وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

صورة قلمية / المتطوعون في الإغاثة الطبية الفلسطينية.......... حمائم الصباح وطائر الفينيق!

نشر بتاريخ: 04/03/2007 ( آخر تحديث: 04/03/2007 الساعة: 22:00 )
رام الله- معا- مع اشراقة كل يوم ينفضون الندى عن أجسادهم ويقصدون موقعة من مواقع المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي كسرب طيور أو حمائم بيضاء حاملين مباضعهم لمداواة جريح أو مصاب إنهم المسعفون في الإغاثة الطبية الفلسطينية.

وعند حدود الأمل يزرعون الحياة لمصاب.. وعلى أطراف المعركة وفي خضمها ينشغلون كخلية نحل في انتشال الجرحى وإسعافهم ، تجدهم يتراكضون متسابقين على منح الحياة لمن سعى الاحتلال إلى سلبها منه .

وعلى ارض صلبة وبخطى واثقة نشاهدهم على شاشات التلفزة وهم يتصدون للموت الذي زرعه الاحتلال وبنى له جسورا بدباباته، لا يضنيهم رصاص ولا يأبهون المخاطر.

في نابلس كانوا يلبسون ثوب التحدي والإصرار ويصلون الليل بالنهار على راحة المواطنين المحاصرين المقهورين دون أن تنحصر مهمتهم بإسعاف الجرحى أو إخلائهم من مناطق المواجهات لتمتد المهمة الصعبة إلى إيصال المواد الغذائية وحليب الأطفال والأدوية للأسر المحاصرة في البلدة القديمة من المدينة .

وعلى جبهة لاتقل خطورة تطير فرق الإسعاف التابعة للإغاثة الطبية الفلسطينية إلى القدس فهناك في باب المغاربة يميطون اللثام عن وجوههم ويحملون الأمل على اكفهم مقتحمين الموت والرصاص الذي لا يفرق بين مسعف أو مواطن ، حكايتهم حكاية موت أو حياة ، بيد أن الرسالة أسمى والعطاء اكبر .

ينتشرون كخيوط الشمس ويرقبون كل زاوية ، عيونهم على البنادق المصوبة نحو صدور أبناء شعبهم ينتظرون بقلق ليسوا بأقل مما وصفهم به ابن نابلس الشاعر إبراهيم طوقان وهم ينتشرون في أزقة مسقط رأسه :

بيض الحمائم حسبهن إني اردد سجعهن

في نابلس كان الشتاء حارا وكادت الأرض تحرق ما عليها ، كانت خيول الأمل تتسلل من بين جنود الموت تصل إلى المرضى المحاصرين والى الأمهات اللواتي لم يجدن ما يسد رمق أطفالهن ، في أزقة البلدة القديمة الشاهدة على عصر الإرهاب الإسرائيلي كان متطوعو الإغاثة الطبية ينتشلون الحياة من فم المغتصب بسلة غذاء لهذه الأسرة أو تلك المحاصرة تحت منع التجول ، ويضمدون جراحات المصابين ، وعلى الجانب الآخر تتراكض فرق الإسعاف لتصنع من الموت حياة .

إنهم أشبه ما يكونون بجيوش تنتشر على كل الجبهات ،ففي بلعين هذا سبرهم في كل يوم جمعة حاضرون ، حقائبهم على ظهورهم وبريق الأمل في عيونهم ، جاؤوا ليكونوا الطبيب المداويا لمن استهدفهم الاحتلال برصاصة ، هم مع أبناء شعبهم في أم سلمونه في الخط الأمامي ، يهمسون بلغة ممزوجة بنضال وحب لا ينضبان ويصنعون من مهنتهم الإنسانية صرحا أبيا وحصنا منيعا في ساحات الوغى وأمام آلة القهر الإسرائيلية ،تحسبهم للوهلة الأولى جيشا مدنيا يقف على رأس كل فيلق منهم رئيس يعطي التعليمات إلى جنوده فينطلقون باحثين عن الأمل الضائع بين جنازير دبابات الاحتلال وعن جرح مزقته اللعنات ، وعن مواطن ضاقت به الدنيا ذرعا ليكونوا له الحضن الدافئ ويخففوا عنه الملمات .

سبعة وأربعون ألف مسعف هم من خرجتهم الإغاثة الطبية أشبه ما يكونوا بجنود احتياط سرعان ما يلتحقون بالخدمة في مناطق سكناهم لإسعاف مصاب وتخفيف آلامه.

وعلى حدود الشمس التي يحاول الاحتلال تغييبها يطالعنا المتطوعون في الإغاثة الطبية بنبض واحد وقلوب احترقت من التيه الذي يعيشه الشعب ، لكنهم يحملون وسام العطاء في يد والمبضع في يد أخرى وعلى جنبات المواجهة وفي ساحة الوغى شعار هو قول الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود:

سأحمل روحي على راحتي والقي بها في مهاوي الردى

فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيض العدى