وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

موقع الاتحاد الدولي :ترسيخ مكانة المستديرة الساحرة في فلسطين

نشر بتاريخ: 11/07/2012 ( آخر تحديث: 12/07/2012 الساعة: 11:08 )
بيت لحم - معا - موقع الاتحاد الدولي - عندما قام رئيس الفيفا جوزيف سيب بلاتر بمنح اتحاد كرة القدم الفلسطيني "جائزة التطوير FIFA" الأولى في حفل أفضل لاعب في العالم FIFA لسنة 2008، شرح سبب ذلك بالقول إنه: "اعترافٌ بالمهمة الصعبة التي اضطلع بها للحفاظ على كرة القدم حية."

أتت الجائزة تكريماً لما قام به الإتحاد الوطني، فعلى الرغم من العقبات في وجه تطوير كرة القدم الناتجة عن صراع الشرق الأوسط، مثل القيود المفروضة على الحركة من وإلى الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وهو ما يفرض على اللاعبين والمدربين والمسؤولين الرياضيين الفلسطينيين ـ كما هو الحال بالنسبة لبقية اللاعبين الفلسطينيين ـ الحصول على تأشيرات لدخول أو خروج من هذه الأراضي. أدت كلّ هذه الجهود إلى نجاح اتحاد كرة القدم الفلسطيني بتطوير اللعبة، وهو ما يتجسّد بزيادة عدد الشبان الذين ينخرطون بعالم كرة القدم في المحافظات الست عشرة.

وفي مسعى حثيث للإستفادة من هذه الحماسة، حَمَل FIFA برنامج Grassroots إلى الأراضي الفلسطينية في أبريل/نيسان. ولضمان استفادة الحُكام من كافة المناطق، تجاوز منظمو الدورات القيود المفروضة على الحركة عبر إجراء ثلاث دورات منفصلة في مناطق الشمال والجنوب ووسط الضفة الغربية، ودورة أخرى في غزة.

جرت الدورة الأولى في شمال الضفة الغربية في مدينة نابلس التي تُعتبر مركزاً تجارياً يقع على الطريق الواصل بين عاصمة إسرائيل تل أبيب والعاصمة الأردنية عمّان. ومعلومٌ أن نابلس تحوّلت إلى بؤرة للنزاع عندما اندلع مجدداً في بداية الألفية الثانية.

كان طيف العنف الذي خيّم على المدينة في السنوات الأخيرة بعيداً عن المشهد السائد في ملعب المحافظة خلال انعقاد الدورة. فبينما كان حوالي 130 شاب متحمس يناورون بالكرة ويمررونها ويسددونها برأسهم في أرجاء المستطيل الأخضر، تعالت أصوات الهتافات وصيحات التشجيع من المدربين المحليين.

تبدأ كل دورة في إطار هذا البرنامج بتدريب المدربين المحليين الذين طُلب منهم التركيز على ضمان أن يُنهي الأطفال الدورة بابتسامة تعلو وجوههم. ومن ثم يتم تنظيم نشاطات موحدة لإجراء مهرجانات تتمحور حول مباريات كرة قدم بفرق يبلغ عدد لاعبيها أربعة أو خمسة، وتمرينات لتطوير المهارات. وقد تم تعديل نظام المباريات بحسب قدرات الأطفال بحيث يُسمح لهم بالانخراط في كافة مستويات كرة القدم وملامسة الكرة أكبر عدد ممكن من المرات وخلق فرص تهديفية.

شغفٌ فلسطيني
وقال جمال لحرش أحد خبراء FIFA من وفدٍ مكون من ثمانية خبراء يسعى لدعم المدربين المحليين الشباب وتحفيز للفتية في أرجاء فلسطين: "يعتبر المهرجان جزءاً محورياً من الدورة. يمنحنا هذا فرصة الإشراف على المدربين الشبان والفتية أثناء اللعب والتعرف على ما تعلّموه حول [برنامج] كرة القدم للقواعد."

وتعتبر تقنيات تلاعب الأطفال بالكرة مذهلة بالنسبة لهذه الفئة العمرية، وهو ما أثار إعجاب المدربين المحترفين والعائلات الحاضرة عبر جودة الأداء الذي أظهروه.

وقال سامي الذي يبلغ من العمر 11 عاماً بينما كان يمسح العرق من جبينه: "ألعب كرة القدم منذ أن كنتُ في الخامسة من عمري وأودّ أن اختبر تجربة اللعب مع نادي!" أما صديقه سلطان الذي لا يبعد منزله كثيراً عن الملعب، فقد أظهر حماسة مماثلة: "كان يوماً رائعاً. أحببتُ اللعب بفرق صغيرة والإنضمام إلى لاعبين آخرين من منطقتي."

وبحسب أرقام اتحاد كرة القدم الفلسطيني، يلعب 48 ألف فتى و46 ألف فتاة كرة القدم في أرجاء المحافظات الست عشرة (11 في الضفة الغربية، و5 في قطاع غزة) ـ وهو ما يمثل عدداً كبيراً من المواهب الفتية بالنسبة لعدد السكان الذي يُقارب أربعة ملايين نسمة، ويُشير إلى أن النجاح في عالم المستديرة الساحرة ليس بعيداً عن متناول البلاد في حال توافرت الظروف المناسبة.

من جانبه، قال مازن الخطيب المدير الفني لاتحاد كرة القدم الفلسطيني: "الفلسطينيون، رجالاً كانوا أم نساءاً، مسحورون بكرة القدم. فهم يلعبون يومياً في مخيمات اللاجئين، وحصلت مبادراتنا لتطوير اللعبة على دعم الحكومة ووزير التعليم. ويتمثل هدفنا بتنظيم مهرجان للقواعد الكروية كل سنة لتشجيع جهات راعية جديدة على الإنضمام."

فجر جديد للفرسان
قدّم FIFA، الذي كان المنظمة الرياضية الدولية الأولى التي ترحب بفلسطين كعضو باعتباره اتحاداً وطنياً عام 1998، دعماً شاملاً لتطوير اللعبة في الأراضي الفلسطينية، وليس ذلك من خلال مثل هذه الدورات التدريبية فحسب، ولكن أيضاً عبر "برنامج الهدف" من خلال منح فلسطين فرصة استضافة أربعة مشاريع منذ عام 2001، بحيث تم تمويل تشييد مقر الإتحاد الوطني، وإنشاء أكاديمية لكرة القدم، وملاعب عشب اصطناعي في غزة ورام الله والرم.

وبفضل هذه المنشآت، وإنشاء دوري للمحترفين ودوري للسيدات والدعم الإداري للإتحاد، أصبح هناك فسحة للأمل بدل اليأس الناتج القيود المفروضة على تطور اللعبة ونموها في أرجاء فلسطين.

وما يعزز مكانة المنتخب الوطني الفلسطيني، الذي يحمل لقب الفرسان، هو أنه لا يحمل لواء أبناء فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة فحسب، بل كافة أبناء الوطن المنتشرين في الشتات حول العالم ورغم التصنيف الضعيف، حيث يحتل الفرسان المركز 145 على قائمة الترتيب العالمي FIFA/Coca-Cola، والإقصاء على يد تايلاند مؤخراً في الجولة الثانية من التصفيات القارية لكأس العالم البرازيل FIFA 2014، فإن جمال محمود مدرب المنتخب الوطني يبدو متفائلاً.

وقال: "يتحسن مستوى كرة القدم هنا. لا يزال عمر اللاعبين صغيراً ولا يملكون خبرة عريضة، وستة منهم فقط لعبوا في الخارج، إلا أن الأمور تتحسن نحو الأفضل. الطريق الأفضل نحو النجاح هو التركيز على تطوير كرة القدم للشباب والمدربين، وذلك من أجل دفع اللعبة نحو الأمام."

وفي أعقاب المهرجان في نابلس، اتجه البرنامج جنوباً إلى مدينة رام الله في قلب الضفة الغربية التي تعتبر العاصمة الإدارية لفلسطين ويوجد فيها مقر اتحاد كرة القدم الفلسطيني وموظفوه الذين يبلغ عددهم 70 شخصاً، بمن فيهم المدير التنفيذي عبد الله الفرا.

اهتمام متجدد
وشرح الفرا بينما كان يأخذ استراحة لاحتساء القهوة في مقر الإتحاد الوطني، مؤكداً على جوّ الحماسة الغامر الذي يحيط بالمستديرة الساحرة: "تحسّن حال كرة القدم بشكل كبير في السنوات الأخيرة وبدأ الجميع الإهتمام الكبير [باللعبة]. أطلقنا دوري محترفين من درجتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث فاز فريق الأمعري، الذي يحمل اسم مخيم للاجئين، ببطولة الدوري الأخيرة."

انعكست هذه الثقة المتجددة للفلسطينيين على أرض الملعب في رام الله مع اختتام ثاني المهرجانات الكروية الأربعة من خلال احتفالية تسليم جوائز تكريماً للأطفال ومدربيهم على الجهود التي بذلوها.

ومع اعتلاء الأطفال منصة التتويج والتقاط الصور التذكارية، تعالى تصفيق الحضور بينما حصل الأبطال الصغار على كُرات قدم وقمصان وغيرها من الهدايا. ثم أتى دور تكريم المدربين الشبان الذين حصل كلٌّ منهم على شهادة تقديرية تكريماً لانخراطهم في المشروع وما بذلوه من جهود في سبيل إنجاح المبادرة.

أما ماجد، وهو مدرب من رام الله يبلغ الرابعة والعشرين من عمره، فقد قال: "إنه شرف عظيم أن أشارك في هذه الدورة التدريبية. أخطط للإستفادة مما تعلمته هنا اليوم عبر الإستمرار في تدريب أبناء بلادي مستقبلاً. ففي النهاية، مستقبل كرة قدم وطننا على المحك!"