|
المفتي العام يصدر فتوى تحرم الانتحار
نشر بتاريخ: 06/09/2012 ( آخر تحديث: 06/09/2012 الساعة: 15:28 )
القدس -معا- أصدر الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية- رئيس مجلس الإفتاء الأعلى فتوى تحرم الانتحار.
يأتي ذلك اجابة على سؤال ورد حول حكم إقدام بعض المواطنين على حرق أنفسهم احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية الصعبة؟، فأجاب المفتي؛ الأصل أن قتل الإنسان لنفسه حرام شرعاً، يقول الله تعالى: ?...وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا? [النساء: 29-30]، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا، عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب ما ينهى من السباب واللعن]، فلا يجوز لأي إنسان أن يقدم على حرق نفسه تحت أي ظرف من الظروف، ومهما ساءت أوضاعه الاقتصادية أو الاجتماعية، أو التعليمية، فالنفس ليست ملكاً لصاحبها، بل هي ملك لله تعالى، لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا؛ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ؛ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» [صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، وأن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة]. وينبغي على المسلم أن لا يتمنى الموت لضر أصابه، أو يقدم على الانتحار، وإن كان لا بد فاعلاً فليقل كما جاء في الحديث، فعن أنس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ فَاعِلاً، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا (مَا) كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» [صحيح البخاري، كتاب المرضى، باب نهي تمني المريض الموت]، فالبلاء سنة كونية أصابت سادات البشر من الأنبياء والصالحين، لا يكاد يسلم منها أحد، فإذا أحسن المؤمن التعامل معها، فصبر، وجعل ذلك سبباً لرجوعه إلى الله واجتهاده في العبادات والأعمال الصالحة، كان البلاء خيراً له، وكان مكفراً لذنوبه، فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ، وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» [صحيح البخاري، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرضى]، ولا يصح عند أحد من العقلاء، أن يستجير الإنسان من الرمضاء بالنار، فكيف يفر من ضيق وشدة مؤقتة، إلى عذاب دائم لا نهاية له، لبلاء وشدة أو ضر أصابه. فالمسلم لا يتسرع في فعل شيء يؤدي إلى هلاكه، ويبحث عن الوسائل الأخرى المشروعة التي توصل رسالة الاحتجاج بشكل محدد ومؤثر، وعلى ولاة الأمر إيجاد الحلول المناسبة لمشكلات المواطنين، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» [صحيح البخاري، كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب العبد راع في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه]، والله تعالى أعلم. |