وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحكام بشر ... والبشر خطاؤون

نشر بتاريخ: 06/10/2012 ( آخر تحديث: 06/10/2012 الساعة: 19:00 )
بقلم : هيثم عامر

في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن الحكام وأخطائهم التحكيمية ، وتعدى الأمر لأبعد من ذلك فأصبحنا نشاهد اعتداء على حكامنا وشتم وسب وقذف ...
لذلك يجب علينا الإيمان بأن التحكيم جزء من اللعبة .. هذا هو المحور الأساسي لكرة القدم .. الحكام بشر .. والبشر خطاؤون .. هم يتعرضون إلى ضغوط عالية جداً تفوق احتمال البشر .. بالذات في المباريات الحساسة .. مطلوب منهم أن يطلقوا صفاراتهم لأخطاء تحدث في جزء من الثانية .. قد تكون الرؤية محجوبة عنهم .. قد تكون مخالفات تقديرية .. أي يختلف تقديرها من شخص لآخر .. قد يكون الحكم نفسه في حالة عصبية سيئة .. قد يكون بعيداً عن موقع الحدث .. قد تكون احتجاجات جمهور صاحب الأرض تثير الرعب في قلبه فهو بشر ..

نحن نشاهد المباريات ونحن جالسون أمام التلفاز ... تعاد اللقطة أمامنا بالتصوير البطيء أكثر من مرة .. ومن أكثر من زاوية .. ومع ذلك نختلف عليها .. كل طرف يراها بعينه فقط .. طالما كان هناك شيء اسمه حكما .. فهو يحكم بين طرفين .. ومن المؤكد أن حكمه سيكون لطرف على حساب الآخر .. فمن الطبيعي أن الطرف المحكوم عليه لن يعجبه الحكم وسيعترض عليه .. والطرف الآخر سيكون سعيدا .. كثيرة هي اللقطات التي أثارت جدلا كبيرا في ملاعب الكرة على مر التاريخ .. ولكن هناك حقيقة واحدة .. هي أن من يلعب الكرة يجب أن يستوعب أن هذه الأخطاء هي جزء من اللعبة .. فعلينا تقبلها والقبول بها بحلوها ومرها .. لأن ماتراه أنت صحيح .. يراه غريمك خطأ .. والعكس بالعكس .. وهنا يكمن مربط الفرس.

وفي المقابل نرى بعض الفرق تأخذ التحكيم شماعة لتعليق الفشل .. هذه حقيقة مرة ومنتشرة جداً .. ليس على مستوى كرة القدم .. بل ونجدها في جميع جوانب حياتنا العامة .. فكل من يتعرض للفشل يبحث دائما عن عامل خارجي يعلق عليه أخطائه .. فالطالب مثلا إذا ما رسب في الامتحان يعلق فشله على معلمه .. بأنه لم يشرح الدرس جيدا .. والموظف الفاشل يعلق فشله على مديره بأنه لا يعامله كما يجب .. والمدرب الفاشل سرعان ما يجد أن التحكيم أسهل وسيلة لإثارة الجماهير .. وإبعاد الضغط عنه وعن لاعبيه .. قد يتسبب التحكيم بفوز فريق في مباراة مثلا .. ولكن لا يعقل أن يكون التحكيم هو السبب في عدم حصول فريق على البطولات لفترة طويلة .. دائما ما كنت أقول .. عندما تواجهك مشكلة .. أبحث داخل نفسك أولا عن الخطأ وأصلحه .. لأنك تملك زمام نفسك .. ولا تذهب بعيدا للخارج لتبحث عن سبب لفشلك .. لأنك تستطيع أن تعدل مسار نفسك .. ولكنك لا تملك تعديل مسار الآخرين ..
وبما أن فرقنا أصبحت فرق محترفين ولاعبينا كذلك وجمهور فرقنا لذلك يجب التعامل باحترافية مع أخطاء الحكام ... لا يجوز النرفزة والاعتراض على كل قرارات الحكم .. مهما اعترض اللاعب أو المدرب .. الحكم لن يلغي قراره ..

لماذا يعرض اللاعب نفسه وفريقه لكوارث لمجرد اعتراض لن يسمن ولن يغني من جوع؟ ..لاعبونا محترفين .. يتقاضون رواتب .. لا يجب أن يكون تفكيرهم كتفكير جماهير متعصبة .. كل الفرق تعرضت لكوارث تحكيمية .. لو أن كل لاعب اعترض على كل قرار .. لكم أعزائي أن تتخيلوا كيف سيكون منظر الملاعب .. ستتحول إلى ساحات للقتال وليس لعب الكرة .. الاحتراف يعني أن تعرف كلاعب محترف أن تتعامل مع ظروف المباريات المختلفة .. وأن تتحكم بأعصابك وأن تسير المباراة بالطريقة التي تخدم فريقك .. ما نراه الآن هو صراع كروي بحت .. أصبحنا لا نستمتع باللعب .. بل نتبادل الشتائم .. وندخل في جدلات لا طائل منها .. والعملية كلها حلقات تمسك ببعضها البعض .. تبدأ بالمدرب .. تنتقل منه للاعب .. وهو بدوره ينقلها للجماهير .. وتصبح لعبة الكرة التي من المفروض أننا نحضرها للمتعة "مهزلة"

أكاد أجزم أن أي حكم في الدنيا لن يستطيع أن يتسبب في هزيمة أي فريق إذا كان يلعب بقوة .. قد يلغي الحكم هدفا بطريقة ظالمة .. ولكنه لن يستطيع أن يلغي لك هدفين أو ثلاثة .. ما نلاحظه دائما أن الأخطاء التحكيمية موجودة في كل مباراة .. ولكن الفائز سرعان ما يتناساها .. أما المهزوم فسرعان ما يبحث عنها ويتشبث بها .. الحكم لن يمنع فريقك أن يلعب جيدا .. الحكم لم يدفع لاعبيك لإهدار الفرص .. الحكم لا يتحمل أخطاء مدربك في التشكيل أو التكتيك .

ولنبتعد عن فكرة "كل من هو ليس معي فهو ضدي" .. كلنا في الهم سواء .. إذا لم تؤيد رأيي فأنت ضدي .. وتكرهني .. وعدوي .. ويحق لي شتمك .. وأهانتك .. والنيل من عرضك .. لماذا تعودنا على عدم تقبل الطرف الآخر .. هناك فرق كبير بين من يعارضني في الرأي .. وبين من يعاديني .. هذا شيء .. وذاك شيء آخر .. ميولنا وأهواؤنا تختلف من شخص إلى آخر .. والله عز وجل في علاه ..له حكمة عظيمة في ذلك .. فلقد خلقنا شعوبا وقبائل .. "لنتعارف" .. وما يحز بالنفس أننا من نفس الملة .. ونفس الدين .. وننطق لغة الضاد .. وهمومنا مشتركة .. ولنا أعداء كثيرون يتربصون بنا .. ومع ذلك نتقاتل على قرار حكم في هذه المباراة أو تلك .. يا للعار الذي أصابنا جميعا ولم يترك أحدا منا .. نتقاتل على لقب .. ذهب لهذا الفريق .. أو ذاك الفريق .. نعم كلنا نحب الكرة .. ونستمتع بفنونها .. ولكننا حولناها إلى مصدر خلافاتنا .. ومحور تقاتلنا .. سحقا للكرة إذا فعلت بنا هذا وتمسكنا بها .. دعوتي للجميع ..بأن نترك التحكيم والمؤامرات جانبا .. وأن نستمتع حقا بما نراه من فنون .. فلا يوجد في الدنيا ما يستحق أن نقاتل بعضنا البعض عليه.




[email protected]