وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز بديل يصدر ورقة موقف حول "الاعتراف بحقوق اللاجئين العرب - اليهود"

نشر بتاريخ: 12/10/2012 ( آخر تحديث: 12/10/2012 الساعة: 15:43 )
بيت لحم - معا - "الاعتراف بحقوق اللاجئين العرب – اليهود يجب ألا ينتقص من حقوق اللاجئين الفلسطينيين"، ورقة موقف أولية يقدمها مركز بديل حول اللاجئين العرب – اليهود، حيث وعلى الرغم من ترحيب بديل – المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، بأية حملة تسعى لرفع مستوى الوعي بمحنة اللاجئين وقضاياهم، لتمكينهم من نيل حقوقهم المشروعة والمعترف بها دولياً في نهاية المطاف، وبصرف النظر عن النطاق الجغرافي لهكذا حملة؛ إلا أن مركز بديل يلاحظ بقلق شديد ما تتضمنه الحملة الإسرائيلية الحالية من مغالطات قانونية وتاريخية وأغراض سياسية غير مشروعة بشأن نزوح أفراد من العرب – اليهود من عدد من الدول العربية، كما إن إطلاق حملة إسرائيلية تحت مسمى "حقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية"، واندفاع البعض في تقديم بعض الردود غير المتفحصة استوجب عرض هذا الموجز.

ورقة موقف أولية يقدمها مركز بديل حول اللاجئين العرب – اليهود: "الاعتراف بحقوق اللاجئين العرب – اليهود يجب ألا ينتقص من حقوق اللاجئين الفلسطينيين"

عن الحملة الإسرائيلية:
لقد كلفت الحكومة الإسرائيلية في العام 2009 مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بإنشاء مجموعة عمل تتألف من مسؤولين من كل من وزارة الخارجية والعدل والمالية وشؤون المتقاعدين وعدد من الأكاديميين (خبراء قانونيين، ومؤرخين، وخبراء مالية واقتصاد) وكذلك ممثلي المنظمات اليهودية الصهيونية مثل الكونغرس اليهودي العالمي. وقد طلب من مجموعة العمل هذه صياغة موقف إسرائيلي رسمي حول قضية "اللاجئين اليهود" من الدول العربية.

وفي 24 أيار 2011، أوصت مجموعة العمل تلك "بطرح مسألة تعويض اللاجئين اليهود في المفاوضات مع الفلسطينيين باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من المناقشات والمفاوضات حول اللاجئين الفلسطينيين". هذا الربط المصطنع تمت صياغته لخدمة مصالح إسرائيل، وعلى وجه التحديد، أفاد تقرير لجنة العمل أن "هذا الربط من شأنه أن يردع المطالبات المفرطة بجميع حقوق اللاجئين الفلسطينيين، أو على الأقل التخفيف منها". وعلاوة على ذلك، يشدد هذا الربط – بحسب التقرير- على أن "أي اتفاق لا يستجيب لمطالب اللاجئين اليهود يجب أن لا يراها الجمهور والقيادة الإسرائيلية كنهاية للصراع".

وبتزامن مع اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة (بتاريخ 28 أيلول 2012) رعت وزارة الخارجية الإسرائيلية والكونغرس اليهودي العالمي مؤتمراً حول هذه القضية في نيويورك، وأطلقت حملة لتمكين إسرائيل "من فرض مطالبها الخاصة"، وليس مجرد "الرد على المطالب الفلسطينية".

الا ان مركز بديل يرى أن عيوبا جوهرية تعتري هذه الحملة الإسرائيلية وبأنها ذات دوافع سياسية، وتعبّر بشكل فاضح عن تجاهل إسرائيلي لحقوق اللاجئين الفلسطينيين.

ومن هذا المنطلق يقدم مركز بديل تحليلاً خاصاً قائماً على ومستمدا من منهج الحقوق، وذلك على النحو التالي:

جبر الضرر حق للجميع
الحقوق المقررة للاجئين هي حقوق عالمية، لا تفضيل ولا تمييز فيها لمجموعة معينة من اللاجئين على مجموعة أخرى. إن لجميع اللاجئين الحق بالتمتع بجميع تلك الحقوق، ومن بينها حق العودة الطوعية إلى ديارهم، واستعادة الممتلكات والتعويض المالي عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم. وعليه، فان بديل ينطلق في تحليله اساسا من مبدأ ان ثبوت وقوع الضرر يقضي بالضرورة وجوب جبره، وهذا مبأ عام ينطبق على الجميع وفي جميع الحالات وبلا استثناء أو تفضيل.

دعاوى المطالبات القانونية تُقدم في مواجهة الدول ذات الصلة
يجب رفع و/أو تقديم الدعاوى الحقوقية من قبل اللاجئين، أو نيابة عنهم في مواجهة الدولة (الدول) التي ثبت أن الإجراءات/الأعمال التي قامت بها تسببت بخلق حالات اللجوء. وفيما يتعلق بموضوعنا، فإن على العرب-اليهود المطالبين باعتبارهم لاجئين اضطروا لمغادرة ديارهم الأصلية بادعاء فرارهم من الظلم والاضطهاد في الأربعينيات والسبعينيات من القرن الماضي، توجيه مطالباتهم إلى تلك الدول العربية، وليس السعي لربط ذلك بمفاوضات الوضع النهائي بين الإسرائيليين ومنظمة التحرير الفلسطينينية. فإذا ما ثبت أن الدول العربية هي التي تسببت في حالات اللجوء، فلا بد حينها من إخضاع الدولة المسؤولة فقط للمساءلة والمحاسبة عن أفعالها، أي لا يجوز الادعاء بذلك في مواجهة أي طرف آخر. إن رغبة إسرائيل في زج الدول العربية في مأساة اللاجئين الفلسطينيين تعتبر بمثابة استخدام قضية اللاجئين كشكل من أشكال رأس المال السياسي، وذلك في محاولة سافرة منها لتحقيق أهداف استراتيجية أوسع. إن هذا النهج يضر بشكل كبير بحقوق اللاجئين – موضوع البحث- أفرادا وجماعات على حد سواء، وكذلك يهدد الآليات الدولية المقررة لمعالجة قضايا اللجوء حول العالم.

يجب عدم ربط مصير مجموعة من اللاجئين بمصير مجموعة أخرى
الحملة الإسرائيلية الحالية تسعى إلى جعل حماية اللاجئين الفلسطينيين والإيفاء بحقوقهم رهنا بإيفاء العرب- اليهود حقوقهم. وكما ذكر آنفاً، فان حقوق اللاجئين هي حقوق ذات طبيعة عالمية، وان الحقوق المستحقة لمجموعة ما تماثل تلك المستحقة للمجموعات الأخرى، وأنه لمن الضروري والملحّ أن تصان جميع الحقوق لكل اللاجئين وأن توضع موضع التنفيذ.

ومع ذلك، فإن حقوق كل مجموعة تكون موجودة وثابتة بشكل مستقل أي غير مرهونة بمنح مجموعة أخرى حقوقها. فعلى سبيل المثال، لا يجوز حرمان مجموعة معينة من حقها في جبر ما لحق بها من أضرار باشتراط جبر ضرر مجموعة/المجموعات أخرى؛ فالاشتراط هنا غير جائز مبدئيا وقانونيا. وكما نوقش أعلاه، فان كل مجموعة لاجئين لها الحق في متابعة حقوقها في مواجهة الدولة (الدول) التي تسببت باللجوء، وليس ربط ذلك بمصير مجموعة منفصلة أخرى لا علاقة لها بها. إن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي قضية اللجوء الأطول عمراً في العالم اليوم، و ينبغي ألا تطول محنتهم أكثر وألا تزداد تعقيداً على تعقيد عبر اشتراط اعتراف الدول المعنية (العربية هنا) بحقوق العرب- اليهود كشرط مسبق للاعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين.

الاعتراف العالمي بجميع حقوق اللاجئين
على الرغم من أن وجوب عدم ربط مصير مجموعات اللاجئين المختلفة ارتباطاً شرطيا فيما يتصل بنيل حقوقهم، إلا انه ينبغي على جميع حملات الدفاع عن حقوق اللاجئين الاعتراف بحقوق جميع اللاجئين بموجب القوانين والشرائع والأعراف الدولية. وعلى هذا النحو، كان يجب على إسرائيل - إذا كانت أصلا مع مبدأ الدفاع عن الحقوق - وتزامناً مع إطلاقها الحملة الجديدة، ليس فقط المطالبة بالاعتراف بحقوق اللاجئين العرب- اليهود، ولكن أيضاً بجميع حقوق اللاجئين لجميع مجموعات اللاجئين الأخرى، بمن فيهم الفلسطينيون. إن عدم إقرارها بحقوق اللاجئين الفلسطينيين يؤكد بأن إسرائيل تسعى إلى رفع مكانة اللاجئين اليهود فوق مكانة مجموعات اللاجئين الأخرى. ومن غير شك، فان ذلك يناقض مبدأ عدم التمييز - الذي ينطبق على جميع الناس بمن فيهم اللاجئون- والذي يحظر بموجبه تفضيل أو تقليل حقوق مجموعة لاجئين على الأخرى، بل على العكس من ذلك، فان مبدأ عدم التمييز يقضي بأن الجميع متساوون، ولا سيما عندما يتعلق الموضوع بالقانون والحقوق.

أهمية النهج القائم على الحقوق
يؤمن مركز بديل بأن النهج الوحيد الذي يمكن أن يقود إلى تحقيق حلول عادلة ومنصفة ودائمة لمجموعات اللاجئين في جميع أنحاء العالم هو نهج واحد يجب ان يرتكز على حماية وضمان حقوق اللاجئين موضوع النقاش. الإقرار بهكذا نهج وتنفيذه يضمن عدم استخدام المصالح السياسية والاقتصادية لحرمان الأفراد من قدرتهم على العيش حياة آمنة، خالية من الخوف والمعاناة.

الحملة الإسرائيلية الحالية، والتي أطلقت بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة وتزامناً مع المساعي الفلسطينية المبذولة لنيل إعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين، لم تتبن النهج القائم على الحقوق، بل على العكس من ذلك، جاءت مستندة إلى دوافع سياسية لا تهدف إلى الدفاع عن حقوق العرب-اليهود في جوهرها، بل تسعى إلى الانتقاص أو الحد من حقوق اللاجئين الفلسطينيين وتخليص دولة إسرائيل من التزاماتها تجاههم بموجب القانون الدولي.

وبالفعل، فقد أفصح عن ذلك ممثل عن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بصراحة بتأكيده أن الربط بين قضية اللاجئين الفلسطينيين وقضية اللاجئين العرب- اليهود "سيخدم إسرائيل في مفاوضات الوضع النهائي" وسوف يساعد على "الحد من" مطالب الفلسطينيين. إن هذا النهج القائم على حسابات الربح والخسارة دون اعتبار للحقوق وللإنسان صمم خصيصا للتنصل من الالتزامات الأخلاقية والقانونية الواجبة من أجل معالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين، بل ويهزأ بمحن اللاجئين في جميع أنحاء العالم من خلال فرض منطق المقايضة السياسية بدلا من الإقرار بالحقوق والالتزامات.

لا يجوز لإسرائيل التنصّل من التزاماتها
بغض النظر عما إذا كانت الدول العربية من خلال أعمال سابقة، قد تسببت في خلق قضية لاجئين يهود من أصول عربية، فانه من الثابت أن إسرائيل تسببت – ولا زالت تتسبب- في خلق المزيد والمزيد من اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين حتى أصبح عددهم يزيد عن 7.4 مليون شخص. وبما أن إسرائيل لا يجوز لها استخدام او التذرع بأخطاء دول أخرى- بافتراض وقوعها- لنفي ما ارتكبته وترتكبه هي نفسها من تهجير، فانه ينبغي لجميع اللاجئين والمهجرين الحصول على حقوقهم المشروعة عبر التوصل إلى حلٍ عادلٍ ودائم لقضاياهم. إن الالتزامات التي تدين بها إسرائيل لهؤلاء اللاجئين الفلسطينيين نشأت نتيجة أعمالها وسياساتها، وهي التزامات واجبة في إطار القانون الدولي ولا يمكن التنصل منها أو إضعافها بأية وسيلة ولا تسقط لا بالتقادم ولا بحسابات بالمقايضة.

واختتم مركز بديل بيانه، بأن إطلاق حملة إسرائيلية تحت مسمى حقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية، واندفاع البعض في تقديم بعض الردود غير المتفحصة استوجب عرض هذا الموجز، يشار هنا أن بديل بصدد إصدار ورقة تفصيلية حول الموضوع.