وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أطفال الشوارع....... بين سندان الحاجة ... ومطرقة الاستغلال البشع !!

نشر بتاريخ: 22/01/2007 ( آخر تحديث: 22/01/2007 الساعة: 19:45 )
جنين - معا - رائد ابوبكر - في كل مكان وفي كل زاوية من مدن الضفة الغربية وقطاع غزة ترى أطفالا فلسطينيين في ريعان الطفولة والبراءة المرسومة على وجوههم والبسمة ترتسم على شفاههم يعملون على قارعة الطريق يبيعون مستقبلهم بل لا يعرفون أين مستقبلهم والى أين تتجه بهم الحياة الصعبة التي يعيشونها من فقر وحاجة وفي نفس الوقت يريدون مستقبلا زاهرا كبقية أطفال العالم.

مقولة تنطبق على الأغنياء فقط مقولة دائما نسمعها "أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض " ولكن عندما تعيش الواقع مع أطفال الشوارع الذين يبيعون الحاجيات البسيطة من اجل بضعة شواكل ترى أن هذه المقولة مطبقة فقط على الأطفال من العائلات الغنية أو العائلات الميسورة في حين ليس لها علاقة بأطفال الفقراء الذين يقضون نهارهم وليلهم في مواقف الباصات وعلى إشارات المرور وهم يبيعون الشاي والعلكة بالإضافة إلى مسح السيارات بأسلوب شبيه بالتسول وذلك من اجل بضع شواكل لعلها تنقذهم من الفقر الفاحش حيث امام أن يكون والده عاطل عن العمل أو شهيد أو معاق أو ماش شابه ذلك.

كما انه ومن المؤلم أكثر من ذلك بأن هؤلاء الأطفال الذين يعملون ليلا نهارا من اجل إعالة أسرهم دائما ملاحقون من الناس الذين ينظرون إليهم نظرة ازدراء وتحقير, في مختلف الأزقة والشوارع وعلى مفترقات الطرق ومواقف السيارات والباصات ترى أطفالا يبيعون أشياء بسيطة.

ماسح للسيارات !!

في إحدى محطات البنزين في مدينة جنين كان الطفل باسم 16 عاما يحمل وعاء من الماء بالإضافة إلى عدة قطع قماشية ليستخدمها في مسح السيارات التي تعبئ الوقود في محطة البنزين يقول "لقد تركت المدرسة منذ المرحلة الأساسية عندما توفي والدي ولقد أرسلتني أمي إلى إحدى المدارس الداخلية في طولكرم وهناك كنت غير مجتهد وكنت اكره المدرسة للغاية ولذلك تركت المدرسة ومن ثم عملت في عدة مهن منها ميكانيكي سيارات وحداد وكنت اكرهها لأنها قاسية فرأيت أن امسح السيارات بعد أن اتفقت مع صاحب محطة البنزين بأن يكون ثلث ما آخذه من وراء مسح السيارات بينما اخذ الباقي".

اساعد والدي العاطل عن العمل.

الطفل محمود 12 سنة كان متواجدا في موقف لسيارات الأجرة يبيع العلكة للركاب يترجى ذلك الشخص ليشتري منه العلكة قيمتها نصف شيكل وهذا يقوم بطرده ويترجى الأخر, التقينا به بعد شراء أربع حبات من العلكة بقيمة شيكلين قال " أنا أدرس في الصف السابع لكن في أيام العطل المدرسية أقوم بشراء علبة من العلكة وأبيعه للشبان والشابات حتى أساعد والدي في مصاريف المدرسة وخاصة أن والدي بلا عمل الآن".

أمنيتي أن أكون ميسور الحال.

وفي سوق الخضار في وسط المدينة التقينا بالطفل عبد الله 14 عاما يقف وراء عربة يبيع الفواكه تارة والخضار تارة أخرى يقول "توفي والدي قبل سنتين بينما والدتي تزوجت من رجل آخر وتعيش الآن في بيته وتزورنا كل شهر مرة واحدة بينما أنا وشقيقي نعيش مع أخي الكبير غير الشقيق في بيته".

ويتابع حديثه يقول "لقد تركت المدرسة بعد زواج أمي مباشرة رغم أنني كنت مجتهدا وذلك لأسباب مالية وعملت في محل لتصليح الأحذية وقبل شهر تقريبا عملت مع احد أصدقاء والدي المرحوم في بيع الخضار والفواكه حيث اخذ عربة الفواكه عند الساعة الخامسة صباحا واعمل حتى الساعة الرابعة عصرا وارجع العربة لصديق والدي حيث أتقاضى يوميا 30 شيكل أعطيها لشقيقي الأكبر لأنه عاطل عن العمل".

وتحدث عبد الله عن أمنياته قال "ليس لي أية أمنية عندما اكبر إلا أن أكون ميسور الحال فماذا أريد من الدنيا وأنا لا استطيع القراءة والكتابة حيث تركت المدرسة وأنا في الصف الثالث أساسي".

اهانات وتحقير للبائع الصغير !!

بينما الطفل حسين 12 عاما يعمل بائعا لمحارم السيارات يقول انه ترك المدرسة قبل عامين وذلك لأنه ليس مجتهدا في الدراسة عند ذلك طلب منه والده أن يبيع المحارم حتى يساعده في مصاريف البيت وشقيقه الأكبر معاق بينما والده يعمل في مصنع باطون في مدينة جنين وراتبه الشهري لا يكفي مصاريف البيت بينما عدد العائلة ثمان بنات وولدين .

وأضاف " أنا اشعر بالمتعة أحيانا وأنا أبيع المحارم لأني احصل على مردود مالي يصل إلى 50 شيكل في اليوم الواحد غير البخشيش الذي احصل عليه من سائقي السيارات والباصات وأحيانا اشعر بالاستياء لأني تركت المدرسة واستيقظ مبكرا وأنا احمل المحارم متوجها إلى السوق بعكس أصدقائي الذين يحزمون حقائب المدرسة كي يتلقوا العلم كما أتعرض للاهانات والتحقير والمضايقات من السائقين والزبائن".

لا دخان بدون مال !!!

أما يوسف 14 عاما يقول "أن أسرتي تعيش حالة فقر فوالدي وأنا وشقيقي نعمل يوميا من الساعة السادسة صباحا وحتى السابعة ليلا كي نحسن الأوضاع المادية لباقي الأسرة ".

ويضيف "بدأت بالعمل في بيع الملابس الداخلية للرجال والأطفال منذ ثلاث سنين اجر العربة إلى الشوارع والأرصفة حيث يتجمع الناس".

ويقول "لقد تعلمت التدخين وأصبحت مدخنا بشكل سري دون أن يعرف والدي من خلال وقوفي اليومي في الشارع إلا أنني احصل على 50 شيكل تقريبا من خلال بيع الملابس الداخلية".

العمل ليس عيبا ولا حراما

أما حسن 13 عاما بائع ترمس وفول يقول "أنا أبيع الترمس والفول لمساعدة والدي العاجز بعد انتهائي من دوامي المدرسي وفي نفس الوقت أنا مهتم بالدراسة ولا أهملها ولذلك فأنا من المتفوقين بالمدرسة والعمل ليس عيبا أو حراما".

من المسؤول ؟!

ويبقى السؤال حول من يتحمل مسؤولية هؤلاء الأطفال أولياء أمورهم الفقراء أم المجتمع بأكمله؟ فعلى المسؤولين والوزارات والمؤسسات دراسة الأوضاع المعيشية لهؤلاء الأطفال وتقديم المساعدات اللازمة لهم لإنقاذ مستقبلهم من الضياع حتى لا يتواجدون بشكل يثير الاشمئزاز بحق الطفولة.