وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عبد الرحيم بمؤتمر الفساد: الطريق لتمكين دولتنا يكون باستعادة الوحدة

نشر بتاريخ: 09/12/2012 ( آخر تحديث: 09/12/2012 الساعة: 19:33 )
رام الله - معا - أجمع المشاركون في المؤتمر الأول لهيئة "مكافحة الفساد" الذي يصادف اليوم الأحد، على ضرورة محاربة الفساد بالتبليغ عنه، وحماية المبلغين.

وشكر أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم في كلمته التي ألقاها نيابة عن الرئيس، كل الدول التي صوتت إلى جانبنا في الحصول على دولة غير عضو في الأمم المتحدة، معربا عن أمله بمن امتنع عن التصويت أو عارض القرار أن يقف بصورة لا لبس فيها إلى جانب الأغلبية الساحقة، وينحاز يوما إلى جانب العدالة.

وأوضح عبد الرحيم أن إصرار الحكومة الإسرائيلية على مواصلة الاستيطان، يؤكد نواياها الحقيقية في رفض حل الدولتين، واستمرار مخططها في حصار القدس وعزلها عن محيطها العربي، وتقسيم أرضنا إلى "كانتونات" يستحيل معها وبها تجسيد الدولة ذات السيادة الكاملة.

وأضاف: " إن الطريق لتمكين دولتنا من ممارسة سيادتها والقيام بوظائفها يعتمد بالمقام الأول على حشد عناصر قوتنا الوطنية، وباستعادة وحدتنا، وإنهاء الانقسام، وبالمضي قدما في بناء مؤسسات دولتنا".

وأشار إلى أن عقد المؤتمر في هذه الأيام يؤكد الإصرار على المضي قدما في مواصلة طريق الإنجاز، وطريق استكمال بناء مؤسسات دولتنا، وفق أفضل المعايير الدولية الحديثة، ولمشاركة دول العالم أيامها ومناسباتها على قدم المساواة، وللمشاركة في طموحات وتطلعات البشرية جمعاء.

وأشاد بعمل هيئة مكافحة الفساد ودورها في تعزيز بناء دولة القانون والمؤسسات والمجتمع، في إطار قانوني، يضمن معايير النزاهة والشفافية والمساءلة، لافتاً إلى أهميتها ودورها الكبير في هذه الأيام، وهي تخطو هذه الخطوات، وتحقق هذه الإنجازات، باكتساب دولتنا اعترافاً وعضوية مراقبة بمنظومة المجتمع الدولي ومنظماته، ما يفتح أمامها مجالات واسعة لتحقيق رسالتها السامية.

وأعرب عن أمله بأن يكون احتفالنا في العام المقبل، إعلاناً لإنجاز مؤسسة الهيئة، وفقا لأحكام القانون، ولإضافة "لمداميك"الراسخة في صرح البناء الوطني.

من جانبه، أشاد رئيس الوزراء سلام فياض في كلمته بقرار التصويت لصالح فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشدداً على تكثيف الجهود لإنهاء الظلم التاريخي بحقنا، مشيرا بضرورة أن تقوم مؤسسات السلطة التشريعية والتنفيذية بممارسة مهامها، وإنهاء الدور المغيّب للمجلس التشريعي، بسبب الانقسام خلال الخمس سنوات الماضية.

وأكد أهمية الدور المناط بهيئة "مكافحة الفساد"، في تعزيز البعد الوقائي الشامل في مكافحة الفساد، لافتاً إلى ضرورة إنهاء الانطباع السائد بتفشي ظاهرة الفساد، والذي يمس علاقة المسؤول بالمواطن، ما يؤدي لغياب الشعور بوجود حكم رشيد.

بدوره، قال رئيس هيئة مكافحة الفساد الأردنية سميح بينو في كلمته "إن محاربة الفساد جهد جماعي، وشراكة فاعلة بين كل مكونات المجتمع رسمية كانت أو شعبية، وأن كل فرد مهما صغر شأنه أو كبر يتحمل جزءاً من المسؤولية تجاه مجتمعه، وأن نجاح أي جهود تكافح الفساد، لا يمكن أن تتم بمعزل عن وجود مواطنين، على قدر كبير من الشجاعة والمسؤولية".

وأضاف بينو :" إن تبني وتفعيل المادة 33 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتي تحث الدول الأعضاء على اتخاذ التدابير المناسبة لتوفير الحماية للمبلغين على جرائم الفساد، يستلزم بدوره حماية المبلغين، وأسرهم، وأرزاقهم، من أية تصرفات انتقامية، وأخذ البلاغات بالجرائم على محمل الجد".

وأوضح علي الرام ممثل رئيس الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ورئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أن محاربة الفساد بالتبليغ عنه يدل على وجود قنوات ما يجعل مكافحة الفساد قضية عامة، وليست قضية حكومية منوطة بالسلطات فقط، مشيرا إلى قضية مكافحة الفساد باعتبارها قضية عامة تدل على إيمان الهيئة بدور المواطن في مكافحة أشكال الفساد، والتي تفرض على السلطات التحقيق وتوفير آليات قانونية لتكشف المتابعات القانونية، من خلال مصادر استقبال التبليغ وتوفير الحماية للمبلغين، مؤكدا ضرورة حماية المبلغين والشهود والخبراء.

من جانبه، قال رئيس الهيئة رفيق النتشة إن حصولنا على الدولة المراقبة لم يكن هبة من أحد، ولكنها نتاج نضال الشعب الفلسطيني، وأكد النتشه أن مكافحة الفساد لن تترك فاسدا، وستتم ملاحقة الفاسدين أينما ذهبوا، مشيرا إلى آلية العمل الذي يقومون به مع المختصين في وزارة العدل والداخلية، وجميع من لهم علاقة بطلب استرداد الفاسدين، والأموال التي سرقوها من الخارج.

وأثنى النتشه على الدور الذي يقوم به رئيس دولة فلسطين محمود عباس، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فريد الجلاد، والعاملون في نيابة مكافحة الفساد، في إنجاح عمل الهيئة.

وفيما يلي كلمة الطيب عبد الرحيم نيابة عن الرئيس محمود عباس بالنص:

" معالي الأخ أبو شاكر رئيس هيئة مكافحة الفساد
دولة رئيس الوزراء والأخوة الوزراء
سيادة رئيس مجلس القضاء الأعلى وسماحة المفتي
الإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية والقيادة
الأشقاء السادة الضيوف العرب والأصدقاء الأجانب
السيدات والسادة،،،
السلام عليكم ورحمة الله،،

اسمحوا لي بداية أن أنقل إليكم تحيات السيد الرئيس، رئيس دولة فلسطين الأخ أبو مازن، الذي شرفني بتمثيل سيادته بهذا اللقاء الهام في المؤتمر الأول لهيئة مكافحة الفساد المتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد، وأن أعبر عن سعادتي واعتزازي مشاركتكم افتتاح أعماله التي أرجو أن تكلل بالتوفيق والنجاح.

ما زالت جموع شعبنا الفلسطيني حيثما كانت، داخل الوطن وخارجه خاصة في قطاع غزة (المحافظات الجنوبية) التي كانت تدفن شهداءها وتداوي جرحاها بعد العدوان الآثم عليها ما زالت تعيش أفراح الاعتراف العالمي المنقطع النظير بدولتنا المستقلة، والتي تتوج مسيرة طويلة من النضال والصمود والمقاومة، من أجل بناء الدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، وقدمت قوافل الشهداء جيلا بعد جيل والجرحى والأسرى البواسل، وما زالت تقدم لتجسيد الاستقلال ولإنجاز حقوقنا الوطنية الثابتة في العودة وتقرير المصير والحرية.

وهذا عهدنا لأرواح شهدائنا الأبطال الذين ننحني إجلالا لأرواحهم الطاهرة، وعلى رأسهم الشهيد القائد ياسر عرفات، ولأسرانا البواسل، الذين نجدد لهم عهدنا وقسمنا أن نبقى الأوفياء لأمانتهم، وتضحياتهم حتى نحقق معا الحرية لشعب حر، وبدولة تليق بتضحيات هذا الشعب المناضل.

إنه التحدي الكبير الذي نثق بقدرة شعبنا على مجابهته، ملتفا بهذه الإرادة والإجماع حول قائده ورئيسه الأخ أبو مازن ليحمي هذا الانجاز الكبير، الذي تحقق حين استجابت دول العالم المؤمنة بالحرية والعدالة والسلام لحقوق شعبنا الوطنية ولصموده وكفاحه العادل، مؤكدة اعترافها بحقه بالعيش الكريم بكنف الاستقلال والحرية، أسوة بدول العالم وشعوبه.

نشكر كل الدول التي صوتت إلى جانبنا -جانب الحق- من كل قلوبنا، وسنظل نحفظ لهم هذا الموقف النبيل بقلوبنا وعقولنا ونبض عروقنا، فقد بعثتم البسمة على شفاه اليتامى والثكالى وأسرانا البواسل وجددتم الأمل بأن الحق لا بد أن ينتصر.

إنه التحدي الكبير القادم لتعزيز صمودنا في وجه الاحتلال ولتأكيد عزمنا على مقاومته وإنهائه لتخليص شعبنا من براثنه وتمكين دولتنا من ممارسة سيادتها والقيام بوظائفها تجاه شعبها، وعلى المستوى الإقليمي وتجاه المجتمع الدولي لتسهم من موقعها المتواضع بركب الحضارة الانسانية وتعزيز مسيرة السلم والأمن العالميين.

وإن طريقنا من أجل ذلك -لتجسيد دولتنا وإنهاء الاحتلال- إنما يعتمد بالمقام الأول على طاقات وقدرات أبناء شعبنا على حشد عناصر قوتنا الوطنية، وباستعادة وحدتنا، وإنهاء الانقسام المقيت، وبالمضى قدما في بناء مؤسسات دولتنا، وتمكينها في مراكمة البناء والانجاز على ما تحقق تطويرا لقدراتنا وإمكانياتنا لدحر ألاحتلال وذلك ما تحتشد حوله صفوف شعبنا وبكل قواه خلف قائد المسيرة نحو النصر النهائي رغم كل المعوقات والتهديدات، ورغم كل الصعاب والتحديات والضغوط بكل أشكالها بما فيها سرقة أموالنا.

لقد أصر الجانب الإسرائيلي على رفض إرادة المجتمع الدولي وإجماعه كالعادة ، فأعلن فور صدور القرار الأممي عن مشاريع استيطانية جديدة تؤكد نواياه الحقيقية في رفض حل الدولتين واستمرار مخططه في حصار القدس وعزلها عن محيطها العربي وتقسيم أرضنا إلى كانتونات يستحيل معها وبها تجسيد الدولة ذات السيادة الكاملة.

لقد رفض العالم حتى من عارضوا أو امتنعوا عن التصويت إعلان الحكومة الإسرائيلية اليمينية فيما تسمى بمشروع 'E1'، وتعمقت قناعة من وقفوا الى جانبنا بأنهم كانوا على الحق، وأن ما أقدمت عليه الحكومة الإسرائيلية ليس إلا امتداد وإمعانا سافرا في رفض الانصياع لإرادة المجتمع الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

وهنا نتمنى على من امتنع عن التصويت، أو عارض القرار، أن يقف بصورة لا لبس فيها إلى جانب الأغلبية الساحقة، وينحاز يوما إلى جانب العدالة، وإرساء دعائم السلام الشامل، وفق المرجعيات الدولية الواضحة، لتنهي شريعة الغاب، وليسقط وهم الدولة المحتلة، بأنها فوق القانون وبعيدة عن العقاب.

الأخوات والإخوة:
يأتي التئام جمعكم الكريم بمؤتمر الهيئة الاول واليوم العالمي لمكافحة الفساد، في هذه الأيام المباركة لتأكيد الإصرار على المضي قدما في مواصلة طريق الإنجاز، طريق استكمال بناء مؤسسات دولتنا، وفق أفضل المعايير الدولية الحديثة، ولمشاركة دول العالم ايامها ومناسباتها على قدم المساواة، وللمشاركة في طموحات وتطلعات البشرية جمعاء.

لهذا كانت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومن اجل ذلك وجدت الهيئة الموقرة لمكافحة الفساد، التي نعبر عن عميق تقديرنا واعتزازنا بالدور الكبير الذي تضطلع به رئيسا ومجلسا استشاريا وقضاه ونيابة وعاملين لتعزيز بناء دولة القانون والمؤسسات والمجتمع في إطار قانوني يضمن إِعمال معايير النزاهة والشفافية والمساءلة.

ونحسب وعن قناعة أن هيئة مكافحة الفساد ملتزمة بذلك وهي كذلك بالفعل، فهي أول من يحافظ على سرية التحقيق والتحقق من سلامة الإجراءات وتطبيقاتها ويضع حدا للبلاغات الكيدية والتشهير المقصود أو غير المسؤول، وآخذة بعين الاعتبار كذلك أن الفساد لا يسقط بالتقادم وبضرورة تمتع المتهم بقرينة البراءة حتى يثبت العكس عملا بقوله تعالى 'يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين' صدق الله العظيم.

لقد قالها وأكدها السيد الرئيس أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة خاصة للأخوة في جهاز القضاء وهيئة مكافحة الفساد إنه لا أحد فوق القانون والنظام وذلك هو جوهر سيادة القانون وعدالة الدولة الضامنة لحقوق كافة أبنائها بمقاييس المساواة والإنصاف.

إننا نحيي هذه الهيئة الوطنية وكافة منتسبيها وعلى رأسهم الاخ أبو شاكر، ونشكر جهودهم المباركة مع شركائهم بالقطاعات الرسمية والأهلية، وما حققته من بصمات وانجازات منذ تأسيسها القريب وما تشهده من تطوير لبرامجها وأنشطتها وإجراءاتها وما تتخذه من تدابير للوقاية من الفساد والكسب غير المشروع، وذلك بترحيب وتقدير شعبي ورسمي وبالتعاون مع جميع المؤسسات ذات الصلة بما يوفر آليات الحماية لمجتمعنا ومؤسساتنا من آفة الفساد البغيضة، وما تتركه تلك الآفة الخطيرة من انعكاسات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، لكي نحافظ على مكتسبات الشعب وثروته وحقوقه وصورته النضالية المشرفة وعلى امنه القومي، ومشروعه الوطني ومستقبل أجيالنا. لأننا شعب التضحيات، شعب الشهداء والعطاء المتدفق من أجل قضيته الوطنية وبما لا يسمح باحتمالات العبث بقدراته ومقدراته.

إن تطلع شعبنا وتوقه للحرية، لا يقل عن مدى حرصه وإصراره على بناء دولة القانون والمؤسسات، وهنا يبرز الدور الهام لهيئة مكافحة الفساد في متابعة منظومة العمل العام وفق ما حدده القانون لها، وقاية من العلل وكشفا لمواطن العيب والخلل، تصويبا للأداء، وإقامة للمسؤولية، وإعمالا لمبدأ المحاسبة والمساءلة، وصولا الى المساهمة الفعالة في تحصين هياكل ومؤسسات الدولة والمجتمع.

وتتضاعف أهمية ودور هيئة مكافحة الفساد هذه الأيام، وهي تخطو هذه الخطوات وتحقق هذه الإنجازات، باكتساب دولتنا اعترافا وعضوية مراقبة بمنظومة المجتمع الدولي ومنظماته، ما يفتح أمامها مجالات واسعة لتحقيق رسالتها السامية، وحتى تواصل هيئة مكافحة الفساد دورها وجهودها باتخاذ كافة الاجراءات والتدابير، وتطبيق أفضل النماذج، وأحدث المعايير، في مؤسسات دولتنا الفتيّة لتحصين مناعتها ولتأخذ موقعها المتقدم الذي يليق بتضحيات شعبنا ولنفاخر به على المستويين: الوطني والدولي، وبما يلبي الطموح الشعبي ويعبر عن الإرادة السياسية.

ولهذا فإن السيد الرئيس وهو يؤكد باستمرار على الأهمية القصوى لدور هيئة مكافحة الفساد، وعلى تعزيز مكانتها وضمان استقلاليتها لإنفاذ القانون، سيواصل ابداء هذا الحرص والأهتمام ليظل على قائمة الأولويات لتمكين الهيئة من القيام بوظائفها واختصاصاتها، وتوفير احتياجاتها وتأمين مواردها بكل عناية واحترام وتقدير، فلا مكان للفساد والفاسدين والمفسدين بيننا بدولة فلسطين.

أتمنى أن يكون احتفالنا في العام القادم إعلانا لإنجاز مأسسة الهيئة وفقا لأحكام القانون ولإضافة المداميك الراسخة في صرح البناء الوطني.
مجددا لكم أطيب عبارات الشكر والامتنان، راجيا لمؤتمركم الموقر كامل التوفيق والنجاح".