|
على هذه الارض كل عشر سنوات حرب
نشر بتاريخ: 03/05/2012 ( آخر تحديث: 07/05/2012 الساعة: 00:42 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير - منذ مئة عام تعيش هذه البلاد حربا كل عشرة اعوام ، وبعد الحرب العالمية الاولى جاءت اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 ، وفي العام 1928 وقعت حادثة البراق ، وفي العام 1936 اندلعت الانتفاضة والاضراب الكبير ضد الاحتلال البريطاني ، وفي العام 1948 كانت الحرب الكبرى ، وفي العام 1956 حرب القناة ، وفي العام 1967 الهزيمة المدمرة ، في العام 1973 حرب اكتوبر ، وفي 1978 اجتياح الليطاني ، في العام 1982 حرب لبنان ، وفي العام 1987 انتفاضة الحجارة وفي العام 1996 انتفاضة النفق ، في العام 2000 انتفاضة الاقصى وفي العام 2006 حرب لبنان ، وفي العام 2008 حرب غزة وهكذا .
ويختلف كبار السن في فلسطين في قراءة المشهد ، هناك من يقول نقمة الحرب ونعمة السلام ، لكن الاكثرية تقول نقمة السلام ونعمة الحرب ، والامر سجال ، ويذهب الخطباء والبلغاء وفقهاء الكلام الى ابعد من ذلك ، منهم من يلوذ بالصمت ومنهم من يكرر نفس الكلام منذ مئة عام ومنهم من يدّعي الحداثة ومنهم من يرجع الى السلفية . وقد سقطت نظريات كثيرة في السنوات المئة الماضية ، سقطت نظريات البعث والقومية والشيوعية والغربية والوجودية والعبثية والكومبرادور والماركسية والسوق الحر والمكارثية والنخبوية البلانكية ، وقد شاهدنا في السنوات العشر الماضية كيف سقطت نظرية التكنوقراط واصبحت هباء منثورا ، فيما تتعرض نظرية الاسلام السياسي الى اخطر مواجهة مع الذات عند استلام الاحزاب الاسلامية للسلطة ، وتعتبر انتخابات الرئاسةفي مصر نموذجا خطيرا على شح الموارد العربية وصعوبة الموقف ، وان انتقال الاخوان المسلمين من المعارضة والزنازين الى القصور والاستوديوهات امرا ليس سهلا . ومنذ نيسان الماضي تعيش الاراضي الفلسطينية حالة جمود سياسي واضح ، وقد اعتصم كل طرف بما ملكت يديه من ارض ومال وسلاح ، ورغم المناوشات لا يمكن القول انها مرحلة استنزافية ، فقد رفعت سوريا لمدة ربع قرن نظرية لا معنى لها وهي ( مرحلة اللاسلم واللاحرب ) واردفها حزب البعث السوري بعبارة سوريالية تقول ( لا سلام من دون سوريا ولا حرب من دون سوريا ) والغريب ان 3 اتفاقات سلام وقعت مع اسرائيل من دون سوريا وهي كامب ديفيد واوسلو ووادي عربة ، و3 حروب وقعت من دون سوريا ومن دون الحاجة لها ، فاصبح شعار لا سلم ولا حرب مسخرة بين المثقفين والايديولوجبين وان كانت بعض القوى عملت على مجاملة الحكومة السورية لردح من الزمن . مصر خاضت مرحلة الاستنزاف بين 1973 وحتى العام 1978، فيما اعتدمت منظمة التحرير ولاحقا القوى الفلسطينية الاسلامية حزب الاستنزاف طوال هذه المدة ، وباستثناء الفصائل الفلسطينية واللبنانية ، لا يوجد اي طرف عربي يعمل او يؤمن بمفهوم حرب الاستنزاف ، بل ان معظم الدول العربية التي تخوض حرب الكلام ومحاربة التطبيع مع اسرائيل هي السبّاقة في فتح مكاتب اسرائيلية عندها وفي عواصمها !!!! مر عام ونيّف على اعلان اتفاق القاهرة للمصالحة واستقالة حكومة فياض واعلان حكومة هنية جهوزيتها للانتقال للمرحلة القادمة والانتخابات ، لكن المواطن لم ير اي تقدّم ملموس على راض الواقع . وقد حاول الرئيس عباس مع رئيس حماس خالد مشعل القاء اطار النجاة للمصالحة عبر اتفاق الدوحة دون جدوى فيما راحت اسرائيل تحطّم كل قواعد اللعبة السايسية والامنية والادارية ما خلق نكوصا شاملا عن مفهوم الدولتين .ورأينا كيف تحوّلت نظريات الخارجية الامريكية في حل الصراع الى اضحوكة بين السياسيين الدوليين ما اكّد ان موظفي وزارة الخارجية الامريكية المسؤولين عن ملف الشرق الاوسط ليس سوى اولاد هواة في عالم السياسة ، وهو الكلام ذاته الذي يقوله السياسيون في اسرائيل لكنهم يدلون بهذا الكلام امام وسائل الاعلام منعا من الاحراج . احداث سوريا ، انتخابات مصر نتائج ورة ليبيا وتونس واليمن ، مواصلة الاستيطان اليهودي وفقدان الامل اقتصاديا وسياسيا وامنيا واجتماعيا كلها عوامل تراكمية زادت من حالة الالتهاب السياسي ، وفي حال لم تشهد الساحة الفلسطينية والعربية تحسنا ملحوظا ، في حال لم تجد القضايا العالقة حلولا دولية عادلة وظلّت امريكا تبيع وهم الانتخابات وانتظار نتائج الانتخابات الاسرائيلية المبكرة ، ستشهد المنطقة كلها حروبا ومواجهات لم تشهدها من قبل . مع اعتبار عامل جديد دخل الى المعادلة وهو انه لا يوجد خطوط حمراء او دول ممانعة بعد الان ، فكل الدول مرشّحة لخوض حرب مع اسرائيل وبينها دول الجوار وحتى الدول البعيدة عن خط الحدود . فلسطينيا ،ليس هناك اي ضمانات لاي احتمال ، ونذكر هنا كيف كانت الاجهزة الامنية في السلطة تقوم بحملة امنية عام 2000 شعارها ( منع اطلاق النار في الاعراس ومصادر اية اسلحة بايدي المواطنين ) ولكن وقبل ان تنتهي الحملة كان اطلاق النار في كل شبر في فلسطين والسلاح ينتشر في ايدي الجميع واندلعت الانتفاضة . واليوم نقول ليس ثمة افضل من اتفاق فصائلي ينهي حالة الانقسام وخطر ضم الضفة ولو من الناحية الشكلية ، الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا . |