وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فلسطيني في غوانتانامو: وليد حجازي.. خرج للعمرة ولم يعد!!.. فوجد نفسه في السجن الرهيب يعاني عتمة السجن وقهر السجان

نشر بتاريخ: 17/02/2007 ( آخر تحديث: 17/02/2007 الساعة: 15:34 )
خان يونس- معا- ابراهيم قنن- تفاصيل المأساة المؤلمة التي ترافق الفلسطينيين منذ نشوء قضيتهم قبل نحو ستين عاماً, خلفت لدى كل عائلة فلسطينية قصة مأساوية، وتركت في كل منزل معاناة إنسانية يصعب محوها أو حتى تخفيف أثارها على مدى الزمن .

فماسي الفلسطينيين لا تنتهي, بل يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد.. فلكل جيل قصته فالمآسي تزور كل بيت ولا تغادر أهله حتى يغادروا هم الدنيا.

هذه القصة لا تختلف عن سابقاتها من القصص المليونية للفلسطينيين سوى بمكان المأساة فقط، فنحن اليوم على اعتاب سجن "غوانتانامو" سيئ السمعة، والمعاملة، وغير القانوني الذي يُعتقل فيه المئات منذ سنوات بدون محاكمات او اتهامات, بطريقة حيوانية لا تمت إلى الإنسانية بصلة.

من العمرة للسجن !!

الشاب وليد إبراهيم حجازي (25 عاماً)، من مدينة خان يونس، اختفت آثاره عقب تأديته العمرة في نهاية شهر رمضان من العام الهجري (1423) أي قبل خمسة أعوام، لم يعد إلى بلده والى أهله بقرية "معن" الزراعية الواقعة إلى الشرق من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، في الموعد المحدد له، فانقطعت أخباره حتى وصلت رسالة من الشاب الذي خرج فتىً في التاسعة عشرة من عمره, تدل على مكان وجوده فكانت الفاجعة والمصيبة!!

بداية الحكاية

أبو فرج كهل فلسطيني يبلغ ( 82 عاماً) وزوجته السبعينية، يرويان قصة ابنهما الفتى " المدلل" وليد.

يقول أبو فرج ويمتزج صوته المبحوح بحشرجة صدره الضعيف، والدموع تنساب من مقلتيه " منذ اختفاء أثر ابنه وليد قبل خمس سنوات إلى لحظة وصول خبره قبل ثلاثة أعوام "طلب وليد الإذن له بالسفر لأداء العمرة في رمضان قبل خمس سنوات" وخرج تغمره سعادة لوصوله الأراضي الحجازية المقدسة لأداء المناسك.

وأضاف" بعد أن وصل وليد الى السعودية إتصل بنا أكثر من مرة عبر الهاتف يطمئننا عليه، ويحكي لنا بعضاً من مشاهداته أثناء سفره ووجوده في مكة"، هنا تتدخل الوالدة أم فرج (77 عاماً)، وتقول "ابني وليد ما خرج من عندنا زهقان من شيء بالعكس كان هو الصغير بين اخوته" يعني هو "المدلل" بلسان والدته, التي رأت في دنياها العجب العجاب لكنها لم ترحل عن أهلها وأرضها.

ويضيف شقيقه حسام (35 عاماً)، "لم يتعرض وليد لمضايقات في حياته تجعله يفر من بلده بحثاً عن راحة تكون في خلاص ابدي في ساحة لقتال. بالعكس خرج من عندنا أكثر حباً لوالديه ولإخوته, ونفسه تزداد طيبةً على طيبتها، ولم نشعر أنه يعاني ضائقة أو أزمة فهو ما زال في مقتبل عمره صغيراً عن فهم كثير من مشاق الحياة التي يمكن أن تنغص عليه أو تؤثر فيه".

أين وليد يا حج؟

أين وليد يا حج ؟ اصبر يا بني خليني أقول لك كل قصته.. يعني بدي (أريد) أن تعرف أنه خرج من عندنا وهو كويس (جيد) لا يعاني من أي شيء لا صدمة ولا أزمة ولا ضائقة مثل ما يقولون دائما في الأخبار.

ويضيف "بعد غياب عامين لم نعرف فيهما أي شيء عن مصير ابني وليد الذي بحثنا عنه عن طريق أقارب لنا في السعودية ومصر فلم يعرفوا له خبر فتوقعنا وفاته في طريق عودته بحادث سير أو ازدحام أو مرض، وعلى ذلك بقينا ننتظر خبراً يؤكد لنا مصيره، إلى أن جاءت رسالة بعد سنتين يطمئننا فيها عن أحواله ويسأل عنا واحداً واحداً، ويدعوا لنا، دون أن يخبرنا شيئا عما حدث له أو معه خلال عامي الغياب، ولم يخبرنا عن مكان وجوده حالياً، وبعد وقت قصير قرأ ابني عنوان الإرسال ففهمت أن في الأمر شيئا مريبا لم يخبرني ابني شيئا رغم إلحاحي في طلب توضيح مصدر الرسالة، وتريث ابني حسام إلى حين التأكد من مصدر الرسالة، وثاني يوم ذهب إلى مكتب الصليب الأحمر في غزة، وهناك عرف حسام أن الرسالة نقلها لهم من شقيقه وليد الصليب الأحمر الذي اخبرهم أنه معتقل في سجن (غوانتانامو) الواقع في القاعدة الأمريكية في كوبا.

غوانتاناموا!!

يقول الأب المكلوم بفقدان فلذة كبده:" معقول وليد معتقل في سجن (غوانتانامو) الذي يحكي العالم كله عنه.. مش معقول ابني هناك، ومن الذي أوصلة وكيف وبأي سبب", تساولات كثيرة طرحها الحاج أبو فرج, فالمعتقلون في هذا السجن هم من الذين تقول عنهم أمريكيا كبار المطلوبين و"الإرهابيين" في العالم ؟ وليس وليد الشاب الوسيم الذي ذهب لأداء العمرة ؟

وعن السؤال عن كيفية وصوله الى السجن يقول شقيقة حسام:" الصليب الأحمر ابلغني أن القوات الأميركية اعتقلت وليد في مدينة (قندهار) بأفغانستان في بداية عام 2002م، ونقلته من هناك إلى السجن", لكن الأب الكهل يشكك في المعلومات التي ساقها الصليب الأحمر, "فأبني خرج صغيراً من هنا, وليس له أصدقاء أو معارف ولا يعرف احداً من الأصل", ويقول "كلها معلومات كذب في كذب".

ويدلل الاب على تشكيكه بصدق معلومة اعتقاله من (قندهار) بقصة لشاب فلسطيني يقول:" إن قصته كانت قريبة من قصة ابني.. لكنهم أطلقوا سراحه قبل أشهر قليلة، وقد اخبر الشاب المفرج عنه من السجون الأميركية أن كثيراً من خلفيات الاعتقال يتم تلفيقها للمعتقلين تلفيقاً مخابراتياً، لكن مع الوقت يثبت كذبها وزيفها"، وهذا ما يتوقعه الكهل قريباً.


أين دور الإعلام ؟

ويوضح حسام أن وليد أرسل لهم ثماني رسائل منذ إرساله الرسالة الأولى قبل ثلاث سنوات كلها يطمئننا فيها عن صحته وأحواله، ويسأل عنا فقط. ويستدل من ذلك حسام أن السجانين يحددون لهم في أي الأمور يتحدثون في الرسائل.

وما يقلق عائلة حجازي أن قضية ابنهم لم تأخذ أي حيز إعلامي يثيرها للضغط لإطلاق سراحه, فلم يسأل عنا احد من الفلسطينيين. فيما تحركت مؤسسة أمريكية ( sak noof weffar) في القضية منذ أيام فقط، بعد أن طلبت توكيلاً منا بذلك، وهي المؤسسة التي زادت قلق العائلة فوق قلق الصمت الفلسطيني على تبني قضية (وليد) عندما أخبرتهم أن وليد خضع لأربع عمليات جراحية في سجنه. وهي العمليات التي لم يخبر وليد عنها العائلة في أي من رسائله المراقبة أميركياً، والممنوع فيها من إبلاغ أهله عن أي شيء غير السؤال عن الأحوال والطمأنة على الحال, ودعا حسام وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية لإثارة القضية من أجل الإفراج عن شقيقة.


التدخل الرسمي مفقود

ويقول حسام: العائلة تتحرك في القضية مع عدد من المحامين العرب لكن دون جدوى، لغياب تدخل فلسطيني رسمي في القضية يطرحها في اللقاءات مع المسؤولين الاميركيين للوصول إلى حل. وهنا يشكو حسام ووالده ووالدته من قصور المؤسسات الفلسطينية الرسمية والمسؤولين الفلسطينيين عن متابعة قضية وليد، ويقول الوالد هل يخافون من أن تؤثر عليهم إثارتهم للقضية في اللقاءات وعبر وسائل الإعلام ؟

طرح القضية على رايس

وتمنى الاب الذي لم تفارقه دموعه طوال الحديث, أن يكون هناك تدخلاً جاداً من قبل المسؤولين الفلسطينيين والمؤسسات الفلسطينية والعربية، وأطلقت الأسرة دعوة للرئيس محمود عباس ولرئيس الوزراء إسماعيل هنية، ولكل المسؤولين للتدخل لإطلاق سراحه وإعادته إليها لتحتضنه من جديد.

ودعت الأسرة "الحزينة"، الرئيس عباس أن يعطي قضية ابنها الأولوية وان يقوم بكل جهد ممكن من اجل إطلاق سراحه، وان يقوم بطرح ملفه على وزيرة الخارجية الأمريكية "كوندليزا رايس" في الاجتماع المرتقب بينهما، مؤكدين ان تدخل المسؤولين الفلسطينيين سيكون له تأثيرات ايجابية على ابنهم وذلك كما حدث مع العديد من المعتقلين في السجن حيث تم إطلاق سراح عدد منهم بعد تدخل مسؤولين رسميين من تلك الدول التي ينتمي إليها المعتقلون.