وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خلال ندوة- دعوات للحفاظ على السلطة وتحقيق المصالحة

نشر بتاريخ: 30/12/2012 ( آخر تحديث: 30/12/2012 الساعة: 16:23 )
رام الله - معا - نظمت جامعة القدس المفتوحة تحت رعاية رئيس مجلس الأمناء م. عدنان سمارة، بالتعاون مع الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين وهيئة التوجيه السياسي والوطني، ندوة بعنوان: "انطلاقة الثورة الفلسطينية.. حدث تاريخي وفكري"، اليوم الأحد، في فندق بست إيسترن بمدينة رام الله.

وحضر الندوة نائب الأمين العام للجبهة الشعبية عبد الرحيم ملوح، ورئيس جامعة القدس المفتوحة د. يونس عمرو، وعدد من القيادات الوطنية والسياسية، إضافة إلى العاملين في الجامعة وطلبتها. وبدأت الندوة بتلاوة عطرة من القرآن الكريم من المقرئ أحمد حرز الله، وأدارها الإعلامي محمد اللحام.

وشدد المشاركون في الورشة على ضرورة العمل من أجل الحفاظ على السلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها إنجازًا وطنيًّا، خلق كينونة لشعبنا الفلسطيني، ويجب الحفاظ عليه وليس الحديث عن حله.

ودعا المشاركون إلى سرعة تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية في ذكرى الثورة الفلسطينية الثامنة والأربعين، خصوصا أن شعبنا يتعرض لحرب وجودية من الاحتلال الإسرائيلي الذي يريد الاستيلاء على أرضه، وتهجيره.

|199359|ولفت المشاركون في الورشة إلى أهمية أن تجدد الحركات الوطنية نفسها بشكل متواصل، وتعيد النظر في تحالفاتها، وتعقد تحالفات جديدة مع حركات صاعدة على مستوى العالم، خصوصا الحركات التحررية العالمية التي تدعم حقنا في التحرر.

وشدد المشاركون على أهمية إعادة بعث البعد الثقافي للثورة الوطنية الفلسطينية، بالتركيز على كل ما هو ثقافي وإعلامي من أجل إيصال رسالة الثورة الفلسطينية إلى العالم كما كانت تصل إبان عمل الثورة في أوجها في العقود الماضية.

وافتتحت الندوة بكلمة من المهندس عدنان سمارة رئيس مجلس الأمناء، حيا فيها الحضور، وشكر "القدس المفتوحة" وهيئة التوجيه السياسي، واتحاد الكتاب، على إقامة الندوة، مشيرًا إلى أن الندوة أعادت لنا ذكريات عزيزة على قلوبنا وذكرتنا بالتضحيات العظيمة التي قدمها شعبنا الفلسطيني، وهو يواصل التضحية وصولاً للدولة وعاصمتها القدس.

وقال سمارة: "نحتفل اليوم بالذكرى 48 لانطلاقة الثورة وحركة فتح قائدة النضال الفلسطيني المعاصر، مستمرة في تحدي الصعب ومطبقة الديمقراطية في غابة البنادق حتى إقامة الدولة وعاصمتها القدس".

|199358|وتحدث م. سمارة عن تفجر الثورة الفلسطينية بعد النكبة، خصوصًا بعد أن تشتت الشعب الفلسطيني، حيث "انخرط الشباب الفلسطيني في الأحزاب العربية لتوجيهها نحو تحرير فلسطين، وبعد فترة من الزمن، اكتشفت هذه الطلائع أن هذه الأحزاب منشغلة بهموم أقطارها، وأن الوحدة العربية بعيدة وتحرير فلسطين كذلك، لذلك اقتنعت تلك النخبة أن الفلسطيني يجب أن يكون رأس الحربة لتحرير فلسطين، والتقت هذه الطليعة بعد أن جمدت نشاطها الحزبي العربي في تشكيل حركة فلسطينية سمتها حركة التحرير الفلسطيني فتح، وأنشأت لها جناحًا عسكريًّا سمته العاصفة".

وأضاف: "فتح قادت النضال حتى يومنا هذا بعد أن تبنت شعارات: "العودة هي طريق الوحدة"، و"الكفاح المسلح هو الطريق لتحرير فلسطين"، وكانت قيادتها التاريخية من قيادات الأحزاب في ذلك الوقت، فالشهيدان أبو عمار وأبو جهاد كانا من الإخوان المسلمين، والأخ أبو اللطف من قادة حزب البعث، وغيرهم من القادة التاريخيين".

ولفت إلى أن "حركة فتح وضعت قواعد لسلوكها وعملها من خلال ثورات وتجارب العالم، خصوصا الثورتين الجزائرية والفيتنامية، واعتبرت نفسها حركة سرية بالمطلق، وقامت على إنكار الذات ولم ترفع صورة سوى للشهداء، وأن العمل يجب أن يسبق الكلام، لذلك كان الإعلان عن انطلاقة الحركة في 1-1-1965 بعملية كبيرة لتفجير الأنابيب التي تنقل المياه من الشمال إلى النقب وسميت عملية عيلبون".

وأضاف سمارة: "إن حركة فتح تعرضت للمحاربة في مختلف الدول، واتهمت أنها تقود المنطقة لحرب، لكنها نمت وترعرعت رغم ذلك أيضًا، وتابعت مسيرتها رغم الظروف القاسية، واستمرت في عملياتها العسكرية إلى أن جاءت نكسة حزيران عام 1967، وهنا جاءت عبقرية القيادة، حيث أعلنت عن الانطلاقة الثانية لجمع السلاح المبعثر على كافة الجبهات، ولبناء قواعد لها، واستمرت في عملياتها العسكرية، وصولاً لنصر معركة الكرامة في الأغوار، الذي أعادة الثقة بقدرة شعبنا على مواجهة الاحتلال وهزيمته".

وقال: "بعد معركة الكرامة، ارتفعت معنويات الشعب العربي، وأصبح الجميع يهلل لعمل الفدائي، واندفع آلاف الشباب للالتحاق بالعمل الفدائي في الأردن وسوريا ولبنان، وأصبحت حركة فتح هي حامل هوية الكفاح المسلح، وتتنقل في الدول العربية دون أي معارضة، مستذكرًا مقولة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر (فتح هي أنبل ظاهرة ولدت في هذه الأمة وولدت لتبقى)، ومقولة أبو عمار (ولدت فتح لتبقى ولتنتصر)".

وتحدث بعد ذلك عن خروج الثورة من الأردن، وعرج على مراحل الثورة في لبنان والخروج لتونس، ثم العودة إلى أرض الوطن بعد اندلاع الانتفاضة المجيدة التي فتحت أعين العالم على قضيتنا، وعقد المجلس الوطني في الجزائر عام 1988 وأعلن فيه قيام الدولة، ولا تزال الحركة تناضل حتى اليوم".

وفيما يتعلق بالبعد التاريخي للثورة، تحدث المحلل السياسي د. نعمان عمرو مدير فرع الخليل التعليمي بجامعة القدس المفتوحة، حول أساس الصراع في فلسطين، مشيرًا إلى أن اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وإيجاد استيطان احتلالي لتشريده من أرضه، تسبب في الصراع المتواصل حتى اليوم.

وأضاف عمرو أن المشكلة الفلسطينية هي نتاج لما حدث داخليًّا في أوروبا، وسوقت استعماريًّا لتحل خارج أوروبا وتحديدًا في فلسطين، والثمن الأكبر الذي دفع لحل هذه المشكلة كان على حساب شعبنا الفلسطيني، الذي شرد من وطنه.

ولفت عمرو إلى أنه في المرحلة الأولى من الثورة الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل، طالبت الحركة الوطنية بوقف الهجرة ومنع بيع الأراضي، وإيجاد كينونة فلسطينية، وذلك للتصدي للاحتلال البريطاني وإحضار اليهود وتوطينهم في فلسطين".

وقال عمرو إنه بعد 1934، أحبطت بريطانيا اللجنة العربية العليا التي قادت إضراب 1936، ودخل شعبنا الحرب العالمية الثانية دون قيادة، فسارعت الحركة الصهيونية لملء الفراغ الذي وجد في فلسطين بإقامة دولة إسرائيل، وحدثت النكبة وتشتت شعبنا في 5 دول رئيسية إضافة لدول الخليج وأوروبا، إضافة لثلاثة أجزاء في الضفة وغزة والداخل.

وبين عمرو أنه رغم ذلك بقي شعبنا يؤمن بتحرير الجزء المحتل وإعادة الكينونة الفلسطينية، وانقسم الشعب الفلسطيني بين ثلاثة تيارات: الشيوعي والقومي والإسلامي، ولكل تيار رؤياه في كيفية تحرير فلسطين، وكانت مجموعة من الشبان المناضلين حاولوا فلسطنة العمل الوطني من حيث إيجاد قيادة وطنية تركز على فلسطين عبر ثلاثة أهداف: الأولوية لفلسطين، والكفاح المسلح طريق النضال، وحرب التحرير الشعبية هي الطريق للتحرير، ونشأت حركة فتح وطرحت مفهومًا جديدًا وهو الوحدة الوطنية لمجموع الشعب الفلسطيني في بوتقة وطنية واحدة، وأصبحت منذ ذلك الحين شعارًا وطنيًّا وعملاً ثوريًّا".

ولفت إلى أن حركة فتح نجحت في إحياء البيت المعنوي الفلسطيني من خلال منظمة التحرير لإقامة كينونة لشعب الفلسطيني، وهذا هو الشغل الشاغل للحركة الوطنية، ويجب علينا أن نحافظ على هذه الكينونة.

وقال عضو المجلس الوطني لحركة فتح، مفوض التوجيه السياسي نايف سويطات، في مداخلته، إن الثورة الفلسطينية هي ثورة المنفى، وهي تكاد تكون الوحيدة من بين نظيراتها في العالم التي واجهت استيطانًا احتلاليًّا اقتلاعيًّا لا يؤمن بأي إمكانية للتعايش وبأي إمكانية للسلام، وإن هذه الظروف فرضت على القيادة أن تكون استثنائية بكل معنى الكلمة، للتغلب على ما يتعرض له شعبنا.

وقال إن "النظام العربي الإقليمي يعيش حالة من التفكك والانكفاء، ويصعب أن يسجل اختراقًا تجاه شعبنا حاليًّا، والنظام العربي يعيش في حالة من التحول الكبير، وكنا نأمل أن يكون ربيعًا عربيًّا خالصًا يضع حدًّا لحالة الاستبداد والدكتاتورية، لكن الهيمنة الغربية الدولية تسعى لسرقة الثورات العربية وتجييرها باتجاهات تخدم المصالح السياسية الغربية".

وتحدث عن محطات الثورة الفلسطينية وبينها وصول الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة بالخطاب التاريخي للقائد أبو عمار مطلع سبعينيات القرن الماضي، وثم نضال منظمة التحرير والعلاقات مع الحركات العالمية التحررية التي وفرت لها الرعاية والتدريب.

وفلسطينيًّا، قال سويطات إن شعبنا الذي يحتفل بالعضوية في الأمم المتحدة، عليه أن يعمل على استعادة وحدته الوطنية وأن يسرع تمامًا لحماية نفسه من الاستهداف الذي يتعرض له، والواجب الوطني يدفع الحركات الوطنية لمواصلة العمل حتى تحقيق الوحدة.

ودعا إلى إعطاء الدولة الفلسطينية غير العضو في الأمم المتحدة مضمونًا حقيقيًّا يسعفها في بلورة هذا الإنجاز وخلق نوع من التحالفات الجديدة مع القوى التي تؤمن ببرنامجنا، حتى لا ننكفئ في المستقبل".

وتحدث الشاعر مراد السوداني أمين عام اتحاد الكتاب والشعراء الفلسطينيين، عن أن الكاتب والشاعر تحول إلى مقاتل في صفوف الثورة الفلسطينية، وتحدث عن المجلات الثورية التي شكلت حاضنةً للكتاب والشعراء والصحافيين لدعم الثورة الفلسطينية".

ومر السوداني على المؤسسات الثقافية الداعمة للثورة، ومنها مجلة فلسطين الثورة وإذاعة صوت فلسطين، بشكل جسد فيه الفعل الثقافي أبرز أوجه النضال الوطني الفلسطيني، واحتضنت الثورة الفلسطينية كافة الكتاب والمثقفين بصفتهم حراس الحلم من الخلخلة.

وبين السوداني أن الفعل الثقافي في الثورة الفلسطينية بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية الذي كان رائدًا في العقود الماضية بدأ يغيب حاليًّا وهو بحاجة إلى إعادة إطلاق، بعيدًا عن حالة الحذر التي أصبحت تسود حاليًّا.

وذكر السوداني بإطلاق النار من قبل القاتل باراك على لسان كمال ناصر من أجل إخراس هذا الصوت الهادر للفعل الثقافي عبر الإعلام الموحد، وما شكلته هذه المادة الإعلامية من تأصيل للثورة الفلسطينية، ولا ننسى مركز الأبحاث ومركز التخطيط في بيروت.

ودعا إلى إعادة الاعتبار للمقولة الثقافية الفلسطينية التي استطاعت من خلال حركة فتح إعادة دوزان المقالة بشكل يليق بثورتنا الفلسطينية، وإعادة الاعتبار للفعل الثقافي ولوزارة الثقافة الفلسطينية، وإلى دائرة الإعلام والثقافة في منظمة التحرير.

وقال: "لقد هزمنا في كافة المربعات إلا المربع الثقافي، لذلك يجب حمايته بإعادة الاعتبار للمقالة الثقافية، وليس فقط التغني بالمجد الثقافي الماضي".

من جانبه، كرم عبد الرحيم ملوح، وم. عدنان سمارة، ود. يونس عمرو، الأسير المحرر محمود بكر حجازي بصفته أقدم أسير فلسطيني، الذي جرى تكريمه خلال الندوة بصفته أول مواطن فلسطيني يدخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وقال إنه يفتخر بالانتماء لحركة فتح، وبمساعدة الثوار في القدس المحتلة.

بدوره، قام الأسير المحرر حجازي بتقديم تكريمه للأسرى القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وقال حجازي: "أنا ومجموعة من أصدقائي كنا نعمل بشكل جدي ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأنا من البلدة القديمة بالقدس، وكنت أنقل الذخيرة لعبد القادر الحسيني، لصالح حركة فتح، ورفضنا العمل مع التنظيمات الأخرى الموجودة في فلسطين إبان النكسة".

وتحدث للحضور عن ذكريات اعتقاله خلال عملية عسكرية نفذها ضد الاحتلال الإسرائيلي، وبعد ذلك إطلاق سراحه، ثم إبعاده إلى الخارج وعودته إلى وطنه مع دخول السلطة الوطنية إلى أرض الوطن.