|
طوباس: أمهات وزوجات يستذكرن غياب أسراهن في رمضان
نشر بتاريخ: 08/08/2012 ( آخر تحديث: 08/08/2012 الساعة: 14:46 )
طوباس- معا- استذكرت أمهات وزوجات من محافظة طوباس غياب أسرى الحرية في شهر رمضان. وأعدن الحياة لمعاناتهن التي يكررها لهن شهر الصوم، وطقوس موائد السحور والأفطار والعيد؛ بفعل الغياب وراء الشمس.
ورسمت المشاركات في الوقفة التضامنية التي نظمها نادي الأسير ووزارة الإعلام في مقر النادي بالمدينة، وحملت عنوان( ألم الغياب)، صورة حزينة لرمضان، في ظل استمرار اعتقال أولادهن وأزواجهن وأحبتهن. وأعادت هدى بني عودة، والدة الأسير عبد السلام بني عودة، المعتقل منذ عام 2002، والمحكوم 30 عاماً رواية أحزانها المتجددة في الشهر الفضيل، إذ صارت تُحرّم أطباق المقلوبة والمسخن والكوارع التي أحبها ابنها، فيما لا زالت تعيش في ذاكرتها المزاح والضحكات التي كان ولدها يصنعها لأخوتة وأخواته، قبل اعتقاله. تقول: رمضان حزين للمرة العاشرة في بيتنا، وحرمت إعداد خبز الطابون بالمنزل، ولم نعد نصعنع كعك العيد، وقبل الإفطار بدقائق، أبقى كل يوم على أمل أن يحضر عبد السلام فجأة، ليتناول معنا طعام الإفطار. وخلال زياراتي له، صرت أعلمه كيف يطبخ الأكلات المحببة له. وروت عائدة دراغمة، زوجة الأسير يحيى دراغمة، الذي تحرمه قضبان السجن من الحرية للعام التاسع من حكم طوله 22 سنة، كيف أن أطفالها: آيات وسندس وساجدة وسجى وشاهدة وأسيد، كبروا في غياب والدهم، فيما لا زالت الكبيرات من البنات يتذكرن الطريقة المميزة التي كان يقدمها الأب في ترتيب أطباق الإفطار، والتي تعجز الأم عن تقليدها. تقول: نفتقده في كل لحظة، والسحور دونه لا طعم له، ولا تنسى البنات حرص والدهن على إيقاظهن للسحور، ولو لشرب الماء وإداء صلاة الفجر. مثلما لا تختفي من يومياتهن كل عيد، المرارة التي يتسببها غيابه، إذ يكرر أسيد، فقدانه وقت صلاة العيد، ويتمنى أن يرافقه إلى المسجد، وزيارة الأقارب معا. وتبث دلال حسن التاج، ألم غياب ابنها محمد، المحكوم 16 سنة، والذي يغيب عنها رمضان للمرة التاسعة. تقول: أشعر بالحزن من أول يوم في هذا الشهر، ويزداد شعوري بالوحدة، بعد وفاه ابني (تامر) وزواج ابنتي ورحيل زوجي، ولا أشعر بطعم أي شيء، وبدأت أحرم طبخ الملوخية، التي أحبها ابني، ولا أدخل القطايف إلى بيتي أبداً. تضيف: طلب مني محمد، الذي أضرب 77 يوماً عن الطعام، في أخر زيارة قبل أيام، أن لا أجلس وحيدة على مائدة الإفطار، حتى لا أبكي، لكن كل شيء في المنزل وفي شهر الصيام يذكرني به، ولا أزال أحتفظ بالأرجيلة التي لم يكملها قبل اعتقاله. أما العيد فلا نحس به دونه، ولا ننسى حرصه أن يجمعنا مع أقربائنا على مائدة إفطار واحدة كل سنة. وتنسج إخلاص أبو عرة قصة غياب نجلها رامي، المحكوم 12 سنة، والذي يختفي قسراً منذ 9 سنوات في سجن النقب الصحراوي. تفيد: لا نشعر برمضان، وتتقطع قلوبنا حينما نتذكر رامي، ويجدد فينا موعد السحور الألم، فقد كان ابني يقضي ليالي رمضان في السهر مع أصدقائه، ويعود لللبيت في موعد السجور، ليوقظنا لتناول الطعام. ويختفي من قائمة الطعام لأبو عرة المعكرونا والبطاطا المقلية، وهي الأطباق التي أحبها الأبن الأسير، في شهر رمضان. مثلما لا تشعر الأم بطعم الحلويات، التي تتفوق عليها مرارة الفراق، وتذكره قبل كل طعام إفطار، حينما أسرع لتفقد محفظته وسلساله وقطعتين نقديتين من فئة الشيقل كانت معه قبل اعتقاله. ويفتح شهر الصوم وطقوسه جراح بهية محمد مسلماني، التي يغيب عنها ولدها محمد مجدداً منذ 16 شهراً، بعد اعتقال طال 18 سنة في المرة الأولى. تقول: عاش محمد يتيماً بعيداً عني، حينما توفي والده وهو ابن 9 سنوات، وكان في مدرسة الأيتام بالقدس، ولم نجتمع معاً إلا في المناسبات والأعياد، وكل ما أتمناه أن يجمعني الله به في جو رمضاني أنا وشقيقه المريض محمد. كان محمود مغرماً بأطباق الملوخية وورق العنب، لكن اعتقاله لأكثر من عشرين سنة، ودراسته في دار الأيتام، جعل الإلتقاء على مائدة رمضان، وقضاء أيام العيد أمنية كبيرة، للأم بهية. أما هيام عبد الرحمن أبو عرة، فلا زالت أوجاعها ساخنة، وهي تتابع أخبار أبنها يوسف، الذي اعتقل قبل 9 أيام، حينما شعر بحجم المسؤولية في وقت مبكر، وخرج للبحث عن عمل وراء الخط الأخضر، وحكم إما بالسجن 5 أشهر، أو بدفع 5 آلاف شيقل غرامة. تقول: كان يريدنا أن نعيش في رمضان كباقي الناس، وأن نشتري حاجيات العيد، لكنه اعتقل، ولن نستطيع دفع غرامته، وسنخسره بقية رمضان هذا العام، ولن نستطيع أن نعيد لغيابه ولوضعنا المادي الصعب. وقال مدير نادي الأسير في طوباس محمود صوافطة، إن الفعالية التضامنية تأتي في سياق التواصل مع أهالي الأسرى، ولرفع صوتهم أمام ما يتعرضونه له من حرمان وقمع وقهر، وللتأكيد على حقهم في أن يكونوا مع عائلاتهم وأطفالهن في رمضان وغيره. كما تمثل رسالة للمزيد من التضامن اليومي لهم ولذويهم. وذكر منسق وزارة الإعلام في طوباس والأغوار عبد الباسط خلف، أن التضامن مع أسرى الحرية يُقدم رسالة إعلامية وإنسانية وحقوقية متزامنة، تفيد بأن هؤلاء الذين يحرمون من حريتهم وطقوس رمضان وأجواء الأعياد، ليسوا مجرد احصاءات رقمية، وإنما يمثلون قصص ألم وحرمان يتجدد كل لحظة. وأضاف في السياق ذاته، أن الوزارة بدأت بجمع شهادات وقصص وتجارب إنسانية لأسرى الحرية، تركز بعضها على الفارعة الذي كان سجناً، قبل أن يتحول لمركز لإعداد الشباب وتأهيلهم، سيصار إلى نشرها في إصدار خاص. |