وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

د. نزال: الدخول إلى الحكم هو بمثابة عقد زواج.. عهد الصدامات انتهى. و"الاشتباك" الحالي ثقافي سلاحه الفكر الناقد

نشر بتاريخ: 27/02/2007 ( آخر تحديث: 27/02/2007 الساعة: 16:04 )
بيت لحم- معا- فيما هدأت النفوس بعد اتفاق مكة الا من خرق هنا واخر هناك في اطار ما يسمى بـ "الثار العائلي"، يعود سجال متقطع بين الناطقين الاعلاميين لحركتي فتح وحماس على خلفية التفسيرات الفضفاضة لكلمتي "الاحترام والالتزام" بالاتفاقيات السابقة ولا سيما تلك التي تصدر عن الناطقين باسم حركة حماس الامر الذي يرى فيه ناطقو فتح احراجا لهم في سياق مرافعتهم عن اتفاق مكة في الساحة الدولية .

وكالة "معا" التقت الناطق باسم فتح او" لسان فتح المسلول" د. جمال نزال الذي برز كواحد من اكثر الناطقين اثارة للجدل في اوساط حماس لما تحمله تصريحاته من نقد لاذع وملامسة مباشرة تكاد تكون مؤلمة احيانا لمواضع الالم.

أنت قلت ان الرئيس عباس دافع في أوروبا عن موقف حماس واهليتها كشريك له في الحكومة وحماس انتقدت أقوالك. لماذا؟

ناطقو فتح محامون لحماس في الإعلام الأجنبي. وسفراء الرئيس يشرحون للرأي العام في دولهم المضيفة أن لحماس موقف جديد مؤيد للسلام. الصحافيون الأجانب يقولون لنا أن حماس ملتزمة بتدمير إسرائيل فكيف تدعي منظمة التحرير أنها قادره على صنع السلام مع إسرائيل باسم الفلسطينيين؟ وهنا نذكرهم بالتصريحات "الإيجابيه" لحماس حول استعدادها للقبول بحل سلمي تتعايش فيه تحت هذا المسمى أو ذاك التوصيف مع إسرائيل. ونذكرهم كذلك بتصريحات قيادة حماس التي تبنت موقفا مسؤولا محاذيا لموقفنا بشأن إقامة الدولة الفلسطينية في حدود الأراضي المحتلة منذ عام 1967 . ولكن عندما تقوم الصحف المحليه بترجمة أقوالنا إلى اللغه العربية فإن حماس تشعر بحساسية تجاه ذلك وكأننا نفرك تحت إنفها فلفل "التعيير" بشيء ما. النضوج غائب عن ردود الأفعال هذه. وبالأمس صدر واحد منها ضدي شخصيا.

هل ترون تحولا في تصريحات حماس بعد اتفاق مكه؟

نعم. نحن راضون عن تصريحات الأخ خالد مشعل منذ توقيع اتفاق مكه. إنه يساعد الرئيس أبو مازن بالفعل على تسويق اتفاق مكه وتأهيل حماس للمشاركة في الحكومة القادمة وقيادتها دون الوقوع في حصار جديد. ولكن هناك فذلكات محليه على صعيد ناطقي حماس في الداخل تتغنى بحكاية اننا "نحترم الإتفاقات ولا نلتزم بها". وهذا يرسل للرباعية إشارات سلبيه حول جدارة حماس برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وهي تقود حكومته (من وجهة نظر الغرب) إلى حرب وجوديه مع إسرائيل في المستوى البلاغي بينما هي عمليا في هدنة حقيقية مع إسرائيل وهذا أمر معلوم.

نعم هناك عنصر غير بناء في علاقة تصريحات حماس الإعلاميه بسياستها الفعليه و هي ترسل رسائل متناقضه للغرب (الذي يفرض الحصار). نتمنى أن ترجح كفة الأخ خالد مشعل فيصير حليفا قويا للرئيس أبو مازن. لكن استمرار ممارسات القوة التنفيذيه في غزة ضد المواطنين لا تشير إلى ذلك بالضرورة.

ما حكاية الفرق بين الاحترام والالتزام فيما يتعلق بموقف حماس من الاتفاقيات التي وقعتها المنظمة مع إسرائيل والغرب؟

حماس لم توقع هذه الإتفاقيات وهي ليست مطالبة بالاعتراف بها أو قبولها ولكن عندما تصبح حماس حكومة مزروعه في "قواره" السلطة فعليها التكيف مع تربتها.

وهي من لون أوسلو. دخول السلطة وتولي الحكم هو بمثابة عقد زواج. والزوجيه لا تحتمل التفريق بين احترام عقد الزواج والإلتزام به! هل تتصور أن أبو علي الفلسطيني يقول لام علي الفلسطينية عندما تطالبه التزام واجباته الزوجيه :"أنا أحترم عقد الزواج يا حبيبتي ولكنني لا التزم به"؟!! لا فائده هنا ترتجي من التغني المفرط بحكاية "احترام" و"التزام" وهي فذلكات عبثية تشبه الاختباء في ثقوب الجبنه الصفراء.

في كل الأحوال اتفاق مكه حسم هذه الأمور. والالتزام به هو المطلوب ولا يكفي أن يقال " نحن نحترم اتفاق مكة ولكننا لن نلتزم به".

هناك الكثير من المقارنات بين خطاب فتح ولغة ناطقيها مع نظيرهما في حماس. كيف تفهم رسالة الخطاب الفتحوي بشكل عام وبعد مكة بشكل خاص؟

بعد مكة هدأت الأنفاس. والنغمه أصبحت بناءه في الطرفين. حماس ابتعدت عن التخوين وتخلت عن خطاب الخناجر السبعه. وفتح تعاملت بإيجابيه مع ذلك. ولكن عندما تفتح موقع شبكة فلسطين للحوار وهو تابع لحماس تلاحظ أنهم يستخدمون نفس اللغة ويدعون لإباحة دم الفتحاويين ويصفونهم بالكفار المتصهينيين وتلاحظ أن هناك عدوين: فتح وإسرائيل.

وماذا عن فتح..؟

خطاب فتح تجدد منذ أيار مايو 2006 . هناك لغة متجدده وبلسان جديد لكنه أصيل. سقف الخطاب الفتحوي عالي ومتطور وأساسه التزام المقاومه كنهج رئيسي لفتح.

وإذا انتهت المقاومة تنتهي فتح. وفتح تنهل من تجارب ولغة شعوب أخرى وهي شريك توأم لحركات تحرر عالميه قديمه في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. ففتح تأسست في الستينيات وتعرفت على ادبيات وثقافات الشعوب الأخرى. تآخت مع ثوار عالميين من جيفارا في كوبا إلى مانديلا في إفريقيا الجنوبيه إلى ماوتسي تونغ في آسيا ومارتن لوثر كنغ وعبد الناصر وبن بلا.

و في فتح كذلك الإخونجيون واليساريون والقوميون والوطنيون. وقد تقول أن الفتحاوي إسلامي الفقه ويساري القلب في تضامنه وقدرته على المشاركة وانكشاري في المقاومة المستمره منذ 45 عاما.

ثقاقتنا بسيطة وواسعه وشعبيه ريفيه في الغالب. الفتحاوي متفائل محب للفرح والحياه. ومنا رائد الكرمي وثائر حماد منفذ عمليه وادي الحراميه. قتل 11 جنديا إسرائيليا وعندما مرت من أمامه سيارة مدنيه بها امرأه إسرائيليه وثلاثة اطفال نحى بندقيته جانبا وأمر المرأة الأم بمغادرة المكان بأطفالها معافاه. سيشعر الإسرائيليون بالخجل من أفعال جيشهم ضد أطفالنا وهم ينظرون لأنفسهم بمرآة يحملها ثائر حماد.

وكل هذه الأشياء تنعكس في خطابنا ولغتنا كفتحاويين من لون الوطن ولكنة أهله الفلسطينيين العذبه. وهي تميز الفلسطينيين عن باقي الشعوب المسلمة والعربية. ومن وحي رغبتنا في التميز ينبع ارتباطنا بالكوفية الفلسطينية والعلم الفلسطيني والنشيد الوطني.

خطاب حماس في المقابل يدور في حلقة مفرغة ولا يعرف الفرق بين النقد والشتائم. فهذا خائن وهذا إنقلابي وذاك متصهين وهذا مفرط وهذا متساوق مع اليهود وهذا عميل!! ونحن نتساءل: إذ كان الحوار يهدف إلى استمالة الخصم إلى موقفك, فكيف سيجديك تخوين الناس واتهامهم بالعمالة نفعا في استمالتك إياهم لما تريد؟ والناس تقول : "طيب انقلابيون ومتآمرون ومتصهينون فهمناها وماذا بعد؟". ويأتيك الجواب :" إنقلابيون متصهينون متآمرون كفار!".

أليس لناطقي فتح مسؤوليه أيضا عن توتير الأجواء؟

عندما يقتل محمد غريب وأطفاله وأصدقاؤه وجيرانه في حصار للتنفيذية وعندما يحاصر شلايل إبن فتح من قبل حماس يطلب من ناطقي فتح ألا يعمموا أخبار مقتل أبناء حركتهم منعا للفتنه!! وهذا أمر غريب. لاحظ أن إسرائيل تتهم تلفزيون فلسطين بالتحريض عندما ينشر صور الأطفال الفلسطينيين الذين قتلتهم بدم بارد وتقول أنه يحرض على العنف. ولكن إذا أرادت إسرائيل ان يتوقف تلفزيون فلسطين عما تسميه التحريض بالصور والكلام فلتتوقف هي أولا عن قتل الفلسطينيين بالرصاص والنار. عندها لن تكون هناك صور جديده للقتلى الفلسطينيين الشهداء. ونفس الشيء ينسحب على المعادلة الفلسطينيه الداخليه.

هل للناطقين باسم فتح اي فضل على فتح؟

ماذا ينفع الناطقون لو لم يكن معظم ضحايا الإغتيالات الإسرائيليه من فتح وماذا يقول الناطقون لو لم يكن لحركة المقاومة الوطنية فتح 7150 سجين من أصل 11 الف أسير فلسطيني؟

ما يفيد فتح هو أنك تفتح شباك منزلك في الواحدة والنصف ليلا في الضفة الغربية وترى مقاتليها يلعبون بأعصاب الجيش الإسرائيلي بأسلحة خفيفه.

الناطقون بدورهم نقلوا السجال الفتحاوي مع حماس إلى نطاق فكري ناقد متحرر من القيود ومنفتح على الثقافات العالميه. وهو يتمسك بالمقاومة كمشعل وضاح لطريقنا. هنا يفقد محاورونا أعصابهم ويبدءون بشخصنة الأمور. فعندما تعجز عن الرد على خصمك تقول أن أنفه طويل وأذناه كبيرتان وإصبعه أعوج ولعله كافر بالتأكيد.

وشخصنة الأمور ترهب البعض وخصوصا الصحافيين العزل. فقد احترقت مكاتب قناة العربية وإذاعة العمال في غزة ليس لأن المحررين هناك يدخنون كالأتراك بل على إثر خلاف مع الحكومة الفلسطينية التي لم تلق القبض على الفاعلين.

كيف تنظر إلى المستقبل؟

في مكة خيرنا بين أن نرضي إسرائيل أو أن نرضي حماس. فاخترنا حماس وتنازلنا لها كرمال مصلحة الشعب الفلسطيني. ودخلنا عند حماس إلى حيز الحصار من دون ضمانات برفعه. وحماس تنازلت من أجل المصلحه العامة هي أيضا و استجابت للشروط التي طرحناها منذ البدايه: المنظمة تتحدث باسم كل الفلسطينيين. إلتزام الشرعيه الفلسطينية والعربيه والدوليه واحترام الإتفاقات. إنتهى الخلاف وبقي الإختلاف. والتنوع نعمة سنحفظها ونتقبل النقد ونمارسه بفرح وعن حب.