وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

يا فياض ... " لا فرق بين غزّاوي او ضفّاوي الا بالقبضة "

نشر بتاريخ: 10/08/2012 ( آخر تحديث: 13/08/2012 الساعة: 14:25 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب د.ناصر اللحام - كان الاعلامي المصري الزميل العزير جابر الارموطي يتحدث على شاشة ON TV بكل ألم ويتساءل : ما هذا ؟ واين نحن ؟ الصومال اصبحت افضل من القاهرة هذه الايام ؟ افريقيا افضل ؟ وراح جابر بمشاعر المواطن الشريف يسرد كيف اصبح البلطجية في مصر بلا اخلاق او ناموس وانهم خرجوا على عمال التوصيل في المطاعم ونهبوا هواتفهم المحمولة ووجبات الطعام وظلّ الصائمون بلا طعام الافطار !!! حيث ان الكهرباء مقطوعة عن مصر ولم يتمكن الصائمون من عمل وجباتهم فأوصوا الطعام الجاهز مع التوصيل .

صرخة جابر الارموطي كانت مؤلمة ، لكنها كانت مجرد تعبير واضح عن " سذاجة " المثقف العربي ، وبالذات " سذاجتنا كصحافيين عرب " لاننا فقدنا رشدنا في السنوات الاخيرة فصرنا جزء من النظام او جزء من اللعبة المناهضة للنظام بأي شكل كان وبأي ثمن ، ما افقد المجتمع بوصلة التوازن والحيادية ومنع عن جسم المجتمع المضادات الحيوية اللازمة وقت الازمات " .

فهل كان يعتقد الصحافيون المصريون ان الاخوان سيفوزون بالرئاسة ويتنازلوا عن حقهم في ادارة الاعلام والاقتصاد والامن وان يبقوا على رئيس المخابرات السابق وقادة المحطات المتلفزة الذين يصيغون الرأي العام ؟ بالطبع لا ، لان الاخوان سيتركون الان منابر المساجد التي كانوا يهربون اليها ايام مبارك ويحتلون منصات الدبلوماسية ويعملون بكل صمت على تغيير السفراء والشعراء والخطباء وحتى بواب القصر وعامل الارجيلة . ولبعترف الصحافيون القوميون والليبراليون انهم حين خاضوا الثورة انما خاضوها من دون حزب ومن دون مشروع ثقافي بديل عن النظام السابق وبالتالي اعطوها هدية جاهزة ولقمة سائغة للاخوان . وشكرا للاغبياء ومبروك على الاخوان الذين يستحقونها لانهم كانوا جاهزين للحكم ولديهم مشروع بديل .

ان واقع الاعلام الحالي غير مفيد حتى نبكي عليه ونقول ان الاخوان قمعوا الديموقراطية اللذيذة التي كنا نعيش فيها . فمن يشاهد اكثر من 1500 فضائية عربية سيجد ان الصحافيين باعوا قوت عيشهم لمن يموّل القنوات دون ان يرف لهم جفن، فاما ان تكون مع فضائيات هذا الجانب او ذاك ، ونادرا ما تحصل على اعلام مستقل او كلمة حرة تشفي غليلك وقد كانت هذه فرصة نادرة للاعلام الحزبي ان يتقدم ويتألق من جديد . لكن الاعلام الحزبي خانق ومخنوق ولا يتحمّل النقد ، وهو متوحش بربري ضد من يحاول ان يتجرأ على انتقاده ، ولا يتردد الاعلام الحزبي العربي والفلسطيني في اتهام اي مخالف له في الرأي بالعمالة والنذالة والعمل ضد مصلحة الوطن . فهناك من يعمل في الاعلام الحزبي ولا هم ولا شاغل له سوى شتم الكتّاب واصحاب المواقف المخالفة ، بل انهم احيانا يرسلون لنا 3 او 4 مقالات يوميا ولا اعرف كيف يكتب شخص 4 مقالات في اليوم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وماذا يعمل في حياته غير اعتراض وشتم المخالفين له في الرأي ؟ وهكذا يضيع الاعلام الحزبي فرصة ذهبية في العودة الى قيادة الجماهير الباحثة عن بديل فهو لا يملك الرشد ولا الثقافة الجماهيرية ولا سعة الصدر لبناء وطن اعلامي حر للجماهير ...

وانا لا ارى عجبا في قيام الاخوان المسلمين في مصر بطرد 50 رئيس تحرير قومي واستبدالهم ب50 رئيس تحرير من الاخوان او من اعوان الاخوان ، فهذا هو الواقع الذي يجب ان نعترف به اجلا ام عاجلا .. وكم كان استغرابي حين نفى الاخوان الامر وراحوا يحلفون الايمان الغليظة ان هذا لم يحدث !!!!! وفي انجلترا مثلا حين يفوز رئيس وزراء من حزب معيّين فانه يقوم بتغيير كل الطاقم السابق ويعيّن اعوانه في المناصب السيادية .صحيح ان الفرق بين انجلترا وبين العالم الثالث اننا نقوم بذلك بشكل فج وعلى شكل مؤامرة لكنهم هناك يقومون بذلك على اساس القانون واعطاء حقوق العاملين وبكل هدوء ودون شتائم ودون ان يقف عشرات من مصارعي ومناصري الاخوان بباب مدينة الانتاج في القاهرة ويصفعوا المذيعين والكتّاب بشكل مهين ويقولون لهم انتم سحرة فرعون !!!!! على اعتبار ان رؤساء التحرير الجدد لن يكونا سحرة فرعون هم ايضا ؟؟؟؟؟ فهناك احتمال ان يكون رؤوساء التحرير الجدد اسوأ من سحرة فرعون الف مرة ، ولكننا سننتظر لنرى ما الفرق بين تجربة غزة وتجربة القاهرة ونحكم لاحقا .

وهذا لا يعني ان النقابات الاعلامية الباقية محصّنة هي الاخرى ، فاداء الصحفي العربي الحالي واهن ومريض وساذج ويحتاج الى صفعة من الاخوان او غيرهم ليفيق ويعود الى ثقافته ورشده وطهارة كلمته لان الصحافيين الذين لم يصلهم كرباج الطاعة والنهي عن المنكر سرعان ما يعرفون على جلودهم معنى التغيير السياسي ويكفوا عن سذاجتهم البلهاء وتباكيهم الجشع والمموّل على صفحات الفيس بوك من الليبرالية الراهنة بسبب او من دون سبب .

الزميل جابر الارموطي صرخ كثيرا على الشاشة ، وتساءل : ما الذي يجري وما الذي يحدث ؟ وتوفيق عكاشة جرى اصدار مذكرة جلب بحقه لانه لا يعترف بمحمد مرسي كرئيس ويعتبر ان مرسي خان القسم لرئاسة الجمهورية حين انقلب على المحكمة الدستورية .... وردا على ذلك تكون الاجابة بسيطة ، لان ما يحدث هو عملية انتقال وتغيير في الحكم من ايدي القوميين الى ايدي الاخوان . والباقي تفاصيل ، مجرد تفاصيل .

اخر لقاء مع الدكتور سلام فياض ، قال ان غزة رويدا رويدا تأخذ طابع كيان مستقل ، وهذا كلام صحيح وواضح وجرئ ، جميعنا نعرفه لكن فياض هو الوحيد الذي جرؤ على هذ القول ... واجمل شئ في سلام فياض انه رجل هادئ ولا يوجد له حزب قوي وعنيف ولا يوجد خلفه عشيرة من اصحاب الشوارب المخيفة ، وانه يمكن لكم ويمكن لي ان ننتقده ونجرحه كل يوم بسبب ومن دون سبب ، وهو لا يردّ و لايصدّ ، ولا يشتمنا ، ولا يرسل الشرطي لاعتقالنا . وهو يعرف بحكم منصبه ان القاسم المشترك الوحيد بين المواطن في غزة والمواطن في الضفة هو الراتب فقط ... ولولا الراتب لما رد البعض علينا التحية او السلام .

لذلك اسمح لي د. فياض ان انتقدك كلما اردت او ان اهاجمك بعنف كلما غضبت من اي شئ ، فانا لم اعد اجرؤ على انتقاد احد سواك في هذا الوطن ، وحينما شاهدت البيانات الاخيرة من بعض الجهات على احدى مقالاتي ، عرفت ان الوطن لم يعد يتسع لنا أو لانتقاداتنا ، وبانتظار ان يأتي شيخ ويصفعنا ، او شرطي ويحبسنا ، اسمح لنا ان نواصل انتقادك انت ، فنحن لا نجرؤ على انتقاد او اتهام احدا سواك .