وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"غنوجة بيا"..مسلسل لبناني يجبر المتفرجين على مشاهدة نهايته في السينما لمعرفة مصير قصة حب رومانسية

نشر بتاريخ: 01/03/2007 ( آخر تحديث: 01/03/2007 الساعة: 20:49 )
بيت لحم -معا- ذكر تقرير لمراسلة صحيفة الشرق الاوسط السعودية في بيروت ان طوابير من المشاهدين وقفت على احدى صالات السينما في بيروت لمشاهدة نهاية مسلسل تلفزيوني "غنوجة بيا" قرر منتجوه ان تكون الحلقة الاخير في صالة السينما .

وفيما يلي نص التقرير:

بيروت: سوسن الأبطح - لم تعد صالة واحدة تتسع لاستقبال الجمهور العريض الذي يريد ان يتفرج على الفيلم، لذلك نضطر لعرضه في صالتين متجاورتين أحياناً، كي نتيح الفرصة للجميع.. هذا ما قاله مدير أحد التجمعات السينمائية التي تعرض فيلم «غنوجة بيا» في لبنان. فمنذ أن بدأت العروض في الخامس عشر من الشهر الحالي والطوابير تتزايد بدل ان تتناقص، والمتفرجون متعطشون لمتابعة أبطالهم الذين عاشوا معهم شهوراً وأحبوهم وتعلقوا بهم.

فالفيلم الذي يحظى بمشاهدة استثنائية في لبنان هذه الأيام، هو بمثابة الحلقة رقم 31 من مسلسل تلفزيوني أامتد إلى 30 حلقة عرض آخرها نهاية العام الماضي. لكن المتفرج وبعد طول انتظار لمعرفة النهاية السعيدة لمسلسله، صدم بعبارة مفاجئة، تقول له «يتابع في صالات السينما».

والمسلسل الشهير الذي يقارب الحياة اللبنانية اليومية ببساطة ومرح، كان قد عانى ما عاناه لبنان، من تفجيرات وصدمات وكدمات، فتتوقف حلقاته بسبب الحوادث الأليمة، والأخبار المشؤومة ثم يعود للظهور من جديد. ولعل أقسى ما مُني به المسلسل ومشاهدوه معه، هو العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو (تموز) الفائت، حيث توقف بثه لأكثر من شهر، واعتبرت عودته إلى الشاشة، بمثابة دلالة خير على عودة الأمن والحياة الطبيعية. لكن كدح المشاهد وإخلاصه، لم يوصله في النهاية، لمعرفة ما إذا كانت بطلة المسلسل رنا بركات (ريتا برصوما)، البنت الغنية المدللة التي افلس والدها، واضطرت لممارسة أعمال من كل صنف دون ان تفلح في اي منها، ستتزوج من طارق الذي يطاردها ويغريها منذ الحلقات الأولى. ولم يعرف المشاهد ايضا كيف رست حياة صديقة البطلة نادين (نادين الراسي) مع شادي، وما هو مصير الخادمة صباح التي أغرم بها الشاب عدنان الذي يتلعثم ويتأتيء. واختتمت الحلقات الثلاثين بالعبارة المفاجئة التي لم يسبق لأي مسلسل لبناني أن تجرأ على مثلها. لكن كاتبة المسلسل الماهرة منى طايع ومخرجه إيلي حبيب، يبدو أنهما قد استساغا مع شركة الإنتاج، لعبة الإثارة وقررا تطويل اجلها واستثمارها بفيلم يكمل اللعبة.

وها هو الفيلم يصل أخيراً، ويبدو ان نتائجه مشجعة. وبإمكان اي منا ان يتخيل، ماذا لو ذهب كل المتابعين لمسلسل تلفزيوني إلى صالة عرض وجلسوا معاً ليتفرجوا على مسلسلهم، أي أجواء ستسود الصالة، وكيف سيتعامل المتفرجون مع بعضهم البعض، وهم الذين تجمعهم شراكة متابعة حكاية واحدة بأسئلتها وحيرتها.

هكذا كان بإمكانك وانت تقطع تذكرتك أن تشاهد ما لا تراه مع افلام أخرى. عائلات بأكملها بكبارها وشيوخها وأطفالها، جاءت تتابع أحداث المسلسل عبر الفيلم. ثمة عائلة من عشرين شخصا جاءت جميعها مصرة على معرفة النهاية. وشبان جمعوا بعضهم البعض وأتوا لمتابعة القصة. وهناك من وصل لحضور فيلم آخر، وحين رأى الهرج والمرج على «غنوجة بيا» قرر أن يذهب مع الأكثرية. ولكن هيهات، فالأماكن بالكاد تكفي الواصلين باكراً، وقد يتدبر القيمون على السينما امرك، لو حالفك الحظ، فيضعونك في مقعد هنا، ويجلسون من معك على كراس متفرقة. والكل يقبل ويخضع، ويدفع بطاقة تفوق كلفتها بطاقات الأفلام الأخرى. «هذا قرار شركة الإنتاج، لكن لا أحد يعترض». يقول مدير إحدى صالات العرض: «كلهم فرحون بالفيلم ويريدون ان يتسلوا ويضحكوا وينسوا القهر الذي يعيشونه، فالظروف صعبة والضحك مطلوب».

وربما أن قوة «غنوجة بيا»، مسلسلا وفيلم، انه لا تشتم منه أي نكهة سياسية، على عكس غالبية الأعمال اللبنانية. فهو حكاية رومانسية عشقية من الدرجة الأولى، وكل أبطاله بمن فيهم، الكبير بالسن، والثري المفلس، والد رنا بركات، يبحثون عن أنصافهم الضائعة ليكملوا سعادتهم. وإن اختلفت الأساليب والأمزجة وطرق التعبير، فإنهم جميعا يعملون ويحبون ويحلمون بحياة بسيطة وهادئة. وهو تماما ما يحلم به المواطن اللبناني العادي الذي تجتاحه الهموم السياسية في عقر داره ويتمنى لو أنه يستفيق، فيجدها قد اندثرت وتبخرت.

هكذا، تشعر وانت في قلب التجربة السينمائية، بصيغتها الجديدة التي يطرحها بنجاح «غنوجة بيا»، أن صالة العرض تحولت إلى غرفة جلوس بيتية ضخمة، لمتابعة مسلسل. فعدا اكل الذرة وشرب العصير، وصراخ الأطفال الذين جاءوا لمعرفة آخر القصة بعد ان عزّ معرفة آخرها في البيت، يسألك الجالس بقربك، «شو رأيك حيكون الفيلم مثل المسلسل او أحلى». ويرد آخر، وقد تبرع بالمشاركة في الحوار: «سمعت انو الفيلم بيضحك كثير». وبمجرد ان يبدأ الفيلم ويطل الأبطال، تبدأ التعليقات بصوت عالٍ: «من وين جابوا المصاري وغيروا البيت». «بالمسلسل ما كان في كل هالديكورات»، وحين تكثر التعليقات وتصبح غير محتملة، ستجد دائما بين الحضور من يضبط النظام، ويذكر الحاضرين انهم ليسوا في البيت هذه المرة وإنما في صالة سينما.