مستوطنة جبل الطويل التي تعلو مدينة البيرة وأشار الشباب الى التلة المقابلة التي تمترس عليها غلاة المستوطنين عندما القوا في مرة سابقة الحجارة على السيارات العربية ومن بينها السيارة التي كانت تقل عددا من اعضاء فريق ابداع وعددا من الإدارييه بينهم اياد عبد الله ووائل الحلمان .

واصلنا سيرنا وخوفا من التأخير تجاوزت حافلتنا رتلا من السيارات بسرعة جنونية ، كان ذلك بتشجيع من يحيى الخطيب الذي قال انه " لن يلعب المباراة بسبب الاصابة وخوفا من المضاعفات " .

هنا الفارعة هكذا قال الشباب عندما وصلنا الى مخيم اللاجئين " الفارعة التي تحيط به السهول المزروعة بأصناف كثيرة من الخضروات الفلسطينية ، وقد اسقبلنا ابناء المخيم بشارات النصر فهم تربطهم علاقات حميمة مع ابناء الدهيشة ، وقد صفق الشباب وشجعوا فريق ابداع طيلة المباراة واحتفلوا بالفوز بنفس طريقة احتفال انصار ابداع من مخيم الدهيشة ، هذا الفوز الذي يعني التتويج ببطولة الدوري الممتاز لهذا الموسم هذا التتويج الذي تعود عليه ابناء ابداع ولا يقبلون عنه بديلا كما عبر لي العديد من ابناء الكتيبة الابداعية .

وفي ساعات المساء سلم خالد الصيفي ومحمد عدوي رسالة من اندية بيت لحم الى عنان الاتير نائب محافظ نابلس كما وسلمت نسخة من الرسالة الى الحاج عدلي يعيش رئيس بلدية نابلس في حفل عشاء رائع اقيم في مطعم السطان بالمدينة الأبية تبادل فيه الجميع الكلمات المعبرة والتي اكدت على ضرورة بناء صالة رياضية تخدم ابناء نابلس شأنها في ذلك شأن بقية محافظات الوطن كما وهنأوا ابداع بتتويجه بلقب بطولة الدوري .

وأمام هذا المشهد تذكرت العبارة التي كتبها ابناء المخيم عندما استقبل الفدائيين عند دخول السلطة " الدهيشة لن تسقط ثانية " ورددت داخل نفسي ان ( ابداع لن يسقط ثانية )