وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

من رافات ... أصالة الأباء وامتداد الأجداد

نشر بتاريخ: 30/12/2012 ( آخر تحديث: 30/12/2012 الساعة: 21:42 )
الخليل - معا - أصالة الأباء وامتداد الأجداد ... وبهجة الشباب الحالم التواق لتدعيم ركائز التراث والثقافة الفلسطينية وتوثيق الماضي بجلاء الحاضر في العالم الجديد، الذي شعرنا للحظات بأن الشباب الفلسطيني ترك الماضي للأجيال السابقة، وتطلع بنظرة محاصرة في هم الحاضر وقضاياه، ولكن نموذج الشباب الطموح والمتجذر بماضيه صبغ بقالب الأصالة ومحبة الماضي الدفين والبحث عن أسراره وخفاياه.

ومن هؤلاء الشباب ابن قرية رافات التي تقع إلى الغرب من مدينة سلفيت على بعد 18 كليو متر، الشاب راشد حسن عياش (19 عاماً) سنة أولى تخصص القانون في جامعة فلسطين الأهلية، موهبة من نوع آخر، حفظ التراث في بلدته رافات عن طريق موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" الذي ربط من خلاله الواقع بالانتشار وقرب البعيد وظلل بعراقته كل قريب.

من خلال برنامج التراث الفلسطيني "منا وفينا" والذي يبث عبر إذاعة مرح في مدينة الخليل، تحدثت فيه عن موقع "بلدة رافات" عبر شبكة التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" وأهمية هذا الموقع في حفظ تراث بلدته.

|199395|

كيف بدأت تلمع هذه الفكرة في رأس راشد ؟
بداية أقدم لكم شكري الجزيل لوقوفكم إلى جانب الشباب الفلسطيني المحب لما ورثه عن أجداده وربطه بالحاضر لاستشراف المستقبل.. أخذت على عاتقي الاهتمام بالموروث التاريخي الفلسطيني الذي سكب في قريتنا شيئاً كان مخفياً لزمن معين، وها أنا أحاول إحياءه وإعادة صياغته لجيل الحاضر مع والدي الدكتور حسن عياش المتخصص بالتاريخ، والمهتم بالشفهي الفلسطيني منه، فى رحلة إبحار منذ بضع سنين، كان يقوم فيها بالبحث عن موروثنا الثقافي- وهو في المناسبة أستاذ جامعي يدرس التاريخ- فكانت المحطة الأولى لي معه من خلال مهتمي التسجيل والتصوير لحياة البسطاء من عامة الناس الذين لا ترصدهم السياسة ولا تهتم بهم الصحافة ولا التاريخ، ومن خلال متابعة ذلك كله اتضّح لي أنَ الوثائق المدونة ما هي إلا تاريخاً شفهياً في الأصل، فكانت أمامي مسؤولية كبيرة؛ وخصوصا مع هذه الهجمة الصهيونية المتواصلة للتطاول على تراثنا ومحاولة إلغائه وإقصائه، ثم تقت إلى هذا العمل، فقمت منفرداً بالاهتمام بتراث قريتي فرحت أجمع الصور القديمة بأن أذهب إلى بيوت القرية أطرق أبوابها لأسال أصحابها إن كان عندهم صور قديمة أو أي وثيقة قديمة أو أي شئ له علاقة بالماضي.

كل بداية فيها صعوبات جمة ما هي الصعوبات التي واجهت مشروعك ؟
دائما الإنسان بالبداية يتغلب والبداية تكون صعبة وبلغة بسيطة كنت أوكل بهادل من أهل القرية ويصفوا أعمالي بالهبل حتى طلب مني البعض أن أوقف هذه الأعمال فكنت أجيبهم : "أنا عندي نقطة وبدي أتوصل إليه. عندي هدف إن أوثق تاريخ قريتي رافات، وبدأت أزور جميع البيوت أواجه بالرفض مرة وأخرى، ولكن بالنهاية بدأ الناس يتقبلون الفكرة، وأصبحوا هم من يقومون بتقديم الوثائق لي حتى أنني حصلت على وثيقة تعود لعام 1830 إضافة إلى نسخة من المصحف الشريف بخط اليد يعود الى 1830م .

تضع بلدة رفات على الفيس بوك بصفحة جميلة حدثنا عن المعلومات لهذه الصفحة، وعلى ماذا تحتوي ؟
تسعى صفحة بلدة رافات لأن تكون مصدراً أساسياً للمعلومات عن كل ما يتعلق بالبلدة، وتسخر إمكاناتها ومعلوماتها في خدمت قرائها..
انشئت الصفحة من فكرة الحفاظ على تراث البلدة، ومحاولة توثيقه وتكريسه في عقول الأجيال القادمة لتبقى الذاكرة الفلسطينية راسخة كي لاتنسى ... منازلنا التي عاش بها أجدادنا وآباؤنا فهي تحتوي على صور قديمة وحديثة للبلدة وأيضا تضم عدداً من المقابلات الخاصة مع الأجداد والجدات وبعض الوثائق والقواشين والعقود القديمة. كما قامت الصفحة بجمع الشمل من خلال السكايبي فكان كل يوم خميس من الأسبوع الساعة العاشرة مساءً اجتماع مع أهالي القرية في الداخل، وفي الشتات واماكن اللجوء في اوروبا والاقطار العربية، وتم التعرف على الكثير من الشباب غير المعروفين لدى كبار السن.

واضافة لما سبق فقد قامت الصفحة بعمل مسابقات ثقافية في شهر رمضان وفي الأعياد بإعطاء الفائزين الذين شاركونا جوائز قيمة نقدية وعينية، وكل ذلك كان على حسابي الشخصي.

من دعمك في مسيرتك ؟
لم يدعمني سوى الوالد في البداية، والآن وبعد انشاء الصفحة، أخذ الجميع يدعمونني ويقفون إلى جانبي وخصوصا أهالي قريتي في الداخل والخارج ولو كانت بعضها بالكلمة لكنها تساوي الكثير عندي .

قمت بعدد من النشاطات مع بعض المؤسسات في بلدة رفات ما هي هذه النشاطات ؟
قمنا كفريق عمل من خلال الإعلان عبر صفحة بلدة رافات على تنظيف الشوارع أيام الأعياد وكذلك أبواب المدارس الثانوية والأساسية إضافة إلى ذلك أخذنا على عاتقنا وبالتنسيق مع الشبيبة الثانوية ومديرة مدرسة رافات الثانوية على بناء ما تحتاجه المدرسة من طوب على سطح المدرسة وطلاء جدران المدرسة الثانوية، وقص الزهور والاشجار داخل حديقة المدرسة.

كما قمنا بالتشبيك مع جمعية روزانا حيث حضر المدير التنفيذي للجمعية الاستاذ رافت جميل بزيارة القرية واطلعناه على الأماكن الأثرية فيها وما تحتاج من اهتمام وترميم .. واثارت إعجابه إذ وعد بتقديم خطة للجمعية من أجل تنفيذ الترميم في القريب العاجل.

إلى جانب ذلك عملت الصفحة على إحياء ندوات علمية دعونا فيها أكاديمين وخبراء، وقام تلفزيون فلسطين على بث مقاطع منها، وكذلك الاتصال والتنسيق مع محطات إعلامية وصحفية مثل تلفزيون اقرأ وفلسطين، ولم انسَ من خلال الصفحة التنسيق مع لجان المرأة التي شاركتنا الدعم الفني، وقد لاقت الصفحة إعجاب الكثير من الشخصيات السياسية والثقافية.

ماذا تطلبون من وزارة السياحة والأثار ؟
نطلب من وزارة السياحة والأثار أن تقوم بالاهتمام بالمواقع الأثرية عن طريق تشييك الأماكن الأثرية خوفا عليها من عوادي الزمن أو من أيدي الأطفال الذين لا يفقهون قيمة المكان الأثري وذلك من خلال تسيجه وحراسته بالدرابزين على الأقل وكم تمنينا رغم حدائق الوطن الجميل الخرائب ان يفعل المجلس القروي شيئاً ما لتاريخ وتراث القرية المهملَين.

التطلعات للمستقبل التي يتطلع راشد عياش إليها ؟
أتطلع أن أقوم بجمع جميع الأوراق والمستندات التاريخية وأن أقوم بعمل متحف دائم للقرية، وأن تكون قرية رافات في سلفيت محطة للسياح.. وبالصورة والكلمة الطيبة سنقوم بعمل ما لم يعمله غيرنا وسنكون نحن الشباب في مقدمة حفظ التراث.

إن معرفة فلسطين لا تكون بالاقتصار على معرفة جهادها ونضالها في هذا العصر, ولا تتم الصورة إلا بالإطلاع على جذور هذا البلد الطيب وأهله منذ القدم. وهذا يحتاج لجهد متواصل من الجميع وفي مقدمتهم الشباب الذين قاموا بتجذير تراثهم من خلال الواقع وربطه بالإعلام الجديد ليصل للجميع.