|
مكفوفو الجامعة الإسلامية يرون العالم من جهاز الحاسوب ويتصفحون الانترنت قراءة وسمع
نشر بتاريخ: 25/12/2006 ( آخر تحديث: 25/12/2006 الساعة: 12:01 )
غزة- معا- يبدو أن الدموع التي سالت على وجنتي شقيقة رئيس وزراء جمهورية ماليزيا في زيارة رسمية قامت بها سابقاً للجامعة الإسلامية توحي أن ثمة موقف مؤثر لمس إنسانيتها، ووجد له في تقديرها محلاً، فلماذا بكت تلك السيدة؟ وأين بكت؟!
لم يخطر ببال السيدة عندما وطأت قدماها مركز التقنيات المساعدة التابع لعمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالجامعة الإسلامية بغزة أن ترى كفيفاً يتعامل مع جهاز الحاسوب تماماً كما لو كان مبصراً، وأن تراه يتصفح الإنترنت قراءة وسمعاً بفضل التقنيات الحديثة المزود بها المركز، أدركت تلك السيدة بفطنتها أن هؤلاء الطلبة المكفوفين سبقوا الكثيرين من العاديين في استخدام الحاسوب، وأحيا فيهم المركز الأمل مجدداً؛ لمواصلة دراستهم الجامعية، وأخذ دورهم في بناء مجتمعهم. أمام أحد أجهزة الحاسوب في المركز جلست طالبة تعاني من ضعف شديد في البصر، تحدثت عن معاناتها قبل الانضمام إلى مركز التقنيات المساعدة فيما يتعلق بتأدية الامتحانات، وإعداد البحوث التي يطلبها المدرسون، ولفتت إلى أن كل هذه المعاناة انتهت بعد انضمامها لمركز التقنيات المساعدة، وتابعت أن المركز يوفر الكتب والمراجع الجامعية المطبوعة بطريقة بريل، فضلاً عن الرعاية الإنسانية والأكاديمية التي يوفرها القائمون عليه. أحد الطلاب كان يتعامل مع جهاز الحاسوب بسهولة، فأكثر من أيقونة تصفحها، وبدأ يستخدم البريد الإلكتروني وعدد من البرامج بيسر، وعلق على خدمات مركز التقنيات المساعدة بأنها تتيح لرواد المركز الاعتماد على أنفسهم بطرق متميزة، وأظهر حرصه الشديد على زيارته لمرات عديدة في الأسبوع. تأسس مركز التقنيات المساعدة بعمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالجامعة الإسلامية عام (2000م) من خلال برنامج شراكة بين الجامعة الإسلامية ومؤسسة الكويكرز، وقد تطور المركز ليخدم عشرات الطلبة المكفوفين في الجامعة الإسلامية. وفي هذا السياق ذكر المهندس حازم شحادة -رئيس مركز التقنيات المساعدة- أن الطالب الكفيف يواجه بعد تخرجه من الثانوية العامة صعوبة في مواصلة دراسته الجامعية، بحيث يبدأ في التعامل مع مجتمع جديد غير مهيأ للتعامل معه بالمنهج الأكاديمي، وآلية الدراسة، وأوضح أن هذه الأسباب دفعت الجامعة الإسلامية لإنشاء مركز التقنيات المساعدة، وأشار إلى أن الجامعة حرصت على تأهيل المعاقين بصرياً في مجال تكنولوجيا المعلومات، واستدرك أن ذلك يأتي في ظل وجود مؤسسات فلسطينية تعني بتأهيل المعاق بصرياً في مجالات أخرى، مثل: التأهيل الحركي، أو النفسي، أو الاجتماعي، أو المهني، ونوه المهندس شحادة إلى أن الفقر كان في حقل تكنولوجيا المعلومات. المفارقة لم تكن المفارقة في إيجاد مركز نوعي في منطقة الشرق الأوسط في مجال التقنيات المساعدة للمكفوفين، بل كانت في نشأة هذا المركز وتطوره خلال السنوات الخمس من عمر انتفاضة الأقصى، مما سجل للجامعة الإسلامية إنجازاً كبيراً، ولد في مدينة غزة المحاصرة، وقد ساهم المركز من خلال مشاركاته في ورش عمل ومؤتمرات دولية في خلق توجه لدى عدة دول لإنشاء مثل هذه المراكز. الرعاية الأكاديمية والإنسانية وأوضح المهندس شحادة أن الجامعة توفر للطالب الكفيف منحة دراسية خلال سنوات دراسته الجامعية، فضلاً عن المستلزمات الدراسية التي تعينه بالتعاون مع وزارة الشئون الاجتماعية، وأفاد المهندس شحادة أن المركز يقوم بطباعة المناهج الدراسية، وتوفير المناهج المقررة بطريقة مسموعة، إلى جانب مساعدة الطلبة المكفوفين في تأدية الامتحانات النصفية والنهائية، وتدريبهم على الوصول لمصادر المعلومات بطريقة سهلة بواسطة التقنية الخاصة، وبين أن الطلبة يأخذون المادة مطبوعة من الإنترنت، ويسمعونها عن طريق جهاز الحاسوب. وأكد المهندس شحادة أن رواد مركز التقنيات المساعدة يجيدون بسهولة استخدام عدد من برامج الحاسوب، وبرامج الإنترنت، بدءاً بتصفح المواقع، وليس انتهاءً ببرامج المحادثة، ولفت إلى أن الوصول إلى هذه المرحلة لم يكن هيناً، خاصة ما يتعلق منها بآلية تأدية الامتحانات، وإزالة المركز لأسباب الرهبة التي تتكون لدى الطلبة، وفي هذا الإطار تحدث المهندس شحادة عن توفير المركز ثلاثة خيارات أمام الطالب الكفيف عند تقديم الامتحان، منها: توفير لجنة خاصة للامتحان، يتم من خلالها توفير كاتب من الجامعة، وهو: إما موظف في الجامعة، أو متخصص في المادة، أو أن يؤدي الطالب الامتحان على الحاسوب دون مساعدة من أحد، أو أن يقرأ له أحد الأسئلة، ويجيب بمفرده على الحاسوب، وشدد المهندس شحادة على أن هذه الخيارات جلبت الراحة النفسية للطلبة المكفوفين. وعن التحدي الخاص بالحصول على وظيفة، ذكر المهندس شحادة أنه بمجرد دخول الطالب الكفيف أجواء الحياة الأكاديمية، يعتبر نفسه أمام تحدي كبير لإنجاز دراسته الجامعية، والحصول على وظيفة تؤمن حياته معنوياً ومادياً، وتحدث عن توفير المركز للطالب الكفيف الذي يتعامل معه فرصاً للعيش الكريم، وقال: "حرصنا في بعض المشاريع أن يكون لدينا فرص تشغيلية للطلاب والخريجين، وفعلاً تم استيعاب بعض المتدربين والطلبة منهم في عدد من المشاريع"، وأضاف أن الجامعة الإسلامية تطبق نظام تشغيل المعاقين، القاضي بتشغيل ما نسبته (5%) من ذوي الاحتياجات الخاصة في العمل الأكاديمي والإداري، علاوة على توفير فرص تشغيلية أخرى لبعض الوزارات. |