وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اوسلو وضعت اشرف الناس في أسوأ الظروف وأسوأ الناس في أفضل الظروف

نشر بتاريخ: 02/09/2012 ( آخر تحديث: 06/09/2012 الساعة: 11:44 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - تعتبر تجربة الثورة الفلسطينية تجربة فريدة ، ويمكن ان تكون نادرة ، فهي الثورة الوحيدة التي لم تنتصر ولم تنكسر ، وانما عاشت مشوّهة ، وكأنها تعرضت لحادث سير تاريخي اقعدها مؤقتا .

ولاول مرة في التاريخ المعاصر يصير لزاما على الثائر ان يلتزم باتفاقية امنية وسياسية مع الاحتلال وفي نفس الوقت ان تحافظ على طهارتها الثورية ، وتتحوّل الى سلطة و تتحمل الثورة مسؤولية منع اي غضب جماهيري هنا او هناك ، والاغرب ان الزعيم عرفات حين وافق ووقع على ذلك كان يعتقد ان اسرائيل ستلتزم بالاتفاقية التي تنتهي عام 2008 وننتقل الى مرحلة الدولة ، وبالتالي رأى ببصيرته ان اوسلو مجرد اتفاقية مؤقتة انتقالية لها سقف محدد ويمكن تحمله .
ولم يكن يخطر ببال احد من القادة ان الاحتلال سيتنصل من اوسلو ، ويتهرب من الملفات النهائية ويبقي الوضع المؤقت لاكثر من عشرين سنة متواصلة ما افقد الثائر صوابه وجعل الامر في غاية المهزلة . فترى الثوار الاحرار الشرفاء قد تحوّلوا الى "مجنّدين" يطلب منهم منع مقاومة الاحتلال ، وترى حثالة القادة وامّعات المثّقفين صاروا يتطاولون على الثوار ويجرحون وجوهم الطاهرة بالكلمة والمقالة والشجب والاستنكار والشتم والتجديف يوميا وفي كل مقام وابناء الانتفاضتين لا يملكون ما يدافعون به عن انفسهم .

والاغرب في هذه الحالة ان الجميع يطالب هذا الثائر ان يثبت من جديد براءته في كل يوم ، وان يبرهن على وطنيته وانتمائه لوطنه ، وهي مرحلة يعيشها اهل الضفة الغربية الان بشكل او باخر ، وكان اهلنا في داخل الخط الاخضر عاشوها حين كانوا يطردون من العواصم العربية ويمنعون من عبور الحدود بحجة انهم تحت الاحتلال عام 1948 !!

على احدى الفضائيات العربية ، كان احد المثقفين العرب وهو معروف بقسوته في الاتهام والانتقاد لاوسلو ورجالاتها يتحدث ، ويقارن بين منظمة التحرير وبين قوى اخرى رجمت المنظمة بالحجارة ، وفجأة توقف هذا المثقف وقال وكأنه يراجع نفسه : يبدو ان اوسلو وضعت اشرف الناس في أسوأ الظروف ووضعت أسوأ الناس في أفضل الظروف . والقول له .