وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

برنامج غزة للصحة النفسية ينظم ورشة عمل بعنوان حق ضحايا التعذيب

نشر بتاريخ: 26/06/2012 ( آخر تحديث: 26/06/2012 الساعة: 19:14 )
غزة -معا- نظم اليوم برنامج غزة للصحة النفسية بالتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بغزة ورشة عمل بعنوان "حق ضحايا التعذيب في المساندة والتأهيل"، بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي يصادف 26 يونيو من كل عام و بمشاركة عدد من المختصين النفسيين والاجتماعيين والحقوقيين، وكذلك باحثين في شؤون الأسرى والمحررين وبمشاركة عدد من الأسيرات والأسرى المحررين وذوي الأسرى، وذلك في قاعة فندق جراند بالاس بغزة.

وبدأت الورشة بكلمة مدير عام برنامج غزة للصحة النفسية الدكتور أحمد أبو طواحينة أكد فيها أن المجتمع الفلسطيني يهتم بشكل كبير في قضية طالما أرقت كل بيت فلسطيني وهي الاعتقال والتعذيب على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي التي لا يتورع عن استخدام كل الطرق والوسائل للسيطرة على الضحية والحكم عليه.

وقال أبو طواحينة أن الإحصائيات تشير أن عدد المعتقلين الفلسطينيين يبلغ نصف مليون فلسطيني تعرض العدد الأكبر منهم لأساليب بشعة من التعذيب النفسي والجسدي ولكن كل ذلك لم يكسر إرادة المعتقل بل وسجل انتصارات على السجان في معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها، موضحاً أن استخدام تلك الوسيلة أثرت بشكل سلبي على صحة السجين ونفسية ذويه.

وأوضح أن هذه المناسبة التي تأتي في ظل اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب يجب أن تذكرنا أن الاهتمام بقضايا المعتقلين وذويهم يجب أن تبقى على سلم أولويات المسؤولين بشكل خاص والشعب الفلسطيني بشكل عام داعيا إلى توحيد كل الجهود الوطنية بغرض الاتفاق على آلية موحدة أكثر فاعلية لخدمة المعتقلين وذويهم.

وطالب السلطة في الضفة وغزة بإنهاء ملف الاعتقال السياسي وذلك كونه من العار أن يعتقل الفلسطيني ويعذب على أيدي الفلسطينيين والجميع منا ما زال يعيش تحت الاحتلال الذي يعتقل ويعذب أيضاً.

من جهته أشار مسؤول حقوق الإنسان في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في غزة صابر النيرب إلى أن تخصيص يوم عالمي لضحايا التعذيب يأتي من أهمية مساندة هؤلاء الضحايا حسب ما نصت عليه المواثيق والقوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان لأن عدم التعرض للتعذيب هو حق من الحقوق لا يمكن الانتقاص منه بأي شكل من الأشكال لأنه يمس كرامة الإنسان.

وأوضح النيرب أن اسوأ ما يتمخض عن التعذيب هو مسه بالكرامة الإنسانية وتأثيره على المستويات النفسية والاجتماعية والمادية، مشيراً الى أنه رغم التعقيدات التي تمر بها الحالة الفلسطينية إلا أن التعذيب يمارس على الفلسطيني من ثلاثة أطراف سواء من الاحتلال أو من أجهزة الأمن في الضفة أو من أجهزة الأمن في غزة، وبالتالي من الضروري الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني دون النظر إلى دينه أو لونه أو انتمائه الحزبي كما نصت عليه القوانين الفلسطينية ذات الصلة.

ودعا الحكومة في الضفة والحكومة المقالة في غزة إلى وقف كل أشكال الاعتقال السياسي والتعذيب، وإلى وضع البرامج والخطط التي من شأنها مساندة ضحايا التعذيب وتعويضهم مادياً ومعنوياً والكف عن كل ما يحط من كرامتهم الإنسانية.

وكانت الورشة التي قسمت إلى جلستين حيث ترأس الأولى منها حمدي شقورة من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وتحدث خلالها صابر النيرب في ورقة العمل التي تقدم بها بعنوان :نظرة على الاتفاقيات الدولية حول التعذيب والحق في التأهيلن قدم خلالها تعريفاً قانونياً للتعذيب غير المرتبط بزمن معين أو بأشخاص معينين كما أن له تأثيرات على الفرد والمجتمع والغاية منه تعميم ثقافة الخوف.

وتلا النيرب بعض النصوص القانونية التي وردت في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان حول ضحايا التعذيب ومنحهم الحقوق كاملة التي تبدأ بجبر الضرر من قبل الحكومات التي مارست التعذيب من خلال مساعدة ضحايا التعذيب بإعادتهم إلى وضعهم السابق وتعويض الضحايا عما فقدوه ومن ثم تأهيلهم النفسي والاجتماعي وعلى المستوى الوطني وأن تكون الخدمات المقدمة في متناول يد الجميع بالإضافة إلى رضا ضحايا التعذيب عن هذا التعويض مع ضمان عدم تكرار تجربة التعذيب.

وشدد النيرب على ضرورة أن تجد الدول التي يمارس التعذيب لديها آليات للتحقيق مع مرتكبي التعذيب ومحاسبة هؤلاء المرتكبين الذين سرعان ما يفلتوا من العقاب والمحاسبة لعدم وجود قوانين وتشريعات تنظم العلاقة بين المسئول والمواطن ومحاسبة المسئول الذي يخطئ داعيا المجتمع الفلسطيني إلى التركيز على ظاهرة التعذيب من أجل تصحيح الأوضاع.

بدوره قدم مدير وحدة البحث الميداني بمركز الميزان لحقوق الإنسان سمير زقوت ورقة عمل بعنوان: واقع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية "الاعتقال الإداري والحبس الإنفرادي من زاوية حقوق الإنسان" أوضح فيها أن الجميع شارك في الاعتصامات الاحتجاجية تضامناً مع المعتقلين الإداريين في السجون الاسرائيلية الذين اضربوا عن الطعام للمطالبة بوقف اعتقالهم ادارياً حيث كان الأسير خضر عدنان أول من خاض هذا الاضراب وانتصرت معركته ومن تبعه على السجان الاسرائيلي وسياسته.

وبين زقوت ان المعتقلين الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية حسب قانون المقاتل الغير شرعي يعيشون حياة صعبة من ناحية نفسية أكثر من المعتقلين الآخرين الإداريين وغيرهم كون المعتقلين لا يعرفون مدة محددة لاعتقالهم لأنهم لا يخضعون الى المحاكمة، موضحا ان هذا الاعتقال أصبح نافذا.

من جانبه قدم الباحث المختص في شئون الأسرى عبد الناصر فروانة في ورقة العمل التي تقدم فيها بعنوان "أداء المؤسسات الوطنية في رعاية ضحايا التعذيب الحكومية ومنظمات المجتمع المدني" نبذة عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والتي وصل عددهم منذ العام 67 وحتى الآن نحو 750 الف معتقل تعرض جميعهم للتعذيب بشتى أنواعه موضحاً انه مازال في السجون الإسرائيلية يقبع 4600 أسير منهم 230 طفلاً و 302 معتقل اداري.

وتطرق فروانة إلى التعذيب وآثاره النفسية الحركية على ذوي الأسرى والذين يتعرضون للتفتيش العاري وأحياناً إلى الاعتقال والمنع من الزيارة وقصر الزيارة ، ان تحت وراء حاجز زجاجي لا يسمح لهم بالملامسة او حتى الاستماع لبعضهم البعض بالشكل المطلوب مشيراً إلى ضرورة وجود اعلام قوي يسلط الضوء على هذه الجرائم الدولية.

وفي الجلسة الثانية التي ترأستها الدكتورة مريم أبو دقة وبدأت بعرض فيلم وثائقي من انتاج المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان والباحث عبد الناصر فروانة عن الأسرى ومعاناتهم ومعاناة ذويهم، قدمت المحامية صبحية جمعة من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ورقة عمل بعنوان "واقع التعذيب في الأراضي الفلسطينية المحتلة" قالت فيها إن موضوع التعذيب برغم أنه انتهاك لحقوق الأفراد ويحط من كرامتهم فهو لم يأخذ في القوانين الفلسطينية الحيز المناسب والضروري كما أن التعذيب لم يذكر بهذه القوانين بالنص الحرفي لكلمة وفعل التعذيب وإنما تم الإشارة اليه بكلمة وقوع أذى.

وأوضحت جمعة أن سلطة القضاء في قطاع غزة تعمل بقوانين وتشريعات صدرت في جلسات كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي بغزة ولا تطبق إلا في غزة فقط كما أن هناك قرارات بقوانين ومراسيم رئاسية صدرت من قبل الرئيس محمود عباس في الضفة لا تطبق إلا من قبل سلطة القضاء في الضفة فقط، مشددة على ضرورة إعادة النظر في كافة هذه القوانين والتشريعات والمراسيم الرئاسية إما بالإلغاء أو التعديل في أول التئام للمجلس التشريعي في شقي الوطن.

من جهته تحدث الأسير المحرر شعبان حسونة في ورقة عمله بعنوان تجربة الأسر والتعذيب والتأهيل من وجهة نظره عن تجربته الإعتقالية قائلا إن تاريخ الحركة الأسيرة بدأ منذ العام 48 وما قبله حيث اعتقل الكثير من الفلسطينيين على أيدي المستوطنين وتم قتلهم بعد تعذيبهم أشد العذاب وما عليه المعتقلون اليوم هو أشد قسوة ومرارة حيث يمارس في حق المعتقلين الفلسطينيين ابشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي على مدار الساعة وبشكل ممنهج ومبرمج، وأشار حسونة إلى أن الأسير حين يزج في الأسر يصبح أسيراً لدى مصلحة السجون التي تتفنن بممارسة أبشع انواع التعذيب على كل حاسة من حواس الإنسان سواء السمع بالضجيج العالي والنظر بعصب العينين والشم بسكب الماء في الأنف والجلد بالضرب والتذوق بوضع ابشع انواع الطعام الفاسد مؤكدا على ان كافة من اعتقلوا مورس ضدهم اشكال التعذيب هذه.

الأخصائي النفسي والاجتماعي ببرنامج غزة للصحة النفسية الدكتور سمير زقوت قال في ورقة عمله بعنوان التأثيرات النفسية وبرامج التأهيل لضحايا التعذيب في فلسطين" إن للتعذيب استراتيجية منظمة يستخدمها المحتل لتقويض الإنسان فسيولوجيا وإيصاله إلى نقطة الصفر ليسهل عليه السيطرة عليه وسلبه حقوقه المشروعة كإنسان وصهر وعيه.

واعترض زقوت على ما تقوم به السلطة من دفع مبالغ للإسرائيليين لتقديم الكنتين والأكل والدواء للأسرى في سجونهم الأمر الذي يعفي الاحتلال من مسئوليته القانونية عن الأسرى وحياتهم من حيث الأكل والملبس مطالبا بوقف صرف هذه المبالغ وتخصيصها للأسرى الذين يحرروا من الأسر لتأهيلهم ودمجهم في المجتمع بعد انقطاع دام طويلاً عنه.

وفي ختام الورشة أوصى المشاركون في الورشة بضرورة التوقيع على وثيقة عمل مشتركة من قبل كافة مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات ذات العلاقة بحقوق الإنسان لمطالبة الجهات الدولية والمحلية بالضغط على مرتكبي جرائم التعذيب لوقفه ومساندة ضحاياه مادياً ومعنوياً، مطالبين المؤسسات الحقوقية والإنسانية بتوظيف تجاربها وعلاقاتها الدولية للضغط على المجتمع الدولي من أجل تشكيل لجنة دولية للتحقيق في كل أساليب وصنوف التعذيب المختلفة المتبعة في السجون الإسرائيلية والتي أدت إلى استشهاد المئات من الأسرى والتسبب في عاهات مستديمة وأمراض نفسية وجسدية مزمنة لآلاف آخرين.

كما طالب المتحدثون منظمات المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية والمحلية والأحزاب السياسية للتحرك لوقف الانتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين وخاصة قانون المقاتل غير الشرعي والاعتقال الإداري وإلزام سلطات الاحتلال بواجباتها القانونية في احترام حقوق المعتقلين في الحماية من التعذيب وسوء المعاملة