وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز "بيت المقدس للأدب" ينظم ندوة بالتعاون مع مكتبة بلدية البيرة

نشر بتاريخ: 27/06/2012 ( آخر تحديث: 27/06/2012 الساعة: 14:21 )
رام الله- معا- أجمعَ أكاديميون ومثقفون فلسطينيون على ضرورة الاستفادة من فكر وفلسفة المفكر الفرنسي الراحل روجيه غارودي الإنساني؛ خدمةً للقضايا العادلة، والاستفادة من منهجه النقدي الذي استطاع من خلاله تفكيك الأساطير الصهيونية، وتعرية هيمنة الحضارة الغربية.

وأكد المشاركون في ندوة بعنوان " المفكر روجيه غارودي: حياته وثقافته" نظمها مركز بيت المقدس للأدب والنشر بالتعاون مع مكتبة بلدية البيرة في مقر البلدية أمس، أن غارودي ترك إرثاً كبيراً ومتميزاً من الفكر والثقافة ساهم في إرساء معالم واضحة في نقد الماركسية والصهيونية والمركزية الغربية، متجاوزاً في الوقت ذاته كثيراً من المسلّمات والثوابت في العالم الغربي، والتي أثارت جدلاً وصراعاً لا تزال ذيوله مستمرة لغاية الآن.

د.عبد الكريم أبو خشان؛ أستاذ اللغة العربية في جامعة بيرزيت؛ أكّد في مداخلته المعنونة بـ "المراحل الثقافية في فكر غارودي" أن هذا المفكر ترك خلفه إعصاراً من الفكر والثقافة وجيلاً من المثقفين، مشيراً إلى أن غارودي كان مفكراً متشككاً وصدامياً ومواجهاً في الوقت الذي كان فيه الكثيرون يركنون إلى الراحة، ويبتعدون عن الجدل والمشاكل.

وتحدث د. أبو خشان عن حياة غارودي، حيث بيّن أنه درس الفلسفة المادية، وأعدّ أطروحة الدكتوراه الأولى حول النظرية المادية في المعرفة، فيما تناولت الأطروحة الثانية مفهوم الحرية.

وذكر أن غارودي راجع الماركسية ونقدها، الأمر الذي شكّل صدمة لمعتنقيها، خاصة عندما نقد مفاهيمها الستيالينية، وأنها قد دخلت في مأزق فيما يتعلق بإنشائها ومقولاتها، منوّهاً في الوقت ذاته إلى أن غارودي ركّز في كتاباته على مبادئ الإيمان، والفكر، والفن، والحُب، والثورة.

وأشار د. أبو خشان إلى أنّ غارودي أكد دوماً أن مركزية الحضارة الغربية وهْم، وأن المأساة تكمن في تصديق الثقافات الأخرى بأن هذه الحضارة هي فعلاً المركزية، مضيفاً أن الفيلسوف غارودي كان مسلماً إنسانياً، ويرى في الإسلام ديناً يُجيب عن كافة أسئلة الحياة، وأنّه لم يفصِل العلم عن الحكمة، أو الإيمان عن المعرفة.

بدوره تطرق د. أحمد رفيق عوض؛ الروائي وأستاذ الإعلام في جامعة القدس، إلى موقف غارودي من الصهيونية، مبيّناً أن غارودي أثار جدلاً كبيراً من خلال كتاباته، لا سيّما كتابه "الأساطير المؤسسة للدولة الإسرائيلية"، منوّهاً إلى أن غارودي قال للغرب الذي هو خالق الصهيونية أن هذه الحركة في الأساس ضدكم؛ لأنكم أخرجتم جماعات تاريخية وحولتموها إلى شعب مقدس، أو بقرة مقدسة، وضحية مقدسة على حساب شعب آخر.

وذكر د. عوض أن غارودي أكد على أن الصهيونية جعلت من العالم عالماً اسود ، منوّهاً إلى أن الأصولية والعلمانية في الغرب أسوأ مما هي عليه في الشرق، كما نقد مواقف وسياسات فرنسا عبر محاكمتها ومطاردتها لغارودي وسواه بحجة العداء لليهودية، متسائلاً : كيف يمكن لهذه الدولة التي تفجرت فيها الثورة الفرنسية والمطالبة بالحرية والعدل والمساواة أن تطارد المثقفين وتعتقل المفكرين.

من جانبه تناول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت الأستاذ سميح حمودة رؤية غارودي في السياسة الأميركية، حيث بيّن أن غارودي كان يؤكد في دراساته ومؤلفاته على أن أميركا انحطّت إلى أدنى المراتب، وأنها دولة بلا أخلاق، وتتمسك بمضامين مادية بحتة، قامت على أساس أسطوري يشوه الدين المسيحي.

وقدم حمودة نقداً مستفيضاً لعداء أميركا للدين المسيحي، موضحاً أن أميركا هدفت إلى تحطيم ثقافة الآخر والسيطرة على موارده، وتزييف الوعي لدى الآخرين، مدللاً على ذاك بالعديد من القصص والأحداث التي كان ضحيتها الهنود الحمر، سكان أميركا الأصليين، وسواهم من الدول التي وقعت تحت نير الهيمنة الأميركية وسطوتها.

وبيّن أن فلسفة غارودي الاقتصادية كانت تؤمن بقدرة النظرية الماركسية في المسألة الاقتصادية، إلى جانب أنه كان مؤمناً بالاشتراكية من منطلق رفع الظلم وتحقيق حقوق الإنسان. وطالب حمودة بضرورة الاستفادة من إرث وفكر غارودي في التوافق الحضاري الإنساني القائم على التعاون والإخاء لا على الظلم والإقصاء.

يُشار إلى أن الندوة التي أدارها الأستاذ صابر زيادة تضمنت العديد من المداخلات والاقتراحات من قبل المشاركين.