وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المطالبة بإعادة النظر الجدي بالسياسات الحكومية الاقتصادية والاجتماعية

نشر بتاريخ: 19/07/2012 ( آخر تحديث: 19/07/2012 الساعة: 13:04 )
رام الله-معا- اجمع المشاركون في ورشة عمل متخصصة تم عقدها في قاعة المؤتمرات في فندق بست ايسترن –رام الله تحت عنوان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في برنامج الحكومة الفلسطينية (تكلفة سلة الغذاء للأسرة الفلسطينية) والتي استضافت مجموعة من المتخصصين وصناع القرار والخبراء، سواء على مستوى الحكومة او الأحزاب او النقابات على ضرورة إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية الحكومية فيما يتعلق بالواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي يشكل الأساس لبناء المجتمع المدني.

وقد افتتحت الجلسة بكلمة من الأستاذ اشرف عكه مدير عام ملتقى الحريات فلسطين وسكرتير عام الائتلاف الأهلي لدعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي رحب فيها بالحضور وقال فيها يمر شعبنا الفلسطيني بظروف اقتصادية واجتماعية خطيرة حيث يعاني الاقتصاد من ضعف وركود وترتفع نسب البطالة والفقر حتى وصلت إلى مستويات عالية ألقت بظلالها على الواقع الاجتماعي وبدأت تظهر ظواهر اجتماعية لم يشهدها المجتمع ما يستدعي من الخبراء والمختصين وصناع القرار تناول الواقع الاقتصادي والاجتماعي بأبعاده المختلفة لتقديم رؤيا وطنية تساهم في في وضع الخطط وتصويب السياسات الحكومية التي ساهمت بشكل كبير في الواقع الراهن.

وقام ملتقى الحريات بالدعوة لمبادرة الائتلاف الأهلي لدعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، بمشاركة قطاع كبير من مؤسسات المجتمع المدني والتي رأت آن هناك تجاهلا للواقع الاقتصادي والاجتماعي ، ورأت أن تقوم بخطوات جدية وفعالة لإبراز هذين الجانبين وبيان الآثار السلبية المترتبة على تهميش الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سواء على مستوى الفرد أو المجتمع.

وعرف بالائتلاف الأهلي وأهدافه ،وبينت الدعم الجماهيري الواسع للائتلاف ، ثم تحدثت عن أنشطة الائتلاف في محافظات الوطن ، وركزت على أن الائتلاف بشكل عام وملتقى الحريات بشكل خاص يعمل على طرح مجموعة من المبادرات في كل محافظات الوطن تشمل أنشطة وفعاليات مختلفة ومتعددة ، تطرح فيها قضايا مهمة يعاني منها المجتمع الفلسطيني وانه سوف تطرح في كل محافظة مبادرة مجتمعية تعمل على علاج أكثر المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها كل محافظة من محافظات الوطن.

ومن خلال هذه الرؤية لملتقى الحريات فلسطين والائتلاف الأهلي لدعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية تم عقد هذه الورشة المتخصصة بعنوان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في برنامج الحكومة الفلسطينية (تكلفة السلة الغذائية للأسرة الفلسطينية) وخاصة في ظل الأزمة المالية الحالية للحكومة ، والتي انعكست بظلالها على المجتمع الفلسطيني بشكل عام وخاصة وأنها تزامنت مع قدوم شهر رمضان ، والذي يزداد فيه الاستهلاك بالنسبة للأسرة الفلسطينية، من اجل إلقاء الضوء على أهم الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تتأثر بها الأسرة الفلسطينية بشكل خاص والمجتمع الفلسطيني بشكل عام نتيجة ارتفاع وانخفاض قيمة السلة الغذائية.

وابتدأت أعمال الورشة بالجلسة الأولى والتي أدارها الأستاذ احمد عابد من ملتقى الحريات وكان أول المتحدثين السيد عبد الحفيظ نوفل وكيل وزارة الاقتصاد الوطني وقد اشتملت كلمته على محورين، المحور الأول حيث القى كلمة نيابة عن معالي وزير الاقتصاد الوطني دكتور جواد الناجي والتي بين فيها أهم أسس التي تعتمدها الحكومة في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية ثم عقب على هذه الكلمة بمداخلة توضيحية بين دور الحكومة في الرقابة والمتابعة لأسعار السلع الاستهلاكية ووضح أهم المعيقات التي تقف في وجه السياسات الحكومية في المجال الاقتصادي والاجتماعي وخاصة المعيقات في مجال مراقبة الأسعار والمعيقات في مجال تعزيز القطاع الزراعي والصناعي ، وأشار إلى أن البرنامج الحكومي الاجتماعي يعد من أنجح البرامج الحكومية وأن دعم الحكومة لبعض السلع الأساسية أثبت عدم جدواه قياسا على تجارب بعض الدول المجاورة .

ثم تلتها مداخلة الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت والذي تطرق فيها إلى أهمية الانتقال إلى الإنتاج ووجوب التركيز على قطاع الصناعة والزراعة وان سياسات الحكومة المتبعة وخاصة اعتماد الحكومة على جباية الضرائب عن طريق تشجيعها للاستيراد أدى إلى اتخاذها إجراءات مثل رفع الضرائب والاعتماد على قطاع الخدمات أكثر من قطاع الإنتاج لان الاستيراد وقطاع الخدمات يعودان على الحكومة بعائدات ضرائبية مرتفعة وان كانت النتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة خط الفقر ودفع الناس إلى البعد الاستهلاكي مما يوقعهم فريسة للقروض البنكية ذات الفائدة العالية وبالتالي هذه السياسات تعمل على إذابة الطبقة الوسطى وإيجاد طبقة من ذوي الثراء الفاحش وطبقة فقيرة جدا .

ثم تلتها مداخلة الدكتور يوسف ذياب أستاذ الصحة النفسية في جامعة القدس المفتوحة – منطقة نابلس التعليمية والذي تطرق في مداخلته إلى أن العلاقة بين الأثر الاقتصادي والأثر الاجتماعي على الفرد والأسرة هي علاقة واضحة بحيث يؤثر كل طرف في الأخر سلبا أو إيجابا وانه لا يمكن الوصول إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بدون توفر البعد الاقتصادي وانه لابد من توفر البنود العشرة لحقوق الإنسان من اجل الوصول الى واقع اجتماعي صحي وسليم .

واختتمت الجلسة بنقاش عام وتفاعل بين الحضور والمتحدثين وتطرق النقاش إلى سياسات الحكومة وأثارها الاقتصادية والاجتماعية من زيادة نسبة البطالة وخاصة بين الخريجين حيث ان هناك أكثر من 50000طلب عمل كل سنة ولا تستطيع الحكومة أن توفر أكثر من 4000فرصة عمل واثر ذلك على الأسرة وفئة الشباب.

ثم تلتها الجلسة الثانية والتي أدارها الدكتور إياد دلبح أستاذ الإدارة العامة في الجامعة الأمريكية - جنين وابتدأت الجلسة بمداخلة للدكتور حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي والذي وضح في مداخلته الأثر السلبي لغياب المجلس التشريعي (السلطة التشريعية) والذي مكن الحكومة من التفرد في وضع وتنفيذ السياسات المختلفة دون رقيب ولا حسيب كذلك بين انه لابد من إعادة النظر في هيكلة الرواتب ووضع حد أدنى للأجور متوافق مع خط الفقر وانه لا بد من فتح ملفات الفساد وملاحقة أصحابها وخاصة القضايا المتعلقة بالمال العام .

ثم تلتها مداخلة السيد بسام زكا رنة والذي تحدث في مداخلته عن أهمية وجود سياسات اقتصادية واجتماعية واضحة ومحددة تأخذ بعين الاعتبار راحة واستقرار المواطن ولو بالحد الأدنى بدون زيادة في أعبائه والتزاماته و تحدد هذه السياسات حاضر ومستقبل الواقع الاقتصادي والسياسي ، وانه لا بد من قيام الحكومة بدعم السلع الأساسية ووضع البرامج التي من شانها ان تعمل على دعم الفقراء والمهمشين وعلى الحكومة أن تكون واضحة ومحددة في مسالة الرواتب وكذلك عليها العمل على خفض الضرائب.

وقد ذكر إحصائيات تعود لمركز الإحصاء الفلسطيني تتعلق بالأسرة الفلسطينية حيث دخل الأسرة التي يعيش أفرادها في نفس الوحدة السكنية ويتناولون الطعام معا متوسط استهلاكها الشهري يبلغ 3945 شيكل وأن رواتب الموظفين تآكلت بنسبة 45% دون أي إجراء وكذلك ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وبشكل خاص السلع الأساسية حيث وصلت في بعض الأحياء إلى 200% كما أن نسبة رواتب 50% من رواتب الموظفين اقل من 2500 شيكل نسبة 75 % من الموظفين لديهم قروض طويلة الأجل للبنوك كما ان صرف علاوة المواصلات بنسبة 50 % لمن لديهم مواصلات خارجية وهذه من إحدى المآخذ الواضحة على سياسة الحكومة الاقتصادية والمرتبطة بأوضاع الموظفين الحالية حيث إن صرف بدل غلاء معيشة اعتبارا من العام 2009 بحيث حصل الموظف على ما نسبة 11% على راتبه الأساسي ويضاف إلى ذلك إجراءات التقشف ووقف التشريعات حيث أن هذه الإجراءات غير حقيقية ولم يكن لها أي تأثيرات ايجابية حقيقية لصالح الموظفين أو المواطنين بشكل عام عدم دعم السلع الأساسية ساهم في زيادة الأزمات الاقتصادية التي يعيشها المواطن مع إصرار السياسة الحكومية الاقتصادية والاجتماعية بإجراءاتها التقشفية الخاطئة رغم ذلك حيث اعتبرت إغلاق الممثليات بالخارج وإقرار قانون التقاعد المبكر وإلغاء مهمات السفر وزيادة الضرائب على الموظفين اعتبرتها من الإجراءات السحرية التي من شانها أن تغني السياسة الاقتصادية وتريح المواطن والذي حصل هو العكس تمام وبالتالي فإنها إجراءات تبين بشكل واضح أن الحكومة الحالية والتي سبقتها .

وكانت المداخلة الأخيرة للسيد محمود زيادة رئيس اتحاد النقابات المستقلة والتي بين فيها رؤية النقابات للسياسات الحكومية وانه لابد من تفعيل دور النقابات في الوقوف أمام سياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية التي تعود بالأثر السلبي على المواطن.

وفي نهاية الورشة تم الخروج بمجموعة من التوصيات أهمها: أهمية وجود رقابة حقيقية على أسعار السلع المطالبة بقيام الحكومة بدعم السلع الأساسية وضرورة إعادة النظر في نسب وامتيازات الرواتب وإيجاد هيكلية جديدة تميل لصالح الفئات ذات الدخل المحدود إضافة إلى أهمية دعم البحث العلمي في الجامعات لأنه يحقق نقلة نوعية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وتشجيع المشاريع الإنتاجية بشكل عام وخاصة الصغيرة والمتوسطة كما يجب تفعيل وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في الضغط من اجل إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة ووضع آليات وتصورات جديدة لهذه السياسات.

ومما يذكر ان هذه الورشة تعقد ضمن برنامج تعزيز مشاركة المجتمع المدني والممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USIAD والمنفذ بالشراكة مع خدمات الإغاثة الكاثوليكية CRS .