وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"العليا" ترجئ- والمعلمون المفصولون يتساءلون عن أسباب تغيّب القضاة

نشر بتاريخ: 14/06/2012 ( آخر تحديث: 14/06/2012 الساعة: 18:58 )
رام الله- معا- أرجأت محكمة العدل العليا، اليوم الخميس، البت في قضية المعلمين المفصولين من عملهم، وذلك دون عقد جلسة محاكمة، في ظل عدم اكتمال النصاب القانوني للقضاة، رغم أن جلسة اليوم كانت مخصصة للنطق بالحكم.

هذا التأجيل أثار حفيظة المعلمين ومحاميهم، وممثلي المؤسسات القانونية والحقوقية في فلسطين، الذين تساءلوا عن أسباب تغيب عدد من القضاة عن جلسة مخصصة للنطق بالحكم، ولكنهم احتفظوا بالكياسة واللباقة تجاه عدالة القضاء الفلسطيني.

المعلمون المفصولون من وظائفهم رأوا في التأجيل "تهرباً واضحاً" من القضاة لعدم اتخاذ قرار ينصفهم، ويعيد لهم وظائفهم، ويمنحهم أتعابهم المالية عن السنوات التي فصلوا خلالها.

ونظم المعلمون المعتصمون اعتصاماً أمام مقر المحكمة في رام الله، للتعبير عن رفضهم لهذا التأجيل، واتهموا في هتافاتهم المحكمة بأنها تعمل وفق أجندات سياسية، وليست ضمن أصول المحاكمات والقضاء.

وفي هذا السياق، أكد محامي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان غاندي الربعي "إن التأجيل كما تم إبلاغ المحامين به كان لعدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجلسة، وهذا إجراء قانوني"، رافضا التعليق عليه ومبدياً احترامه له.

وأضاف الربعي: أتحدث عن هؤلاء المعلمين الذين فصلوا بشكل مخالف للقانون، وهم مظلومون منذ 4 سنوات ولا يجدون عدالة لهم، سؤالي الكبير هو: هل سنسمح بنظامنا الفلسطيني ككل أن يوجد فلسطيني واحد بدون عدالة أو خارج نطاق العدالة، يجب أن نخجل من النظر إلى أبنائنا.

وتساءل الربعي: "لماذا لا توجد محاكم مختصة للنظر بالقضايا على وجه الاستعجال كما ينص عليه قانون أصول المحاكمات المدنية، على محكمة العدل العليا أن تنظر بالطلبات المقدمة لها على وجه السرعة، لأنها متعلقة بحقوق الموظفين، متعلقة بلقمة عيشهم، فكيف نسمح بذلك".

وأكد الربعي "أن المعلمين المفصولين فصلوا بشكل مخالف للقانون عبر تخلي وزيرة التربية والتعليم عن صلاحياتها، عندما قبلت أن تتحكم بها الأجهزة الأمنية، فهي تحصل على راتبها باسم الشعب الفلسطيني وبالتالي يجب ألا تتخلى عن مسؤولياتها، فالقانون واضح وقرار التعيين بيد الوزيرة كذلك بيدها قرار الفصل، فيكف تسمح الوزيرة أن ترسل كتاباً تقول أن الأجهزة المختصة لم توافق على تعيين الموظف، فهذا تخلٍ عن اختصاصها، وأنا أطالب المجلس التشريعي الفلسطيني حال انعقد ان يفتح تحقيقاً بكل هذه المسألة".

من جهته، اعتبر عضو المجلس التشريعي إبراهيم أبو سالم إن الفصل من العمل كان قراراً سياسياً وهو قرار قائم على ظلم، وعلى النظر إلى الناس على أنهم فرقاء، مشيراً إلى أن المعلمين المفصولين هم شريحة كبيرة من المجتمع، فهم تعبوا وسهروا حتى حصلوا على شهاداتهم، ثم عملوا لفترات طويلة، ليأتي القرار السياسي ليحرمهم من أرزاقهم ليقطع أعناقهم وأعناق عائلاتهم.

واعتبر أبو سالم قرار الفصل بأنه "جريمة إنسانية لا ينبغي أن تكون في الشارع الفلسطيني، فهؤلاء نموذج من عشرات آلاف المفصولين من مختلف التخصصات لهم كرامات، ولهم أسر، نعتبر أن هذه الجريمة بفصل المعلمين من مدارسهم جريمة على الصعد كافة.

واعتبر أبو سالم أن استمرار التأجيل هو استمرار للظلم، وقال: كل دقيقة يبقى هؤلاء المعلمين خارج وظائفهم وبعيداً عن مدارسهم هذه الدقيقة تعتبر جريمة إنسانية لا يجوز أن تؤجل المحكمة دقيقة واحدة.
|178823|
وأضاف النائب أبو سالم: "لا ينبغي أن تكون المحكمة مسيسة أو لها علاقة بالسياسة، أو يقولون نحن ننظر ماذا سيجري في القاهرة، ذاك موضوع آخر، هذا الموضوع مستقل استقلالاً تاماً، يجب أن نعطي هؤلاء حقوقهم، ويجب أن تعقد المحكمة وأن تعيدهم إلى أعمالهم، وأن تصرف لهم جميع مستحقاتهم منذ أن فصلوا ولغاية الآن".

من ناحيته، قال مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين إن التأجيل المستمر للقضية يضع علامات استفهامات كثيرة حول موضوع فعالية القضاء ونجاعته، حول العدالة والانصاف في فلسطين.

وأضاف جبارين: أثق بالقضاء ثقة كبيرة، ولكن أقول أن عملية التأجيل بهذه القضية وتأجيل البت بها دون إبداء أسباب ومصوغات موجبة تجعل من القضاء موضوع تساؤل لدى الموظفين والجمهور، آمل أن ينتهي الأمر ويحسم.

وأكد جبارين: قد يكون للسياسة وما يجري بالقاهرة آثار حول موضوع التأجيل، قد تكون هناك انقسامات في الآراء بين القضاة، ولكن يجب أن يحسم هذا الأمر ولصالح الأشخاص المفصولين، ففصلهم مخالف للحقوق الدستورية المكفولة، وهو فصل تعسفي، يجب أن يعو هؤلاء الموظفين إلى وظائفهم، ويعوضوا عن الفترة السابقة لأن فصلهم تم على أساس سياسي.

وأضاف جبارين: اللجنة الفلسطينية المستقلة للتحقيق في تقرير غولدستون أشارت إلى هذا الموضوع بوضوح، وطالبت بعودة هؤلاء إلى وظائفهم، ولكن للأسف الشديد استمر الأمر وطال، والقضاء إذا أراد أن يتعزز باستقلاليته ومكانته في وعي الجمهور وفي المجتمع، فعليه أن يلعب الدور الضامن للحقوق والحريات، لذا يجب أن تحسم القضية إيجابياً وبشكل سريع.

يذكر أن الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، وهي الجهة التي تختصم الحكومة في القضية، تشير إلى أنه وفقا لعدد القضايا التي قدمت للقضاء إن هناك نحو 500 معلم ومعلمة قد تعرضوا للفصل من وظائفهم.

المركز الاعلامي القضائي: التأجيل لأسباب فنية

بدوره،أكد المركز الإعلامي القضائي التابع لمجلس القضاء الأعلى أن عملية تأجيل الجلسة، اليوم، كانت لأسباب فنية طارئة لها علاقة بعدم اكتمال النصاب القانوني لهيئة المحكمة المكونة من 19 قاضياً من قضاة المحكمة العليا، وهو سبب قانوني حيث يعتبر انعقاد هيئة المحكمة بدون اكتمال نصابها مخالفا للقانون حسب قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية لسنة 2001.

وأكد المركز الإعلامي في بيان وصل"معا" أنه ليس للتأجيل أي علاقة بالشأن السياسي، ودعا كافة الأطراف لعدم التأثير على قرارات المحكمة حيث يعتبر هذا التأثير تدخلا بعمل القضاء ومخالفا للقانون.

وقال المركز إن قرار المحكمة لم يصدر بعد وأكد أن القرار سيصدر متفقا مع صحيح القانون ومنصفا لأصحاب الحقوق.