|
حرب الزنانة.. من كرسيه في نيويورك يضغط زرا ليغتال شخصا في كابول
نشر بتاريخ: 28/08/2012 ( آخر تحديث: 29/08/2012 الساعة: 09:14 )
بيت لحم- معا- دخلت الطائرات المسيرة " دون طيار " او المعروفة فلسطينيا بلقب " الزنانة " الحرب الحديثة من اوسع ابوابها وشكلت فارقا كبيرا في قدرات الجيوش على القصف والاغارة والمراقبة والتجسس دون ان تتكلف عناء السير في ميادين القتال .
وشهدت ظاهرة ما يعرف بحرب الطائرات دون طيار خلال العقد الأخير توسعا كبيرا من حيث الكم والنوع فيما لا زال الجيش الامريكي رائدا ومتقدما في هذا المجال سواء من حيث حجم الاستخدام والاعتماد على هذه الطائرات او من حيث النوعية والتقدم التكنولوجي الذي احرزه الأسطول الأمريكي من الطائرات المسيرة . وفي سياق الحرب الامريكية على افغانستات وما يسمى بتنظيم القاعدة وحركة طالبان وعلى ضوء الاستخدام الامريكي الواسع لهذا النوع من الطائرات قررت مراسلة صحيفة نيويورك تايمز " اليزابيت بوملير " اماطة اللثام عن عالم حرب الآلات السري ونشرت اليوم " الثلاثاء" تقريرا مفصلا عن قاعدة تشغيل الطائرات المسيرة التي تحلق في سماء افغانستان وباكستان وترصد الأشخاص وتقتلهم على بعد 11 كلم من مكان قائدها او مشغلها او طيارها . يشكل الكلونيل طيار " سكوت برنتون " طائراته المسيرة المحلقة في سماء افغانستان من كرسية الوثير في الركن المحوسب التابع له في احدى القواعد الامريكية في ضاحية " سيركيوز " بمدينة نيويورك حيث يتلقى الكلونيل من طائراته وعلى مدار الساعة تصوير فيديو توثق حركة المسلحين اليومية في افغانستان . ويهدف الكولونيل الى مراقبة ومتابعة حركة المسلحين ورصد جدول حياتهم اليومي على بعد 11 الف كلم من قاعدة ومن مكان جلوسه وفي حالات معينة يطلب منه مراقبة حثيثة لمكان سكن واقامة عائلة احد المسلحين حيث يقوم بمراقبة المنزل على مدى اسابيع للتبع حركة المسلح المقصود . " ارى امهات واباء يلعبون كرة القدم مع اطفالهم وحين اتلقى امرا بقتل احد عناصر طالبان تنتابني القشعريرة ورغم ان مثل هذه الاوامر لا تصدر الا بعد ابتعاد النساء والاطفال عن الهدف " قال الكولونيل ومع استمرار المحادثة عاد وتراجع عن مشاعره التي اظهرها بحديثه عن القشعريرة ليقول " لا اشعر باي علاقة او ارتباط مع العدو هناك مهمة وانا انفذها فقط ". وشكلت الطائرات دون طيار ثورة ليس فقط بأساليب الحرب الأمريكية بل في مجال حياة الأشخاص المسؤولين عن تشغيلها فالكولونيل الذي كان قائدا لطائرة اف 16 يدرك تماما معنى الانفصال الغريب الذي تسببه حرب الشاشات وعصا توجيه وصمام وقود يمكن التحكم فيها من مقعد وثير في احدى ضواحي امريكا وقال متحدثا عن العراق مثلا " كنت اهبط بطائرة اف 16 دون ذخيرة وكانوا جميعا يعلمون ما مررت به اما الان فانني اضغط على زر اطلاق الصواريخ ناظرا عبر شاشات الحواسيب الداكنه واخرج من غرفة التحكم مع مستوى عال من الادرينالين لاجد نفسي في شارع يعج بالمطاعم التي تقدم الوجبات السريعه واذهب الى البيت لاراقب دروس اطفالي ويبقى وحيدا مع ما قام به قبل ان ياتي الى البيت وهذا شعور غريب اذ لا احد حولك يعرف ان شيئا ما قد حدث ". ويتم تزويد الطائرات دون طيار التي يحلو للبعض ان ينظر اليها كريبوتات حولت الحرب على لعبة فيديو عقيمة بكاميرات شديدة القوة والحساسية تاتي بالحرب مباشرة الى الشاشة التي تقابل الطيار ويتحدث مشغليها بفخر عن ايام جميلة شهدت نجاحهم بتحديد بعض الاخطار عبر تجليل الصور التي تصلهم وبالتالي مسارعتهم تحذير دورية امريكية ما تسير في احدى مناطق افغانستان من خطر كمين او شيئا مماثل ولكن هناك ايضا بعض اللحظات الصعبة حيث وجد سلاح الجو الامريكي نفسه مضطرا لتقديم مساعدة طبية ونفسية لمشغلي هذه الطائرات حين يجبرون على مشاهدة صور اطفال قتلوهم عن طريق " الخطأ" او رؤية صورة مقربة لجندي مارينز قتل نتيجة فشلهم ويخصص سلاح الجو ايضا رجال دين واطباء لخدمة الجنود الذين يخدمون في قواعد الطائرات المسيرة . هناك مهمات تتطلب ثمنا باهظا مثل مراقبة لصيقة لهدف ما مطلوب اغتياله حيث يعمل مشغل الطائرة وامشغل الحساس الذي يتحكم بالكاميرا على متابعة يومية حثيثة ولصيقة للهدف حين يلعب مع اطفاله ، وحين يتحدث مع زوجته ، او يزور جيرانه ويحاول طاقم تغشيل الطائرة تحديد افضل الاوقات لاطلاق صاروخهم مستغلين لحظة خروج ابناء عائلته للسوق مثلا . " انهم يشاهدون اعماله الاجرامية وفي ذات الوقت يشاهدون حياته اليومية الاعتيادية " قال الكولونيل " هارنيند ارتبغا " رئيس الوحدة الطكبية الجوية في قيادة التوجيه التابعه لسلاح الجو الامريكي والذي شارك في بحث تناول الضغوط النفسية التي يتعرض لها مشغلي الطائرات دون طيار مضيفا " هناك لحظات تشاهد فيها امورا تذكرك ببعض الامور التي سبق ل كان قمت بها وهذا التقارب يصعب عليك مهمة الضغط على الزناد ". سؤل طاقم مشغلي الطائرات دون طيار وطاقم مشغلي الحساسات ومحللي المعلومات البالغ عددهم 12 رجلا يخدمون في ثلاثة قواعد عسكرية داخل الولايات المتحدة عن تدخل مشاعرهم واحاسيسهم في العمليات فلم يقل احدا منهم بانه وجد صعوبة في الخلود للنوم بعد ان اقب وشاهد عملية قتل ودمار سببتها الصواريخ التي اطلقها وجميعهم تحدثوا عن معرفة حميمية تتعلق بحياة الاسرة الافغانية لا يمكن لطيار يحلق على ارتفاع 20 الف قدم ان يدركها مطلقا . وقال "ديف" وهو طيار عمل على تشغيل الطائرات دون طيار 2007-2009 من داخل قاعدة " كريتس " في صحراء نيفادا ويعمل حاليا كموجه مشغلي هذه الطائرات في قاعدة "هولمون " بوزلاية نيو مكسيكو " تشاهدهم "ويقصد العائلات الافغانية " حين ينهضون صباحا من نومهم وحيني ذهبون لاعمالهم وحين يعودون لمنازلهم ويخلدون للنوم ". |