وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض: الأولوية لتطوير التشريعات والأنظمة والحرية لا يمكن أن تتجزأ

نشر بتاريخ: 09/05/2012 ( آخر تحديث: 09/05/2012 الساعة: 17:27 )
رام الله- معا- شدد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن معركة الحرية لا يمكن أن تتجزأ وعلى أن الحريات الصحفية تُشكلُ جزءاً لا يتجزأ من نضال شعبنا نحو الحرية والانعتاق.

وقال: "بالقدر الذي نُطلق فيه العنان لحرية الصحافة سنكونُ أكثر قدرة على ترسيخ المصداقية لرسالة شعبنا وعدالة قضيته، وتكريس المفهوم الواسع للحرية التي يُناضل شعبنا من أجل تحقيقها".

وشدد فياض على حرص السلطة الوطنية على صون الحريات الصحفية ومعالجة الممارسات التي أثرت سلباً على هذه الحريات، وشوشت المشهد العام، وأظهرت تساؤلاتٍ حول ما تم تحقيقه من انجازاتٍ على هذا الصعيد، وقال: "لقد عملنا على تكريم الصحفيين من خلال إطلاق جائزةٍ سنويةٍ لحرية الصحافة، ولكن الجائزة الأهم، التي تقع على عاتقنا مسؤوليةُ حمايتها، تتمثلُ في معالجة الثغرات ووقف أية ممارسات تُقيد العمل الصحفي، وفي إزالة الغصة التي أضرت بنا جميعاً".

جاء ذلك خلال الحديث الإذاعي الذي أفرده رئيس الوزراء هذا الأسبوع حول مهام وتحديات النهوض بواقع الحريات الصحفية كونها مكون رئيسيّ في منظومة القيم التي يُناضل شعبنا لكي تقوم على أساسها دولة فلسطين، وقال: " يأتي اليوم العالمي لحرية الصحافة للتأكيد ليس فقط على حرية الصحافة، وأهمية الإعلام في عصرنا الراهن حيث بات قوةً هامة ومؤثرة في التغيير، بل للتأكيد أيضاً على الأهميةً الاستثنائية للإعلام في إبراز روايتنا وحقوقنا الوطنية العادلة والمشروعة".

وتوقف رئيس الوزراء أيضاً في حديثه الإذاعي الأسبوعي عند معاناة أسرى الحرية في السجون والمعتقلات الإسرائيلية الذين لجأوا للإضراب عن الطعام كملاذٍ أخير لنيل حقوقهم وكرامتهم الإنسانية، وقال: ونحنُ في إطار الحديث عن الحرية والحريات الصحفية، لا بد لي من التوقف أمام معاناة أسرى الحرية وهم يواصلون إضرابهم عن الطعام لنيل الحد الأدنى من حقوقهم الطبيعية والإنسانية والقانونية، وفي مقدمتها إلغاء سياسية العزل الانفرادي اللاإنسانية والاعتقالات الإدارية". ودعا فياض حكومة إسرائيل للتوقف عن سياسة المماطلة وحملّها المسؤولية الكاملة عن حياة أسرانا، كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان والقوى الدولية المؤثرة، بما فيها المؤسسات الحقوقية الدولية للتدخل الفوري لإنقاذ حياة أسرانا في سجون الاحتلال وإلزام إسرائيل بالاستجابة لمطالبهم.

وأكد رئيس الوزراء على أنه قد آن الأوان لأن يتعامل المجتمع الدولي بجديةٍ أكبر مع ملف الأسرى، وبما يشمل مكانتهم القانونية، وفقاً للمواثيق الدولية ذات الصلة بما فيها اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة إلى اتفاقية لاهاي، واتفاقية مناهضة التعذيب، وقال: "هذا يعني أيضاً إطلاق سراحهم دون تمييز، وفي مقدمتهم الأسرى الأطفال، والمرضى والنساء وقدامى الأسرى المُعتقلون منذ ما قبل أوسلو، وأعضاء المجلس التشريعي". ووجه فياض كلمةً إلى أسرى الحرية، وقال: "نحن معكم، وشعبنا يقف موحداً لتحقيق مطالبكم وصون كرامتكم، فأنتم رمز كرامتنا، وحريتكم هي عنوان حرية شعبنا التي نُناضل جميعاً من أجل تحقيقها".

وجدد فياض خلال حديثه التزام السلطة الوطنية المُطلق بحماية وصون الحريات العامة، وخاصةً حرية التعبير والعمل الصحفي، وبما يشمُل الالتزام بوضع الضمانات التشريعية والقانونية والإجرائية التي تضمن عدم المساس بهذه الحريات. وأكد أنه ولترسيخ الحريات الصحفية وتمكين الصحفيين من إيصال رسالة ومعاناة شعبنا بدرجةٍ كافية من التأثير والمصداقية فلا بد من معالجة الصعوبات التي واجهت العمل الصحفي والعاملين فيه، وقال: نُدرك الصعوبات التي اعترضت مسيرة العمل الصحفي وشعور العاملين فيه بوجود قيود على حريتهم في التعبير، وهذا أمرٌ لا يمكن لنا أن نتجاوزه إذا ما كان لنا أن نكون جادين في إجراء معالجةٍ سليمة تضمن ترسيخ الحريات الصحفية، وتمكين الصحفيين من العمل والإبداع، ومن التعبير عن مواقفهم بحرية ودون قيود لإيصال رسالة شعبنا للعالم بدرجةٍ كافيةٍ من الإقناع والمصداقية والتأثير، والإسهام أيضاً في نقد أية ثغراتٍ أو نواقص في عملنا الحكومي، وبما يُساهم في معالجتها، ويُعزز المساءلة والمُكاشفة، وتوفير الأجواء الكفيلة باستنهاض طاقات شعبنا لمزيد من الانخراط في تعميق عملية البناء والجاهزية لإقامة الدولة".

وأكد رئيس الوزراء على أهمية إعطاء الأولوية لتطوير منظومة التشريعات والأنظمة، وبما يشمل قانون المطبوعات والنشر لعام 1995، والإجراءات الكفيلة بسد جميع الثغرات التي يمس استمرار وجودها بمنظومة القيم التي نسعى لإقامة دولة فلسطين على أساسها، ويُعيق العمل الصحفي ومصداقيته وقدرته على التأثير في الرأي العام العالمي.

كما أكد فياض على ضرورة تكريس حالة الانفتاح على المجتمع ووسائل الإعلام، ومعالجة التوجه العام إزاء ما هو مقبول ومُمكن، وما هو غير مقبول، أو موضع شك، وقال:" إن هذا الأمر يتطلب ضرورة إجراء نقاشٍ مسؤول حول هذه المسألة من كافة جوانبها بهدف الوصول إلى درجةٍ من التوافق أكثر وضوحاً وشمولية، وحسم التباين أو الخلاف حول مساحة الحريات الصحفية من خلال التوازن في المعالجة من منطلق حساب الربح والخسارة"، وأضاف: "ونحن نبحث عن نقطة التوازن المعقولة ما بين إطلاق العنان للحريات دون حدود، وبين تسييجها نوعاً ما، يجب أن نختار إطلاق هذه الحريات بأقصى درجةٍ مُمكنة. وإذا كان لا مناص من الوقوع في الخطأ، ونحن نتوخى هذا التوازن، فليكن الخطأ لجهة إطلاق العنان لحرية التعبير، وليس في اتجاه تقييدها". وأشار رئيس الوزراء إلى أن المصلحة الوطنية تتطلب أن نتمكن من الوصول إلى تلك النقطة التي يتحقق فيها توافقٌ عام حول ما يُمكن أن يُسمى "شططاً" أو "إسفافاً" ينبغي رفضه، وفي نفس الوقت، وبالرغم من عدم القبول به، ألا يشكل هذا "الشطط" أو "الإسفاف" منطلقاً للملاحقة القضائية. وتابع: " إذا وصلنا إلى هذه النقطة نكونُ قد نجحنا في مسعانا".

وحول الإجراءات الإدارية أكد فياض على أنها تتطلب أيضاً المعالجة الموضوعية، وقال: "التوقيف على سبيل المثال صلاحية أجازها القانون، ولكنها صلاحية تقديرية، وليست وجوبية. وبالنظر لأنه ليس لدينا تقليد راسخ يُمكن الاعتماد عليه أو الاسترشاد به ونحن نمارسُ مثل هذه الصلاحيات التقديرية، فإن الأمر يستدعي وضع معايير موضوعية تؤشر باتجاه الكيفية التي تُمارس بها هذه الصلاحيات التقديرية ومدى نجاعة هذا الإجراء أو ضرورته".

وشدد فياض على أهمية التعاون للتوافق على أسسٍ ومعايير موضوعية تُوجه عملية ممارسة الصلاحيات التقديرية، ومعالجة الحلقات الأخرى في هذه المنظومة للوصول إلى نقطةٍ يكون فيه التوافق بدرجةٍ عالية حول ضمان الحريات وصونها، وقال: "الحرية لا تتجزأ، وشعبنا تواقٌ لها، وتواقٌ للخلاص من الاحتلال ومن طغيانه وإرهاب مستوطنيه".

وفي ختام حديثه، جدد فياض التزام السلطة الوطنية بمواصلة العمل لتحقيق هذه الأهداف والقيم السامية.