وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

التفاصيل التي سمحت الرقابة العسكرية بنشرها عن اغتيال أبو جهاد

نشر بتاريخ: 02/11/2012 ( آخر تحديث: 03/11/2012 الساعة: 09:40 )
بيت لحم – معا - نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت" في ملحقها الاسبوعي الذي يصدر الجمعة تفاصيل عملية اغتيال القيادي الفلسطيني خليل الوزير "أبو جهاد" ، والتي سمحت بها الرقابة العسكرية الاسرائيلية والمتعلقة بدور نائب قائد الوحدة الخاصة "سيريت همتكال" التابعة لـ "هيئة الاركان العامة" في الجيش الاسرائيلي ناحوم ليف ، والذي قاد عملية تنفيذ الاغتيال مع وحدة "قيساريا" التابعة لجهاز "الموساد" .

بعيدا عن السرد الطويل والذي أسهبت فيه الصحيفة عن مواصفات الضابط ناحوم ليف والذي شغل منصب نائب قائد الوحدة وكان مرشحا ليخلف قائدها انذاك موشيه يعالون ، فقد كان خليل الوزير أحد القيادات الفلسطينية التي تسعى اسرائيل للتخلص منها واغتيالها ، وقد حاولت عديد المرات في جمع المعلومات التي تسمح تنفيذ العملية ولكنها فشلت .

عام 1987 قدم جهاز "الموساد" معلومات وصفت بالجدية والتي تسمح بتنفيذ عملية الاغتيال ، والتي قد جمعتها وحدة "قيساريا" وقدمتها الى القيادة الاسرائيلية ، وقد كان رئيس الحكومة وقتها اسحق شامير ووزير الجيش اسحق رابين وكان دان شمرون يتولى قيادة الجيش الاسرائيلي .

وبررت الصحيفة حصول جهاز "الموساد" على هذه المعلومات لتواجد أبو جهاد في العاصمة التونسية ، وبعدها عن نشاط الموساد وفقا للتقديرات الفلسطينية ، حيث لم يسبق لجهاز الموساد العمل على هذه الساحة وكان الاعتقاد لدى الجانب الفلسطيني ان عمل الموساد على الساحة اللبنانية والسورية والدول الاوروبية في ملاحقة القادة الفلسطينيين .

هذه المعلومات الاولية شكلت المادة الاساسية لانطلاق العملية والتخطيط لها ، والمتمثلة بانخفاض الحس الامني لدى أبو جهاد في ظل قناعته أنه بعيد في تونس عن نشاط الموساد ، وضعت وحدة "قيساريا" معلومات مهمة عن موقع الفيلا التي يسكن فيه أبو جهاد في حي سيدي بو سعيد .

وقد حصل الموساد على تفاصيل الفيلا من الطابق الاول وعدد الغرف والصالون والمطبخ وكذلك الطابق الارضي الذي يتم الدخول اليه من داخل الفيلا ، ورصد الجهاز وجود حارسين فقط يرافقان أبو جهاد ، واحد منهم يبقى خارج الفيلا والثاني داخلها وينام في الطابق الارضي ، كل هذه المعلومات جمعتها وحدة "قيساريا" التي وصلت عديد المرات الى العاصمة التونسية .

ولعدم استطاعة جهاز الموساد تنفيذ العملية لوحده طلب من الجيش المساعدة ، وطبعا لا يوجد وحدة خاصة أفضل من "سيريت همتكال" لتنفيذ العملية ، وهنا بدأت التفاصيل تدخل من أصغر شيء حتى أعقدها ، وتم وضع الخطة بالتفاصيل ودور كل عنصر مشارك في هذه العملية ، وقد بدأت التدريبات على فيلا قيد الانشاء في عتليت تشبه لحد كبير الفيلا التي يعيش فيها أبو جهاد ، ولم تكن هذه الفيلا بعيدة عن معسكر الوحدة البحرية الخاصة "13" والتي لها جزء مهم في العملية .

يوم 13 نيسان عام 1988 بدأت عملية الاغتيال بوصول افراد وحدة "قيساريا" الى العاصمة تونس ، وقد قسمت الى قسمين القسم الاول يقوم بتمشيط الساحل ومراقبته والثاني يقوم بمراقبة الفيلا للتأكد من وجود أبو جهاد فيها ، وبنفس الوقت صعد أفراد الوحدة الخاصة على متن السفن البحرية في ميناء حيفا للتحرك نحو تونس .

قبل منتصف الليل يوم 15 نيسان أكد عناصر الموساد دخول أبو جهاد الفيلا برفقه أحد الحراس وبقاء الحارس الثاني في السيارة خارج الفيلا ، تحركت الوحدة الخاصة المكلفة بعملية الاغتيال والتي كانت تتواجد على السفن الحربية للجيش الاسرائيلي قبالة السواحل التونسية ، وقامت الوحدة البحرية الخاصة 13 بمرافقة 26 جندي اسرائيلي حتى شاطئ ميناء قرطاجة البحري الذي يبعد مسافة 4 كيلو متر عن فيلا أبو جهاد .

وقد استقبلهم على الشاطئ أفراد وحدة الموساد واستقلوا السيارات التي اعدوها لنقلهم لمكان تنفيذ العملية حيث تجاوزت الساعة منتصف الليل ، وقد سارت في البداية السيارة التي يستقلها افراد الموساد خوفا من أمكانية وجود حاجز للشرطة التونسية على الطريق ، وتوقفت السيارات على مسافة نصف كيلو متر من البيت ونزل منها أفراد الوحدة ، حيث كانوا يلبسون ملابس "غامقة" وسترات واقية للرصاص خفيفة واحذية بلون الفولاذ ، وعلى رأس كل واحد منهم اجهزة الاتصال "ميكريفون وسماعات" ، وتم تقسيمهم الى مجموعتين ، الاولى يترأسها ناحوم ليف مكونة من ثماني أفراد تأخذ على عاتقها تأمين دخول باقي المجموعة ، وقد تقدم ناحوم ليف مع عنصر أخر كان يلبس لباس امرأة ، وكان يحمل في يده علبة شوكلاته والتي كان يمسك بداخلها مسدس كاتم للصوت ، واقتربا من السيارة التي كان يتواجد فيها الحارس الاول وأطلق ناحوم النار عليه في الرأس ، وطلب من باقي افراد المجموعة التقدم لاقتحام الفيلا .

وقد وصل باقي الافراد الذين تقسموا على محيط الفيلا وعملية الاقتحام ، وبعد اقتحام الباب الرئيسي توجه مباشرة ناحوم ليف الى الطابق الارضي مع أفراد اخرين ، وقام باطلاق النار على الحارس الثاني الذي لم يسمح له الوقت بتناول مسدسه ، وتم قتل الجنايني التونسي الذي اختار يومها البقاء في الفيلا والنوم في الطابق الارضي .

صعد أحد أفراد المجموعة الى الطابق الثاني ولحق بعه ناحوم ليف وباقي افراد المجموعة ، ظهر أبو جهاد وهو يحمل مسدس واطلق الجندي عليه النار في الرأس ، ومن ثم قام ناحوم ليف باطلاق صليه كاملة من رشاشه على انحاء جسم أبو جهاد ، ولحق به جنود اخرين للتأكد من موته ، حاولت زوجته "أم جهاد" التقدم ولكنه احد الجنود اشهر المسدس في وجهها وبقيت مكانها وشاهدت عملية اطلاق النار على زوجها .

قام افراد الوحدة بجمع العديد من الاوراق التي كانت في المكتب الخاص لابو جهاد والواقع في الطابق الثاني ، وتم سحبها والخروج من الفيلا والتوجه الى الشاطئ ومن ثم الى السفن الحربية والعودة نحو اسرائيل ، ولدى وصول جميع المشاركين في العملية بدأت الاحتفالات على متن السفن الحربية وتلقوا اتصالا من رئيس الجيش دان شمرون يهنئهم على نجاح العملية دون وقوع أية أخطاء .