|
محمود اذهب أرجوك ولا ترضح لانغلاقهم وثقافتهم !
نشر بتاريخ: 29/09/2012 ( آخر تحديث: 29/09/2012 الساعة: 12:44 )
بقلم : محمد النخالة
مراسل قناة الكاس الرياضية القطرية في غزة "أن أشاهد المباراة في المنزل خير لي من أن أشاهدها في الكامب نو" بهذه الكلمات اختطف محمود السرسك قلبي وسلب فؤادي وأجبرني على احترامه أكثر من ذي قبل , قال لي ذلك عندما قابلته في ظل حالة الهرج والمرج التي تعم الشارع الفلسطيني والعربي بسبب قضية دعوته إلى الكلاسيكو في ظل حضور للجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط ! موقف محمود المعلن صدر أخيراً وهو أن لن يقبل الدعوة , ولن يحضر خوفاً من "التطبيع" و خشية أن يقوم الإعلام الغربي "بتحريف" و "تزييف" الصورة ليبدو الأسير المحرر بمظهر المهادن المتساوي مع عدوه الذي سلبه أرضه و مقدراته و مقدساته ! أعتقد أن خوف السرسك مبرر لاسيما في ظل ثقافة الانغلاق لدى القوى الوطنية الفلسطينية بشكل خاص والمجتمع الفلسطيني بشكل عام , و أيضاً بسبب ضعف وتفتت الإعلام الفلسطيني المحلي لاسيما الرياضي , فلا يوجد ما يمكن أن يشجع محمود للإقبال على خطوة جريئة كهذه وفي ذلك هو غير ملام أبداً ! بالإضافة إلى ذلك , فان قضية حضور محمود بحاجة إلى وقوف النخب المثقفة إلى جانبه وتوجيهه ومساعدته , لكن تلك النخب ضائعة ومختفية ومنشغلة بانقسامها وكثير منها لا ينظر إلى ما هو ابعد مما تحت قدميه , فنجد ما يسمى بايقونات المجتمع أما مهادنون بغير تفكير أو مخونون للآخرين بكل سهولة ودون دليل يقين , وهذا الجو المسموم بشكل عام ساهم في اتخاذ محمود لهذا القرار . عندما التقيت محمود قبيل ساعات قليلة من إعلانه موقفه الحاسم والرافض للسفر إلى برشلونة لحضور الكلاسيكو مع ريال مدريد المزمع في السابع من شهر اكتوبر , شعرتُ , بل أدركت يقيناً أنه سيرفض لأني لمست في نظرات عينيه التردد الممزوج بالرغبة في الذهاب , لكن الرغبة والتمني لوحدها لا تكفي لتحقيق الأمور العظام التي تحتاج إلى ثقة ودعم شعبي و رسمي واسع . |190594| في حقيقة الأمر من أجبر محمود بشكل مباشر أو غير مباشر على عدم الذهاب , هم أنفسهم الذين كادوا أن يمنعوا الناس أن يشجعوا برشلونة لأنه "صهيوني وضد فلسطين" وهم أنفسهم الذين أصدروا قرار مقاطعته بعد سويعات قليلة من إشاعة الاحتلال انه غلعادهم دُعي وسيُكرم وكان ذلك محض افتراءات صحفية ! ولكن لا باس فهرطقات وخزعبلات يدعوت احرونوت وهآرتس ومعآريف نقرؤها رغماً عنا كل يوم على جدران مساجدنا وكأنها كلام مقدس لاسيما فيما يتعلق بالتخويف من قوتنا التي لا نمتلكها أو التشكيك بطرف آخر فرقته عنا الجغرافيا والسياسة والاحتلال ! عموماً من يعرف محمود السرسك جيداً يدرك أنه لو كان تعداد سكان قطاع غزة مليون ونصف المليون نسمة فان ابن مدينة رفح سيكون الأخير فيها الذي قد يطبع مع الاحتلال ! وسيدرك أن من خاض أطول إضرابات التاريخ لـ 96 يوماً لا يمكن أن يسقط في مستنقع ووحل التطبيع وذوبان الهوية وتجميل صورة المحتل , باختصار لأنه محمود السرسك رمز الصمود والصبر والثبات ! في السويعات الأخيرة تلقيت عدة اتصالات من فلسطينيين في الخارج وأشقاء عرب متضامنين مع فلسطين يطلبون رقم محمود لمحاولة ثنيه عن قراره وتبيان أنه سيكون سفيراً لبلده وأن حضوره هام لكشف وتعرية الاحتلال وشاليط نفسه , وأتمنى أن تلقى تلك الدعوات آذاناً صاغية وأن تتغلب على أصحاب العقول المنغلقة الذين لا يفقهون ثقافة السياسة والدبلوماسية والنضال السلمي والمقاومة الرمزية . برشلونة بالنسبة لعدد من الفلسطينيين والعرب مُجرم ويجب إدانته ومحاربته بكل الوسائل , وكأن هؤلاء لديهم غيرة على فلسطين وقدموا لها دائماً الشيئ الكثير وكأن غيرتهم هذه ليست بالشيئ الجديد والمفاجئ , لكنها في حقيقة الأمر حقاً مفاجئة في ظل تسيد سياسة الانبطاح والـ لاسلم والـ لاحرب والـ لامقاومة مع الاحتلال ! هؤلاء الأشاوس هاجموا برشلونة لأنه كتب في بيانه الرسمي أنه يدعم السلام والوئام بين الشعوب !!؟ حسناً أليس السلام هو ما تنادي به منظمة التحرير الفلسطينية , أليس كبير حماس في غزة إسماعيل هنية قال قبل أسابيع : "نمد أيدينا إلى كل من يبحث عن السلام العادل" أليس أبو مازن يتحدث عن "السلام" أكثر مما يتحدث عن فلسطين , حقاً أنتم كمن قيل له أنت أحمق فأزعجته كلمة "أنت" أكثر من كلمة "أحمق" ! أنتم تتحدثون عن برشلونة وكأن أفضل فريق بالعالم هو كيان أحمق ومضحي بشعبية عربية جارفة تقارب الربع مليار نسمة , ومستغني عن توأمته مع مؤسسة قطر الخيرية التي تدفع له سنوياً ملايين الدولارات وهي نفس المؤسسة التي تدعم فتح وحماس في رام الله وغزة لإغاثة الشعب الفلسطيني الفقير المنكوب التي لا تملك له حكوماته سوى أن تمد يدها للآخرين لتعطيهم ! تتحدثون عن برشلونة وكأنه فريق عربي وفلسطيني ومسلم , تتحدثون عنه وكأنه المسيء الوحيد في العالم لفلسطين والعرب –هذا إن كان مسيئاً أصلاً- تنتفضون عليه بكل جهل وتخوضون ضده معركة وهمية وكأنه عدو حقيقي وخطير , تثورون عليه أكثر من ثورتكم للقدس السليبة والضفة المنتهكة وغزة المحاصرة , حقاً أنتم مثيرون للشفقة ! نعم يا محمود عشقنا لفلسطين أكبر من عشقنا لبرشلونة وريال مدريد , وإذا كان البارسا أكثر من مجرد نادي فان فلسطين أكثر من مجرد قضية وهي أكثر من مجرد وطن ! نعم أنت الرياضي وهو الجندي , نعم هو من حمل البندقية للقتل و أنت من حملت الكرة لـ اللعب, لكننا اخترناك وارتضيناك لنا سفيرا فاذهب إلى هناك يرحمك الله .. اذهب وقل لهم من أنت ! وقل لهم من نحن ! وقل لهم من هو ! وقل لهم من هؤلاء ! اذهب وقل ! فطريق الحق وايصاله ليست مفروشة بالورود ! اذهب أرجوك اذهب !!! |