وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رسالة الهيئة المستقلة للأمين العام للأمم المتحدة

نشر بتاريخ: 22/11/2012 ( آخر تحديث: 22/11/2012 الساعة: 20:35 )
رام الله- معا- بعثت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان رسالة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة جاء نصها كالتالي:

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات فورية لوضع حد للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والسعي لحماية المدنيين الفلسطينيين

حضرة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون،
تحثكم الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" اتخاذ الإجراءات الفورية لوقف العدوان الحربي الإسرائيلي على قطاع غزة تحت العملية العسكرية المسماة "عمود السحاب". ومواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية لقصفها العشوائي على قطاع غزة مما أدى إلى خسائر كبيرة بين المدنيين الفلسطينيين، وبخاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن. بالإضافة الى تهديدات إسرائيل بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية من خلال إطلاق عملية برية واسعة، والتي سوف تزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية وتدهور حالة حقوق الإنسان بشكل خطير وبسقوط المزيد من الضحايا في صفوف المدنيين الفلسطينيين، في واحدة من أكثر مناطق العالم اكتظاظاً بالسكان، مما يهدد سلامة حياة ورفاه أكثر من 1.6 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة.

تدعوكم الهيئة لاستخدام مساعيكم الحميدة لممارسة الضغط على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية فوراً ضد قطاع غزة، وإدانة تلك الأعمال التي تشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. كما وندعوكم لدعم التفويض الذي تتمتعون به كأمين عام للأمم المتحدة و"القول والعمل من أجل السلام والأمن" الدوليين، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان سلامة ورفاه السكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وخاصة بعد فشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ أية تدابير لضمان السلام والأمن والوفاء بمسؤولياته بموجب القانون الدولي.

ويشير عدد ضحايا هذا العدوان حتى الآن إلى أن المدنيين هم الذين يدفعون الثمن، وذلك خلافاً لمزاعم الحكومة الإسرائيلية بأن قواتها لا تستهدف المدنيين، ويتبين إن أكثر من 90? من الضحايا هم من المدنيين، حيث قتل ما لا يقل عن(138) من المدنيين الفلسطينيين في تلك الهجمات العسكرية، من بينهم 26 طفلا و 12 امرأة، كما وأصيب أكثر من 900 آخرين بجراح منهم على الأقل 290 طفلا و 148 إمرأة. يستهدف الجيش الإسرائيلي في هجماته العسكرية الممتلكات المدنية بشكل رئيسي، بما في ذلك المنازل (تم تدمير 750 منزلا منها 57 بشكل كلي) والمساجد والكنائس والمدارس والأراضي الزراعية والمزارع والبنية التحتية عامة. وتم فعليا قتل وجرح عدد كبير من المدنيين داخل منازلهم، نتيجة لقصف الأحياء السكنية والمناطق المحيطة بها بصواريخ يزن كل منها 1000 كيلوغرام، والتي أطلقتها الطائرات الحربية ومقاتلات (F 16). ومن أمثلة ذلك تفجير منزل عائلة الدلو والذي أسفر عن مقتل 14 مدنيا من عائلة واحدة، ما لا يقل عن 4 منهم هم من الاطفال بالإضافة إلى ثلاث نساء.

حضرة الأمين العام،
لم يعد ثمة مكاناً آمناً في قطاع غزة، والذي لا يوجد فيه فعلياً ملجأ واحداً يمكن أن يلجأ إليه المدنيون من أجل حماية أنفسهم من القصف المتواصل ليلاً ونهاراً، وبات المدنيون تحت مرمى نيران قوات الاحتلال ويعد كل منهم عرضة لخطر الموت.

في ظل استمرار وتوسع العدوان العسكري، تتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، خاصة في ظل الإغلاق الشامل للمعابر الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل، ومنع دخول البضائع والمواد الأساسية إلى قطاع غزة، بما في ذلك ارسالات المواد الغذائية والأدوية والوقود، خاصة أن قطاع غزة يرزح تحت الحصار العسكري منذ العام 2006، ويشكل هذا انتهاكاً خطيراً للالتزامات المفروضة على إسرائيل بصفتها قوة محتلة، وعلى الأطراف الأخرى المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب للعام 1949 وتحت الاحتلال، الذين لديهم التزامات قانونية لضمان احترام الاتفاقية، بتسهيل مرور ارسالات الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة في كل الظروف.

إننا في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وإذ ندين بشدة العدوان المستمر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، نحذر من استمرار تفاقم الأوضاع وانعكاساتها الكارثية على حياة المدنيين الفلسطينيين، فإننا نخشى أن الأسوأ لم يأت بعد، ما لم يتدخل المجتمع الدولي لوضع حد لهذا العدوان، حيث سيدفع المدنيون الفلسطينيون وحدهم ثمن هذا التصعيد الذي ابتدأته دولة الاحتلال. وتحمل الهيئة سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن حياة المدنيين الفلسطينيين وفقاً لقواعد القانون الدولي. كما ونؤكد على أن وجود مقاومة مسلحة لا يبرر بأي حال من الأحوال الاستخدام العشوائي وغير المتناسب للقوة المفرطة ضد المدنيين.

حضرة الأمين العام،
إن دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يكمن في التحرك الفوري لمنع الجريمة قبل وقوعها، وليس فقط إدانتها. إن فشل المجتمع الدولي في التدخل لحماية المدنيين الفلسطينيين يشجع إسرائيل بوصفها السلطة المحتلة على ارتكاب المزيد من جرائم الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة تحت ذريعة "الدفاع عن النفس". وسوف تستمر هذه الجرائم في ظل غياب المساءلة، ويرسخ هذا من ثقافة الإفلات من العقاب في صالح إسرائيل. وعلى سبيل المثال، فإن عدم تنفيذ بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق من تقرير غولدستون 2008-2009 من قبل كافة منظمات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخاصة مجلس الأمن الدولي، بعد عملية "الرصاص المصبوب" العملية العسكرية" على قطاع غزة ساهم في نقل رسالة خاطئة إلى إسرائيل انه يمكنها الإفلات من المحاسبة عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، وأنها ليست مسؤولة عن جرائم الحرب التي ترتكب ضد المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي العدوان العسكري الحالي على قطاع غزة، تطلق إسرائيل عدوانها مرة أخرى دون احترام لقواعد "التمييز والتناسب"، مع الثقة بأن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لن يتخذا أية إجراءات جادة لما تقوم به من جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي.

وإذ تعبر الهيئة عن إدانتها الشديدة للعدوان الوحشي على قطاع غزة، فإنها تدعوك وكافة الهيئات المعنية في الأمم المتحدة لممارسة الضغط على إسرائيل لإجبارها على وقف عدوانها العسكري على قطاع غزة والضغط من أجل احترام القانون الدولي، من خلال:
• التحرك الفوري والعاجل لوقف العدوان العسكري الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة ومنع توسعه.
• فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتنصل دولة الاحتلال من التزاماتها القانونية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب للعام 1949.
• كسر الصمت عن الانتهاكات الجسيمة التي اقترفتها إسرائيل باعتبارها سلطة الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين.
• اتخاذ التدابير اللازمة لضمان احترام اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بها، ومحاكمة المتهمين بارتكاب مخالفات جسيمة للاتفاقية، والتي تشكل جرائم حرب وفقاً للمادة (147) من الاتفاقية.

حضرة الأمين العام،
نحثكم بصفتكم الأمين العام للأمم المتحدة على:
1. التدخل الفوري لحماية السلام والأمن الدوليين، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
2. سرعة التحرك لوقف العدوان الإسرائيلي وما يترتب عليه من تفاقم الأوضاع الكارثية الإنسانية الوخيمة في صفوف المدنيين في قطاع غزة، وضمان عدم تكرارها.
3. التدخل شخصياً ورسمياً لإجبار الحكومة الإسرائيلية على وقف العدوان على قطاع غزة فوراً وحماية المدنيين.
4. إدانة الأعمال الوحشية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ودعوة المجتمع الدولي والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربع على التقيد بالتزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لإنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي والذي يعد واحداً من أطول الاحتلالات أمداً في العالم.
حان الوقت لأن يتمتع الشعب الفلسطيني بحقه في تقرير المصير على النحو الذي ضمنه القانون الدولي لحقوق الإنسان. وعليه ينبغي للمجتمع الدولي بذل كل الجهود الممكنة من أجل إيجاد حل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والذي يكفل للفلسطينيين التمتع بحقوقهم الإنسانية والسلام والأمن أسوة بباقي شعوب العالم.


تفضلوا بقبول فائق الاحترام،

أحمد حرب
المفوض العام
الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان